كيف تنازل الإمام الحسن (عليه السلام) عن الحكم لمعاوية مع أنه كافر؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سماحة الشيخ هناك اسئلة كثيرة تطرح للمناقشة في المنتديات الحوارية حول الخلاف الشيعي والسني

فمن خلال زيارتي لهذه المنتديات واستماعي للمتحاورين لفت انتباهي احد هذه الاسئلة التي تنسف المذهب الشيعي على حد قول احد المتاحاورين وكان مطروحاً كالتالي

سؤال واحد ينسف المذهب الشيعي

ماهو حكم معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ومن معه من المسلمين الذين قاتلوا علي بن أبي طالب رضي الله عنه في صفين ؟

هل هم مسلمون ؟ أم كفار ؟

ولله ما اعظمه من سؤال اوقعهم في ( حيص بيص ) ..

إن قالوا كافر فهم في ورطة.. وإن قالوا مسلم فهم في ورطة

فأذا قالو كافر؟

فالحسن بن علي تنازل عن الخلافة لمعاوية بن ابي سفيان وولاه أمور المسلمين

ومن يولي الكافر على المسلمين ويحكمه في دمائهم وأموالهم فهو كافر مثله بالإجماع

فكيف ينفي الشيعة هذه التهمة عن الحسن ؟؟؟؟؟


ارجو من سماحتكم التوضيح ولكم جزيل الشكر


‏باسمه تقدست أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الإشكال مضحك جدا، وله ردود مفصلة، لكننا على طريقة صاحبه الغبي نأتيه بسؤال آخر وبيان مختصَر، فنقول:

عبد الله بن أبي بن سلول، مسلم ظاهرا، كافر باطنا، أي منافق.

مع علم النبي (صلى الله عليه وآله) بكفره فإنه أجرى عليه أحكام المسلمين، فكان – مثلا - يدخل المسجد النبوي الشريف ويلتحق بالجماعة.

فالسؤال: كيف سمح رسول الله (صلى الله عليه وآله) لكافر بأن يدخل المسجد مع حرمة ذلك بنص القرآن الكريم؟!

حسب عقلية صاحبك الغبي يكون رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد كفر لأنه تعامل مع كافر معاملة المسلمين! أو أن يكون ابن سلول مسلما حقا ومؤمنا صدقا!

أما حسب عقلية المؤمن الواعي فيكون رسول الله (صلى الله عليه وآله) مضطرا لأن يعامل هذا الكافر هذه المعاملة حرصا على ما هو أهم لمصلحة الإسلام، وهو مداراة قبيلته وتحريضها على الدخول والبقاء في الإسلام، والحفاظ ولو ظاهريا على وحدة المجتمع الإسلامي. يشهد على ذلك قوله (صلى الله عليه وآله) عندما أراد عمر بن الخطاب (لعنه الله) أن يقتل ابن سلول لتقع الفتنة في المجتمع الإسلامي: "دعه.. لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه"! (البخاري ج6 ص66).

فالآن..

معاوية بن أبي سفيان، مسلم ظاهرا، كافر باطنا، أي منافق.

مع علم الإمام الحسن (صلوات الله عليه) بكفره فإنه أجرى عليه أحكام المسلمين، فقبل - مثلا - بأن يتولى الحكومة الظاهرية.

فالسؤال: كيف سمح الإمام الحسن (صلوات الله عليه) لكافر بأن يتولى الحكومة الظاهرية مع حرمة ذلك بنص القرآن الكريم؟!

حسب عقلية صاحبك الغبي يكون الإمام الحسن (صلوات الله عليه) قد كفر لأنه تعامل مع كافر معاملة المسلمين! أو أن يكون ابن هند مسلما حقا ومؤمنا صدقا!

أما حسب عقلية المؤمن الواعي فيكون الإمام الحسن (صلوات الله عليه) مضطرا لأن يعامل هذا الكافر هذه المعاملة حرصا على ما هو أهم لمصلحة الإسلام، والحفاظ ولو على الحد الأدنى من بقاء الخط الإسلامي الأصيل، الذي يقتضي بقاءه هو (عليه السلام) وبقاء المؤمنين العارفين بحق أهل البيت أحياء لا يفنيهم معاوية بالحرب فيجتث أصل الإسلام الحق وجذر التشيع في تلك المرحلة الحرجة التي رجحت فيها موازين القوى لصالح جبهة الشرك والنفاق على حساب جبهة الإسلام والإيمان. ويشهد على ذلك قوله عليه السلام: "إنما هادنت حقنا للدماء، والله لأن آخذ من معاوية عهدا أحقن به دمي وآمن به في أهلي خير من أن يقتلوني"! (الاحتجاج ج2 ص158).

وقد أجاز رسول الله (صلى الله عليه وآله) العمل بمقتضى قاعدة الاضطرار، حين قال: "رُفع عن أمتي تسعة؛ الخطأ والنسيان وما أُكرهوا عليه وما لا يعلمون وما لا يطيقون وما اضطروا إليه والحسد والطيرة والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة". (خصال الصدوق ج2 ص417).

فتأمل قوله (صلى الله عليه وآله): "وما أكُرهوا عليه.. وما اضطروا إليه"، والثابت أن إمامنا المجتبى (صلوات الله عليه) كان قد أُكره على الصلح، واضطر إليه. كما أُكره رسول الله (صلى الله عليه وآله) على الصلح مع مشركي قريش، واضطر إليه.

فالسؤال إذن لا يفضح إلا صاحبه، ولا ينسف إلا مذهبه، ولا يحرق إلا لحيته، ولا يخرق إلا إليته!

زادكم الله علما ويقينا. والسلام.

28 من شهر جمادى الآخرة لسنة 1427 من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp