التنبيه الرابع: بيان كُنى ومسمّيات واصطلاحات

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp
التنبيه الرابع: بيان كُنى ومسمّيات واصطلاحات

1 نوفمبر 2016


الأمر الأول: جرت عادة الرواة في عهود الأئمة عليهم السلام على تكنيتهم في الرواية عنهم بكُنن أو أسماء أو استعارات خاصة، بعضها كان من باب التمويه على العدو حتى لا يُعرف الراوي بتشيعه فيتعرض للعذاب، إذ كان التشيع في تلك العصور جريمة وكان الشيعة ملاحقين، وما زالوا. وههنا نبين هذه الكنى والاستعارات الشائعة ومن يراد بكل منها (1):

- اذا جاء في الرواية (عن أبي جعفر) على الإطلاق فالمراد هو الإمام محمد بن علي الباقر صلوات الله عليهما. نعم قد يكون المراد الإمام محمد بن علي الجواد صلوات الله عليهما، بقرينة مصاحبة الراوي له (2)، لكن الأول أشهر.

- اذا جاء في الرواية (عن أبي عبدالله) فالمراد هو الإمام جعفر بن محمد الصادق صلوات الله عليهما.

- اذا جاء في الرواية (عن أحدهما) فالمراد الباقر أو الصادق صلوات الله عليهما، أما اذا جاء في الرواية (عنهما) فالمراد كليمها (3).

- اذا جاء في الرواية (عن أبي الحسن) على الإطلاق فالمراد هو الإمام موسى بن جعفر الكاظم صلوات الله عليهما. نعم قد يكون المراد الإمام علي بن موسى الرضا صلوات الله عليهما، أو الإمام علي بن محمد الهادي صلوات الله عليهما، بقرينة مصاحبة الراوي، لكن الأول أشهر.

- اذا جاء في الرواية (عن أبي الحسن الأول) على القيد أو (عن أبي الحسن الماضي) أو (عن الماضي) أو (عن أبي إبراهيم) أو (عن العبد الصالح) على المعرفة أو (عن عبد صالح) على النكرة أو (عن العالِم) أو (عن الصابر) فالمراد هو الكاظم صلوات الله عليه (4).

- اذا جاء في الرواية (عن أبي الحسن الثاني) على القيد فالمراد هو الرضا صلوات الله عليه.

- اذا جاء في الرواية (عن أبي جعفر الثاني) على القيد أو (عن القانِع) أو (عن ابن الرضا) فالمراد الجواد صلوات الله عليه. نعم قد يكون المراد بـ (ابن الرضا) الإمام علي بن محمد الهادي صلوات الله عليهما، لكن الأول أشهر.

- اذا جاء في الرواية (عن أبي الحسن الثالث) على القيد فالمراد هو الهادي صلوات الله عليه.

- اذا جاء في الرواية (عن أبي محمد) فالمراد هو الإمام الحسن بن علي الزكي العسكري صلوات الله عليهما.

- اذا جاء في الرواية عن (العسكري) أو (عن صاحب العسكر) فالمراد إما الهادي صلوات الله عليه أو الزكي صلوات الله عليه، ويكون التمييز بالراوي (5).

- اذا جاء في الرواية (عن الناحية) أو (عن الناحية المقدّسة) أو (عن الغائب) أو (عن الحجة) أو (عن الصاحب) أو (اليد العليا) فالمراد هو الإمام المهدي من آل محمد صلوات الله عليه وعجل الله تعالى فرجه الشريف.

الأمر الثاني: جرت عادة أصحابنا على أنه اذا قيل (رواه الشيخان) (6) على الإطلاق فالمراد ثقة الإسلام الكليني والصدوق عليهما الرحمة والرضوان. واذا قيل (رواه الثلاثة) أو (رواه المشايخ الثلاثة) فالمراد الكليني والصدوق وشيخ الطائفة الطوسي رضوان الله عليهم، أصحاب الجوامع الحديثية الأربعة التي عليها المدار (7). ويُطلق على هؤلاء أيضاً (المحمّدين الثلاثة).

الأمر الثالث: قد علمت أن السنة تشمل ما جاء عن المعصوم عليه السلام من قول أو فعل أو تقرير، ويحكي ذلك (الحديث) أو (الخبر) الذي ينتهي إلى المعصوم عليه السلام. فإن لم يكن ينتهي إليه فهو (أثر) كالآثار التي تنتهي إلى الأصحاب والعلماء (8). ثم إن الحديث أو الخبر يتجزّأ إلى (سند) و (متن). أما السند فهو مأخوذ من معنى الإستناد والإعتماد والمراد به من يُستند إليهم ويُعتمد عليهم في نسبة الحديث إلى قائله، وهم رواته. وأما المتن فهو مأخوذ ممّا اكتنف الصلب مما الذي يتقوم به والمراد به مقول المعصوم عليه السلام.

الأمر الرابع: ثمّة اصطلاحات وعناوين رائجة عند الرجاليين والمحدثين والفقهاء تخص كتب ومصنفات الحديث عند الأقدمين من أصحاب الأئمة ومن تلاهم:

- (الأصل) ويراد به ذلك الكتاب الذي دوَّن فيه مؤلفه الأحاديث التي سمعها من المعصوم عليه السلام مباشرة أو عمّن سمعها منه. وإطلاق (الأصل) عليه هو باعتبار عدم رجوع مصنوعيته إلى غيره من الكتب، وإنما صنعه صاحبه أصلاً وبدواً مدوِّناً فيه ما سمعه بنفسه.

- (المصنَّف) أو (التصنيف) هو ما يقابل الأصل من حيث رجوع مصنوعيته إلى غيره من الكتب السابقة عليه، أي أن صاحبه قد دوّن فيه ما انتهى إليه من أصول غيره. نعم قد يكون في المصنّف بعض الأحاديث غير المأخوذة من الأصول فيرويها صاحب المصنف بسنده عن المعصوم عليه السلام. لكن حيث كان الغالب على مصنّفه الأخذ من غيره من الأصول أُطلق عليه المصنّف أو التصنيف.

- (النوادر) ويراد به ذلك الكتاب الذي دوّن فيه مؤلفه الأحاديث غير المشهورة أو غير المُعَنْونة بعنوان أو باب واحد أو التي تشتمل على أحكام نادرة استثنائية أو مستدركة (9). وقد تكون النوادر أصلاً وقد لا تكون، كما قد تكون مصنّفاً وقد لا تكون، غير أن الغالب فيها كونها من المصنفات (10).

- (الكتاب) وهو ما يعمّ الثلاثة فقد يكون أصلاً أو مصنفا أو نادراً. وقد يُطلق المصنّف ويراد به الكتاب بهذا العنوان الأعم، كما في ترجمة الشيخ لأحمد بن ميثم حيث قال: له مصنفات، منها كتاب الدلائل، كتاب المتعة، كتاب النوادر، كتاب الملاحم (11). غير أنه اذا اجتمع الأصل والمصنف في الكلام افترقا في المعنى على ما سبق (12)، كما في ذكر الشيخ لأحمد بن عبيد الله الغضائري: عمل كتابين، أحدهما ذكر فيه المصنفات والآخر ذكر فيه الأصول (13). وكما في ترجمته لهارون بن مسوّى التلّعكُبري: روى جميع الأصول والمصنفات (14).

- (الجامع) وهو ما يتضمّن الأصول والمصنفات والنوادر وغيرها من الأحاديث والأخبار والآثار ويشتمل عادة على أبواب الحديث في العقائد والسيرة والأحكام والآداب، ككتب الكافي والفقيه والتهذيب والاستبصار التي سبقت الإشارة إليها، وككتب بحار الأنوار وعوالم المعالم وجامع المعارف والأحكام.

- (المستدرك) وهو ما يستدرك فيه مؤلفه على ما فات كتاباً له أو لغيره (15).

----------------------------------------

(1) هنا نبيّن مَن المراد بهذه الألقاب لكي نكون على بيّنة منها لأنه ينبغي علينا أن نعرف مَن المقصود بالكنى إذا أردنا أن نكون على دراية وفقاهة من روايات أهل البيت عليهم السلام.

(2) يكون التمييز بقرينة الراوي: إن كان الراوي مصاحباً للامام الباقر عليه السلام مثلاً فالمقصود هو الامام الباقر السلام، وان كان مصاحباً للإمام الجواد عليه السلام مثلاً فالمقصود هو الامام الجواد عليه السلام.

(3) المراد بـ (عنهما) كليهما، ومعناه أن الحديث تكرر من الامامين المعصومين عليهما السلام، وهذا يفيد التوكيد.

(4) لعله يكون زمن الإمام الكاظم عليه السلام أكثر الأزمنة شدة في التقية ولذلك كان أكثرُ المعصومين عليهم السلام في الكنى والاستعارات.

(5) جرى على لسان الرواة تسمية الإمام الهادي عليه السلام بـ (العسكري) و (صاحب العسكر).

(6) ملاحظة: قَصْد الكليني والصدوق عليهما الرضوان بـ (الشيخان) هو المشهور في اللسان الروائي. أما في اللسان الفقهي فالمقصود المفيد والطوسي عليهما الرضوان، وهذا أمر خارجي.

(7) الجوامع الحديثية الأربعة التي عليها المدار في الاستنباط هي: الكافي للكليني ومن لا يحضره الفقيه للمفيد وتهذيب الأحكام والإستبصار للطوسي.

(8) ملاحظة: قد يُطلق أحياناً على الأحاديث والأخبار بأنها آثار، خصوصاً في الجمع، لكن من حيث الدقّة في علم الدراية ينبغي التمييز وعدم الخلط.

(9) (مستدركة) معناها أن صاحب الكتاب استدرك أحاديث على غيره إستدراكات نادرة.

(10) ملاحظة: قد تكون هناك روايات مشهورة لكنها تسمى نادرة، ولذلك لأنها ليست معنونة في باب واحد بل تكون مشتّتة في عدة ابواب.

(11) فهرست كتب الشيعة وأصولهم وأسماء المصنفين وأصحاب الأصول، لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي، ص٦٢ رقم ٧٧، طبعة قم المقدسة، ١٤٢٠هـ

(12) اذا اجتمع الأصل والمصنف في نفس الكلام افترق المصنف عن الأصل في المعنى ولا يقع الخلط. واذا لم يجتمعا في الكلام قد يطلق أحدهما على الآخر، فيطلق (أصل) على مصنف أو يطلق (مصنف) على أصل.

(13) الفهرست للطوسي، ص٢

(14) رجال الشيخ الطوسي، ص٤٤٩ رقم ٦٣٨٦، طبعة قم المقدسة، ١٣٧٣هـ

(15) مثال للمستدرك: كتاب مستدرك الوسائل للميرزا النوري عليه الرضوان حيث استدرك على كتاب وسائل الشيعة للحر العاملي عليه الرضوان.

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp