بيان آل محمد في أعدائهم (18) 

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp
بيان آل محمد في أعدائهم (18) 

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين وأفضل الصلاة وأزكى السلام على المبعوث رحمة للخلائق أجمعين سيدنا المصطفى أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين اللذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ثم اللعن الدائم على أعدائهم ومخالفيهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين آمين ...

قبل البدء بموضوع هذه المحاضرة التي هي جزء من سلسلتنا بعنوان بيان آل محمد في أعداءهم وبمناسبة الذكرى العطرة لميلاد رسول الله صلى الله عليه وآله وذكري ميلاد حفيده جعفر بن محمد الصادق صلوات الله عليهما وآلهما فإننا سوف نخصص الجزء الأول من هذه المحاضرة بكلمة تخص هذه المناسبة ..

ولاية أهل البيت لا تنال إلا بالورع
نحن كمؤمنين معتقدين بولاية أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم نؤمن بأن كل ما في الأرض وعلى الأرض يملكه أهل البيت عليهم السلام ، بل نقول إن كل ما في الكون يملكه أهل البيت ، بل نقول كل ما في الأكوان ،  كل ما في الجنة ، بل كل ما في الفردوس الأعلى ، أهل البيت عليهم السلام يملكون كل شيء ، الله تبارك وتعالى حينما خلقهم منحهم كل وأعطاهم كل شي ومنحهم القدرة في التصرف بكل شي ، الجنة مثلا جزء من ملكوت الله وملكوت الله كله خاضع لإرادة أهل البيت ، الإنسان المؤمن عنده غاية أساسية في حياته هذه الغاية هي الوصول إلى رضوان الله تبارك وتعالى والتنعم بجنته ، هذه غاية كل مؤمن ، الوصول إلى الجنة لا يمكن إلا عن هذا الطريق وهو طريق ولاية أهل البيت ، وأهل البيت بمقدورهم في الدنيا قبل أن ينتقل المرء إلى عالم الآخرة بمقدورهم أن يعطونا قطعا من الجنة ، يحددوا لنا قسائم أو أراض سمها ما شئت قطع  خاصة من الجنة يعطونها للمرء منا كل هذا يحتاج إلى شرط أساسي بعد الفراغ من مسألة وجوب ولايتهم عليهم السلام فإن ولايتهم لا تنعقد للمؤمنين إلا بشرط أساسي ، ما هو هذا الشرط ؟ هذا الشرط الأساسي يتلخص في كلمة واحدة هذه الكلمة هي الورع ، بينوا عليهم السلام أن الرجل أن المؤمن لا ينال ولايتهم إلا بالورع ، الورع كان نداء الرسول صلى الله عليه وآله  ونداء أمير المؤمنين والزهراء عليهما السلام نداء الحسن والحسين وجميع الأئمة بمن فيهم الإمام جعفر بن محمد الصادق صلوات الله عليهم أجمعين..

   تدبروا معي هذه القصة الواقعية التي حدثت بعد زمان الشيخ الأنصاري رضوان الله تعالى عليه بقليل ، قبل أن أذكر هذه القصة لا بأس أن أذكر لكم قصة أخرى وقعت في زمان الإمام الصادق عليه السلام وتدبروا وتفكروا في هذه القصة ومدلولاتها ، كان هنالك رجل من الموالين المؤمنين الأتقياء هذا الرجل كان يسكن خارج المدينة المنورة وفي كل سنة كان يتوجه إلى الحج ، فلأنه يذهب إلى الحج ففي طريقه تقع المدينة المنورة ذهابا وإيابا كان في فترة مروره بالمدينة المنورة ينزل عند الإمام جعفر بن محمد الصادق صلوات الله عليهما في أحد دوره كان الإمام عليه السلام يخصص دارا لهذا الرجل وكان هذا الرجل يمكث في هذه الدار واستمر على هذا الوضع سنوات إلى أن في سنة من السنوات قرر هذا الرجل أن يشتري دارا في المدينة المنورة لنفسه لأنه وجد أن مكوثه في دار الإمام يطول فلعله بذلك يزاحم الإمام أو يثقل عليه ، كان الرجل في إحدى سنوات ذهابه إلى الحج سلم مبلغا من المال للإمام الصادق عليه السلام وقال له يا ابن رسول الله أريد منك أن تشتري لي دارا وأنا ذاهب إلى الحج وحينما أعود إن شاء الله عن طريقك أحصل على هذه الدار الإمام عليه السلام أذن وأخذ المال والرجل ذهب إلى الحج ثم في طريق عودته مر بالمدينة المنورة وتشرف بخدمة وزيارة الإمام عليه السلام فسأله أنه يا ابن رسول الله يا سيدي ومولاي هل اشتريت لي دارا قال : نعم وهاك الصك ، وإذا به مكتوب ودققوا هنا لأن شاهدي هاهنا وإذا به مكتوب :
بسم الله الرحمن الرحيم
( اشترى جعفر بن محمد الصادق دارا لفلان ابن فلان في الفردوس الأعلى حدها الأول رسول الله  حدها الثاني أمير المؤمنين حدها الثالث الحسن بن علي حدها الرابع الحسين بن علي )..

  اشترى له الإمام هذه الدار وأي دار؟؟ أنتم فقط حاولوا أن تتصورا معنى هذه الدار ، هي في الفردوس الأعلى حدها الأول هو رسول الله وحدها الثاني أمير المؤمنين والثالث والرابع الحسن والحسين عليهم السلام أي بمعنى أنهم جيرانه بشكل لصيق هذا الرجل بمعنى آخر كان في الفردوس الأعلى وهو اليوم يتوسط داره دار رسول الله ودار أمير المؤمنين والحسن والحسين فهم جيرانه يراهم كل يوم في جنة الله أي مقام هذا ؟ فهو ليس بالشيء الهين..!

  هذا الرجل كيف حصل على هذا المقام ؟! حصل عليه لأن عنده هذا الشرط وهو شرط الورع ..
  الرجل حينما أخذ الصك من الإمام عليه السلام قَبل الصك ، وقال قبلت يا ابن رسول الله هو طلب من الإمام شراء دار ولم يعين  والإمام عليه السلام اشترى له دارا ولكن أين ؟ في الفردوس الأعلى..!!
  الرجل عاد إلى بلاده وما مضت إلا أيام إلا ونزل به مرض الموت ، أقرباؤه حول سريره والرجل قد أقسم على أقربائه أن إذا مت ودفنتموني في لحدي تدفنون معي هذا الصك من الإمام الصادق عليه السلام قالوا سمعا وطاعة مات الرجل في اليوم التالي ودفن ودفن معه هذا الصك ، هذه رواية عندنا .. في اليوم التالي جاء أقرباؤه لزيارة قبره وإذا بهم يتفاجؤن بمنظرعجيب وغريب حيث وجدوا أن الصك مدفوع إلى خارج القبر وموضوع فوق القبر ومكتوب فيه بعد كلام الإمام الصادق الذي كتبه بخط ذلك الرجل الميت مكتوب فيه..

( بسم الله الرحمن الرحيم والله لقد وفى لي جعفر بن محمد بما قال)
  حيث إن الرجل وجد ما اشتراه له الإمام في الفردوس الأعلى وهو اليوم هذا الرجل العظيم عند رسول الله بل يتوسط بين رسول الله وأمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام في وسط أهل البيت في الجنة في الفردوس الأعلى ، أي مقام هذا ؟ لماذا وصل الرجل إلى هذا المقام ؟ .. إنه التزامه بهذا الشرط  شرط الورع... كلا ليس معنى أن تكون شيعيا أن تتواكل وتتكل فقط على شفاعة أهل البيت أبدا فولاية أهل البيت وشفاعتهم لها شروط من أهم شروطها الورع عن محارم الله ..
  قال الإمام الصادق عليه السلام وهو صاحب هذه المناسبة مناسبة ميلاده ، كل كلمة من كلمات الإمام الصادق وأئمة أهل البيت أنتم بحاجة إلى أن تتفكروا وتتدبروا فيها جيدا ، قال عليه السلام :
(عليكم بالورع فإنه الدين الذي نلازمه وندين الله به ونريده ممن يوالينا لا تتعبونا بالشفاعة )

 فلا نتصور أن شفاعة أهل البيت تأتينا هكذا بلا مقابل.!! فهي تحتاج إلى عناء ومكابدة وجهاد ومن أعظم الجهاد بل هو أعظمه هو جهاد النفس أي الورع والتقوى ثم هنالك كلمة أخرى من كلمات الإمام الصادق عليه السلام وهي تحير العقول حقيقة وتصتصعبها النفوس ، يقول الإمام كما يروي الكليني رحمه الله :
( ليس منا ولا كرامة من كان في مصر فيه مئة ألف أو يزيدون وكان في ذلك المصر أحد أورع منه)

  كلام الإمام معناه ما هو؟ معناه أنك حينما تكون في بلدة معينة وعدد نفوس هذه البلدة مئة ألف أو يزيدون الإمام يقول ليس منا ولا كرامة فلا كرامة له إذا كان في كل هذه المئة ألف أو يزيدون شخص أورع أي أكثر تقوى وورع من هذا الرجل ، دين الله ودين أهل البيت هو الورع وأنتم في مثل هذه البلاد تفتتنون وتمتحنون في كل يوم وفي كل ليلة هل تلتزمون بالورع أم لا تلتزموا ، إذا التزمتم فقد حصلتم على شفاعة وكرامة أهل البيت عليهم السلام وإذا لم تلتزموا فواويلاه إياكم ثم إياكم ثم إياكم أن تجعلوا الشيطان يوما أن يستزلكم إلى شيئ مما يغضب أهل البيت أو يسوؤهم ، فحاسبوا أنفسكم كل ليلة ، فمولانا الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام يقول في كلمته الرائعة :
( ليس منا من لم يحاسب نفسه كل ليلة )

وحفيده الامام الصادق صلوات الله عليه صاحب هذه الذكرى يوقال أيضا :
( حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا فإن أمكنة القيامة خمسون موقفا كل موقف مقداره خمسون ألف سنة )
خمسون موقف يعني نقطة تفتيش في يوم القيامة وكل نقطة تفتيش تتعطل فيها خمسين ألف سنة..!! فهذا ليس بالشيء القليل ، لنستعد لذلك اليوم ، العذاب الذي نتخيله عن يوم القيامة مهما نتخيل ومهما نتصور فلن نصل إلى ما يمكن أن يصدق حقيقة على ذلك العذاب هو أكبر بكثير وأعلى بكثير، فأنا أنقل لكم هذه القصة التي وعدتكم بها في بداية الحديث حتى تصور لكم شيئا من عذاب يوم القيامة الرهيب ..

 قصة السيد هاشم النجفي
 هذه القصة يرويها المرحوم الشيخ محمود العراقي في كتابه (دار السلام فيمن فاز بسلام الإمام) هذا كان من تلامذة الشيخ الأنصاري يتحدث عن قصة واقعية تخص سيدا جليلا اسمه سيد هاشم النجفي هذا الرجل كان صاحب كرامات وكان جليل القدر، أهل النجف وأهل العراق عامة كانوا يطيعونه إذا ما أمر بشيء لأنهم وجدوا منه الكرامات فكان رجلا تقيا ورعا عالما عاملا فاضلا زاهدا ، يروى أنه كان ذات مرة في قارب في البحر وإذا بعاصفة تهب وكان معه فأس فأخذ فأس في وجه العاصفة وأمرها بأن تهدأ وتسكن وإذا بها تهدأ وتسكن فسمي من ذلك اليوم بصاحب الفأس على أية حال هذا الرجل كان يعاني من مرض شديد في صدره تنفسه كان صعبا ما هو السر في ذلك ؟ ذات مرة جمع الناس في النجف الأشرف وخطب فيهم مبينا هذا السر، وقف بين الناس وقال : أيها الناس في فترة مكوثي في الكاظمية المقدسة كنت أتردد على بغداد للتبضع وللشراء والتسوق وما أشبه وكنت اضطر للتعامل مع سوق اليهود وسوق اليهود معروف في بغداد فاشتريت ذات مرة من أحد أصحاب الدكاكين اليهود شيئا ما دفعت له المبلغ لكن بقت في ذمتي مقدار بارة واحدة  وهي جزء من عملة العثمانيين في ذلك الوقت على أية حال وهو مقدار جدا ضئيل ، وقد وعدته أنه في الأيام المقبلة أرجع إليه وأعطيه المبلغ المتبقي وقدره بارة واحدة من حقوقه علي ، ذهبت ورجعت للكاظمية وخلال أيام معينة رجعت إلى الرجل ومعي هذا المبلغ وحينما ذهبت إلى دكانه وجدته مقفلا  سألت زملاءه في السوق فقالوا إن الرجل قد مات فاحترت أنا ماذا أفعل ؟ فوجدت ثقبا صغيرا في شباك دكانه  فقلت أرمي هذه البارة في هذا الثقب حتى الورثة أي ورثة ذلك الرجل عندما يأتون ليقسمون الورث يجدون هذه البارة فيأخذونها فأكون بهذه الطريقة قد أديت ما عليّ ، هنا السيد هاشم النجفي يقول لم أتعب نفسي في أن أبحث عن ورثته ، قلت لا أقوم بهذا الفعل أسهل خصوصا أن المبلغ ضئيل فلا يساوي شيئ على أية حال مرت الأيام وإذا بليلة من الليالي يقول السيد هاشم النجفي رأيت في المنام وكأني في يوم القيامة وبعد أهوال وأهوال وأهوال أوصلوني إلى الصراط
{ وإن منكم إلا واردها }

  يقول وجدت منظرا لا يمكن لي أن أصفه صراط طويل أحد من الشعرة ونظرت إلى الأسفل فإذا بجهنم تحت أرجلنا والناس يعذبون وأسمع صراخهم والملائكة تعذب الكافرين والمنافقين والفسقة والعاصين في حين أن الملائكة تسأل الله تبارك الله وتعالى ربي سلم أمة محمد ، على أية حال أنا بصعوبة شديدة بدأت أسير فوق هذا الصراط اجتزت مسافة منه فجأة ظهر لي جبل من نار أمامي وقطع عليّ الطريق يقول هذا الجبل كان بيني وبينه مسافة ولكني كنت أشعر أن أعضائي تحترق فهو بعيد عني ولكني أشعر بحرارته تحرق جسدي ، على أية حال تعجبت واستغثت بالله أنه لم ظهر لي هذا الجبل ، يقول دققت جيدا فإذا بي أجد أن هذا الجبل ليس سوى ذلك الرجل  اليهودي صاحب الدكان كان يحترق فظهر كأنه جبل أو لسان من نار دققت وإذا به يخاطبني يقول لي يا سيد هاشم أين تذهب ؟ أعطني حقي ؟ في ذمتك لي مقدار هذه البارة أعطني إياها ؟ يقول ، قلت له : عندما أعطيك البارة أتركني أمربسلام ، قال : لا ، فالله سمح لي بأن أوقفك في هذا المكان وأنا أعذب في جهنم ، أوقفك وأنت على الصراط في الأعلى حتى أحاسبك بحقي هذا المقدار ، قلت أتركني أذهب ، قال : لا .. لا بد من تعويض عوضني ، بماذا أعوضك ؟ قال أنت سيد ابن رسول الله أريدك أن تشفع لي عند رسول الله حتى يدخلني الجنة ، أنا يهودي ، قال ما أتمكن لأن الجنة محرمة على الكفار وأنت كافر لا أستطيع أن أشفع لك عند رسول  الله ، قال ما أتمكن أطلب شيء آخر ، قال إذا آخذك أنت معي ، قال له ماذا تستفيد من أن تأخذني معك ؟ قال : أستفيد الكثير فعلى الأقل أبرد نفسي بك في جهنم لأنك من أهل الجنة ، قال : هذا أيضا لا يمكن أرجوك أتركني ، وبعد إصرار وبعد محاولات ، قال إذا لا بد من أن على الأقل الآن أحتضنك حتى أشعر بشيء من البرودة ، يقول السيد هاشم : إذا كنت قد فكرت إن تركته يفعل هذا الشيء فإني سأذوب كما يذوب الرصاص ، لا يمكن ، قلت له : هذا لا يمكن ، قال إذا لا أقل من أن أضع يدي في يدك حتى أشعر ببرودة يدك وتبرد يدي ، قال : هذا أيضا لا يمكن بعد إصرار ومجادلات والموقف كله على الصراط ، قال إذا إجعلني على الإقل أضع إصبع واحد من يدي على صدرك حتى أخفف قليلا من حرارة جهنم والعذاب بمقدار هذا الإصبع ألمس به برودة صدرك ، وأرتأى السيد هاشم أنه لا يوجد مشكلة ، فقال : لا بأس فوضع الرجل إصبعه على صدر السيد وبمجرد ما أن وضع إصبعه على صدري وإذا بي أشعر وكأنني احترقت بالكامل من شدة النار واستيقظت فزعا وأنا أسعل وأثر الإصبع في صدري وهذا هو وكشفه أمام الناس وبعض الناس خروا مغشيا عليهم ، وكان هذا هو السر في أن الرجل يعاني من مشكلة في صدره واستمرت معه هذه المشكلة إلى ذلك الوقت ، أنتم دققوا يعاني من كل ذلك العقاب لأنه فقط شعلة بسيطة من نار جهنم في إصبع ذاك اليهودي وضعت على صدر السيد هاشم وفي أية قضية فالسيد هاشم لم يأكل حقه وإنما تهاون في أن يبحث عن ورثته استصغارا لهذا المبلغ من المال فألقاه من النافذة..!!

    سنحاسب حسابا عسيرا
  ما معنى ذلك ؟ معنى ذلك أن كل صغيرة وكبيرة نحاسب عليها ولا نُترك ليست القضية سهلة أبدا..!! فبهذا المقدار عذب السيد هاشم طول حياته فكان يسعل وكان يتعذب من هذه الشعلة البسيطة من نار جهنم ، فكيف بمن ضيع حقوق المؤمنين ، فهذا كان الرجل يهودي وكافر ، فكيف بمن ضيع حقوق المؤمنين والعياذ بالله..!! فنحن يأتينا الكثير من المؤمنين يتخاصمون على حقوق وعلى أموال وعلى مشاكل إلى متى ؟ كل فليحاول أن يحاسب نفسه وليعطي خصمه على حسابه أيضا ونحن عندنا في الفقه يستحب للمتبايعين أن الرجل حينما يبتاع شيئا أن يأخذ الأقل ويدفع الأكثر فمثلا إذا اتفق الرجل أن يأخذ عشرة كيلو فيأخذ تسعة كيلوونصف حتى يبرأ ذمته تماما ، كيف بمن والعياذ بالله ضيع حقوق أهل البيت عليهم السلام ، فنحن نفاجأ ببعض المؤمنين والعياذ بالله لا يعرفون شيئا عن الحقوق الشرعية والخمس ومسائل الخمس فهو يتصور أنه لا يجب عليه الخمس فهو يقول أنه فقير وليس لديه أموال من قال هذا ؟! أنت لو كان عندك خمس سنتات يجب أن تدفع سنت ويجب أن يكون لديك حساب تدقيق لكي تبرء ذمتك وتصفيها من مال الإمام ، فهذا هو الورع الورع في كل شي ..

  وصية الإمام جعفر بن محمد الصادق
روى شيخنا الكليني عن أبي أسامة زيد الشحام قال ، قال لي أبو عبد الله عليه السلام : فهذه وصية الإمام الصادق صاحب هذه المناسبة ، إليكم يا معشر الشيعة يقول ، قال لي أبو عبد الله : إقرأ على من ترى أنه يطيعني منهم ويأخذ بقولي السلام وأوصيكم بتقوى الله عز وجل والورع في دينكم والإجتهاد لله وصدق الحديث وأداء الأمانه وطول السجود وحسن الجوار فبهذا جاء محمد صلى الله عليه وآله ، أدوا الأمانة على من ائتمنكم عليها برا أو فاجرا فإن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمر بأداء الخيط والمخيط ، هذا مثال الخيط والإبرة فهو مثال يدل على الشيء الرخيص الذي لا ثمن له حتى هذا إذا إئتمنكم عليه أحد أدوا الأمانة ، صلوا عشائركم واشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم وأدوا حقوقهم فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق الحديث وأدى الأمانه وحسن خلقه مع الناس قيل هذا جعفري فيسرني ذلك ويدخل علي منه السرور وقيل هذا أدب جعفر انت تنتسب لمدرسة جعفر الصادق يقال لك انت جعفري يجب أن تدخل السرور على قلب إمامك جعفر الصادق وقلوب أئتمتك صلوات الله عليهم ، وإذا كان على غير ذلك دخل علي بلاؤه وعاره وقيل هذا أدب جعفر فوالله حدثني أبي عليه السلام أن الرجل كان يكون في القبيلة من شيعة علي عليه السلام فيكون زينها ، آداهم للأمانه وأقضاهم للحقوق وأصدقهم للحديث ، إليه وصاياهم وودائعهم تسأل العشيرة عنه فتقول : إذا سألت العشيرة عن ذلك الرجل الشيعي فتقول العشيرة وتجيب من مثل فلان أنه لآدانا للأمانة وأصدقنا للحديث ..

  هذه صفة الشيعي وهذه وصية إمامنا الصادق عليه السلام والمطلوب من كل مؤمن ومؤمنة أن يسعى لتطبيق هذه الوصية على نفسه وعلى أهل وأبناءه وعشيرته وإخوانه من المؤمنين وعلى عامة الناس حتى يرى الناس أخلاق أتباع أهل البيت وإذا لم نفعل فسنحاسب حسابا عسيرا وسيحاسبنا إمام عصرنا بنص الإمام الصادق عليه السلام :
{ كل أمة يحاسبها إمام زمانها }
    فمن يحاسبنا نحن ؟ إمام زماننا الإمام الحجة صلوات الله عليه وعجل الله فرجه الشريف.! هذه كلمتنا بخصوص هذه المناسبة ونرجع الآن إلى سلسلتنا في البحث ، نحن أمام حديث رواه الطبرسي في كتاب الإحتجاج وغيره من الأعلام ورواه أيضا أو نقله عنهم العلامة المجلسي في بحار الانوار ، سوف أذكر لكم الحديث وأعلق عليه كما هي العادة ..

    كذبة قضية أفضلية أبو بكر وعمر
  عن أحمد بن همام قال : ( أتيت عبادة بن الصامت أحد أصحاب الرسول وكان ممن رجع إلى ولاية علي عليه السلام وآمن بالتشيع وهو إجمالا من الممدوحين ، يقول أحمد بن همام أنا أتيت لهذا الرجل وهوعبادة بن الصامت في ولاية أبي بكر أي في عهد أبي بكر.. فقلت يا أبا عمارة كان الناس على تفضيل أبي بكر قبل أن يستخلف يعني هل كان الناس عندهم إعتقاد أن أبا بكر أفضل الصحابة ؟ على تعبيرهم هل كان أبا بكر أفضل الصحابة كما يؤمن الآن المخالفون لأنهم يعتقدون أن أفضل الصحابة هو أبا بكر وبعده عمر وبعده عثمان وهكذا على حسب الترتيب السياسي والترتيب السلطوي ، فأنتم تعلمون أن هذه العقيدة لم تكن من ذي قبل لا في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله ولا حتى في بداية حكومة أبي بكر إنما بدأت حكومة أبي بكر وحكومة عمر تروج هذه العقيدة شيئا فشيئا وجاءت حكومة بني أمية وقوتها وجاءت حكومات بني العباس وقوتها وهكذا إلى أن تقوت ووصلت بهذا الشكل اليوم ، وإلا فالقضية عبارة عن هراء وخداع وهمي لا أكثر ولا أقل ، أحمد بن همام جاء إلى عبادة بن الصامت يسأله ليتيقن من الحال لأنه بدأت تتفشى هذه العقيدة من ذلك الوقت ، قال : يا أبا عمارة كان الناس على تفضيل أبي بكر قبل أن يستخلف دققوا في جواب هذا الرجل وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله حيث قال : يا أبا ثعلبة إذا سكتنا عنكم فاسكتوا ، إذا سكتنا لا تحاولون تستدرجونا في الكلام وتغضب الحكومة علينا ولا تبحثوا ، فوالله علي بن ابي طالب كان أحق بالخلافة من أبي بكر كما كان رسول الله أحق بالنبوة من أبي جهل ، أين الثرى من الثريا ؟! تفضيل أبي بكرعلى من؟! على مولى الموحدين وإمام المتقين ويعسوب الدين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، أي قياس هذا ؟! كأنك تقيس رسول الله بأبي جهل ، هكذا أنت تقيس بين علي وبين أبي بكر، وأزيدك.. يعني أزيدك من الشعر بيت ، إنا كنا ذات يوم عند رسول الله فجاء عليٌّ وأبو بكر وعمر إلى باب رسول الله فدخل أبو بكر ثم دخل عمر ثم دخل علي عليه السلام على إثرهما فكأنما سفى على وجه رسول الله الرماد ،
فالرسول كان في حجرته وجاء هؤلاء الثلاثة إلى الباب أول من دخل هو أبا بكر ثم عمر ثم علي وعندما  رأي الرسول هذا المنظر فكأنما سفى على وجهه الرماد يعني كأنما أفي وجهه الرماد كناية عن الحزن الشديد ، لماذا ؟ ثم قال : يا علي أيتقدمانك هذان وقد أمرك الله عليهما ، أي هؤلاء يتقدمون عليك وأنت سيدهما وأميرهما ، فقال أبو بكر : نسيت يا رسول الله ثم جاء دور عمر يبرر ما فعله من تقدمه على سيده أمير المؤمنين وطبعا يضع عذرا مخالفا وغير مشابه لعذر أبو بكر، لقد سهوت يا رسول الله !! الرسول أراد أن يكذبهما بشهادة عبادة بن الصامت ما نسيتما ولا سهوتما وكأني بكما قد استلبتما ملكه وتحاربتما عليه وأعانكما على ذلك أعداء الله وأعداء رسوله وكأني بكما قد تركتم المهاجرين والأنصار يضرب بعضهم بعضا بالسيف على الدنيا بسبب فتنتكم وما فعلتموه في الإسلام سوف تفرقون الأمة وتتركون المهاجرين والأنصار يتقاتلون على الدنيا وهذا ما حصل في معركة صفين والجمل والنهروان وقبل ذلك معركة قتل عثمان وقبل ذلك ما يسمى زورا وبهتانا بحروب الردة وهكذا وفتن فقد فتحوا باب الفتن والإختلاف على هذه الأمة ولو أن هذه الأمة اتبعت الوصي الشرعي والأوصياء عليهم السلام لما اختلف فيهم رجلان زرعوا الشقاق في هذه الأمة ، ولكأني يستمر الرسول في بيانه ولكأني بأهل بيتي وهم المقهورون المتشتتون في أقطارها وذلك لأمر قد قضي ، الله عز وجل قضى وقدر أن يعذبوا ويشتتوا في أرجاء الأرض ، ثم بكى رسول الله حتى سالت دموعه ثم قال يا علي الصبر الصبر حتى ينزل الأمر وهو ظهور المهدي من آل محمد ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، فإن لك من الأجر في كل يوم ما لا يحصيه كاتباك..

  جيد هذه الوصية الأولى .. بالصبر ما دمت لا تتمكن أن تجد أعوانا ثم بعد ذلك إذا حصلت على أعوان ما الذي تفعل ، فإذا أمكنك الأمر كما حصل بعد مقتل عثمان وهرع الناس إليه للمبايعة وأصبح عنده أعوان ، فالسيف السيف فالقتل القتل حتى يفيئوا إلى أمر الله وأمر رسوله فإنك على الحق ومن ناواك على الباطل وكذلك ذريتك من بعدك إلى يوم القيامة..

  جيد إلى هنا اتضحت الصورة في بيان رسول الله في أعداءهم ولعل أحدا من المخالفين يأتي ويعترض بالقول أننا لا نسلم بما قلتموه من أن عقيدة التفضيل أي تفضيل أبي بكر على سائر الأصحاب إنما بدأت بعد رسول الله يعني إنما بدعة وكذب على الرسول فنحن نقول ، لا .. فرسول الله أشار في بعض  روايات المخالفين وفي بعض صحاحهم أن الرسول قد قال إن أفضل أصحابي أبا بكر وإني لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا وأن الله قد أوحى إليّ أني راض عن أبي بكر فاذهب له واسأله هل هو راض عني أم لا ، يعني الله يريد أن يعرف هل أبا بكر راض عن الله أم لا..!! فهذه مسخرة ومهزلة ، فحتى أنهم يريدون أن يكذبوا ويخترعوا روايات ولا يجيدون ذلك..!! فهكذا هم يكذبون وأيضا يقولون إن أبا بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة حتى يعارضون الحسن والحسين فهم كل حديث يقرأونه في أهل البيت يضعون على غرار ذلك الحديث ، حديث يخص شيخهم لعنة الله عليهم وعلى شيخهم.

   الرسول يقول : سدوا الأبواب إلا باب علي وهم يخلقون حديثا لشيخيهم أتركوا خوخة أبي بكر..!!!
  الرسول يقول : أهل بيتي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم  وهم يخلقون حديثا أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم.!!! وهكذا كذب ، رواياتهم تذكر أكثرها شهرة وأقواها سندا أصلا كل رواياتهم ليس فيها إلا هذا اللفظ :
( إني تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي )

واحد فقط روى فقط رواية واحدة يتيمة مقطوعة شاذة فيها ( كتاب الله وسنتي) رواها مالك ابن أنس في كتابه الموطئ يضربون بكل تلك عرض الجدار ويأخذون هذه الرواية  اسمعوا في منابرهم  خطبائهم حينما يصعدون المنابر ( أيها الناس اتقوا الله قال رسول الله كتاب الله وسنتي ) على الجدران كتاب الله وسنتي لم هذا التحريف ؟! تأخذ برواية ضعيفة مرسلة شاذة لم يرويها  الرواة الصحاح إلا مالك بن أنس في كتابه الموطئ وهو ليس كتاب حديث وإنما كتاب فقه بهذا الحديث وتضربون بكل تلك الأحاديث مع أنها أقوى وأمتن لغاية في أنفسكم وهي كره أهل البيت عليهم السلام على أية حال نعود إلى موضوعنا ، فهم جعلوا روايات يستدلون بها اختلقوا روايات يستدلون بها على أفضلية أبي بكر ونحن نقول إن هذه الروايات بغض النظرعن مناقشة أسانيدها وبغض النظرعن مناقشة متونها وعن أنها تتعارض مع الواقع لأن أبا وبكر وعمر ومليون واحد من أبي بكر وعمر وكل المسلمين مأمورون شرعا في صلاتهم بأن يصلوا على عليٍّ ، فكيف يكونون أفضل من علي ، هل هذا يعقل ؟! هم كلهم أوجبوا في مذاهبهم أنه أي صلاة من دون الصلاة على آل محمد صلاة باطلة وعلي زعيم آل محمد فإذا أبو بكر وعمر مطلوب في صلاتهما التي هي عمود الدين أن يصلوا على عليٍّ ويتقربون إلى الله بالصلاة على هذا الإنسان الكامل العظيم ذو المقام والجاه عند الله فهل يعقل أن يكون علي دونهما ، أي منطق هذا ؟! على أية حال نعود على هذا الخصوص هل هنالك شهادة أثبت من شهادة ابني هذين الرجلين الذين تدعون أنهما أفضل أصحاب رسول الله فدعونا نرى ماذا يقول أبناءهما هل يشهدون بهذه الشهادة أم يشهدون بنقض أفضلية أبا بكر وعمر حتى نعلم أن هذه العقيدة غير سليمة وغير واقعية..

   الرواية الأولى عن بنت أبي بكر وهي عائشة ومن منكم لا يعرف عائشة قالت عائشة كما في صحاحهم..
( كان في بني عبد الأشهل ثلاثة لم يكن بعد النبي من المسلمين أحد أفضل منهم سعد بن معاذ وأسيد بن حبير وعباد بن بشر)
  هذه الرواية رواها ابن الأثير في أسد الغابة الجزء الثالث الصفحة 100 وابن حجر العسقلاني في كتابه الإصابة الجزء الثالث ص 71 وفي كتابه الآخر تهذيب التهذيب الجزء الثالث ص 418 ، إذا عائشة على أقل التقادير تنفي أفضلية أبيها ، تقول : لا.. هناك ثلاثة آخرين كانوا أفضل أصحاب رسول الله وهذه مناقضة ، فعلى أي أساس تقولون أن أبا بكر أفضل الأصحاب وبنته تشهد على العكس ، ثم بالنسبة إلى الثاني ..

  رواية عن عبد الرحمن ابن عمير ابن سعد هذا الرجل كان ابن عمير ابن سعد ، عمير ابن سعد كان أحد أصحاب رسول الله ولاه عمر مع معاوية على الشام فلما مات عمير ابن سعد جمع الشام كلها لمعاوية كان حبيب قلب عمر هذا الرجل ، على أية حال ، يقول عبد الرحمن ابن عمير ابن سعد ، قال لي ابن عمر أي عبد الله ابن عمر ابن عمر نفسه قال : ( ما كان من المسلمين رجل من أصحاب النبي أفضل من أبيك) ، فإذا على اعتقاد ابن عمر نفسه يكون أفضل أصحاب النبي هو ليس أباه عمر وليس بصاحبه أبا بكر وإنما عمير ابن سعد ، هذه الرواية رواها الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء الجزء الثاني الصفحة 559 وابن عساكر في تاريخ دمشق الجزء السادس والأربعين ص 484 والمجزي في تهذيب الكمال الجزء 22 ص 375 ..
  إذا كان هذا اعتقاد بنت أبي بكر واعتقاد ابن عمر ، فمن أين جئتم باعتقاد أن أبا بكر وعمر أفضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟!
  هنا عندنا تعارض فتساقط  فإذا يسقط هذا الإعتقاد جملة وتفصيلا ويثبت الأصل وما هو الأصل ؟!
  قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
(علي خير البشر ومن أبى فقد كفر)
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp