كيف يتم تهذيب النفس بغير العرفان؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

الأخوة في موقع القطرة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أدخل في الموضوع مباشرة

1- ما هو الشرع بتهذيب النفس وتربيتها وهل هو واجب وكيف يكون ذلك ؟

2 - تفسير الشيخ ياسر الحبيب للعرفان فيه عدة إشكالات فاذا كان العارف من عرف أهل البيت وعرف أعداءهم فذلك يعني أن كل المؤرخين والكتاب وطلبة العلوم الدينية وأساتذة التاريخ الإسلامي المنصفون وكل من عثر على الأدلة العقلية والنقلية واستقاها من منبعها الصافي وعرف من هم أهل البيت (ع) ومن هم أعداءهم فهل يصح أن كل هؤلاء عرفاء؟

3 - هل في نظركم أن من يخوض في مسائل العرفان لتزكية نفسه ومعرفة الطريق الحق إلى ربه كما قال المعصوم (ص) من عرف نفسه فقد عرف ربه هل هو على باطل؟

هناك كثير من الأسئلة ولكن ستأتي تباعاً إن وسع صدركم لها ولكم التقدير

أبو إسلام التميمي


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ج1: يمكنكم متابعة سلسلة محاضرات سماحته تحت عنوان (بناء شخصية المستقبل) والتي تبث على قناة فدك، وهي محاضرات أخلاقية تأخذ من منهج أهل البيت (عليهم السلام) كيفية تهذيب النفس وتربيتها، وفي ذلك بديل عن المناهج الدخيلة كالذي يسمى اليوم (العرفان) وهو العرفان الباطل الذي يحتوي على انحرافات عقائدية وسلوكية.

ج2: تفسير سماحته للعرفان جاء بحسب الرواية عن أهل البيت (عليهم السلام) فقد روى العياشي عن أبي حمزة قال: ”قال أبو جعفر عليه السلام: يا أبا حمزة.. إنما يعبد الله من عرف الله، فأما من لا يعرف الله كأنما يعبد غيره هكذا ضالا. قلت: أصلحك الله وما معرفة الله؟ قال: يصدّق الله ويصدّق محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله في موالاة علي والإئتمام به، وبأئمة الهدى من بعده، والبراءة إلى الله من عدوّهم، وكذلك عرفان الله. قلت: أصلحك الله، أي شيء إذا عملتُه أنا استكملت حقيقة الإيمان؟ قال: توالي أولياء الله وتعادي أعداء الله وتكون مع الصادقين كما أمرك الله، قلت: ومن أولياء الله ومن أعداء الله؟ فقال: أولياء الله محمد رسول الله وعلي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ثم انتهى الأمر إلينا ثم ابني جعفر - وأومأ إلى جعفر وهو جالس - فمن والى هؤلاء فقد والى الله وكان مع الصادقين كما أمر الله. قلت: ومن أعداء الله أصلحك الله؟ قال: الأوثان الأربعة. قلت: من هم؟ قال: أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية ومن دان بدينهم، فمن عادى هؤلاء فقد عادى أعداء الله“. (تفسير العياشي ج2 ص116).

فهذا هو (عرفان الله) كما جاء في الحديث الشريف، وهو يرتبط بسلامة العقيدة وصدق التولي والتبري، وبالتالي يكون العلماء الصادقون الصالحون وجميع المؤمنين أصحاب العقيدة السليمة هم العارفون الحقيقيون، أما الذين ساروا في المسالك الصوفية وأخذوا منها فهم ليسوا بعرفانيين حقيقيين وإن أطلقوا على أنفسهم هذا اللقب ادعاءً.

ج3: سماحته أكد أكثر من مرة أن تزكية النفس وتهذيبها يكون فقط وفقط من خلال ما جاء في القرآن الكريم وأحاديث أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، فالمنهج الأخلاقي الإسلامي موجود في تعاليم الأئمة عليهم السلام، ولسنا بحاجة إلى مناهج مأخوذة من غيرهم في هذا المجال.

والخلل الموجود الآن لدى الذين يسمون أنفسهم (عرفاء) هو أنهم بالإضافة إلى سلوكهم مسالك غريبة غير مأخوذة عن الأئمة (عليهم السلام) بدعوى تزكية النفس فإنهم أضافوا لذلك اعتقادات كفرية ومنحرفة وجعلوها ضمن دائرة (العرفان) كاعتقادهم بوحدة الوجود والموجود على سبيل المثال، لذلك انحرافهم لم يكن في باب الأخلاق فقط بل في باب العقيدة أيضا.

وأما عن الحديث الذي يقول: «من عرف نفسه عرف ربه» فبمراجعة الشيخ أفاد أن تكرار هؤلاء (العرفاء) لهذا الحديث هو من جملة حماقاتهم واستحماقاتهم للناس، فمضافاً إلى أن الحديث لم يرد في الأصول المعتبرة فإن معناه أبعد ما يكون عما يريدون الترويج له، وغاية معناه أن الذي يعرف أنه مخلوق عاجز فقير مركب ممكن يعرف أن له خالقاً مقتدراً غنياً بسيطاً واجباً، فالحديث - على فرض اعتباره - إنما هو ناظر إلى أنه كلما زاد الإنسان بصيرة في نفسه العاجزة الجاهلة الضعيفة كلما زاد بصيرة في إجلال الله تعالى بمعرفة صفاته وأنه قادر عالم قيوم مهيمن، فالنفس البشرية آية من آيات الله تعالى، بمعنى أنها دلالة تدل عليه، ولذا جاء في القرآن الحكيم: «سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ» فقوله تعالى: «وَفِي أَنفُسِهِمْ» يعني في جملة ما يعني أن هذه النفس البشرية تختزن دلالة على الله تعالى، من جهة كونها مصنوعة منه، محتاجة إليه، فيعرف الإنسان الحق بذلك كما لو شاهد آية في الآفاق. ولهذا جاء في الحديث الشريف عن الصادق عليه السلام: «عرفان المرء نفسه أن يعرفها بأربع طبائع وأربع دعائم وأربعة أركان، فطبائعه: الدم والمرة والريح والبلغم، ودعائمه الأربع: العقل، ومن العقل الفطنة والفهم والحفظ والعلم، وأركانه: النور والنار والروح والماء» إلى آخر الحديث الشريف. (علل الشرائع للصدوق ج1 ص108)

هذا هو معنى الحديث - على فرض أنه معتبر - وليس معناه أنه يؤسس لمنهج معرفي قائم على الكشف والشهود وأنه لا شاهد ولا مشهود! كما أنه لا يؤسس لمنهج سلوكي قائم على الفناء في الله كما يزعمون بحمقهم وضلالهم! إنما المنهج المعرفي يكون بالكتاب والسنة فقط، وإنما المنهج السلوكي يكون بتطبيق مكارم الأخلاق التي جاء بها أهل البيت (عليهم السلام) فقط.

ومن حماقات هؤلاء أنهم يسمّون أنفسهم (عرفاء) مع أن هذا هو جمع (عريف) أي النقيب، لا جمع (العارف) أي العالم! فإن جمع (عارف) هو (عارفون) لا (عرفاء)! ولكن القوم لا يعرفون حتى مقاييس اللغة! وهم إنما يستغلون جهل الناس فيلغون في كلام طافح بالكلمات والتعابير المبهمة فيظن الناس أنهم علماء!
- انتهى بيان الشيخ.

شكرا لتواصلكم


مكتب شيخ الحبيب في لندن

ليلة 30 جمادى الاولى 1432


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp