كيف نوفق بين الوحدة غير العددية لواجب الوجود وبين وجود الممكنات؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسمه تعالى

سماحه الشيخ ياسر الحبيب دامت بركاته

تحيه طيبه وبعد

ورد عن أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاه والسلام فى وصفه لله سبحانه وتعالى بإن من حده فقد عده وأن الله سبحانه وتعالى واحد لا من باب الأعداد فما لا ثانى لا يدخل فى باب العدد

والعديد من النصوص الشريفه التى تدل دلاله لالبس فيها على ان وحده الله عز وجل ليست وحده عدديه بغض النظر عن إسم هذه الوحده و إنطلاقا من عدم وجود الحد فيعنى ذلك ان وجوده المقدس غير متناهى ولا مجال لوجود الغير بهذا الإعتبار مع أن ذلك ساقط بجميع المقاييس العقليه والنقليه

والسؤال هنا كيف يمكن أن نوفق بين الوحده غير العدديه التى قال بها الأمير صلوات الله عليه وبين وجود الممكنات


‏باسمه تعالى شأنه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أسعد الله أيامكم بذكرى عيد الله الأكبر عيد الغدير الأغر والحمد لله الذي جعلنا وإياكم من المتمسكين بولاية أمير المؤمنين والأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.

إنّا لما ذكرتموه نقول بأن وجود الله تعالى يختلف عن وجود غيره من الممكنات، ولهذا نُبطل "وحدة الوجود" فضلا عن "وحدة الموجود". فإن مقتضى النصوص الشريفة كونه سبحانه في وجوده وفي سائر صفاته لا يحدّ حدّ، كما أن مقتضاها أنه سبحانه يختلف في صفاته عن غيره، ففردانيته وأحديته ووجوده وكذا حياته وسمعه وبصره وما إلى ذلك من الصفات الثبوتية؛ كلها تختلف عن مثيلاتها في غيره.

وزعمُ بعضهم لوحدة الوجود إنما نشأ من تصوّرهم أنه إذ لا حدود لوجود الله تعالى فإن وجوده يكون مطلقا شاملا لكل وجود، ومن هنا قالوا بوحدة الوجود، أي أن وجودنا ووجود الله تعالى واحد في حقيقته، وذلك باطل، إنما وجودنا وجود مخلوق ممكن منفك عن وجوده الذي هو عين ذاته لا ينفك عنها.

ثم إنهم اختلقوا لاعتقادهم الباطل هذا عذرا هو أنه لا بد من القول بوحدة الوجود باعتبار أن وجودنا متقوّم بوجوده فلو افترضنا أنه قد زال وجوده – من باب فرض المحال ليس بمحال – فإن وجودنا يزول أيضا. وذلك العذر واضح التهافت، لأن وجودنا كما هو وجود سائر الممكنات إنما هو مستمد منه تبارك وتعالى، وهو الذي خلقه وأوجده، ولا ضرورة لإثبات أنه عين وجوده حتى يُفرض أنه لو زال لزلنا، بل يكفي لإثبات ذلك القول بنظام العلة والمعلول، وإذ ثبت أنه تعالى العلة المؤثرة في وجود الممكنات فقد ثبت أنه بزواله تكون قد زالت، فأي ضرورة للقول بوحدة الوجود؟!

فعليه، وإذ عرفت أن وجوده تعالى مغاير لوجود الممكنات؛ تسقط شبهة أنه لا مجال لوجود الممكنات، فإن وجوده سبحانه وإنْ كان بلا حد، إلا أنه مغاير لوجود الممكنات المحدود، والذي أحاط به واجب الوجود تبارك وتعالى، فهو المتحكم فيه وهو الذي ينزله منزله، فالمجال بين الوجوديْن ليس مشتركا حتى تُثار مسألة أنه كيف يبقى مجال للوجود الآخر.

زادكم الله بصيرة وعلما. والسلام.

19 من شهر ذي الحجة لسنة 1427 من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp