هل يمكن لنا أن نعجل في فرج إمامنا المنتظر عليه السلام؟ ما هي موجبات الظهور؟

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp
هل يمكن لنا أن نعجل في فرج إمامنا المنتظر عليه السلام؟ ما هي موجبات الظهور؟

5 جمادى الآخرة 1440

لطالما كرر الشيخ الحبيب في محاضراته وجلساته امتعاضه من استغراق البعض في البحث عن «علامات الظهور» وإهمال البحث عن «موجبات الظهور» التي يراها أولى بالبحث لدخولها في دائرة التكليف علاوة على أن علامات الظهور خاضعة في معظمها للبداء وبالتالي يكون الإكثار من البحث فيها أو التركيز عليها بلا جدوى، بل إذا كان تعلق الإنسان فقط بهذه العلامات ويترك الإعداد للظهور بالعمل بالوظائف الدينية فهو آثم وهذا ما يريده الشيطان (لعنة الله عليه) أن يجعلنا نهتم فقط بالعلامات ونترك الموجبات فلا يتغير شيء ويطول زمن الغيبة.

الشيخ لا يرفض أصل البحث عن العلامات ولكنه يرفض الاستغراق فيها ومحاولات تطبيق العلامات على الأحداث المعاصرة فهذه من وجهة نظره طريقة خاطئة وقد وقع فيها أيضا بعض العلماء للأسف الشديد قديما وحديثا وكانت لها عواقب سلبية على الأمة ومصيرها، فالشيء الذي يقبله الشيخ هو الإلمام بهذه العلامات كما رُويت وجعلها بالبال انتظارا لأمر الله (سبحانه وتعالى) هذا فقط يكفي.

ويعتبر الشيخ أن البحث عن «موجبات الظهور» هو الأولى بمعنى تلك التكاليف التي يمكن أن يرحمنا الله إذا عملنا بها على أكمل وجه فيعجل ظهور وليه المهدي (صلوات الله وسلامه عليه) ولو على نحو البداء فإذا كان الله (سبحانه وتعالى) قدّر الظهور في زمن معين فمن الممكن أن يعجِّله لنا ضمن دائرة المحو والإثبات «يَمْحُو اللَّـهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ».

وهناك حالة شبيهة بهذا الأمر ذكرها الشيخ الحبيب حيث استخرج رواية عن الصادق (عليه السلام) تقول: «بَعَثَ الله نَبِيّاً إِلَى قَوْمٍ فَشَكَا إِلَى اللَّهِ الضَّعْفَ، فَأَوْحَى الله عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ أَنَّ النَّصْرَ يَأْتِيكَ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: إِنَّ الله عَزَّ وَ جَلَّ أَمَرَنِي بِقِتَالِ بَنِي فُلَانٍ، فَشَكَوْا إِلَيْهِ الضَّعْفَ. فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ الله قَدْ أَوْحَى إِلَيَّ أَنَّ النَّصْرَ يَأْتِينِي بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. فَقَالُوا: مَا شَاءَ الله لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بالله. قَالَ: فَأَتَاهُمُ الله بِالنَّصْرِ فِي سَنَتِهِمْ تِلْكَ لِتَفْوِيضِهِمْ إِلَى الله لِقَوْلِهِمْ مَا شَاءَ الله لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بالله». (مجموعة ورام ج1 ص16)

فهنا نلاحظ أن التقدير الإلهي الأولي كان عدم مجيء النصر إلا بعد 15 سنة ولكن بسبب أن قوم ذلك النبي على الرغم من ضعفهم فوضوا أمرهم إلى الله فقد كافأهم الله بالبداء فعجَّل لهم النصر بقضائه في السنة الأولى، وكان هذا الأمر نجاحا من هؤلاء المؤمنين في التكليف فكذلك نحن إذا نجحنا في تكليفنا فمن الممكن أن يعجل الله لنا الظهور المبارك لولي العصر (أرواحنا فداه).

ويقول الشيخ أن هناك نصا من إمامنا المهدي (أرواحنا فداه) يؤكد إمكان مساهمتنا في تعجيل الظهور المبارك، وهو قوله (صلوات الله وسلامه عليه): «وَلَوْ أَنَّ أَشْيَاعَنَا وَفَّقَهُمُ اللَّهُ لِطَاعَتِهِ عَلَى اجْتِمَاعٍ مِنَ الْقُلُوبِ فِي الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ عَلَيْهِمْ لَمَا تَأَخَّرَ عَنْهُمُ الْيُمْنُ بِلِقَائِنَا وَلَتَعَجَّلَتْ لَهُمُ السَّعَادَةُ بِمُشَاهَدَتِنَا عَلَى حَقِّ الْمَعْرِفَةِ وَصِدْقِهَا مِنْهُمْ بِنَا فَمَا يَحْبِسُنَا عَنْهُمْ إِلَّا مَا يَتَّصِلُ بِنَا مِمَّا نَكْرَهُهُ وَلَا نُؤْثِرُهُ مِنْهُمْ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيل». (الاحتجاج للطبرسي ج2 ص499)

فهنا الإمام المهدي (عليه الصلاة والسلام) يقول لنا أننا إذا وفينا بالعهد المعهود علينا واجتمعنا على ذلك فإن هناك تعجيلا للفرج سيحصل ولن يتأخر اليُمن والسعادة بلقاء وبمشاهدة الإمام يحكم البلاد والعباد ويملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا.

ولكن ما هو هذا العهد الذي يجب علينا الوفاء به حتى يتعجل الفرج؟

هنا جاء دور الشيخ الحبيب وفقهه الخاص حيث طرح في إحدى جلساته المباشرة في قناتي فدك وصوت العترة (عليهم السلام) مثالا تطبيقيا واستنتاجيا لفت انتباه المؤمنين.

رتَّبَ الشيخ طرحه على النحو التالي:

1- معلومٌ بالضرورة أن العهد لا بد أن يكون منه العمل بأشياء تضمنها هذا العهد أو الميثاق، فوجب أن نبحث عن هذه الأشياء العملية التي يطلبها هذا العهد، أو أن نبحث عن كل ما نطق به الدين من أعمال وصفها اللسان الشرعي بأنها من العهد والميثاق حتى تشكل بمجموعها ذلك العهد أو الميثاق المبحوث عنه في المقام.

2- في طور البحث نجد أن المطلوبات الشرعية كثيرة، ولكن هناك طائفة خاصة منها عبَّر عنها اللسان الشرعي بأنها من العهد أو الميثاق لأهميتها، ومنها: «عمران‌ بن ميثم، عن أبيه، قال: شهدت عليّا (عليه السلام) عند موته يقول: «يا حسن»، فقال: «لبّيك يا أبتاه»، فقال: «إنّ الله تعالى أخذ الميثاق على أبيك و على كلّ مؤمن ببغض كلّ منافق وفاسق». (الأمالي للطوسي ص246)

3- إذاً (بغض كل منافق وفاسق) هو من العهد أو الميثاق المأخوذ على كل مؤمن منا، والآن كيف يتحقق هذا البغض؟ الجواب هو: أن البغض له لوازمه العملية كما يقول الفقهاء فعن الباقر (عليه الصلاة والسلام): «فأنكروا بقلوبكم والفظوا بألسنتكم و صكوا بها جباههم ولا تخافوا في الله لومة لائم، فإن اتعظوا وإلى الحق رجعوا فلا سبيل عليهم (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) هنالك فجاهدوهم بأبدانكم وأبغضوهم بقلوبكم.» (الكافي للكليني ج5 ص56)، وهذا يعني أنه لا يكفي (البغض القلبي) فقط بل يجب أن يتعدى إلى (البغض اللساني) أي المجاهرة بالرفض والبراءة من كل منافق وفاسق.

4- من المعلوم بالضرورة من دين الشيعة أن أكبر منافق وفاسق هو أبو بكر وعمر وأصحاب السقيفة الملعونة فيجب إذاً المجاهرة بالتعبير عن رفضهم والبراءة منهم، وبعبارة أخرى أداء واجب النهي عن المنكر وهو ولاية هؤلاء المنافقين والفاسقين.

5- من العهد والميثاق أيضا عدم سكوت العلماء أو تركهم لإرشاد التائهين والضالين كالمخالفين المساكين لأنهم إذا سكتوا أو لم يبالوا بهم كانوا من الخائنين: «كَتَبَ أبو جَعفَرٍ عليه السلام إلى سَعدِ الخَيرِ : بِسمِ اللّه ِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، أمّا بَعدُ ، فَإِنّي اُوصيكَ بِتَقوَى الله… وَالعُلَماءُ في أنفُسِهِم خانَةٌ إن كَتَمُوا النَّصيحَةَ ، إن رَأَوا تائِهًا ضالاًّ لايَهدونَهُ ، أو مَيِّتًا لا يُحيونَهُ ، فَبِئسَ ما يَصنَعونَ ! لِأَنَّ الله َ تَبارَكَ وتَعالى أخَذَ عَلَيهِمُ الميثاقَ فِي الكِتابِ أن يَأمُروا بِالمَعروفِ وبِما اُمِروا بِهِ ، وأن يَنهَوا عَمّا نُهوا عَنهُ ، وأن يَتَعاوَنوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوى ولايَتَعاوَنوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوانِ». (الكافي للكليني ج8 ص52)

6- لا بد إذا وجدنا نقضا لهذا العهد والميثاق أن نظهر الغضب على التاركين خاصة إذا كانوا من العلماء الذين أخذ الله عليهم هذا العهد والميثاق. يقول الإمام علي (عليه الصلاة والسلام): «من كلام له عليه السلام وهو يلوم أصحابه: وَقَدْ تَرَوْنَ عُهُودَ اللهِ مَنْقُوضَةً فَلاَ تَغْضَبُونَ! وَأَنْتُمْ لِنَقْضِ ذِمَمِ آبَائِكُمْ تَأْنَفُونَ! [تكرهون] وَكَانَتْ أَمُورُ اللهِ عَلَيْكُمْ تَرِدُ، وَعَنْكُمْ تَصْدُرُ، وَإِلَيْكُمْ تَرْجِعُ، فَمَكَّنْتُمُ الظَّلَمَةَ مِنْ مَنْزِلَتِكُمْ، وَأَلْقَيْتُمْ إِلَيْهِمْ أَزِمَّتَكُمْ، وَأَسْلَمْتُمْ أُمُورَ اللهِ فِي أَيْدِيهمْ، يَعْمَلُونَ بِالشُّبُهَاتِ، وَيَسِيرُونَ في الشَّهَوَاتِ». (نهج البلاغة 105)

إلى الآن توصلنا إلى هذه النتائج:

● التعجيل بالظهور يتطلب العمل بالعهد والميثاق المأخوذ علينا.
● من العهد والميثاق المأخوذ علينا بغض كل منافق وفاسق.
● بغض كل منافق وفاسق يتطلب شرعا الإنكار بالقلب واللفظ باللسان والمجاهدة بالأبدان = المجاهرة بالرفض والبراءة.
● أبو بكر وعمر وأصحاب السقيفة الملعونة أكبر المنافقين والفاسقين فتجب المجاهرة برفضهم والبراءة منهم والنهي عن منكر ولايتهم = منهج أهل العالم الأول.
● لا يجوز للعلماء إهمال التائهين والضالين الذين تولوا المنافقين والفاسقين بل يجب عليهم هدايتهم وإحياؤهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، فإذا لم يفعلوا ذلك فقد نقضوا العهد والميثاق الذي فرضه الله (سبحانه وتعالى) عليهم فيعتبرون من الخائنين وبئس ما يصنعون = منهج تحرير الإنسان الشيعي.
● لا يجوز للمؤمنين أن يروا العهد والميثاق منقوضا بدون أن يظهروا الغضب لله (سبحانه وتعالى) = منهج الشيخ في التعامل مع الرجال الساعين في هدم الإسلام مثالا.

والخلاصة أن من موجبات أو مقتضيات التعجيل بالظهور (إن شاء الله) هو أن يتحلى كل مؤمن منا بهذه الصفات (بغض المنافقين والفاسقين والجهر بالرفض والبراءة وإظهار الغضب وعدم السكوت).

«اللهم فصل على محمد وآل محمد وعجل لوليك الفرج والعافية والنصر».

* تقرير مقتبس من بعض محاضرات وجلسات الشيخ الحبيب.

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp