هل صدور القبيح من الله ممكن أم ممتنع؟ وهل الرحمة من الصفات الذاتية أم الفعلية؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم

الشيخ الفاضل ياسر الحبيب حفظه الله وسدد خطاه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

س1:هل القبيح ممكن على الله سبحانه وتعالى أم مستحيل ،بمعنى هل هو من قبيل القصور في القابل وليس القصور في الفاعل أم لا هو ممكن لكن الله لا يفعله ، فهو ممكن من حيث القدرة الإلهية ومستحيل من حيث الحكمة إن صح ذلك ألا يعد تناقضا لأن الحكمة هي عين القدرة في الواقع وإن كانت تختلف من حيث المفهوم والنظرة الأولية؟

س2:لماذا لا يقال أن القبيح مستحيل في نفسه على ذات الله عز وجل حيث أن القبيح نقص والذات الإلهية كمال مطلق ، وصدور القبيح من جهة الكمال المطلق يعتبر نقص في حق الذات الإلهية إذ إن صدور القبيح دائر بين كونه عبث وهو خلاف الحكمة أو جهل وهو خلاف العلم أو الاحتياج وهو خلاف القدرة والغنى ، ومن هذه الوجوه لا يكون هناك مجال للقول بامكان القبيح أصلا فيكون القصور في القابل ولا يقال بأنه ممكن على الله لكنه لا يفعله ، إلا أن الآيات القرآنية وخصوصا آيات المشيئة كقوله تعالى :( ولو شاء ربك لامن من في الارض كلهم جميعا افانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) وقوله تعالى:( ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا يزالون مختلفين) تشير إلى امكان ذلك كله على الله وأنه على كل شيء قدير وأنه لا ينسب إلى العجز لكنه لا يفعل ذلك بمشيئته واختياره وليس بفاعل موجب بل فاعل مختار، فكيف يمكن الجواب على هذه الشبهة؟

س3:هل من الممكن أن تكون الرحمة من صفات الذات بالمعنى العام ومن صفات الفعل بالمعنى الخاص إن صح التعبير ، فعندما يقال لله سبحانه "يا قديم الإحسان" فلا يعني ذلك أن قدم الإحسان والرحمة قدم زماني مقترن بحدوث الخلق بل هو قدم ذاتي قالقادر والقوي لا ينسب للعجز والضعف إن لم يظهر تلك القدرة وكذلك الرحمة الذاتية ، أما الرحمة الفعلية فهي تلك الرحمة التي تقابل اللعن ، وإن تدبرنا اللعنة والعذاب والنار تجدها من مصاديق الرحمة الإلهية على العباد حيث أنها مما يقرب الإنسان من الطاعة ويبعده من المعصية من باب التخويف والاعتبار ومن باب عدم تقبل ذات الملعون للرحمة أساسا لمن وقع في حقه العذاب الإلهي وهكذا؟


باسمه تقدست أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

ج1: هو تساقط في المقدّمتين واتفاق في النتيجة، بيان ذلك أننا نقول أولا أن قدرته مطلقة، فيكون فعل القبيح بالنسبة إليه ممكنا، لكننا نلتزم بعدم صدوره منه لأنه نقص. ثم نقول ثانيا أن كماله مطلق، فيكون فعل القبيح بالنسبة إليه ممتنعا، لكننا نلتزم بإمكان صدوره منه لأنه مقدور. فترجيح أحد الطرفيْن على الآخر يكون ترجيحا بلا مرجّح، فتتساقط المقدّمتان وتثبت النتيجة وهي عدم صدور القبيح منه تعالى. والحق أن تفسير ذلك بأنه ممكن أم ممتنع؟ محال في الخارج أم في نفسه؟ ليس إليه سبيل لأن الذات الإلهية لا يمكن فهمها وهي فوق استيعاب البشر، ويشمل البحث في ذلك النهي الوارد عن التفكر في ذات الله تبارك وتعالى، فينبغي في هذه المسألة السكوت والالتزام بالنتيجة فحسب.

ج2: قد تبيّن لك من جواب سابقه.

ج3: الاحتمال غير بعيد لولا أن المتكلمين تعارفوا على إدراجها تحت صفات الفعل من باب أنها لو كانت صفة ذاتية أزلية فلا تحقق لها لأنه لم يكن ثمة مرحوم في الوجود، لذا استقربوا أن تكون صفة فعلية، غير أن هذا التقريب لا يخلو من نظر، فإنا نثبت مثلا أن القدرة ذاتية مع أنه لم يكن ثمة مقدور. والتفت إلى أن الرحمة غير الإحسان، فالأولى تقابل القسوة، والأخيرة تقابل الإساءة.

فقّهكم الله في دينه وأوسعكم علما. والسلام.

الخامس من ذي القعدة لسنة 1427 من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp