أبو بكر امتدحه الله وقال النبي: لا تسبوا أصحابي.. فكيف تسبونه؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

نعلم جميعاً، أخوة الإسلام، ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( \"يقول الله تعالى: من عادى ليّ ولياً فقد آذنته بالحرب\" ...............................
صلى الله عليه وسلم: \"من سبّ أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين\"
..................................
مكانة أبي بكر يمتدحه رب العباد في كتابه: (إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا
.............................
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: \"لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أُحد ذهباً ما بلغ مٌد أحدهم ولا نصيفه\" (3). ...........................
ارجو منكم شرح والرد على هذا الكلام
ولكم الشكر

جهاد


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأحاديث المذكورة في السؤال لا يمكن الوثوق بصدورها عن النبي صلى الله عليه وآله، لأنها لم تُروَ عن طريق أهل بيته الطاهرين (عليهم السلام) الذين أوصى باتباعهم والتمسك بهم قائلاً: ”إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا؛ كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض“. (مسند أحمد بن حنبل ج3 ص14 وصحيح مسلم ج4 ص1874 وسنن الترمذي ج5 ص662 وغيرهم كثير بألفاظ متقاربة).

وهذه الأحاديث جاءت عن طريق الطائفة البكرية المشهور رواتها بالكذب والوضع، فلا يمكن الاعتماد عليها ما دامت هذه الأحاديث تخدم معتقدها.

ولو سلّمنا جدلاً بصحة هذه الأحاديث فإنها لا تمنع من كشف حقيقة النفاق في أمثال أبي بكر بن أبي قحافة وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وغيرهم من المنافقين، لأن هؤلاء وإن كانوا من أصحابه (صلى الله عليه وآله) ظاهراً إلا أنهم ما كانوا من أصحابه المؤمنين بل المنافقين، فقد قال (صلى الله عليه وآله) على ما ترويه الطائفة البكرية نفسها: "إن في أصحابي إثنا عشر منافقاً فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط". (صحيح مسلم ج8 ص122)

وذات مرة قام (صلى الله عليه وآله) وفضح 36 رجلاً منهم على رؤوس الأشهاد في المسجد النبوي الشريف، فقد أخرج أحمد عن أبي مسعود قال: "خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلمخطبة فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن فيكم منافقين! فمن سمّيتُ فليقم.ثم قال: قم يا فلان! قم يا فلان! حتى سمّى ستة وثلاثين رجلاً! ثم قال: إن فيكم أو منكم، فاتقوا الله". (مسند أحمد ج5 ص273)

ولا شك أن أبا بكر بن أبي قحافة كان من هؤلاء المنافقين الذين لم تجرؤ الطائفة البكرية على ذكر أسمائهم في هذا الحديث، فقامت بإخفاء هذه الأسماء بكلمة (فلان) مع أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نفسه قد فضحهم!

والدليل على كون أبي بكر منافقاً هو نفس الآية التي جاءت في السؤال، فإن آية الغار ليست دليلاً على إيمانه وحسن حاله كما تتوهم، بل هي دليل على نفاقه وإلا لما حُرم من السكينة، حسب ما أوضحه الشيخ في جواب سابق، حيث قال: "إن أبا بكر بنص هذه الآية ليس من المؤمنين، لأنه لو كان مؤمنا حقا لشمله الله تعالى بنزول السكينة ولم يحرمه منها، لكن الله تعالى اقتصر إنزال السكينة على رسوله بقوله تعالى: "فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ" فقط. ولو كان أبو بكر مستحقا لهذه السكينة لوجب أن يكون منطوق الآية هكذا: فأنزل الله سكينته عليهما، وإخراج أبي بكر عن دائرة نزول السكينة يثبت أنه ظل كافرا وليس بمؤمن وإلا لوجب أن تنزل عليه السكينة لأن الله تعالى يقول في موضع آخر: "فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وعَلَى الْمُؤْمِنِينَ" (الفتح: 26) فالمؤمنون لابد وأن يُشملوا بالسكينة، سيما في مثل هذه المواضع الخطرة".

وعليه إذا سلّمنا جدلاً بصحة أحاديث النهي عن سب الأصحاب، فإن المقصود بها الأصحاب المؤمنين لا الأصحاب المنافقين، أي أن النبي (صلى الله عليه وآله) نهى عن سب أصحابه المؤمنين أمثال سلمان والمقداد وعمار وأبا ذر وخالد بن سعيد بن العاص وعثمان بن مظعون وجابر بن عبد الله الأنصاري رضوان الله عليهم، وليس ينهى عن سب أصحابه المنافقين الذين خانوه وعصوا أوامره وبدّلوا بعده، كيف وهو نفسه (صلى الله عليه وآله) قد سبّ بعضهم! فقد أخرج إمام المالكية مالك بن أنس عن معاذ بن جبل في حديث تبوك أن النبي (صلى الله عليه وآله) سأل اثنين من أصحابه سبقا إلى عين الماء: "هل مسستما من مائها شيئاً؟ فقالا: نعم. فسبّهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لهما ما شاء الله أن يقول". (كتاب الموطأ ج1 ص144)

وهذا دليل على جواز سب المنافقين المنحرفين من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) اقتداءً به، فإنه (صلى الله عليه وآله) المثل الأعلى لكل مسلم ومسلمة.

مع أن ما ينطق به الشيخ تجاه هؤلاء ليس في الحقيقة من السب والشتم، لأنه يصف أحوالهم، فهو عندما يقول مثلا أن أبا بكر كان طاغية مرتدا، فهو يتكلم عن واقعه وصفته ولا يسبه. فما دام ثبت عند الشيخ أن أبا بكر كان أحد أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنافقين الذين ارتدوا بعده، فيحق له ما يقوله فيه.

وهذا مثل ما فعله إمام الوهابيين محمد بن عبد الوهاب، فإنه ثبت عنده أن أحد أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد ارتد بعده وشهد لمسيلمة الكذاب بالنبوة! فقد قال عن أصحاب مسيلمة: ”شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، لكن صدّقوا بمسيلمة أن النبي أشركه في النبوة، وذلك أنه أقام شهوداً شهدوا معه بذلك، وفيهم رجل من الصحابة معروف بالعلم والعبادة يُقال له الرحّال، فصدّقوه لما عرفوا فيه من العلم والعبادة“! (الدرر السنية ج9 ص383)

مكتب الشيخ الحبيب في لندن


17 جمادى الأولى 1431


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp