اكذوبة عدالة الصحابة (12) 

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp
اكذوبة عدالة الصحابة (12) 

أعوذ بالله السميع العليم من من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم

القول مني في جميع الأشياء قول آل محمد عليهم السلام فيما أسروا وما أعلنوا وفيما بلغني عنهم وما لم يبلغني..
  الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأزكى السلام على المبعوث رحمة للخلائق أجمعين سيدنا المصطفى أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ثم اللعن الدائم على أعدائهم ومخالفيهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين آمين.

  نحن في طور الإستمرار في مناقشة ما يستدل به المخالفون على ما يسمى عندهم بعدالة الصحابة وكنا قد رددنا كثيراً من إستدلالاتهم بالكتاب العزيز وبالأحاديث النبوية مع أن هذه الأحاديث مرويةٌ من طرقهم فكان بإمكاننا أن نقول في ردنا منذ البداية إنا لا نؤمن بصدور هذه الأحاديث عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وأن نوفر على أنفسنا هذا الجهد في مناقشة كل دليلٍ دليلٍ وكل حديثٍ حديثٍ يستدلون به، لكنا آثرنا أن نمضي معهم على مبانيهم طبق ما يعتقدون به هم على حسب طريقة إستدلالهم هم حتى نبين للناس أن كل ما يستدلون به من أحاديث على الخلاف في أنها قد صدرت حقاً من النبي صلى الله عليه وآله أم لم تصدر كل هذه الأحاديث لا تدل بنحوٍ من الأنحاء على ثبوت ما يسمى بعدالة الصحابة..
  الرد على آخر الاستدلالات
  نحن الآن سنرد آخر هذه الإستدلالات فنقول أنه بسبب عدم وجود ما يدل على عدالة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله أجمعين فقد حاول المخالفون الإستدلال أو التشبث بكل قشة مهما كان إستدلالهم بهذا الحديث بهذه القشة ضعيفاً إلا أنهم حاولوا أن يتشبثوا بهذه القشة على أمل أن ينجوا على أمل أن يُثبتوا ما يسمى بعدالة الصحابة، هذه قشةٌ هذا حديثٌ وهو أنهم قد استدلوا بقوله صلى الله عليه وآله (ليبلغ الشاهد الغائب) قالوا قوله صلى الله عليه وآله ليبلغ الشاهد الغائب يدل على عدالة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله جميعاً لاحظوا هذا الإستدلال..
  قال ابن حبان في صحيحه في الجزء الأول الصفحة مئة وستين في حديثه عمن يسميهم الصحابة كلهم كثرةً سادةٌ قادةٌ عدول نزه الله عز وجل أقدار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله عن أن يلزق بهم الوهن وفي قوله صلى الله عليه وآله وسلم ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب أعظم الدليل على أن الصحابة كلهم عدول ليس فيهم مجروح ولا ضعيف إذ لو كان فيهم مجروحٌ أو ضعيفٌ أو كان فيهم أحدٌ غير عدل لاستثني في قوله صلى الله عليه وآله وقال ألا ليبلغ فلان وفلان منكم الغائب فلما أجملهم في الذكر بالأمر بالتبليغ من بعدهم دل ذلك على أنهم كلهم عدول وكفى بمن عدله رسول الله شرفا ..
  خلاصة استدلاله الواهي يقول كل الصحابة على تعبيره سادةٌ قادةٌ عدول الله نزههم عن أن يلزق شئ من الوهن وقولي كلهم عدول ينبني على ماذا؟ على أن النبي صلى الله عليه وآله قال ليبلغ الشاهد منكم الغائب يقول هذا أعظم دليل، لاحظ عبارته أعظم دليل على أن الصحابة كلهم عدول لأنه لو لم يكن كلهم عدولاً لكان ينبغي على النبي صلى الله عليه وآله حينما خطب فيهم وقال ليبلغ الشاهد منكم الغائب أن يقول ليبلغ فلان وفلان وفلان ممن يراهم النبي عدولاً لا أن يقول للجميع ليبلغ الشاهد الغائب هذا دليل على أنهم جميعاً في نظره عدول ولذا أجملهم قال ليبلغ الشاهد الغائب فبهذا علمنا بأنهم جميعاً عدول وأنهم جميعاً سادةٌ قادة نزههم الله نزه أقدارهم عن أن يلزق بهم الوهن وكفى بمن عدله رسول الله صلى الله عليه وآله شرفا.. هذا استدلال ابن حبان ولاحظوا مدى سخفه من المهازل أن يستدل بحديثٍ على عدالة من يسمونهم الصحابة وهو على كفرهم أدل هذا الحديث الذي جاءوا به أن النبي صلى الله عليه وآله قال ليبلغ الشاهد الغائب ماهو هذا الحديث ما موضوعه متى قال النبي صلى الله عليه وآله ليبلغ الشاهد الغائب في أية مناسبة في أي موضوع في أي ظرف هل عرض كل الحديث هل بين كل الحديث لو أنه بين كل الحديث لعلمنا بأن هذا الحديث يدل على كفرمن يسمونهم الصحابة وأنه في دلالته على ذلك أدل من أن يدل على عدالتهم ما هو هذا الحديث؟! هذا الحديث هو الذي رواه البخاري في صحيحه في الجزء الثاني الصفحة مئة وواحد وتسعين عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما على حد تعبيره أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطب الناس يوم النحر يعني في الحج يوم النحر فقال :
  أيها الناس أو يا أيها الناس أي يومٍ هذا قالوا يومٌ حرام سألهم أولاً أي يوم نحن فيه قالا هذا يومٌ حرام قال فأي بلد هذا قالوا بلدٌ حرام مكة المكرمة قال فأي شهر هذا قالوا شهر حرام ذو الحجة شهر محرم قال فإن دماءكم وأموالكم وأعارضكم عليكم حرامٌ كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم ..
  هذا نحن نعلم أنه أيام ذي الحجة أيام محرم لا يجوز فيها القتال مكة المكرمة حرم الله لا يجوز فيه القتل حتى للمستحق فرسول الله صلى الله عليه وآله خطب فيهم هكذا أراد أن يوكد عليهم يوثق عليهم يغلظ عليهم  حرمة دمائهم حرمة أعراضهم فقال أي اليوم نحن فيه يوم حرام أي شهر حرام أي بلد حرام فإذاً دماؤكم أموالكم أعراضكم عليكم حرامٌ كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا يقول ابن عباس فأعادها مراراً، كم مرة يؤكد عليهم ترى دماؤكم عليكم حرام أعراضكم عليكم حرام أموالكم عليكم حرام لا تقتلوا بعضكم بعضاً لا تنتهكوا أعراض بعضكم بعضاً لا تسلبوا أموال بعضكم بعضا كرر ذلك فأعادها مراراً، ثم رفع رأسه فقال:
 اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت، قال ابن عباس رضي الله عنها على حد تعبير البخاري فو الذي نفسي بيده لوصيته إلى أمته أن هذه وصية النبي لهذه الأمة فليبلغ الشاهد الغائب لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض..
 خداع وتضليل أحبار الطائفة البكرية
  يعني النبي صلى الله عليه وآله بعد ما قال اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت وأكد عليهم وضرب مثلاً بأنه في يوم حرام في شهر حرام في بلد حرام أوصاهم، ويقول ابن عباس هذه وصيته لأمته على حد ما نقله ورواه البخاري أنه قال لهم ليبلغ الشاهد الغائب لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض هذا هو الحديث الذي استدل به ابن حبان على عدالة جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وبالله عليكم أنا أسألكم أليس هذا الحديث أدل على كفرهم؟! النبي صلى الله عليه وآله قال لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ماذا تفهم من هذا؟! أنه إذا جاءوا من بعده وضربوا رقاب بعضهم بعضاً يعني تحاربوا تقاتلوا فقد رجعوا كفاراً لأنه جعل علامة الكفر صلى الله عليه وآله أنهم ماذا؟! يضربون رقاب بعضهم بعضا هذه العلامة علامة كفر، فالسؤال ألم يتقاتل هؤلاء الذين تسمونهم صحابة ألم يتحاربوا؟! أين وقعت معركة الجمل وبين من؟! ألم يكن بين أصحاب رسول الله، أين وقعت معركة صفين وبين من؟! ألم يكن بين أصحاب رسول الله، النهروان هل تتصورن أن الخوارج ليس فيهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله أحد يعني شاهدوا رسول الله وصحبوه؟! قبل ذلك من الذي قتل عثمان؟! هذه الحرب التي وقعت ألم يكونوا أصحاب رسول الله؟! في يوم الجمل الأصغر لا الجمل الأكبر لأنه يوجد حربان واحدة اسمها الجمل الأصغر والأخرى الجمل الأكبر الأولى سبقت الثانية بأيام حينما وقعت تلك المجزرة في البصرة بفتوى من عائشة لعنها الله من حارب من؟ من قتل من؟ هؤلاء أصحاب رسول الله وقد ضرب بعضهم رقاب بعض وهذا معناه في حكم رسول الله صلى الله عليه وآله أنهم قد رجعوا كفاراً (لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض) هذا الحديث يدل على كفر صحابتكم ولا يدل على عدالتهم .. فحقاً من المهازل أنه يقتطع فقط هذه الثلاث كلمات من الحديث فليبلغ الشاهد الغائب أو فليبلغ الشاهد منكم الغائب ويترك الحديث كله هذا نفس الحديث الذي رواه البخاري يأتي ابن حبان يقتطع هذا المقطع ويستدل به على أنهم جميعاً عدول وسادة وقادة والله نزه أقادرهم عن أن يلزق بهم الوهن وكفى بمن شرفه رسول الله أو عدله رسول الله شرفا أين كل هذا تضحك على من؟! تنتقي ثلاث كلمات من حديث هو يدل على كفرهم على ارتدادهم بسبب أنهم ضربوا رقاب بعضهم بعضا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فرجعوا كفاراً تستدل بهذا الحديث على عدالتهم وهم كفار، لاحظوا الخداع والتضليل الذي يمارسه أحبار الطائفة البكرية هذا أولاً ..
  ثانياً : قوله صلى الله عليه وآله ليبلغ الشاهد أو ليبلغ الشاهد الغائب إنما هو أمر بالتبليغ لا بيانٌ لعدالة المبلغين، النبي صلى الله عليه وآله حينما قال لهم لهؤلاء الجمع في يوم النحر في المشعر الحرام في مكة المكرمة خطب فيهم في ذلك الموسم في ذلك الحج ماذا كان يريد منهم، الغاية من هذا الخطاب ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب الغاية ما هي؟ هذا أمرٌ بالتبليغ أنه بلغوا كلامي هذا للناس وليس بياناً من قبله في عدالتهم، هو لا يبين بهذه الكلمة أنهم عدول وإنما يأمرهم بالتبليغ فقط ، أنتم مأمورون من قبلي بأن تبلغوا لا ملازمة بين قوله صلى الله عليه وآله ليبلغ الشاهد منكم الغائب وبين الحكم بعدالة هؤلاء المبلغين لماذا لأننا لو قلنا بهذه الملازمة لوقع الدورالباطل توضيح ذلك نوضحه نقول لو أثبتنا هذه الملازمة لو قلنا بأن قوله صلى الله عليه وآله ليبلغ الشاهد الغائب دليل على عدالة هؤلاء المبلغين فلوقع الدور الباطل كيف؟ لأنه إذا افترضنا أنه أحد من هؤلاء المبلغين أحد من هؤلاء الصحابة على تعبير هؤلاء القوم جاء إلى رجل وقال له أو أخبره بهذا الحديث فهذا الرجل المُخبَر لا المخبِر المخبَر أي التي تم إخباره إذا لم يكن يعتقد بعدالة ووثاقة هذا الراوي هذا المخبِر فإن له شرعاً أن لا يصدق خبره أن لا يؤمن بأخباره أن لا يثق بإخباره ونقله فإذا قال له الرجل عليك بأن تعتقد بأني عادل وثقة وصادق لأن النبي صلى الله عليه وآله قال ليبلغ الشاهد منكم الغائب وأنا من هؤلاء الذين شهدوا وأنت غائب فانا أبلغك، فهذا له أن يرد علي يقول أنا هذا الحديث التي تستدل به إنما ترويه أنت كيف تريدني أن أؤمن بحديث أنت ترويه وأنت بالأصل لست ثقة عندي لست عادلاً عندي فهكذا يصبح الدور يصبح الإستدلال دورياً وهذا باطل يعني تريدني أن أعتقد بهذا الحديث طيب لا يمكن لي أن أعتقد بهذا الحديث إلا إذا كنت أنت عادلاً أنت لست عادلاً في نظري تقول لي أنا عادل أقول لك ما الدليل تقول بهذا الحديث جيد هذا الحديث لم يثبت إذا أردت أن أثبت هذا الحديث يجب أن أثبت عدالتك أولاً وإذا أردت أن أثبت عدالتك يجب بأن أبحث بهذا الحديث يجب أن آخذ بهذا الحديث صار عندنا دورٌ باطل فإذاً كيف يصح الإستدلال بمثل هذا الحديث على عدالتهم أجمعين هذا دورٌ باطلٌ يأباه الإستدلال الصحيح، الإستدلال الصحيح يرفض الدور كما هو معلوم في طرق الإستدلال، فإذاً هذا القول منه صلى الله عليه وآله ليبلغ الشاهد الغائب إنما هو أمر بالتبليغ لا بيانٌ لعدالة المبلغين ولا ملازمة بين الأمرين إذاً ما هو الغرض من قوله صلى الله عليه وآله ليبلغ الشاهد الغائب أمرٌ بالتبليغ على أي نحو الغاية ما هي منه صلى الله عليه وآله؟ أن يقع التواتر أن يقع التواتر المفيد للعلم الذي يبعث على الإطمئنان بوقوع المخبَرعنه إذا ما تواتر عند الناس أنه هذا قد وقع فهاهنا الإنسان يقطع بأن هذا الأمر قد وقع النبي صلى الله عليه وآله هذا الذي يريده أن يحصل التواتر أبلغوا للناس قولي هذا حتى يتواتر عند الناس يفشوا عند الناس فالكل يعلم بوصية رسول الله أنه لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض فكلٌ يرتب الأثر على ثبوت هذا القول عنده..
   ما معنى التواتر وما هي فائدته ؟!
  التواتر ما هو معناه؟ أنه يجتمع أو يخبر عن الخبر عن الواقعة أفراد عدة جماعة كثيرة يمتنع تواطؤهم جميعاً على الكذب يعني إذا جاءني وأخبرني عشرات الأفراد أنه هنا حريقٌ في الخارج بعد أنا أقول هؤلاء يمتنع أن يجتمعوا جميعاً أن يتواطؤا على الكذب خصوصاً إذا لم تكن بينهم صلات كلهم يأتي يقول لي انتبه في الخارج يوجد حريق فأنا أحترس وانتبه هذا معنى التواتر، والتواتر لا يشترط فيه أن يكون المخبرون عدول ليس شرطاً بل ولا يشترط فيه أن يكون المخبرون مسلمين أصلاً حتى إذا تواتر خبرٌ عن الكفار فيمكن قبوله يمكن الاطمئنان إلى صحة هذا الذي أخبروا به، وهذا ما صرح به علماء الطائفة البكرية أنفسهم أنه لا يشترط في التواتر عدالة المخبِرين بل ولا حتى إسلامهم، قال ابن قدامة في روضة الناظر في الجزء الأول في الصفحة أربعين يقول: (ليس من شروط التواتر أن يكون المخبرون مسلمين ولا عدولا) انظروا حتى أن يكونوا مسلمين لا يحتاج الأمر ولا حتى عدول، ليس من شروط التواتر أن يكون المخبرون مسلمين ولا عدولاً لأن إفضاؤه إلى العلم من حيث أنهم مع كثرتهم لا يتصور إجتماعهم على الكذب وتواطؤهم عليه ويمكن ذلك في الكفار كإمكانه في المسلمين..
  وقال ابن تيمية في فتواه في الجزء الثامن عشر الصفحة خمسين الصحيح الذي عليه الجمهور أن التواتر ليس له عددٌ محصور والعلم الحاصل بخبرٍ من الأخبار يحصل في القلب ضرورةً كما يحصل الشبع عقيب الأكل والري عند الشرب إلى أن يقول كذلك العلم الحاصل عقيب الخبر تارةً يكون لكثرة المخبرين وإذا كثروا فقد يفيد خبرهم العلم وإن كانوا كفاراً يفيد خبرهم إذا كانوا كثيرين تواتر الخبر وإن كانوا كفاراً فكيف بعدالتهم يعني إذا شرط الإسلام ليس مطلوبا في المخبرين فكيف بشرط العدالة، يقول وإذا كثروا فقد يفيد خبرهم العلم وإن كانوا كفاراً وتارةً يكون لدينيهم وضبطهم إذا ما كانوا بتلك الكثرة ، إذاً نبينا صلى الله عليه وآله حينما أمر هذا الجمع الهائل من الحجيج ليبلغ الشاهد الغائب إنما أراد أن يحصل التواتر لحديثه هذا والتواتر لا يشترط فيه أن يكون المخبرون عدولاً بل ولا حتى مسلمين لأن إفادته للعلم من حيث هو هو بحيث التواتر بما هو هو.. هو التواتر بحد ذاته يفيد العلم هذا الذي أراده رسول الله صلى الله عليه وآله فكيف تحمل معنى قوله فليبلغ الشاهد الغائب ما لا يحتمله وتقول هذا معناه عدول كل هؤلاء على أي أساس ليس تصريحاً بالعدالة ولا بياناً للعدالة ولا ملازمة بين هذا الأمر بالتبليغ وبين بيان العدالة والغاية هو حصول التواتر الغاية هي حصول التواتر لا أكثر ولا أقل وإذا كانت الغاية حصول التواتر فلا يُشترط أن يكون المبلغون عدولاً، ثم قول ابن حبان هذا لما قال لو كان فيهم مجروحٌ أو ضعيف أو كان فيهم أحدٌ غير عدل لاستثنى في قوله صلى الله عليه وآله وسلم وقال ألا ليبلغ فلان وفلان منكم الغائب يعني قم يا فلان أنت مثلاً يا عمار أبلغ أنت يا فلان أبلغ لأنه فقط هؤلاء العدول البقية ليسوا بعدول فإذاً ما كان ينبغي أن يقول ليبلغ الشاهد منكم الغائب هكذا يجمل القول ..
  نقول هذا الكلام من ابن حبان كلام سخيف يدل على نقصان حظه من العلم والفهم حقيقةً لأنه هل يتصور أحدٌ أن الرجل الذي يخطب في الآلاف من الناس ويريد حصول التواتر في خبره هذا أن يقول أن يخصص بالأمر بالتبليغ جماعة محددة ويعددهم بالإسم واحد وراء الثاني يقوم يذكرهم، حتى إن كان يقصد هذه الجماعة أن تبلغ فقط فإنه إنما يجمل الأمر يجعله على نحو الإجمال يقول ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب انتهى.. الآن أنا إذا في هذه القاعة خمسين شخص وأنا أعتقد أن عشرة منهم فقط ثقات وعدول وأقول خطبةً آمر بأمر معين وأريد لهذا الأمر أن يتواتر أن يتفشى عند الناس بحيث الكل يعلم به بعدما أنتهي من خطبتي أقول أيها الناس ليبلغ الشاهد الغائب انتهى العدول سيقومون بوظيفتهم غير العدول هم إن قاموا بذلك فلكثرتهم سيحصل التواتر وبهذا الكل سيصدق أن هذا أمرٌ صدر مني أما يكون عبطاً إذا ما قمت أنا وخصصت جماعة معينة وقلت أنت يا فلان من هؤلاء الخمسين الموجودين في القاعة  أقول أنت يا فلان وأنت يا فلان بلغوا وهذا الذي يجلس هنا ما هي وظيفته؟! كأن ذلك يكون إهانة لهؤلاء الموجودين وهذا لا يتناسب مع أخلاق النبوة لا يتناسب مع أخلاق رسول الله صلى الله عليه وآله، على فرض أن النبي إنما يأمر بالتبليغ العدول فقط لا الجميع فإن له أن يجمل الأمر يجعله عاماً يشمل الجميع لأنه إن خص جماعة بعينها وذكر أسماؤهم يتنافى هذا مع أخلاقه لأنه يكون فيه نوع من التعريض بالآخرين وهذا لا يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله، أصلاً لا يُعقل صدوره من أحد عاقل يعني الآن الآن أي إنسان إذا كان يخطب بالعالم حتى لو كان يعتقد أن هناك خمسة أشخاص من هؤلاء الألف عدول فلا يمكن أن يقول أنتم الخمس أشخاص بلغوا والبقية لا تبلغوا .. لا إنما يأمر الجميع ليبلغ الشاهد الغائب، الحاضرين يبلغوا الغائبين هذا هو وانتهى الأمر، انظروا لهذا التضليل والخداع وتحميل النصوص أكثر مما تحتمله من المعاني حقيقة يتشبثون بكل قشة يتعلقون بكل طحلب حتى يثبتون هذه النظرية السخيفة الواهية المسماة بعدالة الصحابة ثم إن الذي يدل على أن النبي صلى الله عليه وآله لم يرد من كلامه هذا الحكم بعدالة جميع أصحابه أن النبي صلى الله عليه وآله لا يمكنه أن يناقض حكم القرآن، النبي يمكن أن يناقض حكم القرآن محال هذا!! والقرآن أثبت أن إخبار الفاسق غير معتمد وأنه ينبغي التبين في قبول الأخبار والمخبِرين ما ينقله المخبرون أين؟ في قوله تبارك وتعالى المعروف :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين }..
 هذه الآية نزلت في من؟! في أحد الصحابة على حد تعبير الفرقة البكرية، أحد الصحابة أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله نزلت، في هذه الآية وسمته فاسقاً والفاسق لا يمكن أن يكون عادلاً من هو هذا الصحابي على حد قولهم؟ الوليد بن عقبة ابن أبي معيط هذا الرجل فاسق أخبر رسول الله والمسلمين بخبرٍ في قصة مفصلة اتضح أنه خبر مكذوب غير صحيح فنزلت فيه هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين} ولا خلاف في أن هذه الآية نزلت في هذا الصحابي على تعبيرهم..
  النبي صلى الله عليه وآله لا يناقض القرآن
  قال ابن عبد البر في الاستيعاب في الجزء الأول الصفحة أربعمئة واثنين وتسعين ولا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن في ما علمت أن قوله عز وجل أن جاءكم فاسقٌ بنبأ نزلت في الوليد بن عقبة وللعلم هذا الوليد بن عقبة عينه عثمان بن عفان لعنه الله في منصب والي الكوفة أي جعله والياً على الكوفة وله فضائح شهيرة في التأريخ صلى بالناس ذات مرة صلاة الصبح ست ركعات لأنه كان سكراناً شرب الخمر وبعدما صلى بالناس صلاة الصبح التي هي ركعتان ست ركعات التفت إلى الناس وقال أأزيدكم؟! يعني هل أزيدكم في عدد الركعات وكان يتغنى وهو في المحراب لأنه قضى ليلةً حمراء بالزنى وشرب الخمر والمنكرات والموبقات فجاء إلى صلاة الصبح وهو سكران ثمل، هذا نموذج رجل فاسق فالذي يوليه يكون فاسقاً لأن الله حكم عليه بأنه فاسق لا خلاف بأنه فاسق الوليد بن عقبة سماه الله عز وجل فاسقاً إن جاءكم فاسقٌ من هو؟! هو الوليد بن عقبة، عثمان لماذا ترك المسلمين كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله لم يعينهم وإنما عين هذا الفاسق لأنه من أقربائه من بني أمية لعنة الله عليهم، فنبي الله يحكم بحكم يناقض فيه القرآن! القرآن أمرنا بأن لا نقبل قول الفاسقين وأن نتبين وأن لا نسمي الفاسق عادلاً القرآن أمرنا بالتثبت فهل يعقل أن يأتي رسول الله صلى الله عليه وآله ويحكم على كل هؤلاء بمن فيهم الفسقة لا شك ولاريب يعني عندنا علم إجمالي بأن فيهم فسقة على الأقل لأنه هذه الآية نزلت في أحدهم فينقض النبي صلى الله عليه وآله حكم القرآن ويحكم بعدالتهم جميعاً هذا لا يعقل ولا يتصور أصلاً لأن نبي الله لا يناقض حكم القرآن.. فإذاً على هذا لا يكون قوله صلى الله عليه وآله ليبلغ الشاهد الغائب لا يكون دالاً بحال من الأحوال على عدالتهم كما ادعى ابن حبان وغيره من أحبار الطائفة البكرية ..
  إلى هاهنا نكون قد رددنا كل ما استدلوا به أو أبرز ما استدلوا به من الآيات والأحاديث على ما يسمى عندهم بعدالة الصحابة ومن هنا نعطف البحث إلى هذا المنعطف نريد أن نبحث في كتاب الله تبارك وتعالى وفي سنة نبيه صلى الله عليه وآله وفي التاريخ والسيرة لنرى هل أنها تدل على عدالة أصحاب رسول الله أجمعين أم على العكس من ذلك تدل على عدم عدالتهم أجمعين وإنما عدالة بعضهم وأن فيهم المنافقون وفيهم الكفار وفيهم المرتدون وفيهم الفسقة وفيهم الفجرة وفيهم الظلمة وفيهم أهل الفساد وفيهم السماعون لأهل النفاق وفيهم المنفضون للتجارة واللهو وفيهم من في قلوبهم مرض إلى غير ذلك وفيهم الظلمة والجائرين وسفَّاكي الدماء كل هذا موجود في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله منهم طوائف ليسوا كلهم سواء كما يحاول أن يوهمنا به المخالفون زعماء المخالفين وقصاصوهم يعني هذه المسحة الملائكية هذه عليهم جميعًا وكأنهم ملائكة في الأرض هذا أمرٌ هراء مخالفٌ لكتاب الله مخالفٌ لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله مخالفٌ لما هو ثابت في التاريخ والسيرة دعونا نبحث حتى نكتشف حقيقة هؤلاء الذين يسمونهم الصحابة حتى نزيح الغبارعن سيرتهم وعن تاريخهم ..
  نريد هاهنا أن نثبت أمرين  قبل أن نأتي على ذكر هذه الشواهد العديدة من كتاب الله تبارك وتعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وآله على هذا المعنى الذي ذكرناه أن منهم المرتدون أن منهم الكفرة أن منهم الفساق أن منهم الفجار إلى غير ذلك نريد أن نثبت أمرين مهمين :
  الأمر الأول أن الصحبة في ذاتها ليست لها أي مزية إلا إذا أقترنت بحسن العاقبة وبالوفاء لرسول الله صلى الله عليه وآله يعني كون الرجل مصاحباً لأحدٍ من الأنبياء هذه الصحبة بما هي هي بذاتها بنفسها ليست فيها مزية بل بالعكس مرت معنا روايات وأحاديث من كتبهم أن رسول الله يصفنا نحن الذين لم نراه بإخوانه أما هم يصفهم بالأصحاب والأخ أفضل من الصاحب ويقول سيأتي من هو خير منكم وله أجرٌ مثل أجر خمسين منكم يعني نحن أعلى مقاماً لأننا آمنا به ولم نره إذاً الصحبة بذاتها ليست فيها مزية ليس فيها شرف بذاتها إلا إذا اقترنت بحسن عاقبة هذا الصاحب إذا بالفعل رجل صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وكان مخلصاً لرسول مخلصاً للقرآن مخلصاً للإسلام ملتزماً بالإسلام لم يبدل لم يُحدث لم يبتدع فهذا إذا ما ختمت حياته على هذا النحو لا شك ولا ريب يكون مُقدماً على غيره، أما مجرد واحد صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله كغيره من عامة الناس فهذا لا يستدعي أن يفضل على غيره وأن يميز على غيره أو يشرف على غيره لا يستدعي هذا .. هذا ما نطق به كتاب الله لو كانوا يتدبرون في كتاب الله لاحظوا الله تبارك وتعالى حينما ضرب مثلاً هذان الرجلان في قصة البستان وما أشبه ماذا قال في جملة الآيات قال :
{ قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا } لاحظوا كيف عبر الله سبحانه وتعالى عن المؤمن! بأنه صاحب الكافر قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من ترابٍ ثم من نطفة ثم سواك رجلا ماذا تفهم من هذا؟! أن الكافر يمكن أن يطلق عليه أنه صاحب للمؤمن والعكس بالعكس أن المؤمن يمكن أن يطلق عليه أنه صاحب الكافر وهذا ليس فيه شرف هذا بيان لحقيقة حال لا أكثر ولا أقل، أنا الآن أخرج من هذا الباب أنزل أمشي في الشارع يصاحبني رجل يهودي يهودي رجل ملحد رجل هندوسي أيا يكن بغض النظر عن اعتقاده يصاحبني إلى باب السيارة هذا يطلق عليه في اللغة وفي العرف صاحِب، صاحَب فلان يعني لازمه نحوا ما من الزمان، مقداراً معينا من الزمان الآن سواء كان هذا المقدار خمس دقائق أو خمس سنوات أو خمسين سنة هذا صاحب، الصاحب ليس مثل الصديق ليس مثل الأخ ليس مثل النفس رسول الله عبر عن عليّ بأنه أخي نعم هذا له شرف لما نبي الله يقول هذا أخي نعم، القرآن عبر عنه بأنه نفس رسول الله وأنفسنا وأنفسكم نفس الرجل والنفس لا تُعدل بالصاحبِ يقول الشاعر نعم هذا له مزيّة هذا المعنى له مزيّة له شرف له فضل أما مجرد الصاحب لا.. إذا الله سمى مؤمناً بأنه صاحبٌ للكافر والعكس بالعكس في كتابه قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت يعني ذلك الرجل الذي كان يحاوره كان كافراً ومع ذلك الله سمى المؤمن صاحبا للكافر.. فأي مزية للصحبة بما هي هي لا مزية لا شرف لها لا فضل لها إلا بشرط واحد أن تكون مقرونة بحسن العاقبة هذا الأمر الأول الذي نريد تثبيته فإذاً لا يصح أن يتغافل الإنسان عن هذا المعنى فلمجرد ما يجد اسماً في التأريح أنه والله هذا فلان كان صاحباً لرسول يقول رضي الله عنه وأرضاه وهو من السادة القادة العدول هذه المبالغة أمرٌ لا يصح لا شرعاً ولا عقلاً يعني رفع هؤلاء والغلو فيهم لمجرد أنهم صاحبوا رسول الله فترةً من الزمان هذا أمر لا يؤيده لا شرعٌ لا عقل ولا نقل على أي أساس أنت تأتي وتحاول أن توهم الآخرين بهذا هذا وهم ، عليك أن تبحث في سيرة هذا الشخص إذا وجدته ممن قد حسنت عاقبتهم فحين ذاك تحترمه تقول كان صاحباً لرسول الله وختمت حياته بخير لم يُحدث لم يبتدع لم يرتد لم يكفر حين ذاك تحترمه ، أما مجرد كونه صاحباً خيرا إن شاء الله صاحب رسول الله ثم ماذا ؟ الصحبة بما هي هي بذاتها ليست لها أو ليست فيها مزية هذا الأمر الأول..
  الأمر الثاني الذي نريد تثبيته أن دائرة أصحاب رسول الله دائرة من يسمونهم الصحابة تشمل المنافقين تشمل المحدثين، المحدث يعني المبتدع شر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أليس هذا هو أول كلام كل خطيب من خطباء الجمعة عند الفرقة البكرية المحدث المبتدع لا يكون مؤمناً لا يكون مؤمناً حقاً لا يكون عادلاً المحدث المبتدع لا يكون هكذا، المؤمن الحق لا يبتدع في الدين لا يُحدث في الدين هذا يكون عاصياً يكون جاحداً فعلى أي أساس أنت تحكم عليه بالعدالة لمجرد أنه رأى رسول الله وصاحبه، لا.. دائرة صحابة رسول الله على حد تعبيركم فيها المنافقون وفيها المحدثون المبتدعون طيب ما هو الدليل على ذلك ؟! سبق التعرض لشئ من الأدلة على ذلك من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله التي خرجناها من كتب المخالفين المعتبر كالبخاري ومسلم حينما عبر وقال في أصحابي أثنا عشر منافقاً هذا الذي رواه مسلم في صحيحه في الجزء الثامن الصفحة مئة واثنين وعشرين هذا رسول الله بالصراحة يقول في أصحابي معنى ذلك أن دائرة أصحابه فيها المنافقون على أقل التقادير اثنا عشر منافق في هذه الرواية في رواية أخرى يرويها أحمد بن حنبل في مسنده الجزء الخامس الصفحة مئتين وثلاث وسبعين عن أبي مسعود أنه قال:
 (خطبنا رسول الله خطبةً فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن فيكم منافقين - يوجه الخطاب لمن؟ لأصحابه! قم يا فلان قم يا فلان عددهم بأسمائهم وإن حجب أسماؤهم أهل الخلاف حتى عد أو حتى سمى كما في الرواية ستة وثلاثين رجلاً)
   إذاً معنى ذلك أنه في أصحابه منافقون في أصحابه محدثون..
  سيأتي أن شاء الله تعالى في الحلقة المقبلة من هذا المبحث الاستدلال بكتاب الله تبارك وتعالى على هذا المعنى وأحاديث أخر تدل على أن من جملة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله المنافقون والمحدثون المبتدعون وهذا يناقض العدالة نرجئ ذلك إن شاء الله إلى الحلقة المقبلة وصلى الله على سيدنا محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp