أليس قوله تعالى: ”إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا“ دليل على أن الله مع أبي بكر نصرةً وتأييداً؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحية إلى الشيخ ياسر الحبيب حفظه الله ووفقه لما فيه الخير

مولانا الجليل أرجو الإجابة في أقرب فرصة رحم الله والديكم

سماحة الشيخ بخصوص آية الغار ذكرتم شيخنا بأن قول النبي لا تحزن فيه نهي والنبي لا ينهى إلا عن معصية ، يردالمخالفون بالقول إذا كان النهي عن الحزن يستلزم معصية لكان هذا يعني بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد ارتكب معصية لأنه الله يقول له ( ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون ) وقوله تعالى ( و لا تهنوا ولا تحزنوا ) فما هو جوابكم ؟

وأيضا سماحة الشيخ يقولون بأن المعية في قوله ( إن الله معنا ) هي معية تأييد ونصرة لأن أبو بكر كان خائفا فطمأنه النبي بالقول أن الله معنا نصرة وتأييدا فما الرد المناسب عليهم ؟

وهناك سؤال مولانا ما ردكم حول سبب اصطحاب النبي لأبي بكر فلماذا النبي يصطحب رجل فاسق ؟

وجزاكم الله ألف خير

بوعلي


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بالنسبة للشق الأول من السؤال فقد سبق للشيخ الجواب عليه، اضغط هنا.

وبالنسبة للشق الثاني أفاد الشيخ أنه بقرينة حرمان أبي بكر من السكينة في منطوق الآية نفسها وهو الكاشف عن عدم كونه مؤمناً؛ تكون المعية لرسول الله (صلى الله عليه وآله) دون أبي بكر، أي أنه يكون معنى قوله: ”إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا“ إن الله مع الرسول (صلى الله عليه وآله) والمؤمنين من أتباعه، ولذلك مصداق روائي وهو ما رواه الشيخ المفيد أن أبا بكر قال في الغار: ”يا رسول الله؛ حزني على أخيك علي بن أبي طالب ما كان منه! فقال له النبي صلى الله عليه وآله: لا تحزن إن الله معنا، أي معي ومع أخي علي بن أبي طالب عليه السلام“. (الاحتجاج للطبرسي ج2 ص328 عن المفيد).

وببيان آخر: إن الله تعالى قد خاطب المسلمين زمان النبي (صلى الله عليه وآله) بقوله: ”فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ“ (محمد صلى الله عليه وآله: 36) ونحن نعلم ضرورةً أن في هؤلاء المخاطَبين مَن كان من أهل النفاق كعبد الله بن أبي بن سلول، فلا بدّ من حمل قوله عز وجل: ”وَاللَّهُ مَعَكُمْ“ على أنه تعالى مع النبي (صلى الله عليه وآله) والمؤمنين من أتباعه دون هؤلاء المنافقين، وأن أهل النفاق خارجون عن إشمالهم بهذه المعية، فكذلك الحال في المعية يوم الغار، فحيث ثبت أن أبا بكر محروم من السكينة، وهو ملازم لثبوت كونه منافقاً لأن الله تعالى يقول: ”ثُمَّ أَنْـزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ“ (التوبة: 29) فلو كان مؤمناً لوجب أن تشمله السكينة؛ حيث ثبت ذلك فإنه يكون خارجاً أيضاً عن شموله بالمعية بمعنى التأييد والنصرة، وأنها مقصرة على النبي (صلى الله عليه وآله) وأتباعه المؤمنين.

وأما اصطحاب النبي (صلى الله عليه وآله) لأبي بكر فقد ذكرت الروايات أنه لم يكن عن إرادة من النبي (صلى الله عليه وآله) ولا عزمٍ منه، وإنما التحق أبو بكر من تلقاء نفسه بالنبي (صلى الله عليه وآله) فاضطر (صلى الله عليه وآله) وهو مسرع في طريقه إلى خارج مكة لأخذه معه لئلا ينكشف أمره عند المشركين، وهذا الطبري وهو أعظم مؤرخي أهل الخلاف يروي: ”إن أبا بكر أتى عليا فسأله عن نبي الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه لحق بالغار من ثور وقال: إن كان لك فيه حاجة فالحقه، فخرج أبو بكر مسرعاً فلحق نبي الله صلى الله عليه وسلم في الطريق، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم جرس أبي بكر في ظلمة الليل فحسبه من المشركين فأسرع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشي، فانقطع قبال نعله ففلق إبهامه حجر فكثر دمها! وأسرع السعي، فخاف أبو بكر أن يشق على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع صوته وتكلم فعرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام حتى أتاه، فانطلقا ورِجْلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم تستن دماً“! (تاريخ الطبري ج2 ص100).

إذن فلم يكن النبي (صلى الله عليه وآله) قد قرّر منذ البداية اصطحاب أبي بكر (لعنه الله) وإنما اضطر إلى ذلك في الطريق، ولذلك لم يقل الله تبارك وتعالى: "إذ أخرجهما الذين كفروا" بل قال: ”إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا“ للتدليل على أن النبي (صلى الله عليه وآله) هاجر وحده بالأصل، غير أن أبا بكر تطفّل والتحق به عن غير رغبة منه صلى الله عليه وآله!

مكتب الشيخ الحبيب في لندن

ليلة 15 شوال 1430


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp