تقرير تعليقات الشيخ الحبيب على الضجة المفتعلة من أنصار عائشة (13) 

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp
تقرير تعليقات الشيخ الحبيب على الضجة المفتعلة من أنصار عائشة (13) 

استمر سماحة الشيخ ياسر الحبيب «حفظه الله» في تعليقاته على ردود الفعل المقابلة لما طرحه سماحته في الاحتفال المبارك بذكرى هلاك أم المجرمين عائشة «لعنة الله عليها» لسنة 1431 من الهجرة النبوية الشريفة؛ فتابع حفظه الله في الجلسة الثالثة عشر من الرد على الضجة العائشية المفتعلة ردّه الذي قد بدأه على الداعية البكري محمد عبد الملك الزغبي خلال الجلستين السابقتين.

ووصل الحديث إلى الرد على استدلال الزغبي بالآية الكريمة {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ} على أنها تفيد بأن النبي (الذي قد تزوّج عائشة بالوحي لأن جبريل أراه في المنام صورتها وقال له "هذه زوجك".. كما روت عائشة تزكية لنفسها في رواياتهم) قد أمره الله ألا يتزوّج على هؤلاء الأزواج اللائي سيصبحن أزواجه في الدنيا والآخرة، كما قد نهاه عن أن يستبدل أية زوجة من هذه الزوجات –ومن بينهن عائشة– بأن يطلقها ويأتي بإمرأة أخرى، فالمكذّب الذي يقول أن عائشة بالذات ليست زوجة لرسول الله فأنه يكذّب الله من فوق سبع سماوات!

وبناءًا على هذا الفهم السقيم لهذه الآية أتهم الزغبي من يقول بخلاف هذا التفسير بأنه يتهم الله بأنه يجهل، مسترسلاً أن هذا هو البداء الذي يقول به الشيعة، معرّفا البداء على فهمه السقيم أيضا بأنه يعني أن الله يفعل الشيئ ثم يظهر له غير ذلك فيندم!

فعقـّب سماحة الشيخ الحبيب على هذه النقطة..
أننا لا نكذب بأن عائشة كانت يومًا ما زوجة للنبي «صلى الله عليه وآله» وإنما ننفي أن عائشة الآن في الجنة وهي زوجة للنبي هناك، لأننا نرى أنها بانت عن النبي صلى الله عليه وآله في الدنيا.
وأرجأ سماحته الرد على الزغبي في مسألة البداء ليبدأ بتفسير الآية المذكورة ويفصّل في تفسيرها السليم، مستنكرًا أن يكون هذا مستوى من يدّعي العلم والمشيخة، مؤكدًا حفظه الله أن الآية الكريمة { لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ} لا تأتي دلالتها على ما يقول هذا الجاهل الأحمق بأن رسول الله قد حُرِّم عليه أن ينكح إمرأة أخرى من بعد نسوته الحاليات أو أن يطلق إحداهن ويستبدل بها غيرها فضلا عن قوله أن هذه الآية تفيد بأنهن كلّهن سيلتحقن برسول الله في الآخرة حتمًا، معقبًا سماحته أن بقراءة سياق الآية في سورة الأحزاب بما جاء قبلها من آيات سيتجلى لنا المعنى، إذ أن الله كان يحدّث نبيه بإحلاله زواج النبي من اللاتي دفع لهن مهرًا ومن الجواري اللائي دخلن في ملكه من الحروب والفتوحات ومن بنات عمه و بنات عمّاته و بنات خاله و بنات خالاته اللاتي هاجرن معه ومن المرأة المؤمنة التي تهب نفسها له، وبأنه يجوز للنبي أن يُبعد من يشاء منهن ويقرّب من يشاء منهن، ثم تأتي هذه الآية لتبيّن أن هذه هي أصناف النساء المحللة للنبي ولا يحل له غيرها، كما أتت الآية في صدد إبطال أحد أنكحة الجاهلية وهو تبادل الزوجات؛ فالآية ليست في وارد تقييد رسول الله بأزواجه اللاتي كن في عصمته وقت نزول هذه الآيات وتحريم تطليقه لإحدى نسائه والزواج من إمرأة أخرى بدلا منها وإنما جائت في وارد تحريم تبادل الزوجات.

وأضاف سماحته بأنه لو سلّمنا بأن الله حرّم على رسوله الزواج بإمرأة أخرى من بعد هذه الآيات فأن رسول الله يكون واقعًا في معاصي لأنه تزوّج بعد نزول هذه الآيات من أكثر من إمرأة، ومن بينهن قتيلة بنت قيس التي ارتدت من بعده وكفرت إذ آمنت بمسيلمة الكذاب ومن بينهن أيضا أسماء بنت النعمان كما طلق «صلى الله عليه وآله» بعض أزواجه.

وشدّد سماحة الشيخ الحبيب على أنه ليس في هذه الآية دلالة على ما يريده الزغبي الأحمق بأن هؤلاء الأزواج سيكن أزواج رسول الله في الآخرة، إذ أن الآية لا تنفي إمكان كفرهن وارتدادهن ولا ينفي ذلك سياق الآيات، وليس هناك من قرائن لتدعم هذا التفسير السخيف، بل العكس فأن على أقل التقادير هناك إحدى أزواج النبي وهي قتيلة بنت قيس لن تلحق بالنبي في الآخرة لأنها تزوجت من بعده بعكرمة بن أبي جهل والمرأة التي تتزوّج على بعلها الأول فأنها تلحق بالأخير يوم القيامة في الجنة – إن كانت هي وزوجها الأخير من أهل الجنة– ما يعني أنها لا تجتمع مع النبي آنذاك كسائر أزواجه كما يقول الزغبي الذي يُستحسن له أن يعمل مهرّج أو أن يقوم بتسفيه التاريخ وأصحاب السير الذين نصوا على أنه كان هناك إمرأة إسمها قتيلة بنت قيس ولها أخ ملعون اسمه الأشعث بن قيس آمن معها بمسيلمة الكذاب.

ومن طريق آخر نقض سماحته ما أراده الزغبي من أن عائشة لم ترتد وستكون زوجة لرسول الله في الجنة؛ بتذكيره بالآية الكريمة {يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَّعْرُوفًا} وهي الآية التي تحدد شرطا يخوّل المرأة من نساء النبي صلى الله عليه وآله في الدنيا لتكون زوجة له في الآخرة.
وأشار سماحته إلى أن من تخضع في القول مثلاً تنفصم عن عروة النبي فلا يكون زوجًا لها بالآخرة، متسائلا من الزغبي.. قل لي بالله عليك إذا نظرنا في سيرة عائشة هل نستشم شيئا من التقوى في سيرتها؟
معددا سماحته في عُجالة جملة من مخالفات عائشة.. كسفك دماء المسلمين وتشريع رضاع الكبير والخضوع في القول، مبيّنا سماحته نماذج من هذا الخضوع والمتمثل في أحاديثها الجنسية التي هدفت من ورائها إلى تصوير النبي في صورة الرجل الشهواني، إلى جانب الاختلاء بالرجال والشباب اليافعين.
كما استدل سماحته بما جاء في السنة المطهّرة أن رسول الله جمعَ أزواجه ذات مرة ووضعَ لهن شرائط ليقترنّ به بالجنة، إحداها أن تلزم الواحدة منهن ظهر حصيرها فلا تخرج من بيتها بعد رحيله صلى الله عليه وآله، واستدل حفظه الله أيضا بحديث إقرار عائشة بأنها أحدثت من بعده صلى الله عليه وآله أي ابتدعت وضلّت وأضلّت في الدين بما يؤهلها لاستحقاق اللعنة ودخول النار.

وعاد سماحته لكشف اللبس عن البداء موضحا أن البداء هو إبداء الله ما كان مكتوبا، وليس يعني أن الله فعلَ أمرًا بجهالة ثم ندم عليه!

وأكّد الشيخ اعتقاد الشيعة بأن كل أفعال وأعمال رسول الله محمد وكذلك سائر الأنبياء والمرسلين والأئمة المعصومين هي بأمر الله تبارك وتعالى دون أيّ شك ولا ريب، فلا فائدة في قول الزغبي بأن الله أمرَ نبيّه أن يتزوّج عائشة، إذ أن هذا ليس دليلا على صلاح عائشة.. فالله أيضا أمر نبيّه أن يتزوّج من قتيلة بنت قيس التي ارتدت وكفرت، وأمرَ نبيّاه نوح ولوط عليهما السلام أن يتزوّجا إمرأتيهما الملعونتين الخائنتين الكافرتين.
مبرزاً سماحته الغاية من زواج النبي بعائشة والتي وضّحها أمير المؤمنين «عليه السلام» وعمّار بن ياسر «رضوان الله عليه» في حديثهما بأن الله ابتلى الأمّة بها ليعلم إياها يطيعون أم النبي، كما ابتلى أمّة موسى بزوجته السابقة ”صافوراء“ التي خرجت على وصيّه الشرعي يوشع بن نون.

وقرب اختتام الجلسة أبطل سماحة الشيخ الحبيب حفظه الله ما اختلقته عائشة لنفسها في «أن جبرائيل عليه السلام جاء بصورتها ملفوفة بخرقة من الجنة إلى النبي في المنام وقال له هذه زوجك» ، داعيا المخالفين إلى التنبّه أولاً إلى أن كل فضائل عائشة ترويها عائشة فقط بخلاف فضائل أهل البيت «صلوات الله عليهم» والتي يرويها حتى أعدائهم، منوّهًا سماحته بتهافت وسقوط اعتبار رواية أبي هريرة في هذا الشأن لما فيها من التعارض والتضارب كقوله أن النبي أراد أن يتزوّج عائشة في المدينة بينما الاجماع قائم على أنه تزوّجها في مكة، ثم أن أبا هريرة متأخر ولم يرو هذا عن النبي إذ لو أن النبي حدّث به لبان وإنما أخذه عن عائشة وهي التي ثبتَ كذبها على رسول الله في حديث المغافير وفي حديثها لأسماء بنت النعمان فكيف نقبل حديثها الذي تريد من وراءه أن ترفع من نفسها وقد أرسله عنها المتأخرون؟
وأشار سماحته إلى نموذج من هذه الأحاديث من (صحيح البخاري/ ج4/ ص252) مفندًا إياه بأنه في حد ذاته حديث يبطل نبوة خاتم الأنبياء «صلى الله عليه وآله وسلم» لأن النبي في هذا الحديث يشك فيما رآه في المنام أهو من عند الله أم من عند الشيطان؟ كاسرًا بذلك القاعدة المعروفة بأن رؤيا الأنبياء وحي وهي قاعدة ثابتة في البخاري أيضا، وعليه عقـّب سماحته جازمًا أن من يتدبر قليلا في هذا الحديث يكتشف أنه مختلق، قبل أن يختتم جلسته بالصلاة على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp