تقرير محاضرة: كيف زيّف الإسلام - (8) 

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp
تقرير محاضرة: كيف زيّف الإسلام - (8) 

تقرير لمحاضرة الشيخ الحبيب بعنوان: (كيف زُيِّفَ الإسلام؟) - (8)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأزكى السلام على المبعوث رحمة للخلائق أجمعين سيدنا المصطفى أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ثم اللعن الدائم على أعدائهم ومخالفيهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم والمعتدين على حرماتهم ومقدساتهم من الآن إلى قيام يوم الدين آمين رب العالمين.
عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى استشهاد سيدنا ومولانا السجاد علي بن الحسين زين العابدين صلوات الله وسلامه عليهما,جعلنا الله ممن يثأر له مع المُنتظر المهدي الحجة (عجل الله فرجه الشريف ) و أرواحنا فداه.

ﻻ حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم , و إنا لله وإنا إليه راجعون , وسيعلم الذين ظلموا آل محمد أي منقلب ينقلبون.
الفاجعة الكبرى التي حلت بـنا نحن معاشر شيعة آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) , ينبغي التوقف عندها ملياً , سيما أنها تعتبر سابقة من نوعها في خصوصيتها , إذا استثنينا حادثة هدم أضرحة الأئمة الأربعة صلوات الله وسلامه عليهم في البقيع الغرقد, وقد كان آل سعود الأنجاس عازمون على هدم ضريح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أيضا لولا خوفهم من التهديدات التي جاءتهم من مصر آنذاك ولا يزال الخوف من ثورة المسلمين في شتى بقاع الأرض هو ما يمنعهم إلى اليوم من هدم ضريح رسول الله لذا يستخدمون التقية. فنسأل الله أن يعجل في هلاكهم في القريب العاجل بحق محمد وآله الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
إنّ حادثة تفجير المرقدين الطاهرين للإمامين العسكريين التي وقعت تعتبر سابقة من نوعها في شناعتها وموضوعها, إنها جريمة تُسجل لأول مرة في تاريخ العراق. لأول مرة تشهد العراق جريمة بهذه الفظاعة والشناعة وهذا الصنف من الإجرام والوحشية اللا متناهيين .
لذا ينبغي التفكير جدياً وملياً , والبحث في دوائر ثلاث تحوم حولها هذه الجريمة وهذا الخطب الجلل.
بالطبع لا يكفي فقط أن نكتفي بالاستنكار وتنظيم المظاهرات والمسيرات الاحتجاجية وما شابه ذلك.
هذا كله بلا شك مطلوب شرعاً وأخلاقا ولكنه أقل القليل..
 هنالك ثلاث دوائر نحتاج أن نتفكر فيها ونتباحث في شأنها..
الدائرة الأولى: كيف نقرأ هذه الجريمة النكراء؟ وما هو المراد منها على وجه التحديد والخصوص؟
الدائرة الثانية: ما هي أسباب وقوع هذة الجريمة الكبرى ؟
الدائرة الثالثة وهي الأهم: كيف يمكن منع وقوع مثل هذه الجريمة مستقبلاً؟ وكيف يمكن تسوية ومعالجة آثار الجريمة الحالية التي وقعت؟
نبدأ بالحديث عن الدائرة الأولى ..
ﻻ شك وﻻ ريب أنه منذ سقوط النظام الصدامي الطاغوتي في العراق و أعين النواصب وقلوبهم متأججة بنيران الحقد والحسد والكره لشيعة العراق, فهم لم يكونوا يتصورون أو يخطر ببالهم أنه في غفلة من الزمن سيتمكن الشيعة في العراق أن يرفعوا لهم منبرا, وأن تكون لهم كلمة وصوت في العراق, حيث كان صدام الفجور بالنسبة للنواصب هو ذلك البطل الذي استطاع خنق أصوات الشيعة والتضييق عليهم وكبح جماحهم والتنكيل بهم ومنعهم من التطلع لتحقيق أهدافهم في نصرة دينهم ونصرة أوليائهم آل الرسول الأطهار والذب عنهم وإظهار شعائر الولاء والمودة لهم. وهذا على كل حال هو دأبهم على طول الخط, فهم ما عظموا كل الطواغيت واحترموهم من السقيفة إلى يومنا هذا إلا لأنهم كانوا دائما يحاربون الشيعة ويضيقون عليهم وينكلون بهم.
كان صدام المقبور بالنسبة إليهم هو ذلك الرجل الذي استطاع أن يعطل ويقهر ملايين الطاقات الشيعية الموجودة داخل العراق.
هذا الشعب الشيعي الحيوي الزاخر بالعقول والطاقات الفاعلة قد أخمده صدام , وفي  حين غفلة من الزمن وجدوا أنّ المعادلات الإقليمية كلها قد تغيرت وأصبح للشيعة في نظرهم صولة وجولة و باتوا هم من يحكمون العراق ويمسكون بزمام الأمور فيه حسب الظاهر ولو تحت الوصاية الأمريكية كما هو حال بقية الدول العربية بما فيها دول الخليج المحتلة من قِبل أمريكا والمُسيرة من قبل الدول العظمى ولكنّ الفرق أنّ العراق احتلالها مُعلن وبقية الدول احتلالها مُبطّن..
على كل حال فإنّ قراءتهم غير صائبة وليست سلطة الشيعة في العراق بالمستوى الذي يتخوفون منه.
ﻻ شك أننا في العراق لم نملك الموقع الحقيقي الذي يُفترض أن يكون لنا في العراق ولسنا في موقع القرار الذي ينبغي أن نكون فيه إلى هذه الساعة في العراق وذلك بسبب عوامل كثيرة لا يتسع المجال لذكرها ولكنّ أهمها وأبرزها جشع الساسة وتقديمهم المكاسب السياسية القذرة على الدين والعقيدة وممالئة المخالفين واسترضائهم على حساب جملة من ثوابتنا, والتدخلات الخارجية في الشأن العراقي من جهات ليس من صالحها استتباب الأمن في العراق واستقراره .
ولكن  رغم كل ذلك صدّقوا أيها الإخوة أنّ مجرد سماع اولائك النواصب الشهادة الثالثة الشريفة (أشهد أنّ عليا ولي الله) على التلفزيون الرسمي العراقي هو أمر يقع على قلوبهم كالنازلة والطامة! بل مصيبة المصائب عند النواصب والبكريين المخالفين.
أصلا مجرد ممارسة الشيعة لشعائرهم بحرية وبدون أي خوف داخل العراق يُعتبر بالنسبة للنواصب حدثا يجب أن يدقوا نواقيس الخطر من أجله.
هكذا هم ينظرون إلينا , وإلى شعب العراق وشيعة أهل البيت في العراق.
النواصب يرون أنّه إذا تُرك الميدان للشيعة وأُفسح لهم المجال فإنهم سينطلقون ويغزون العالم بعقيدتهم التي إن اعتنقتها الشعوب فستُطيح بعروش هذه الحكومات العميلة الوسخة التي تدعم بقاء الدين البكري الباطل , وتعيد رسم خارطة العالم من جديد. رغم أنّ الوهابية تنظر لزعماء الحكومات البكرية الموجودة على أنهم فسقة ولا يطبقون حكم الله في الأقليات الشيعية ويفنونهم عن آخرهم, وذلك طبعا بسبب الضغوطات الدولية على تلك الحكومات من قبل القوى العظمى التي ترى مصلحتها في وجود الشيعة و حفظ توازن هذا النسيج الأيديولوجي في المنطقة كما هو لتبقى نيران الاحتقانات الطائفية تذكي الصراعات والحروب التي تقتات منها أمريكا لكون استقرار الأوضاع في المنطقة يشكل خطرا يهدد سيادتها .  إلا أنّ بقاء حكومة فاسقة تحكم باسم العقيدة البكرية هو أحب إلى قلوب النواصب من قيام دول شعوبها وحكوماتها شيعية ولو كانت ستقيم جنة الله على الأرض.
فلذا هم يعملون المستحيل من أجل خلط الأوراق و إرباك الوضع الداخلي في العراق وتعطيل القدرة والطاقة الشيعية الهائلة داخل العراق, و إشغال ذلك الشعب في الصراعات والجري وراء لقمة العيش.
إنّ عملياتهم الهوجاء تلك تبدو مستعصية على الفهم حتى عند أكبر الخبراء والمحللين السياسين.
مثل هذه العملية الأخيرة يُفترض أنها قد تعود بنتيجة سلبية على البكريين في العراق وتثير حنق (الأكثرية) الشيعية ضدهم وتُلهب مشاعرهم فتدفعهم على أقل تقدير إلى إجلاء أعداد كبيرة من البكريين إلى خارج العراق في حال استمر الشيعة في تصعيد الغضب الشعبي, وهذا احتمال تجاهلوه , ولكن لماذا؟
إنّ هذه العمليات تنبع من عقل لا يفكر. إنهم لا يخططون ويحسبون الحسابات كما نظن.
نحن قد عايشناهم في الكويت ونعلم جيدا أنّ الوهابية والسلفية التكفيرية اللعينة المتوحشة ﻻ تعرف غير لغة القتل والدماء (لمجرد) التعطش للقتل والدماء دون أي اكتراث لعواقب الأمور. إنهم جماعة لا تحسب لما وراء الفعل بل ما يهمها هو التنفيذ مهما كانت العواقب. همج , نازيون.
عندهم حالة كره متأصلة تجاه كل ما هو شيعي , فلذلك ما يهمهم بالدرجة الأولى هو التنفيس عن حقدهم بأي طريقة ومهما كانت النتائج والعواقب.
لهذا استهدفوا القبة الشريفة النوراء في سامراء , ولهذا اعتدوا على الإئمة الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم, وذبحوا النساء والأطفال.
كل تلك الجرائم و المجازر التي ارتكبوها وما زالوا يرتكبونها في حق الشيعة وأئمتهم الأطهارالمحرك الحقيقي لها هو الحقد على الشيعة. إنه حنق وغل لن ينتهي.
بالمناسبة , البارحة على وجه التحديد نقل لي الشيخ محمد سند حادثة وقعت عقب واحدة من المناظرات التي جرت على إحدى القنوات, حيث حضر المناظرة من الجانب الشيعي الشيخ محمد سند ومن الطرف البكري شخص وهابي خبيث خسيس يُدعى عثمان الخميس وهو كويتي الجنسية. ينقل لي الشيخ محمد سند الذي كان طرفا في المحاورة أنه بعد انتهاء الحلقة خاطبه ذلك المدعو عثمان الخسيس قائلا هذه العبارة: سترون أننا سنأتي إلى داخل العراق ونفجر قبابكم . لم تمضِ سوى أشهر على مقالة ذلك الخبيث , وإذا بنا نرى ما تفوه به قد وقع بالفعل في العراق وفي سامراء المقدسة بالتحديد.
الوهابية يعرفون أهداف حركتهم جيدا, وعندما يتلفظ ذلك الخسيس بمثل تلك العبارة فكلامه لم يخرج من فراغ وإنما لأنه يعرف النفسية والطبيعة الوهابية تماما ويدرك أنّ المجموعات الوهابية في العراق وغيرها متحمسة لقضيتها و لا يرقأ لها جفن حتى تفجر المراقد وتسفك دماء الشيعة وتفنيهم عن آخرهم لو وجدت إلى ذلك سبيلا.
قبل يومين وصلتني مقالة مكتوبة من أحد رموز الوهابية السلفية المتوحشة اللعينة وعنوانها هذا:
(لعنة الله عليهم وعلى قبابهم)
كاتب ذلك المقال اسمه حامد العلي وهو أحد رموز السلفية الوهابية القذرة في الكويت.
بتلك العين الحاقدة الحاسدة هم ينظرون لنا  ولمقدساتنا, فلا يجب أن نشير بأصابع الأتهام إلى غير هؤﻻء المتوحشين الأراذل.
القضية واضحة فهم يريدون كسر الطموح الشيعي والحؤول دون تطلعات الشيعة لمستقبل زاهر في العراق , لذا يسعون إلى إرباك الوضع وخلخلته بأي حال من الأحوال لإضعاف الشيعة ومنعهم من الحصول على حقوقهم التي يُفترض أن تكون من نصيبهم في العراق لبناء دولتهم واستقرارها وبالتالي الانطلاق منها كقاعدة لنشر وتبليغ التشيع عالمياً.
تلك هي الرسالة الموجهه لنا من خلال أعمالهم الإجرامية القذرة.
فلنلاحظ مسألة أخرى في غاية الحساسية.
من المُستهدف هذه المرة؟ هذه المرة لم نُستهدف نحن بالدرجة الأولى وإنما حراب بغيهم وحقدهم كانت موجهة بشكل مباشر للإمامين المعصومين العسكريين.
الآن ونحن نتحدث معكم فإنّ أنقاض المرقدين الطاهرين  الّذين فُجرا اليوم تكون على جسدي الإمامين الطاهرين إلى هذه اللحظة! ويا لعظم الرزية لم يصل إلى الآن أحد لرفع تلك الأنقاض. وا إماماه وا مصيبتاه.
في الواقع لا يُستغرب مثل ذلك العمل الشنيع منهم, فهم قد وجدوا المجال متاحا لهم, وإن أفسحنا لهم المجال أكثر لربما يأتي اليوم الذي ينبشون فيه قبور أئمتنا وهذا ليس مستبعدا عنهم فهم أحفاد هند بنت عتبة آكلة الأكباد. فليس ببعيد عنهم أن يتوقوا إلى نهش أجساد الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين
للعلم فإنّ لهذين المرقدين الطاهرين خصوصية لأنّ الإمامين العسكريين من بين الائمة  المعصومين عليهم الصلاة والسلام هما الوحيدان اللذان دُفنا داخل بيتهما بعد رسول الله صلى الله عليه وآله الذي يقع قبره في بيته الطاهر, فمكان قبر رسول الله هو بيته وليس ذاك حجرة عائشة لعنها الله كما يشيعون, وفي هذا تفصيل وبحث ليس هاهنا محله.

ذلك المكان الطاهر الذي يحوي المرقدين هو بيت الإمامين الهادي والعسكري سلام الله وصلواته عليهما وإلى جوارهما يرقد ثلاثة من أولياء الله الكرام وهم , السيد حسين ابن الهادي وهو الأخ الأصغر للإمام الحسن العسكري عليهم جميعا صلوات الله وسلامه, والسيدة حكيمة بنت الجواد أخت الإمام الهادي وعمة الإمام الحسن العسكري والإمام المهدي صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين, وكذلك هناك مرقد مولاتنا السيدة نرجس عليها السلام والدة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.
فما أعظمها من جريمة وما أجلها من نازلة فادحة قاصمة بكل معنى الكلمة.
في الحقيقة منذ سقوط النظام البائد إلى اليوم , هذه الجريمة هي الأشد والأفظع والأكبر و بلا شك ﻻ تضاهيها جريمة أخرى مهما بلغت.
قد يقول قائل بأنّه قد مرت علينا فاجعة جسر الأئمة في الكاظمية حيث استشهدت في تلك الفاجعة ألف نفس بريئة.
نقول نعم هذا صحيح وتلك مصيبة أليمة بلا شك . و لكنّ نفوسنا وأرواحنا هي فداء للأئمة المعصومين الأطهار. هؤﻻء قُتلوا ومضوا شُهداء سعداء في سبيل حماية عتبات أهل البيت لأنهم قصدوها لتخليدها وتعظيمها. فنحن فداء لتلك العتبات الطاهرة وسور لها. لا مشكلة فلنُقتل ونُذبح, ولكن تبقى تلك العتبات منارا للقاصدين وقبلة للعاشقين الموالين لمحمد وآله الأطهار, لا تُمس ولو بخدش.
هنا أرواحنا ثمن نراه رخيصا في سبيل تلك العتبات المقدسة وهذا شرف لنا.
ما وقع ﻻ يمكن  القبول به على الإطلاق ولا يمكن التعامل معه كما تم التعامل مع الأحداث السابقة. لا بد من تغيير حقيقي جذري في إستراتيجية تعاملنا وتعاطينا مع كل الملفات على جميع الأصعدة.
الدائرة الثانية:ما هي أسباب وقوع هذه الجريمة؟
في الحقيقة جذر هذه الأسباب يعود إلينا نحن لأننا تخاذلنا منذ زمن قديم عن تكوين سد بشري شيعي منيع يحيط بمرقد العسكريين صلوات الله وسلامه عليهما.
للأسف الشديد فإنّ هذه المدينة في العراق رغم كونها تحوي مقدسات شيعية بهذا المستوى الرفيع إلا أنها الوحيدة التي لم  يعمل الشيعة جاهدين وبكل طاقاتهم على التوطن والاستقرار فيها. وتشكيل سد بشري شيعي منيع يحيط بهذين المرقدين.

وهذا بلا شك شيء عجيب وتقصير ذريع من قبل الشيعة في العراق.
 لقد بُذلت محاولات على مر الزمان من أجل تحقيق تلك المعادلة وتغيير ديموغرافية السكان في سامراء المقدسة ولكن هذه المحاولات مع بالغ الأسف قد فشلت أو أُحبطت.
واحدة من تلك المحاولات كانت بخطوة رائدة من المجدد الميرزا الشيرازي الكبير قُدس سره , حينما  نقل حوزته إلى سامراء ومكث هناك سنوات على أمل أن تكون هذه الانتقالة في مركزية وزعامة المرجعية الشيعية بابا وسبيلا لتوافد شيعي كثيف على هذه المدينة  وبالتالي تكوين مركز قوة وسيطرة للشيعة في تلك المدينة المقدسة لحماية مقدسات الشيعة. ولكن بمجرد استشهاد المجدد الشيرازي وعودة جثمانه إلى النجف وإذا بمعظم تلامذة حوزته والمحيطين به يرجعون أدراجهم مرة أخرى إلى حيث كانوا.

لقد أحبط ذلك المشروع الحيوي والاستراتيجي الهام جدا التخاذل الذي وقع منا وتقصيرنا في العمل على تغيير ديموغرافية تلك المدينة المقدسة بشكل فعلي لحماية المرقدين الطاهرين وذلك ما أدى إلى ما وقع اليوم.
لقد تركنا مقدساتنا في أيدي النواصب, تركناها في أيدي المخالفين الذين لا يعتقدون بكرامة وحرمة ومقام وإمامة وعصمة العسكريين, ولا يدينون لله بولايتهما والبراءة من اعدائهما.
من الطبيعي أنك إذا تركت جوهرة ثمينة في يد لا تُثمنها ولا تعرف قيمتها, فإنك  لا تتوقع لها سوى الضياع. وهل يعرف الإسكافي قيمة الجواهر؟!
ما الذي حدث بمجرد سقوط النظام؟ أنا بنفسي رأيت وعاينت ما آلت إليه الأمور من خطورة. لقد توجهت لزيارة العتبات المقدسة و إذا بي أتفاجأ بأنّ مرقدي سامراء من بين جميع المراقد الطاهرة لأهل البيت عليهم السلام في داخل العراق قد بقيا تحت إشراف وسيطرة الإدارة الناصبية البعثية بعد سقوط صدام و إلى هذه اللحظة ! مع أنّه قد بلغني أنّ  تلك الإدارة الناصبية في الأسبوع الأول من حادثة التفجير الفجيعة قد غادرت الحرم الطاهر وكانت تتوقع أنّ الشيعة سيأتون ليسترجعوا مقدساتهم ويحرروا مرقدي إماميهم ويقومون بتنصيب إدارة شيعية جديدة كما فعلوا مع سائر المراقد الأخرى حيث ذهبت الإدارة البعثية وجاءت إدارات جديدة مرتبطة بالحوزات والمرجعيات الدينية. لكنّ شيئا من هذا لم يقع في سامراء!
لماذا هذا التخادل؟ لماذا عدم الاهتمام بالإمامين العسكريين عليهما السلام؟
 أثناء زيارتنا تلك لسمراء بعد سقوط النظام الصدامي البائد رأينا هنالك الفجائع بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى, فقد عاثوا في الحرم إفسادا و ما كانوا ينظفونه أو يولونه أي عناية. حتى المؤذن الشيعي الوحيد الذي كان يذهب ويرفع الشهادة الثالث كانوا يتعرضون له بالأذى ويضعون اﻷقفال على باب حجرة الأذان لمضايقته ويقومون بتخريب أجهزة تكبير الصوت. ويؤذون الزوار, وأنا بنفسي شخصيا تعرضت لكثير من أعمالهم المؤذية.
أتذكر جيدا أننا حينما طرحنا في تلك الفترة قضية ضرورة التصدي لتطهير هذين المرقدين المقدسين من سيطرة أولائك النواصب وبضغط من المرجعيات الدينية, لم يلتفت لهذه الدعوة أحد!
قالوا اتركوه كما هو, فإنّه على هذا الوضع منذ مئات السنين و لم يحدث شيء.
لماذا انتظرنا حتى يقع شيء؟! وحتى تقع هذه الجريمة التي سوّدت وجوهنا؟
ماذا نقول لإمامنا المهدي غداً في المحشر وقد ترك مرقد أبيه وجده أمانة في أعناقنا وهكذا فرطنا فيهما؟!
مسؤولية عظيمة وأمانة تنهد الجبال من حملها وقد تهاونا في القيام بها كما يجب وينبغي.
لم نوطّن هناك أحدا من الأسر الشيعية, بل حتى العوائل الشيعية القليلة التي بقيت هناك وكانت من أهل سامراء المعروفين هُجِّرَ أفرادها وقُتلوا ولم نحرك ساكناً!
أعرف بعض المشايخ من الزملاء الطلبة عانوا الويلات هناك , وحتى بعد السقوط
كلهم طردوهم خارج المدينة! , وكانو يشتكون من أنهم إذا توجهوا إلى أولي الشأن و كبار القوم وأصحاب الحل والعقد يجدون التخاذل واللامبالاة منهم.
يشكون إليهم حال سامراء السليبة حيث البعثيون والتكفيريون الأرهابيون هم الحكام الفعليون لسامراء, فلم يبسط أحد سيطرته على سامراء ولم يتدخل الشيعة لإنقاذ الوضع وتلافي أخطاره وتداعياته.
مع الأسف الشديد هذا التخاذل والتقاعس هو الذي أوصلنا لهذه النقطة وهذه المرحلة البائسة. تخاذلنا على مر السنين هو الذي جر علينا هذه الفاجعة التي ستبقى وصمة عار في تاريخ شيعة هذا العصر وشاهدة على تقصيرهم وتقاعسهم عن نصرة الإمامين العسكريين.

الدائرة  الثالثة:
كيف يمكن معالجة آثار هذه الجريمة والفاجعة الكبرى واحتوائها, والحيلولة دون وقوع  مثلها في المستقبل؟
أعزائي , حينما وقع أول تفجير من قبل الوهابية استهدفوا به الشيعة في النجف الأشرف و راح ضحيته السيد الحكيم , كانوا يضعون احتمالا لأن يهب الشيعة بعد ذلك الحدث الجسيم هبة رجل واحد و يلقنونهم درسا لا ينسونه.
أرادوا بهذه العملية أن يجسوا نبض الشارع الشيعي ليعرفوا حجم ردة فعله وكيف يتصرف الشيعة و يتعاطون مع الحدث؟ ولكنّ ردة فعل الشيعة جاءت على خلاف ذلك الاحتمال. فقد اكتفى الشيعة بتأبين قتلاهم والبكاء عليهم والتنديد والاستنكار والتظلم.
ما حصل هو التالي:
وقعت بعد ذلك التفجير أحداث مريعة في شتى مناطق الشيعة وتفجيرات في  الزوار الأبرياء, ودماء سُفكت , وأعراض هُتكت, ونفوس أُزهقت, ولم يروا من الشيعة سوى الصمت و الصبر على تلقي الصفعات واحدة تلوَ الأخرى  بدعوى عدم الانجرار إلى الفتنة الطائفية والحرب الأهلية وما شابه.
بالله عليكم..
هذا الذي وقع منا ما كانت نتيجته؟ التهاون في الضرب على أيدي المعتدين والتسامح اللامتناهي معهم إلى ماذا أدى؟
أدى إلى أن يتجرؤوا أكثر فأكثر ويتمادوا في غيهم إلى أن وصلوا إلى هذه المرحلة وجسروا على تفجير المرقدين الطاهرين لأنّ من أَمِنَ العقوبة أساء الأدب.
هم يعلمون سلفاً أن حادثة تفجير المرقدين ستمر كسابقاتها مرور الكرام ولن يحرك الشيعة ساكناً, فما الذي يمنعهم من الإقدام على هذا العمل إذاً؟

اليوم اذا لم يجدوا ردة فعل بمستوى الحدث من الجماهير الشيعية ولم تهرع تلك الجماهير إلى تلقينهم درساً قاسيا وإيقافهم عند حدهم فسيستمرون في تماديهم وتطاولهم أكثر فأكثر, وسينتهكون أقدس المقدسات ولن يردعهم شيء.
طبعاً هنا نحن لا ندعوا إلى الحرب وإلى الاقتتال, ولكن ندعوا إلى أن تتحمل الجماهير مسؤوليتها في تصفية العراق من فلول الإرهاب والضرب على يد المعتدين ومن يؤويهم ويتعاطف معهم بقبضة من حديد.
 يجب ردع حتى من يؤيدهم تصريحاً وتلميحاً فهؤﻻء خارجون على الله لأنهم يحاربون أولياء الله وخلفاءه على أرضه.
وإذا كانت الحكومة ضعيفة وغير قادرة على معاقبة هؤﻻء وإنزال العقاب الشرعي بهم, فيجب عليها أن تترك الكلمة والفعل للشعب ليقيم فيهم القصاص العادل فالشعب يجب أن يتولى الأمر.
بسم الله الرحمن الرحيم
) إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يُقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم )

 نحن لا نقتل الأطفال والنساء وﻻ نقتل الأبرياء, ولا نتوجه للتفجير في أسواقهم.
نحن نذهب إلى رؤوس الأفاعي فنقطعها.
يجب أن نتحمل مسؤوليتنا , وما يُقال من دعوات مفادها لا تذهبوا إلى هذا المنحدر حتى لا تقع حرب أهلية وفتنة طائفية هو كلام من يعمي عينه عن الحقيقة والواقع.
من قال أنّ الحرب الأهلية لم تقع؟ هي واقعة بالفعل ولكن من طرف واحد. نحن من يتلقى الضربات من الآخرين. يخدع نفسه من يقول أنّ هؤلاء الذين يقومون بتلك الأعمال كلهم دخلاء ومن خارج العراق. فلول الإرهاب والنصب من أي مكان كانت لو لم تجد من يتعاطف معها ويؤويها من البكريين و أعوانهم من داخل العراق لما توسع نشاطها وقويت شوكتها. نعم أمريكا تتركهم يسرحون كما شاءوا رغم انّ بعض عملياتهم ولو بشكل عرضي طالت الجنود الأمريكيين والبريطانيين الذين كانوا يتواجدون في مناطق التفجير التي استهدفت الشيعة. ولكن بالنتيجة أمريكا ما يهمها هو حماية مصالحها الاستراتيجية و أما ما يقع من تفجيرات من قبل النواصب لا يعنيها وليس من بين اهتماماتها.
من قال إنّ تطبيق حدود الله تعالى يفضي إلى الفتنة والدمار؟ لو كان تطبيق القصاص يفضي إلى فساد لما شرّعه الله تعالى. (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون)
ما نحن فيه من تهاون في الضرب على يد المفسدين في الأرض والمحاربين لله ورسوله هو الفتنة بعينها, وهو مصداق لقول مولاتنا الزهراء عليها السلام:(إبتدارا زعمتم خوف الفتنه, ألا في الفتنة سقطوا وإنّ جهنم لمحيطة بالكافرين)

لانستطيع الصبر أكثر من هذا, ولسنا نطيق احتمال مزيد من التخاذل.
 لا بد أن نتحمل مسؤوليتنا ونُفعّل القوانين الشرعية على المفسدين في الأرض. يجب أن يُقتلوا أو يُصلّبوا أو تُقطّع أيديهم و أرجلهم من خلاف أو يُنفوا من الأرض.
يجب أن يُطبق عليهم الحكم الشرعي وينفذ فيهم القصاص العادل.
طبعاً بين قوسين (بإذن الحاكم الشرعي).

مساجد (الضرار) يجب أن يُفعّل بحقها قانون مساجد الضرار الشرعي في الإسلام.
مساجد الضرار نعني بها المساجد التي تُخزّن فيها الأسلحة والذخائر والمتفجرات. المساجد التي تكون منابر دعوة للعنف والتحريض ضد الآخر والإرهاب.
هذا الصنف من المساجد وإن تسمى بالمسجد فإنّه وفق المعايير الإسلامية لا يُعد مسجدا من مساجد الله تعالى. هذا يُسمى في الإسلام مسجد (ضرار)
مساجد الضرار تُعد معابد وثنية شيطانية ومعاقل للمفسدين في الأرض من الإرهابيين لذا يجب هدمها وفق الشريعة الإسلامية. هذا هو حكم مساجد الضرار في الإسلام. مساجد الضرار في الإسلام لها حكم خاص في الإسلام وهو وجوب هدمها.
 رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هدم مسجد الضرار, وحتى أحجاره اعتبرها نجسة. قال تعالى بشأن مسجد الضرار: (والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون)
تنقل الروايات أنه حينما كان رسول الله يضطر للمسير من المدينة إلى أُحد لزيارة الحمزة عليه السلام كان يحاول أن يتحاشى الأحجار المهدمة من هذا المسجد عند المرور به لأنها أحجار نجسة. إلى هذه الدرجة كان رسول الله صلى الله عليه وآله يمقت مسجد الضرار ويشمئز منه.
إنّ ذلك المسجد لم تُخزن فيه أسلحة للقتل وسفك الدماء ولم تنطلق منه دعوات صريحة لإبادة جماعية وتصفية طائفية , ولم ينادى فيه بالقتل ,الإرهاب ,الدموية والتكفير والوحشية . مع ذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وآله بتدميره وهدمه.
هذا قانون من الله عز وجل نزل في القرآن ومُجمع عليه حتى عند الفرق الأخرى.
المسجد الذي تنطبق عليه صفات مسجد الضرار يُهدم.
نعم المساجد البريئة الطاهرة التي يمارس البكريون المخالفون فيها شعائرهم ولا يتخذون منها منابر للتحريض على القتل والتصفية الطائفية فأهلاً وسهلاً بها و ليس لأحد عليها سبيل وحُرمتها مصانة ولهم مطلق الحرية في أداء صلاتهم و شعائرهم فيها  ولا يحق لأحد التعرض لها, أما المساجد التي يحكمها ويديرها ما يسمى بهيئة علماء المسلمين وهي هيئة علماء الكفر والفساد والمنافقين فهذه المساجد يجب أن تهُدم , وﻻ يجب أن يتم التراجع عن هذه المسألة.
قوانين الله يجب أن تطبق بدون محاباة أو مجاملة لأحد.
مسألة أخرى..
ماذا بخصوص الحرم العسكري الشريف المُغتصب والذي لا يزال حتى هذه اللحظة مُدمرا والأنقاض على الجسدين الطاهرين للإمامين العسكريين عليهما السلام؟.
إلى هذه اللحظة ما من غيور يرفع الأنقاض!, وما يزيد القلب لوعة بقاء الحرم الطاهر حتى هذه اللحظة في أيدي النواصب. هذا أمر لا يمكن القبول به إطلاقا و يجب أن يسترد الحرم الشريف وتؤول إدارته والاشراف عليه إلى الشيعة.
إنّ أهميه استرداد هذا الحرم  تفوق أهمية استرجاع القدس. هو أعظم حرمة ومنزلة وقدسية عند الله تعالى.
جسد الإمام المعصوم حجة الله على أرضه أعظم من صخرة وإن عرج عليها رسول الله صلى الله عليه وآله. حرمة المؤمن العادي أعظم من حرمة الكعبة فكيف بحرمة الإمام المعصوم؟!
يجب أن يُسترد الحرم العسكري الطاهر. يجب أن يُسترد ويرجع إلى السيادة الشيعية بأي ثمن.
يتحتم تشكيل فريق أو لواء أمني أو قوة حماية مجهزة بأحدث الوسائل لتتولى مهمة  حراسة وحماية هذه العتبة المقدسة وسائر العتبات.
يجب تطهير مدينة سامراء وكذلك سائر المدن ولكن بالدرجة الأولى سامراء المقدسة . يجب البدء بتطهيرها من هؤﻻء الكفرة الوحوش, وإذا لم تتحمل الدولة مسؤوليتها حيال تنفيذ تلك المهمة , فيجب أن تترك المجال للشعب لكي يتحرك.
هذا الشعب في انتفاضته الشعبانية استطاع أن يسقط 14 محافظة في زمن النظام الدكتاتوري القاهر البائد فليس صعباً عليه أن يصفي مدينة من الحثالات. هو قادر على ذلك , إنه شعب جبار ولكن اتركوه يتحمل مسؤليته.
هذه النقاط يجب أن نضعها في عين الاعتبار.
ردة فعلنا يجب أن تكون قوية ترقى لمستوى الحدث وإلا ستُنتهك المزيد من مقدساتنا.
لماذا لا نتعلم من التاريخ ونستوعب دروسه لنتلافى تكرار الأخطاء؟
حينما تم إحراق المسجد الأقصى لأول مرة في عام 1969 , تقول رئيسة وزارء الكيان الصهيوني آن ذاك (غولدا مائير) في مذكراتها السياسية أنّ أصعب يوم مر على حياتها الشخصية والسياسية كان ليلة إحراق المسجد الأقصى من قبل بعض اليهود المتطرفين.
كانت تتوقع أنّ العالم الإسلامي سيشتعل غضباً وسيهجم  المسلمون بأجمعهم على اسرائيل, ولن يكون هنالك مسلم  إلا وقد هب للجهاد وأعلن حالة الاستنفار وخرج ليستأصل اسرائيل عن بكرة أبيها.
 في المقابل تنقل أيضا في مذكراتها السياسية أن أكثر الأيام  راحة واطمئنانا في حياتها كان اليوم الثاني الذي تلى يوم حرق المسجد الأقصى مباشرة, لأنها رأت ردة فعل المسلمين لم تكن بحجم الحدث. بعض المظاهرات هنا وهناك وعدد من الاستنكارات من حكام العرب وأمثالهم وانتهت القضية.
 لأن ردة الفعل حينها لم تكن بمستوى الحدث فإنّ اليهود راحوا منذ ذلك اليوم الى اللحظة يتمادون في غيهم وظلمهم واضطهادهم لأنّهم أيقنوا أنّ أمة الإسلام هي أمة تعودت على تلقي الصفعات بكل رضا.
اليوم في فاجعة المرقدين الطاهرين للإمامين العسكريين يتكرر الأمر نفسه.
قلنا أنّ المسيرات , المظاهرات , الشجب والاستنكار كلها مطلوبة شرعاً وهي أمر جيد ولكنه أقل القليل. أقل ما يمكن أن نفكر فيه, وأقل ما نملك فعله وتقديمه.
يجب أن نفكر في إنجاز عمل أعظم  يرقى لمستوى الحدث وحجم الفاجعة و أن نرد الصاع بصاعين..
 يجب أن نلقنهم درساً و أن يروا ردة فعلنا تتجاوز حدود ما يتوقعون وينتظرون.
يجب أن نوصل إليهم رسالة شديدة اللهجة وهذا يكون بالأفعال لا بالأقوال.
إتركوا الناس تتحمل مسؤوليتها وتدافع عن حرمة مقدساتها..
القاتل يجب أن يُقتل والمحرض على القتل يجب أن يقتل.
الوهابي إن لم تقتله قتلك.
الوهابي يجب أن لا تطأ قدمه النجسة أرض العراق الطاهرة
لامكان له في العراق.
من يؤيد الوهابية تصريحا أو تلميحاً يجب أن يُعاقب بالقوانين الشرعية.
وكما قلنا إذا لم تتحمل الحكومة الضعيفة مسؤليتها, فلتترك الجماهير تتحمل مسؤوليتها وتؤدي مهمتها في نصرة إماميها الطاهرين.
 إمامانا اليوم تحت الأنقاض! فيالها من فاجعة لبس الإسلام لها أثواب السواد وناح لها اللوح والقلم وكادت السماوات أن يتفطرن لها وتنشق الأرض وتخرالجبال هدّا.
لا يمكن أن يتحمل الشيعي الموالي الغيور هذا الذي جرى ويجري, فإنا لله وإنا إليه راجعون , ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

  نواصل الحديث عن أبرز الشخصيات التي كان لها دور في تحريف الإسلام  في سياق بحث موضوعي ضمن هذه السلسلة التي تحمل عنوان (كيف زُيف الأسلام)

وصلنا في إحدى المحاضرات السابقة إلى ذكر شواهد تعطينا صورة مفصلة عن شخصية أحد رموز الإجرام الضالعة في تحريف الإسلام وتزييفه وهي شخصية عمر ابن الخطاب لعنة الله عليه
فيما تبقى لنا من الوقت سنحاول أن نتمعن قليلاً  في موقف عمر يوم أحد, وأغلبكم يعلم ما الذي جرى في يوم أحد.
في تلك الواقعة خذل المسلمون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولاذوا بالفرار وجبُنوا عن مواجهة المشركين ولم يثبت في ساحة المواجهة إلا أفراد قلائل وكان أشدهم ثباتا علي بن أبي طالب عليه السلام.
 لقد تسبب في هزيمة المسلمين وتسجيل نقطة انتصار للمشكرين عليهم عصيانهم لأوامر رسول الله وعدم لزوم أماكنهم واندفاعهم لجمع الغنائم ومن ثم فرارهم عند التفاف المشركين وانقضاضهم عليهم. فتركوا رسول الله صلى الله عليه وآله وحيدا حتى شُج رأسه الشريف وكُسرت رباعيته فداه أرواح العالمين.

 عمر ابن الخطاب كان احد هؤوﻻء الذين فروا يوم أحد وانهزموا, وراح يُجبّن نفسه ويُجبّن أصحابه.

بسبب فرار وانهزام أغلب المسلمين أُشيع أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد قٌتل فأدى ذلك إلى حدوث اضطراب واختلال رهيب في المعسكر الإسلامي إلى درجة أنّ جماعة من المنافقين المندسين بين المسلمين أسرّ بعضهم إلى بعض بقول خطير بل جاهروا به ومضمونه أنْ يا قوم قد مات محمد فعودو إلى سيرتكم الأولى ,عودو إلى دينكم الأول!
كانوا يريدون بذلك الحصول على الأمان من قريش لكي يأمنوا على أنفسهم من القتل.
إلى هذا الحد كان الإيمان بدينهم الإسلامي الجديد ضعيفا في قلوبهم.
على أية حال كان عمر ابن الخطاب أحد هؤوﻻء الفرارين باعترافه, وباعتراف علماء البكريين المخالفين.
 هم يقرون أنه قد فر في معركة أحد وترك رسول الله وحيدا , وهرب ولم ينصره. عمر في تلك المعركة صعد الجبل و وقف على صخرة وأخذ يحث أتباعه على ترك المعركة لأن المشركين قد انتصروا ومحمد قُتل!
في هذه تُصدّق يا عمر أنّ محمدا قد قُتل فالإسلام لم يشتد عوده بعد. أما بعد أن نجح رسول الله في بسط الدولة الإسلامية وتكللت دعوته بالنجاح فإنك بعد وفاته رحت تهدد كل من يقول أنّ محمدا قد مات بالقتل, وذلك ليتسنى لك ترتيب الأمور ريثما يعود صاحبك من خارج مكة ومن ثم  تقومان بالانقضاض على الخلافة وتنحية الخليفة الشرعي!

من اعترافات عمر التي انتقيناها من مصادرهم الحديث الآتي:

عن كليب قال: خَطبَنا عمرـ أي ألقى خطابا في زمن خلافته ـ , فكان يقرأ آل عمران ـ أي سورة آل عمران ـ ,ويقول أنها أُحدية ـ أي نزلت في شأن معركة أحد ـ
ثم قال : تفرقنا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) يوم أحد , فصعدت الجبل.
 
ورد ذالك في الدر المنثور الجزء 2 الصفحة 80 , كتاب حياة الصحابة الجزء الثاني الصفحة 358.

أيضاً عن عمر ابن الخطاب أنه قال: لما كان يوم أحد هُزمنا ففررت حتى صعدت الجبل , فلقد رأيتني أنزو كأنني أروى.
 
تعليق : يقول عمر أنه كان في فراره وهو يصعد الجبل يقفز كأنثى تيس الجبل (الوعل). هنيئا لكم بإمامكم الآنسة (أروى ) أيها المخالفون. إمامكم أنثى تيس الجبل, و إمامنا حيدرة الكرار.

إمامنا علي  يقول:
أنا الذي سمتني أُمي حيدره ** ضرغام آجامٍ وليث قسورة.

إمامكم عمر يعترف أنه يفر من المعارك ويقول عن نفسه أنه كأنثى تيس الجبل.

وحسبكم هذا التفاوت بيننا..

ورد ذلك في شرح النهج الجزء 15 الصفحة 22.

روى الواقدي في مغازيه أنّه لما صاح إبليس أنّ محمدا قد قُتل

تعليق : إحدى الروايات تقول أنّ هذا القول الذي شاع وانتشر بين المسلمين
كان من فعل إبليس حيث أراد أن يثبط عزائم المسلمين.
نتم الرواية..

(لما صاح إبليس أنّ محمدا قد قتل تفرق الناس , وممن تفرق عمر وعثمان)

ورد ذلك في مغازي الواقدي الجزء الأول صفحة 277.

في قضية صلح الحديبية التي تناولناها في المحاضرات السابقة ذكرنا تمرد عمر على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في تلك الحادثة و مزايداته على رسول الله ومحاولة إبراز عنترياته السمجة على الحليم الكريم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فذلك القذر عمر ابن صهاك لم يكن يحمله على جرأته و وقاحته التي يبديها على رسول الله سوى اغتراره بحلم وطول أناة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

تذكر الروايات ومن مصادرهم أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حينما رأى من عمر في يوم الحديبية ذلك التمرد وتلك الشجاعة الزائفة عيّره بفراره وهروبه وجبنه في يوم أحد.
 يروي الواقدي أيضا ما هذا نصه:
(ثم أقبل على عمر ـ أي رسول الله أقبل عليه ـ , فقال : أنسيتم يوم أحد إذ تُصعِدون وﻻ تللون على أَحدٍ وأنا أدعوكم في أُخركم؟)

 تعليق :  رسول الله عنى بكلامه ذاك لعمرابن صهاك أنك  إذا كنت شجاعاً إلى هذه الدرجة وتقول لمَ نعطي الدنية في ديننا ومستعد لمواجهه المشركين و تصرخ يجب أن نقاتلهم وتعترض على صلح الحديبية , فأين كنت في يوم أُحد ؟ لماذا كنت أول الفرارين الجبناء الهاربين؟

ورد ذلك في مغازي الواقدي الجزء 2 الصفحة 609

الآن أيها الأخوة لنطبق القواعد الشرعية والأحكام الشرعية على موقف عمر يوم أحد.
الآية الكريمة تقول :(يا أيها الذين آمنو إذا لقيتم الذين كفرو زحفاً فلا تولوهم الأدبار, ومن يولهم يومئذٍ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزا إلى فئه فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير)
 
استناداً إلى هذه الآية الشريفة وكما هو الحكم الثابت عند جميع المسلمين فإنّ الفرار من الزحف عند مواجهه الكفرة في ساحة المعركة يُعد من أكبر الكبائر, من أكبر الموبقات.
 لا يجوز الفرار إلا متحرفاً لقتال أي يقوم بذلك من باب كونه تكتيكا عسكريا وفناً من فنون القتال في الكر والفر. أي يفر من خصمه ليلتف عليه وينقض من جهة أخرى ويباغته مثلا.
 أو يفر متحيزا إلى فئة معينة في الجيش كأن  ينضم إلى الميمنة أو الميسرة أو أي من كتائب الجيش

إذا كان يقصد واحدا من الأمرين السابقين فنعم يجوز له الفرار

أما أن يفر بقصد الهروب من ساحة المعركة و يصعد كأنثى الوعل على جبل لينجو بنفسه ويكف عن القتال , فهذا وحسب ما نطقت به الآية الشريفة من موجبات غضب الله تعالى ومن يفعله  يكون قد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير.
معنى هذا أنّ عمر ابن الخطاب  قد باء بغضب من الله فهو من المغضوب عليهم والضالين وأصبح مأواه جهنم وبئس المصير.
 الذين ينكرون على الشيعة كرههم لعمر ويقولون إنه خليفة راشد مقدس, ماذا يقولون في جوابهم على هذه الآية الشريفة؟
عليهم أن ﻻ يلومونا لأنّ الرجل باعترافه وبإقرار علمائهم ومحققيهم ومؤرخيهم
كان هارباً في أحد, وبتطبيق القواعد الشرعية والآيات الشريفة والأحاديث المستفيضة على هذا الرجل فإنه يكون مغضوباً عليه من الله تبارك وتعالى ومن يكون مغضوباً عليه من قبل الله تبارك وتعالى يجوز لعنه , وتجوز البراءة منه.
 فلا يلومنّنا أحد من المخالفين على لعنه والبراءة منه وهو الآن في جهنم وبئس المصير وفقا لما ورد في الآية المباركة.

خطاب الآية عام غير خاص بوقت دون وقت, ولا غزوة دون غزوة فلا وجه لتخصيصها بغزوة بدر و قصر حرمة الفرار من الزحف بها كما يُحكى عن بعض المفسرين لأنّ الفرار والتولي يوم الزحف هو من اعظم الكبائر كما نصت على ذلك الأحاديث الشريفة ولم تخص الأحاديث غزوة دون الأخرى.
فماذا يصنع المخالفون بهذه الآية؟
إلا أن يأتي أحد ويشطب والعياذ بالله هذه الآية الشريفة من القرآن العظيم وحينئذٍ يخرج من الإسلام.
قد يردون  بقولهم أنّ الآية الكريمة النازلة في شأن من فروا في أحد تقول (ولقد عفا عنكم)
 نقول هذا لا شأن له بعمر ابن صهاك والكلام في تفسير الآية يطول ولسنا بوارده هاهنا, وباختصار من يرجع للآ ية يكتشف أنّ القرآن قسم من انهزموا وفروا يوم أحد إلى مؤمنين غشيهم النعاس وهؤلاء هم من شملهم العفو , وأما القسم الآخر منافقون أهمتهم أنفسهم وعمر كان ممن أهمتهم أنفسهم باعترافه فقد كان ينزو فوق الجبل كأنثى تيس الجبل لشدة خوفه على نفسه وحرصه على حياته. ولكن إن غضضنا الطرف تنزلا عن شأن فرار عمر في أحد , ماذا عن فراره يوم حنين؟

فقد أعاد الكرة في يوم حنين و ولى مدبرا. وذلك يذكره البخاري ولكنهم لإخراجه من ورطته تلك يدّعون أنه كان متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة وهذا لم يقله القرآن بل ذكر أنّهم ولوا مدبرين في يوم حنين ولم يذكر أنّ جماعة ممن فروا كانت متحيزة لفئة أو متحرفة لقتال أو ما أشبه. بل وصفهم بقوله تعالى(ثم وليتم مدبرين).

قد ثبت أن أبا بكر وعمر وعثمان (عليهم لعائن الله) كانوا ممن نكث شرط بيعة الشجرة، لأن شرط البيعة كان هو عدم الفرار، وهو ما رواه مسلم عن عن جابر قال: ”كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمئة فبايعناه، وعمر آخذ بيده تحت الشجرة، وهي سمرة، وقال: بايعناه على أن لا نفرّ، ولم نبايعه على الموت“. (صحيح مسلم ج6 ص25).
وروى ابن أبي شيبة عن الحكم بن عتيبة قال: ”لما فرّ الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين جعل النبي يقول: أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب، فلم يبقَ معه إلا أربعة! ثلاثة من بني هاشم ورجلٌ من غيرهم: علي بن أبي طالب، والعباس، وهما بين يديه، وأبو سفيان بن الحارث آخذ بالعنان، وابن مسعود من جانبه الأيسر“. (مصنف ابن أبي شيبة ج7 ص417).
وبهذا عرفنا بأن أبا بكر وعمر وعثمان كانوا من الفرّارين، حيث لم يثبتوا مع هؤلاء الأربعة في غزوة حنين، فخرقوا بذلك شرط البيعة ونكثوها، فكان ذلك دلالة على عدم إيمانهم الواقعي وأنهم باءوا بغضب من الله ومأواهم جهنم وبئس المصير، وذلك لأن الله سبحانه يقول: ”وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ“. (الأنفال: 17).

أصلا تاريخ عمر حافل بالمخازي والعجيب حتى في فراره من حنين يحاول أنصاره عند انسداد الأبواب في وجههم إدخاله في عموم هذه الآية , قال تعالى: «ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء و الله غفور رحيم»

أولا: الآية تقول يتوب على (من يشاء) ومشيئة الله تعالى هنا متعلقة بعودة العبد وإنابته لأنّ التوبة من الله سبحانه تعني الرجوع منه سبحانه إلى عبده بالعناية و التوفيق أولا ثم بالعفو والمغفرة ثانيا، وأما التوبة من العبد فهي الرجوع إلى ربه بالندامة و الاستغفار، و لا يتوب الله على من لا يتوب إليه.
فهل تاب عمر إلى ربه حقا؟

عمر حتى آخر غزوة  كان يحيك الدسائس!
إنهما هو وصاحبه ابن أبي قحافة قد حاولا من قبلُ مع عصبتهما من المنافقين أن يقتلا الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) بعد الرجوع من تبوك، وقد روى المخالفون ذلك عن أحد كبار محدّثي المخالفين، وهو الوليد بن جميع، حيث قال ابن حزم أنه: ”روى أخبارا فيها أن أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم أرادوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم وإلقاءه من العقبة في تبوك“! (المحلّى لابن حزم ج11 ص224).

فعمر إمامكم قد اتسع فتقه على الراتق!

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp