هل يعتبر الشيخ أن التقليل من قدر (الصحابة) هو من التعددية والحرية المنشودة؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله

قرأت كما قرأ الكثير ما جاء في جريدة الوطن من مانشيت لمقابلة الشيخ عن عودته للكويت .. وأنا شخصيا احتسب جريدة الوطن من مروجي العفن الطائفي والطائفية في الكويت .. سواءا كانت الطائفية الحزبية والدينية والاجتماعية ... ولا يعجبني ابعاد او هروب او انفاء اي مواطن كويتي عن الكويت أيا كان مذهبه ودينه واصله وحزبه كونه يحمل شرف الجنسية الكويتية ... فالمهم عندي وعند الكثير من الشعب الكويتي الكريم أن يكون الكويتي كويتي بالاسم والصفة .. مؤمنا بالتعددية والحرية وعدم التعدي على اي مذهب كان ... لكن سمعت كما سمع الكثير من الكويتيين المؤمنين بالتعددية والوسطية بأن سماحة الشيخ الحبيب تعرض لمقام صحابة وأناس نحترمهم ونجلهم نحن السنة .. وإن هذا برأيي يعتبر تعدي على التعددية المنشودة واحترام المذاهب الاسلامية .. فسؤالي هو: ماذا قال سماحة الشيخ ليعاقب عليه ومن من الصحابة اتهم وأهان؟ ... وكذلك هل يعتبر الشيخ التقليل من قدر صحابة يحترمهم نسبة كبيرة من الشعب الكويتي الكريم من التعددية والحرية المنشودة ؟

نسأل الله لنا ولكم الرحمة والجنة بحق محمد صلى الله عليه وسلم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فيصل الرفاعي


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين


‏السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أسعد الله أيامكم وكل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد الأضحى المبارك.

إن الإيمان بالتعددية والتنوع الديني والثقافي يعني القبول بالآخر كما هو وليس بشروط تحد من حريته في التعبير عن نفسه ومعتقداته.

وإذا افترضنا أن دولة من الدول الغربية النصرانية التي تقول أنها تحترم مبدأ التعددية طالبت المسلمين الذين يعيشون فيها بحذف آيات معينة من القرآن الكريم فيها هجوم على النصارى فهل يمكننا أن نقبل ذلك باسم التعددية؟ طبعا لا.

سوف يقولون: يجب أن تحترمونا ولا تقولوا عنا في كتابكم المقدس أننا كفار ومصيرنا العذاب والنار مثل آية: "لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ".

وآية: " لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ" وغيرها من الآيات.

ولكننا سنقول لهم: إذا كنتم تؤمنون بالتعددية فيجب أن تقبلوا بنا كما نحن وليس كما تريدون أنتم، كما أن اعتقادنا بأنكم كفار ليس تعديا عليكم أو هجوما ولكنه نقد مع الدليل العلمي.

ومع ذلك فنحن في الحياة نتعايش بشكل مشترك ونبني بلداننا بشكل مشترك بغض النظر عن عقائدنا المتناقضة.

إن الشيخ الحبيب مع إيمانه بمبدأ التعددية فإنه يشدد على ضرورة أن لا تلغي التعددية الفوارق الدينية والمذهبية ففي هذه الحالة لا تكون هذه تعددية بل ديكتاتورية.

ومن بين الفوارق الأساسية بين الشيعة وغيرهم هي النظرة تجاه شخصيات أصحاب النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.

فالشيعة لا يعتبرون كل هذه الشخصيات عدولا بل يقولون بعضهم عدول والباقي غير عدول ومنهم الكافر والمنافق والفاسق والمتجبر.

أما غير الشيعة فيقولون أن كل هؤلاء عدول مع أنهم يطعنون ببعضهم من الشخصيات الإسلامية العظيمة مثل أبي طالب (عليه السلام) عم الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي يقولون عنه أنه كافر والعياذ بالله مع أنه كان بطل الدفاع عن النبي وعن الإسلام والمسلمين وقد شهد بأن دينه هو الإسلام وترحّم عليه الرسول (صلى الله عليه وآله) وسمّى العام الذي مات فيه بعام الحزن.

وبناء على ذلك فيجب على كلا الطرفين احترام الطرف الآخر في نظرته تجاه هذه الشخصيات وأن لا يسلب منه حق التعبير عن موقفه منها بل يناقش أدلته ويترك الحكم للناس وهم يختارون الطرف المحق الذي يملك الحجة.

والتعددية لا تعني أن يتم سلب الشيعة حقهم في إبداء مواقفهم من أبي بكر وعمر وعثمان مثلا، كما أنها لا تعني سلب غير الشيعة حقهم في إبداء مواقفهم من أبي طالب عليه السلام وأبي لؤلؤة رضوان الله عليه.

يجب أن تعتاد كل الأطراف على استيعاب أفكار ومعتقدات بعضها البعض حتى ولو كانت متناقضة تماما وأن تعمل على نزع الحساسية عن طرح هذه الأفكار.

لقد نجحت الدول الغربية في هذا الشيء فتجد كل طائفة دينية تعبر عن معتقداتها وعن نقدها لرموز وكبار شخصيات الطوائف الأخرى بدون أن يثير هذا الشيء أي حساسية أو مشاكل، والشيء الوحيد الذي لا تسمح به التعددية هو أن تقوم الطوائف بالتحريض على القتل أو العنف.

وبسبب نجاح الدول الغربية في تطبيق هذا المبدأ فإنها تعيش التقدم لأن هذه الأجواء الحرة التي وفرتها هي التي تساعد الجميع على قبول بعضهم البعض والمشاركة في بناء الوطن مهما كان الاختلاف الديني الذي يصل إلى حد التناقض الكامل.

فمثلا اليهودي في أميركا رغم أنه يعتقد بأن المسيح (عليه السلام) هو نبي كاذب بل وابن زنا والعياذ بالله ويصرّح بذلك في كتبه الدينية المنشورة وفي أقوال علماء طائفته لكن ذلك لا يثير النصراني الذي يكون زميله في العمل أو الخدمة في الجيش بل كلاهما يشتركان في المواطنة.

وكذلك النصراني رغم أنه يعتقد بأن اليهود كفار وسيكون مصيرهم النار لأنهم لم يؤمنوا بالمسيح (عليه السلام) ورغم أنه يهاجم كبار رموز اليهود الدينية ويصفهم بالقتلة والمجرمين لأنهم في اعتقاده هم الذين تسببوا في صلب المسيح وقتله لكن ذلك لا يثير اليهودي الذي يكون زميله في الدراسة مثلا، وهكذا.

والشيخ الحبيب يرى أن هذا المبدأ هو من صميم المبادئ الإسلامية المجهولة عند المسلمين فالله تعالى يقول: "لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ".

ويقول أيضا: "لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ".

إن الشيخ يقول أن هذه الأجواء التعددية التي وفرتها الدول الغربية رغم أنها أجواء نسبية بمعنى أنها لا تطبق التعددية والحرية المطلقة إلا أنها هي التي تساعد الإسلام على الإنتشار وأن يكون أكثر الأديان انتشارا في الدول الغربية ولولا هذا المبدأ الذي تلتزم به هذه الدول لما انتشر الإسلام بهذه السرعة.

كما أن الشيخ يعتبر أن من أعمق المشاكل الخطيرة هي عدم فهم الآخر وعدم إتاحة الفرصة له للتعبير عن نفسه بحجة أنه يتعدى أو يتعرض لشخصيات مقدسة.

إن كبت حرية الشخص في التعبير عن معتقداته حتى ولو كانت حساسة يجعله أكثر تطرفا وهذا ما لا نريده.

كما أن منع الناس من الاستماع لمعتقدات الطوائف كما هي هو الذي يجعلهم يفهمون فهما خاطئا عنها فيتسبب ذلك في زيادة التنافر الاجتماعي ويمكن أن يولّد الحرب الأهلية.

لذلك أفضل وسيلة للقضاء على الحساسيات الدينية والمذهبية هي السماح لكل طائفة في أن تعبّر عن نفسها ومعتقداتها بكل حرية وأن تنتقد بعضها البعض ثم يتم ترك المجال للناس للحكم.

وفي وسط هذه البيئة الصحية – يقول الشيخ – سنرى انتشار الإسلام والتشيع لأن الحق يعلو ولا يُعلى عليه والناس تتمكن من تمييز الصحيح من الخطأ بفطرتها.

وضمن هذا الإطار قام الشيخ الحبيب بعرض آرائه في التاريخ الإسلامي ومرحلة ما بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في محاضرات أسبوعية أقيمت في ديوان خدام المهدي (عليه السلام) في الكويت.

كانت هذه المحاضرات عبارة عن مناقشات علمية واستدلالية أجاب فيها على كثير من الشبهات والأسئلة المقلقة وقدّم فيها نظرته ونظرة المسلمين الشيعة تجاه الشخصيات التي يحترمها المخالفون للشيعة مثل أبي بكر وعمر وعائشة وأثبت أن هذه الشخصيات ليست بالصورة المثالية التي يتصوّرها المخالفون وإنما هم ظالمون متوحشون والعقيدة الإسلامية توجب علينا البراءة منهم.

لقد ناقش الشيخ هذه القضايا في مجلسه الخاص على مدى عام كامل تقريبا وهو بذلك لم يخالف مبدأ التعددية ولا نصوص الدستور أو القانون الكويتي كون المجلس خاصا لمن يريد الاستفادة وليس عاما كندوة عامة وهو لا يتضمن أي تحريض على العنف أو إلغاء الآخر وإنما قدّم فيه فقط نظرة مناقضة أخرى تجاه التاريخ الإسلامي والشخصيات التي لعبت أدوارا فيه وهذا حق أساسي من حقوق التعبير عن الرأي.

وقد عرض الشيخ على علماء المذهب المخالف أن يطرحوا أدلتهم ويناظروه لكنهم أحجموا عن ذلك إلى الآن وقاموا بدلا من ذلك بالتحريض على الشيخ بل وتلفيق التهم له حتى تم سجنه.

وكان غرضهم من ذلك هو منع الشيخ من مواصلة إلقاء بحوثه العلمية حتى لا يتسبب ذلك في كشف الحقائق للناس خاصة وأنهم شاهدوا كيف أن عددا من أبناء مذهبهم قد اشتركوا في حضور محاضرات الشيخ وتأثروا بها بعدما أعلنوا تشيعهم لآل البيت الأطهار عليهم الصلاة والسلام.

وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على خوفهم وعجزهم عن مقارعة الحجة بالحجة وكان الأفضل لهم أن يناظروا الشيخ ليثبتوا أمام الناس أنه على باطل ولكنهم أحجموا عن ذلك وفضّلوا القضاء على الشيخ بالقوة وهو ما لم يتم بحمد الله.

وللاطلاع أكثر على فلسفة الشيخ في طرح هذه القضايا يرجى قراءة مقاله بعنوان: "لأننا نحبكم.. نؤلمكم!" الموجود في قسم المقالات من موقع القطرة على شبكة الإنترنت.

نشكركم على تواصلكم معنا وعلى موقفكم المتوازن تجاه ما حصل للشيخ في الكويت ونسأل الله لنا ولكم الهداية والفوز بالجنة بولاية محمد وآل محمد عليهم السلام والبراءة من أعدائهم عليهم اللعنة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مكتب الشيخ الحبيب في لندن

11 ذو الحجة 1427


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp