البحوث القرآنية (11) 

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp
البحوث القرآنية (11) 

اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم

القول مني في جميع الاشياء قول آل محمد ( عليهم السلام ) فيما أسروا وما أعلنوا وفيما بلغني عنهم ومالم يبلغني الحمد لله رب العالمين وافضل الصلاة وازكى السلام على المبعوث للخلائق اجمعين سيدنا محمد واهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على قتلتهم واعدائهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم اجمعين الى قيام يوم الدين .. آمين

في المحاضرة السابقة ..

كنا قد وصلنا في معرض الرد على مقولة الصرفه في توجيه اعجاز القرآن الحكيم ، كنا قد وصلنا الى هذا الروايه الشريفه التي رواها شيخنا الصدوق رضوان الله تعالى عليه عن امامنا وسيدنا الحسن ابن علي العسكري ( صلى الله عليهما آلهما الطيبين الطاهرين )  حيث قلنا بأن هذه الروايه الشريفه ترد القول بالصرفه وتثبت أنه وجه الاعجاز في القرآن الحكيم هو انه مؤلّف من نفس الحروف والكلمات التي تستخدمها العرب في لغتها ، إلا انها لم تستطع مع كل هذا على أن تأتي بمثله وهذا هو قمة الاعجاز .

يقول امامنا العسكري ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : { كذبت قريش واليهود بالقرآن وقالوا سحر مبين فقال الله الم ذلك الكتاب اي يامحمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هذا الكتاب الذي انزلناه عليك هو بالحروف المقطعة التي منها الم وهي بلغتكم وحروفكم هجائكم فأتو بمثله إن كنتم صادقين واستعينو على ذلك بسائر  شهدائكم ثم بين انهم لا يقدرون عليه بقوله قل لإن اجتمعت الانس والجن على أن يأتو بمثل هذا القرآن لايأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا } .

إذا فوجه الاعجاز في القرآن الحكيم هو انه بلغتكم وحروفه هجائكم ايها العرب ، فمادة الاعجاز بيدكم ليست هاهنا مؤونه لاستاصالها ، ولكنكم مع ذلك لا تستطيعون الاتيان بمثل هذا القرآن  { ولو كان بعضكم لبعض ظهيرا }  ، هذه الروايه الشريفه تبعد القول بالصرفه اي تبعد القول بأن القرآن في حد ذاته ليس معجزا لأن يأتي احد بمثله ، فهو في مقدور بلغاء وادباء العرب لكنهم ماجاؤو بمثله لأنه الله ( عز وجل ) صرفه عن ذلك منعهم عنه بمانع او طارئ . هذه الروايه مما يرد هذا القول .

العجز عن مواجهة القرآن في فصاحته وبلاغته و ليس العجز عن الاتيان بمثله مع انه كلام عادي ( الصرفة )  ..

لقد كانوا عاجزين عن مواجهة القرآن في بلاغته وفصاحته ، كانوا عاجزين عن معارضة القرآن في نظمه وتركيبه ، ولهذا لجؤوا الى محاربته بدعاوى اخر وبأعمال اخرى غير المعارضه التي تحداهم بها القرآن الحكيم فماذا قالوا؟واجهوا القرآن بست طرق او دعاوى او اعمال على مانحن استقرأناه الامر الاول .

الامر الاول . ..

انهم وصفوا القرآن ومن جاء به بأنه شعر مشوب بتأثير الجن ، وصفوا النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بقولهم أئنا لتاركوا الهتنا لشاعر مجنون ، فكانت اول دعوى ووجّه بها النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ووجه بها كتابه الذي نزل عليه من الله ، أنه هذا شعر وانك يانبي الله محمد الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) شاعر .  فكيف إذا جاء القرآن على هذا النحو العجيب؟ إنّ هذا الكلام شيب بكلام الجن ، اي تداخل مع كلام الجن ولذا صرت انت مجنونا والمجنون هو ذلك الذي يمسه طائف من الجن .  كانت هذه المواجهه الاولى وقد بطلت .

المواجهة العاجزة الثانية للقرآن الحكيم ..

فانتقلوا الى مواجهه ثانيه وهو انهم وصفوا القرآن بأنه سحر ، وهذا قد مر بكلامنا عن الوليد ابن المغيره شيخ قريش والعرب ( لعنة الله عليه ) الذي حين قيل له اكهانه هو قال لا قالوا اخطب ؟ قال لا قالوا اشعر ؟قال لا ليش شعر قال قولوا سحر لأنه يفرق بين الناس .  فقولهم انه سحر وقوله انه شعر مشوب بكلام الجن او بتأثير والقاء من الجن كل هذا يكشف انهم غير قادرين على مواجهت القرآن ونظم شبيه له .  ماكانوا يعرفون ماذا يصنعون يقول الله ( تبارك وتعالى ) : { وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّنات قال الذين كفروا للحق لما جائهم هذا سحر مبين } .

فكان هذا هو الامر الثاني الذي تشبثوا به لمواجهت القرآن الحكيم ويقول عز من قائل: { وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا ماهذا إلا رجل يريد أن يصدكم عن ما كان يعبد آبائكم وقالوا ماهذا إلا افك مفترى } . فإذا ماتضمّنه القرآن من اخبارات ومن تعاليم ومن وصايا ومن معطيات سموا ذلك افكا اي انه كلام زور ، { ماهذا إلا افك مفترى وقال الذين كفروا للحق لما جائهم إنّ هذا الا سحر مبين }، الظاهر من هذه الآيه على ما استظهر انا أنّ الموصوف بالإفك هو مضمون القرآن ، معاني القرآن ، مضامينه ، مفاهيمه ، معارفه ، قالوا هذا افك مامن جنه ولانار ولا بعث ولا نشور الى ماهنالك ، هذا افك . اما وصفهم بالسحر المبين وصفوا بذلك نظم القرآن ، تركيب القرآن ، لغة القرآن ، اسلوب القرآن .  دققو  { وقالوا ماهذا إلا افك مفترى وقال الذين كفروا للحق لما جائهم إن هذا الا سحر مبين } .

وإذا لاحظنا في الروايات التاريخيه المغيره وغيره ( لعنهم الله ) انهم وصفوا القرآن بالسحر بلحاظ تركيبه ولغته ، فإنا نعلم انما حكاه الله ( عز وجل ) عنهم في كتابه انما يتوجه الى هذه الجهه الى جهة تركيب القرآن ، وصفوا التركيب ولغة القرآن ، بلاغة القرآن بأنها سحر اما ماتضمنه القرآن من معارف ومن معطيات فقد اعتبروها افكا مفترى هذه هي المواجهه الثانيه .

المواجهة العاجزة الثالثة للقرآن الحكيم ..

وايضا فشلت كان واضحا أنّ هذا ليس بسحر فالنتقلوا الى مواجهه ثالثه ، وهذه المواجهه الثالثه تتمثل بتصنعهم السخريه من القرآن .  ايها الاخوه إنّ العاجز عن رد الحجه بالحجه ، العاجز عن المقارعه عن الحجاج ، عن المناظره لما يجد نفسه قد حصر في زاويه ضيقه فإنه حين ذاك من جملة مايستخدمه ، من جملة مايضنه او يتوهمه ، من اسلحه يمكن له بها أن يفر او يخرج نفسه من المأزق انه يتصنع السخريه .  لايستطيع أن يرد على الكلام لذلك يتصنع السخريه  لماذا ؟لأن معنى السخريه هنا انه بالفعل يرى هذا الكلام الذي يواجه به كلاما ساقطا ، فيسخر منه كما نسخر نحن مثلا مما جاء به مسيلمه الكذاب مثلا ( لعنه الله ) ، بالفعل نسخر منه لأن هذا ليس بشيء ، انما اولئك الذين كانوا يسخرون من القرآن كانوا يستسخرون .

وكأنّ في هذا اللفظ القرآني الذي استخدمه الله ( تبارك و تعالى ) بعدما قال { يسخرون } قال { يستسخرون } ، كأنه يشير هنا انهم يتصنعون السخريه ، فهموا وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم .  كانوا يعلمون أنّ هذا هو الحق ، لكن ماذا يصنعون امام الملأ ؟  يستسخرون يتصنعون السخريه حتى يردّو القرآن بهذه السخريه لأنهم لايستطيعون أن يعارضوها او أن يأتوا بمثلها يقول الله ( تبارك وتعالى ) : { بل عجبت ويسخرون } ، ثم يقول :  { وإذا ذكّروا لايذكرون واذا رأوا آية يستسخرون } .  كأنه يستدعون السخريه من انفسهم .  الفاظ القرآن دقيقه ، لماذا الله ( عز وجل ) عاد وقال { يستسخرون } ولم يقل يسخرون كما قال اولا ؟حتى يبيّن أنّ هذه السخريه الظاهره منهم انما هي تصنع فهم قد جحدوا بها واستيقنتها انفسهم فلذك هم يستسخرون يستدعون السخريه من انفسهم ومن غيرهم . 

هكذا بعضهم يستسخر من البعض الآخر ،  يقول تعالو هيا لنتداعى حتى نسخر من القرآن ، ويمكن ايضا أن نوجه الايات الكريمه بهذا النحو نقول { بل عجبت ويسخرون } ؟يسخرون منك يارسول الله الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، لأنه بالفعل كانوا يسخرون منه ، كانوا لايعتبرونه شيئا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، كانوا يقولون يتيم ابا طالب ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليس من علية القوم ليس من اشرافنا ، فإذا يسخرون منك .  { وإذا ذكرو لايذكرون وإذا رأو آيه يستسخرون } .  { يستسخرون } اي يستدعون السخريه من انفسهم لأنهم إذا فتشنا في قلوبهم نجد فيها اعترافا واقرارا بأن هذه الآيه آيه من الله ( تبارك وتعالى ) لا يأتي بمثلها بشر ، ولعل مما يؤيد هذا التوجيه في تفسير هذه الآيات قوله ( تبارك وتعالى ) : { وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا } . يعني يهزؤون بك يسخرون بك ، { إن يتخذونك إلا هزوا اهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون } .

طبعا هذه الآيه حقيقتا في قمة البلاغه بل فوق البلاغه لمافيها من هذه البداعه ، وهذا النظم العجيب والانسيابيه في التعبير ، للعلم اسلوب القرآن في المداوره اسلوب غير معهود يعني لاحظوا هنا  { وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك الا هزوا } خطاب من الله ( تبارك وتعالى )  للنبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فجأه يتحول الخطاب او الكلام الى كلام المشركين لبعضهم البعض ، { اهذا الذي يذكر الهتكم } ثم يدور الكلام مره ثانيه فيرجع الى الله ( تبارك وتعالى ) بتذنيب هؤلاء اي وصفهم بالذنب بقوله { وهم بذكر الرحمن هم كافرون } . مره اخرى لاحظو الآيه حتى تتذوقها اسماعكم { وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا اهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون } .

نحن سنأتي إن شاء الله ( تعالى ) في الحلقات المقبله من سلسلة المحاضرات هذه إن شاء الله ( تعالى ) سنأتي على بعض آيات القرآن الحكيم ونحاول الاقتراب من وجه البلاغه او الاعجاز البلاغي فيها ، فتريثّ الى ذلك الآن لكن هذه الآيه مرت بنا الآن فأردنا أن نتوقف عندها شيئا ما .

المواجهة العاجزة الرابعة للقرآن الحكيم ..

كانت هذه المواجهه الثالثه التي واجهوا بها القرآن الحكيم وهي تصنّع السخريه منه ، هذا ايضا لم ينفع مهما استسخروا مانفع والقرآن كان يفرض نفسه ويكثر عدد المؤمنين به وبرسول الله الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وكان يتمدد تأثيره وينتشر ، فانتقلوا الى مواجهه رابعه .  هذه المواجهه تتمثل بأنهم كانوا يشوّشون على نبي الله الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لما كان يتلو القرآن على قومه حتى يؤمنون .  كانوا لما يرون النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يتحدث بالقرآن والناس ينشدون اليه بل وينساقون تلقائيا اليه لما في كلامه العجيب هذا من التأثير والروعه والجاذبه الخلابه .

لذلك كانوا هكذا يفعلون يأتون في وسط هذا المجلس الذي يجلس فيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مثلا في ساحة المسجد الحرام ، يأتون هناك ويشوشون بأن يلغو يتحدثون بكلام لغو حتى هذا الكلام يشوش على اسماع الناس فلا يسمعون القرآن جيدا ولا يتأثرون .  هذا ماحكاه الله ( عز وجل ) في كتابه الكريم بقوله : { وقال الذين كفروا لا تسمعو لهذا القرآن والغو فيه } من اللغو { لعلكم تغلبون } يرد عليهم الله ( عز وجل ) قائلا : { فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم اسوء الذي كانوا يعملون } . هذه المواجهه الرابعه لم تفلح ايضا في القضاء على القرآن الحكيم ، مهما شوّشوا ومهما لغوا مع هذا كانوا الناس يأتون للنبي الاعظم محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ويستمعون للقرآن وينجذبون له انجذابا عجيبا حتى يؤمنون .

المواجهة العاجزة الخامسة للقرآن الحكيم ..

فانتقلو الى مواجهه خامسه هذه المواجهه هي المعارضه لا بالقرآن او باسلوب القرآن لأنهم وجدوا العجز عن ذلك ، مايستطيعون أن يأتو بمثل هذا القرآن بمثل حتى سورة واحده من هذا القرآن الحكيم ، لهذا عارضوه بماذا ؟بالاساطير نقل الاساطير والقصص العجيبه والخرافيه واخبار ملوك الفرس والروم .  هذه البلدان والحضارات البعيده عن العرب عاده وماكان يتوصل اليها إلا اشرافهم وتجارهم والرحالون منهم فكانت انباء هؤلاء تبدو عجيبه ، وكأنه اصلا كوكب آخر خصوصا عندما ينقلون مثلا انباء الامم السالفه منهم ، عند ذلك يبدو هذا الكلام اسطوره فيجذب الناس لما فيها من الغرائب .

يقول الله ( تبارك وتعالى ) : { وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا } شلون ؟ قال { إن هذا إلا اساطير الاولين } ، هذا من جعبة النبي الاعظم محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ليس بشيء ، هذا مجرد اساطير ، صحيح انها منظومه بنظم عجيب لكن المهم انها اساطير الاولين ، واحنا سمعنا ونأتي بمثل هذا مو مشكله { إاذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا اساطير الاولين } ، وبالفعل حاولوا بأن يأتو بمثل هذه الاساطير توهم منهم بأنهم يستطيعون أن يعارضو القرآن الحكيم ومما كلف بهذه المهمه من قبل قريش هو النظر ابن الحارث ( لعنة الله عليه ) هذا الرجل الخسيس الذي كان يؤذي رسول الله الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بذكر الاساطير حتى يصرف الناس عن القرآن ، لكن نتيجه انهزم الرجل لأن الناس لم يقبلوا على مايقول ، واعتبروه ضربا اصلا من الخرافات والحماقه اصلا يعني يسترخصون انفسهم حين يستمعون اليه .


روى ابن اسحاق يقول : " كان النظر ابن الحارث من شياطين قريش وممن كان يؤذي رسول الله الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وينصب له العداوه [ كان ناصبيا ] وينصب له العداوه وكان قدم الحيرة وتعلم بها احاديث ملوك الفرس واحاديث رستم واسفنبيار فكان إذا جلس رسول الله الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مجلسا فذكر فيه الله وحذر قومه ما اصاب من قبلهم من الامم من نقمة الله خلفه في مجلسه إذا قام [ النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يجلس ويحذر قومه ويتكلم معهم ويتلو عليهم آيات الله البينات املا في هدايتهم ، وكانوا يتأثرون بعضهم يسلم فورا بعضهم يصل الى نصف الطريق فيحتاج الى جلسه ثانيه ، بعضهم يأتي الى ثلث الطريق فيحتاج الى جلستين اخرتين وهكذا ، ربع الطريق كل منهم يقترب بنسبه معينه بسبب جاذبية كلام الله ( تبارك وتعالى ) ، وجاذبيه النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ،  نفسه فكان هذا الرجل اللعين يستغل الموقف حينما يقول النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، يأتي هذا فورا ويجلس في مكانه ويقول هكذا لاحظو الروايه ] يقول خلفه في مجلس إذا قام ثم قال انا والله يا معشر قريش احسن حديثا منه فهلم الي فأنا احدثكم احسن من حديثه .

[ انا احدثكم احسن من حديث النبي الاعظم محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، اذا هو جاء اليكم بقصص نوح وابراهيم وموسى وعيسى وقصص الامم السالفه والانبياء ( على نبينا وآله وعليهم افضل الصلاة والسلام )  وماجرى وما سيجري فأنا ايضا أئتي بقصص اخرى احسن حديث من قصص الفرس واسفنديار ورستم ومن اشبه من هؤلاء ملوك الفرس ]

كان يقول انا والله يامعشر قريش احسن حديثا منه فهلم الي فأنا احدثكم احسن من حديثه ثم يحدثهم عن ملوك فارس ورستم واسفنديار ثم يقول بماذا محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) احسن حديثا مني "  .   بهذا الاسلوب الرجل اضحك الناس على نفسه ظن انه يعارض القرآن بمثل هذه الاحاديث .  في تفسير الجلالين في تفسير قوله تعالى { وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا اساطير الاولين } . يقول : " هو النظر ابن الحارث كان يأتي الحيرة يتجر فيشتري كتب اخبار الاعاجم ويحدث بها اهل مكه ويقول إنّ محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، يحدثكم احاديث عاد وثمود وانا احدثكم احاديث فارس والروم ، فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن " .

ولكن هل استمر هذا الاستملاح ؟ كلا ، لأن القرآن نتيجه فرض نفسه وانتصر " وقد حذره النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من سوء عاقبته بسبب اصراره على تحد كتاب الله ( عز وجل ) ، وتحققت نبوئة النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فيه .  كما نجد في البلاذري في انساب الاشراف يقول عن النظر ابن الحارثي هذا : " ولقي النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال انت الذي تزعم انك ستوقع بقريش عن قليل وإنّ الله قد حقا اوحى اليك بذلك "  ، النظر ابن الحارث لقي النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقال له انت الذي تزعم انك ستوقع بقريش يعني توقع بقريش وتهزمها وتقتلها بسبب جحودها بكتاب الله (عز وجل ) ، واصرارها على العدوان عليك وإلا لو كانت قد تركتك لما كان لك شأن بها .

ولكن المشكله انه عاده كما بيّنّا المجتمعات لما تأتي بها رساله اصلاحيه سواء كانت رساله نبويه او اماميه من امام معين ، او رساله علمائيه من العلماء الذي هم امتداد لخط الرساله وخط الامامه ، فعاده المجتمع لايقف مكتوف الايدي يعني المجتمع يتمرد على ذلك ويحاول المواجهه ويرفع السيف فيضطر هذا النبي او الوصي او العالم أن يرفع سلاحا فيقع حروب .  فالنبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تنبئ لقريش بهذا ، انه انتم الآن في اتجاه تصعيد هذا شيء واضح وتريدون محاربتي وانا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وتحاربون القرآن اعلمو انكم الطرف الخاسر في هذه المحاربه اعلمو انكم انتم المنهزمون ، ستنهزمون لامحاله فكان يحذرهم ذلك ماكانوا يسمعون له كانوا يهزؤن به كانوا يقولون انت تنتصر علينا !

حكومة قريش الارستقراطيه هذه التي كانت تبسط سيطرتها على قريش وما جاورها ، ومع ماكان بينها وبين العرب من احلاف تأتي انت يتيم ابي طالب او يتيم عبد المطلب ( صلى الله عليهما وآلها الطاهرين ) و تهزمنا وتنتصر علينا ، ليس لك قوه ليس لك حكومه ، ليس لك شيء ، كان هذا في مرحلة ماكان النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وسط مكه ولم يكن احد يدافع عنه ماخلا امير المؤمنين ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وثله قليله من المسلمين .

" لقي النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) النظر ابن الحارث فقال انت الذي ستوقع بقريش عن قليل [ قضية سنوات كانت ] وإن الله اوحى اليك بذلك فقال نعم وانت منهم [ انت النظر ابن الحارث ستكون من هؤلاء سيوقع بك وستندم فنزلت هذه الآيه  { وإن عسى أن يكون قد اقترب اجلهم ) [ هذه الآيه ايضا وسبب نزولها مما يؤكد اعجاز القرآن في الاخبار عن المغيبات عن الغيب ، هذا كان من الغيب أنّ النظر ابن الحارث يقترب اجله وسيوقع به ] { وإنّ عسى أن يكون قد اقترب اجلهم } ، وبالفعل هذا ماحصل النظر ابن الحارث مات او قتل في معركة بدر ، وبالفعل الله ( عز وجل ) قد اوقع به تقول رواية البلاذري ايضا ] إن النظر ابن الحارث كان يقول انما يعينه على مايأتي به في كتابه هذا جبر غلام الاسود ابن المطلب الاسدي "  .

يقول الذي يعين النبي الاعظم محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم )على أن يأتي بهذه الغرائب و بهذه القصص رجل اسمه جبر هذا غلام اي عبد الاسود ابن المطلب الاسدي  " وايضا عداس غلام شيبه ابن ربيعه ويقال غلام عتبه ابن ربيعه " .  يقول هذان كانا يعلمان النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وايضا قالوا فيما بعد رجل آخر رومي كان هو ايضا جبر ابن غلام الاسود ابن المطلب الاسدي ، هو رومي اساسا فعلى اية حال ادعو انه هذولا جماعه من الروم الغلمان هكذا ، والفرس ايضا قالوا سلمان الفارسي ( على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام ) ، هم الذين كانوا يعلمون النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، يعني هذا الكتاب مو كتاب النبي الاعظم محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كتّاب آخرين .

فماذا انزل الله (عز وجل ) في الرد عليهم ؟  { ولقد نعلم انهم يقولون انما يعلمه بشر } ، نعلم انما يقولون انما يعلمه بشر يتعلمه من بشر { لسان الذي يلحدون اليه } يعني لسان الذي يميلون اليه يلحدون يعني مال عن الاستقامه فكأنما يقولون وهم يجحدون يعلمون انه الحق لكن مع ذلك يحالون الصاق هذا القرآن الحكيم بؤلئك ، بألسنة اولئك الغلمان الروم والفرس ، وكذا الذين على زعمهم النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يتعلم منهم . { فلسان الذي يلحدون اليه اعجمي وهذا لسان عربي مبين } فكيف يكون النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد اخذ منهم ؟

بعبارة اخرى الله ( عز وجل ) يتحداهم يقول انتم تزعمون أنّ النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تعلم من هؤلاء طيب هؤلاء لسانهم اعجمي هذا لسان عربي مبين !والاعجاز هو في هذا اللسان العربي المبين ، تعالو هاتو بمثل هذا القرآن الذي هو بلغتكم وبحروف هجائكم ولو بسور مفتريات ، شنو معنى عشر سور مفتريات يعني تعالو بسور مفتريات شنو المعنى الذي تحداهم الله ( عز وجل ) ؟

انه ليس شرطا أن تكون مضامين هذه السور من القصص والانباء والمعارف والتعليمات وما الى هنالك ، ليس شرطا أن يكون من الحق تعالو بالمفتى تعالو اخترقو حوادث معينه ، ولكن عبروا عليها بنفس نظم وتركيب وبلاغة وادب واسلوب القرآن الحكيم .  تعالو هنا انتم واجهو فما شأنكم بالنسبه الى اولئك الذين تزعمون أن النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تعلم منهم ، هؤلاء لسانهم اعجمي وهذا لسانه عربي مبين ، هب أنّ النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اخذ منهم هذه القصص والانباء والاخبار ، لنفرض ذلك فماذا تفعلون مع الاعجاز في النظم ؟

تعالو انتم مع هذا اللفظ المعجز عارضوه !  الكلام كل الكلام انما هو في هذا اللسان العرب المبين ، وهذا القرآن العجيب في نظمة وتركيبه هذا على فرض انه نقول أن النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اخذه منهم وهو لم يأخذ منهم . مع ذلك نتنزل نقول تعالو مو مشكله النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) طيب هاتو مثل هذا القرآن بنفس هذا النظم ، اذهبو الى اولئك ، الى جبر غلام الاسود ابن المطلب الاسدي الى عداس غلام شيبة ابن ربيعه او علام عتبه ابن ربيعه الى بلعام الرومي الذين زعمو أنّ النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يتعلم منه ، الى سلمان ( على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام ) الذي زعمو أنّ النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تعلم منهم ؟ يعلمون انها فريه لماذا ؟

لأنه لو كان الامر هكذا لكان الامر سهلا بالنسبه اليهم ، يذهبون الى اولئك يتعلمون تلك القصص يأتون طيب مو مشكله مايتعلمون تلك القصص هاتو سور مفتريات! يعني القصص التي فيها او الانباء التي فيها مفتريات ، قصص خياليه لكن تعالو بنفس النظم ما استطاعوا وفشلت هذه المواجهه من قريش للنبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ايضا لما قالوا أنّ النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يتعلم من هؤلاء فشلت هذه المواجهه لماذا ؟

لأن الجميع يعلم بأنّ هذا مجرد كذب ، لأنه لم يعهد من امثال هؤلاء جبر غلام الاسود وعداس وبلعام ومن اشبه انهم جاؤا بمثل هذه الاخبارات ، جاؤوا بمثل هذه المعارف ، جاؤوا بمثل هذه المضامين الساميه ماعهد منهم مثل هذا القرآن ماحكي عنهم  شيء من هذا القرآن قط ، حتى لو بلسانهم الاعجمي ماحكي عنهم علاوه على انه مثلا سلمان ( على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام ) الذي زعموا انه كان يعلم النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، خو هذا سلمان ( على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام ) اسلم بعد هجرت النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، اصلا يعني ماجاء الى المدينه إلا بعد هجرت النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، النبي الاعظم ( صلى اللهه عليه وآله وسلم ) كان 12 في مكه وكان يأتي بالقرآن فممّا كان يأخذ ؟

المواجهة العاجزة السادسة للقرآن الحكيم ..

وهكذا فشلت هذه المواجه ايضا ، سواء المعارضه بالاساطير او الزعم بأنه انما يعلمه بشر ، ولذلك انتقلوا الى المواجهه السادسه وهي المواجه بالسيف ، المواجهه بالحرب .  فإذا كل هذه المواجهات قالوا شاعر مجنون ، قالوا شعر مبين ، تصنعوا السخريه يستسخرون يلغون في هذا القرآن { لاتسمعو لهذا القرآن والغو فيه لعلكم تغلبون } ، المعارضه بالاساطير { لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا اساطير الاولين }، { انما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون اليه اعجمي وهذا لسان عربي مبين } .

ثم بعد ذلك انتقلوا للسيف ، كل هذا دليل على انهم ما استطاعوا مجارات القرآن الحكيم ولا معارضته في اسلوبه ، في نظمه ، في بلاغته ، وهذا هو وجه الاعجاز ما استطاعوا .  يعجبني هنا أن انقل كلاما للجاحظ يجعلنا نستوعب هذا الامر جيدا ونستوعب ما وجه الاعجاز في القرآن الحكيم ، وكيف انه معجز وكيف قد اعجز العرب وكبار العرب من الادباء والبلغاء على أن يأتو بمثله ، ولو بالنظم فقط .  ليس شرطا بأن يأتو بمثله في المضامين ، تعالو بمضامين مفترات مو مشكله ولكن اقلا تعالو بنفس اسلوب القرآن ، ماكو احد يستطيع أن يفعل هكذا الى يومنا والى يوم يبعثون .  يقول الجاحظ كلامه جيد في هذا المقام ودقيق  : "بعث الله النبي الاعظم محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، واكبر ما كانت العرب شاعرا وخطيبا"  ، يعني في فتره وصل فيها العرب الى الاوج الى اعلى المستويات في الخطابه والبلاغه والشعر شعراء العرب ومعلقاتهم السابقه وخطباء العرب وحين كانوا يجتمعون في سوق عكاظ وينشدون الناس الاشعار وينثرون لهم الانثار ويخطبون لهم بالخطب ويسجعون لهم ويقرؤن القصيد والرجز وما الى هنالك من اساليب الكلام التي برعوا فيها .  ثم كانت العرب هناك وشيوخ معينين من بينهم مثلا هذا الوليد ابن المغيره ( لعنة الله عليه ) وغيره كانوا كأن هناك لجنة تحكيم فتحكم لفلان على فلان وانه هذا هو الابرع ، هذا الافصح ، هذا الابلغ ، هذا كذا فيعطون اموالا طائله كانت في ذلك الزمان فالنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، بعث في تلك الفتره .

"بعث الله النبي الاعظم محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، اكثر ماكانت العرب شاعرا وخطيبا واحكم ماكانت لغة" لغتها حكيمه . "واشد ماكانت عده" ،  كانت في قوة ومنعه ، قد يعني تمرسوا في الحروب التي كانت فيما بينهم ولذلك كانت العرب امه مقاتله بامتياز "واشد ماكانت عده فدعا اقصاها وادناها الى توحيد الله وتصديق رسالته فدعاهم بالحجه فلما قطع العذر وازال الشبهه وصار الذي يمنعهم من الاقرار الهوى والحميه دون الجهل والحيره حملهم على حظهم بالسيف"  .  

لما دعا اقصاها وادناها ودعاهم بالحجه وقطع عذرهم وازال الشبهه ، الحجه كانت مع النبي الاعظم محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وصار الذي يمنعهم عن الاقرار به وبقبول رسالته ليس الجهل والحيره ، لا ، خلاص وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم ، استيقنوا أنّ هذا حق ولكن الهوى والحميه منعتهم قالوا : { لو انزل هذا القرآن على رجل من القريه عظيم  } . مانريد النبي الاعظم محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، نريد غيره قريش قالوا هكذا ، اليهود ايضا قالوا هكذا .  شمعنى النبي الاعظم محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟مانريد هذا الرجل ، ليش من بني هاشم ؟ ليش مو من بني اميه او من بني مخزون ؟


اسباب تحامل المعاندين على مواجهة القرآن الحكيم ..

فالذي حملهم على مواجهة القرآن والنبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الحميه والهوى فلذلك آلى الامر السيف .  "حملهم على حظهم بالسيف فنصب لهم الحرب ونصبوا وقتل من عليهم واعلامهم واعمامهم وبني اعمامهم" ، هو ايضا الجاحظ اديب ولغته ادبيه جميله يقول قتل من عليهم واعلامهم واعمامهم وبني اعمامهم ، يعني ماخلى احد .  بالفعل لأنهم جاؤوا الى ساحة المعركه وواجهوه اشراف قريش قُتلوا  "وهو في ذلك يحتج عليهم بالقرآن" ، طوال الوقت يحتج عليهم بالقرآن "ويدعوهم صبحا ومساءا الى أن يعارضوه إن كان كاذبا بسورة واحده او بآيات يسيره ، فكلما ازداد تحديا لهم بها وتقريعا لعجزهم عنها ، تكشّف من نقصهم ماكان مستورا وظهر منه ماكان خفيا فحين لم يجدوا حيله ولا حجه قالوا له انت تعرف من اخبار الامم مالا نعرف فلذلك يمكنك مالا يمكننا قالوا فهاتوها مفتريات" .

هذا قول الله ( تبارك وتعالى ) : { ام يقولون افتراه قل فاتوا بعشر سور مثله مفتريات } ، مفتريات ؟! تعالوا إذا تقولون مفتريات { وادعوا ما استطعتم من الله إن كنتم صادقين } ، مو مشكله احنا نقبل تعالوا بماعندكم عن اخبار الامم !  قالوا له انت تعرف من اخبار الامم مالانعارف فلذلك يمكنك مالايمكننا ، قال خلاص انتو تعالو تخيلو اخبار معينه او انقلوا اخباركم قريش والعرب وهاتوها مفتريات عشر سور مفتريات ؟!  "قال فهاتوها مفتريات فلم يرم ذلك خطيب" ، يعني ما اراد ذلك خطيب ولا طمع فيه شاعر ولو طمع فيه لتكلفه ، ولا احد طمع في هذا الامر انه يعارض القرآن .  لاشاعر ولا خطيب ولا اديب ولا احد من العرب ، "ولو طمع فيه"، يعني لوكان بالفعل قد طمعوا لتكلفه يعني تكلف وضغط على نفسه حتى يأتي بمثل هذا القرآن ، "ولو  تكلفه لظهر ذلك" ،لو بالفعل ايضا بالفعل قد تكلفه لكان قد ظهر النتيجه ، ظهرت نتيجه هذا التكلف فجيء بشيء زعم انه يعارض القرآن .

"ولو ظهر لوجد من يستجيده ويحامي عليه ويكابر فيه هذا ويزعم انه قد عارض وقابل وناقض" ، لو كان هم بالفعل تكلم ظهر ولو ظهر لأن للنبي الاعظم "صلى الله عليه وآله وسلم" اعداء كثر ، لكان هنالك من يكابر في هذا ويزعم أنّ هذا النص يعارض القرآن الحكيم ، وانه يقابله ويناقضه "فدلّ ذلك العاقل"  ، يعني دل عدم وجود هذا الشيء .  أنّه هل هنالك احد تكلّف طمع في معارضة القرآن وتكلف وجاء بمايزعم انه يعارض القرآن ؟ كلا ، من البدايه سلموا قالوا هذا لايمكن لا يأتي بمثل هذا بشر ، كما قال الوليد ابن المغيره ( لعنة الله عليه ) وهو من هو في البلاغه والفصاحه عند القوم .  كان اصلا يحكم كان حكم بين الفصحاء والبلغاء والشعراء ومن اشبه والخطباء .  هو يحكم يقول هذا افضل من هذا ، قال : "مايأتي بمثل هذا بشر إنّ له لحلاوه وإنّ عليه لطلاوه وإنّ اعلاه لمثمر وإنّ اسفله لمعذق وما يأتي بهذا بشر" .

خلاص القضيه محسومه ، النتيجه محسومه من البدايه اصلا ماتكلفوا معارضه القرآن ما استطاعوا .  "فدل ذلك العاقل على عجز القوم مع كثرة كلامهم واستجابة لغتهم وسهولة ذلك عليهم" ، سهولة اللغه " وكثرة شعرائهم وكثرة من هجاه منهم وعارض شعراء اصحابه وخطباء امته" ، هذه نكته مهمه دقيقه انه نحن نجد في تاريخهم انهم قد عارضوا النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بأن هجوه ، ولكن هجاء بالشعر ماعارضوا القرآن ، عارضوا شعراء اصحابه كحسان ابن ثابت ، عارضوه ، كان تصير بينه وبينهم معارضات ، عارضوا خطباء النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، كانوا يخطبون ضد من يخطب مادحا النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، او يدعوا الى النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فدلّنا ذلك على انهم ماكانوا عاجزين عن معارضة القرآن الحكيم . 

فهذا دليل على أنّ القرآن ليس من كلام البشر ، وانه كلام الله( تبارك وتعالى ) ، والتاريخ سجل لنا كل معارضه وكل قول لقريش واعداء النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فيه وفي اصحابه ، كان الامر واضحا لكن لم يسجل لنا قط انهم عارضوا القرآن الحكيم إلا بمثل هذه المواجهات التي ذكرناها .. سحر ، مجنون وماادري اساطير وكذا والى اخره .. مما لم يصمد ، وثم عادوا ومالوا الى السحر قال : "مع كثرة كلامهم واستجابة لغتهم وسهولة ذلك عليهم وكثرة شعرائهم وكثرة من هجاه منهم وعارض شعراء اصحابه وخطباء امته لأنّ سورة واحده وآيات يسيره كانت انقض لقوله وافسد لأمره وابلغ في تكذيبه واسرع في تفريق اتباعه من بذل النفوس" ، لو كان لبان في البدايه الله ( عز وجل ) تحداهم بعشر آيات ، ثم بعد ذلك تحداهم بسورة واحده { وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فاتوا بسورة من مثله وادعوا شهدائكم من دون الله إن كنتم صادقين } ، سورة واحده تكفي ، هم مااستطاعوا ؟!

فمع هذا الجو كله من الحرب والقتال وبذل النفوس ومهاجرة الاوطان وبذل الاموال للقضاء على هذه الدعوه ، لو كان امر معارضة القرآن ولو بمقدار سورة او آيات يسيره كان امرا مقدورا عندهم لما عدلوا عنه وذهبوا الى الحروب والى كل تلك الخسائر ، لكن ماوجدوا انهم بإمكانهم معارضة القرآن الحكيم قال : "لأن سورة واحده وآيات يسيره كانت انقض لقوله وافسد لأمره وابلغ في تكذيبه واسرع في تفريق اتباعه في النفوس والخروج من الاوطان وانفاق الاموال وهذا من جليل التدبير الذي لايخفى على من هو دون قريش والعرب في الرأي والعقل بطبقات" ، يعني قريش كانت اهل تدبير حقيقة العرب ، وقريش كانوا يدبرون ، كانوا ماكرين ، كان عندهم حكمه وعقل في مثل هذه القضايا قضية المواجهات اصلا خبره تاريخ من المواجهات والدماء ، ولذلك احيانا اصلا بعض الحروب كانت تنشب نارها من كلمه وتخمد بكلمه . يعني هي كلمه هكذا تهز الناس فتشعل حرب او تخمدها .

فإذا كان عندهم خبره وتمرس في هذا الجانب في حال انهم يلجؤون الى السيف والى كل هذه المخاطر والمصاعب ويبذلون النفوس والارواح والابناء والآباء والاموال ، ويخرجون عن اوطانهم ومشاكل .. في حين انهم يستطيعون أن يوفّروا على انفسهم كل هذا ، بأن يأتوا بسوره واحده وإذ لم يأتوا علمنا بأنهم عجزوا عن ذلك ، وإن عجزوا فإذا القرآن معجز . مامعنى المعجز ؟  شيء يعجز عنه الآخر لايتمكن أن يأتي به احد .

قال : "وهذا من جليل التدبير الذي لايخفى على من هو قريش والعرب في الرأي والعقل بطبقات ولهم القصيد العجيب والرجز الفاخر" ، هذا اصناف كلامه وشعره وما الى هنالك  "ولهم القصيد العجيب والرجز الفاخر والخطب الطوال البليغه والقصار الموجزه ولهم الاسجاع والمزدوج واللفظ المنثور ثم تحدى به اقصاهم بعد أن اظهر عجز ادناهم" مع هذا ما احد استطاع ، "فمحال اكرمك الله أن يجتمع هؤلاء كلهم على الغلط في الامر الظاهر والخطئ المكشوف البين مع التقريع بالنقص والتوقيف على العجز" ، يعني محال أنه كل هؤلاء لايتمكنون على أن يأتو بشيء ؟!

إذا كان بالفعل بمقدورهم كما يقول اهل الصرفه ، كان بمقدروهم ومع هذا التقريع من النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ورميهم بالعجز والتحدي المستمر ما استطاعوا أن يأتوا بمثل هذا القرآن "وهم اشد الخلق انفه" ، تكبرا وغرورا "واكثرهم مفاخره والكلام سيد عملهم وقد احتاجوا اليه والحاجه تبعث على الحيله في الامر الغامض فكيف بالظاهر الجليل المنفعه" ، الحاجه وهي عصمة الدماء اراحة النفوس والابدان ، هذه الانسان اصلا يحتال من اجل تحققها يحتال بماذا ؟بالامر الغامض فكيف بالظاهر الجليل المنفعه .. يعني امرا كان ظاهرا عندهم امر واضح يعلمون هذا لسان عربي مبين ، مادة الهجاء والحروف ، حروف الهجاء واللغه بيدهم بلسانهم موجوده فإذا كان امرا ظاهرا يستطيعون أن يأتو بمثله فيالله تعالوا ؟!  لكن علموا انهم مايستطيعون فإذا هذا قرآن معجز .  "فكيف بالظاهرا الجليل المنفعه وكما انه محال أن يطبقوا ثلاث وعشرين سنه على الغلط في الامر الجليل المنفعه" ، مدة نبوة النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) 23 في مكه و10 في المدينه المنوره .

"فكيف بالظاهرا الجليل المنفعه وكما انه محال أن يطبقوا ثلاث وعشرين سنه على الغلط في الامر الجليل المنفعه فكذلك محال أن يتركوه وهم يعرفون ويجدون السبيل اليه وهم يبذلون اكثر منه" ، لماذا يبذلون اكثر من مجرد كلمات؟!  حتى يوققوا دعوة النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، مع انهم يستطيعون أن يسقطوها بالكلام ولمدة ثلاث وعشرين سنه والنبي الاقدس ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يتحداهم ؟! ولجؤوا الى مختلف الاساليب في مواجته وحروب ومشاكل ومااستطاعوا مواجته بالكلام ، هذا يدلنا على أنّ القرآن بذاته معجز ..

هذا وصلى الله على سيدنا محمد واهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على قتلتهم واعدائهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم اجمعين الى قيام يوم الدين .. آمين

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp