هل هذا النص الوارد في إنجيل النصارى يبشّر بظهور عمر بن الخطاب؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

جاء في مقالة لأحد الكتّاب السنة ورغبة منّا في بيان بعض صفات الفاروق في أسفار أهل الكتاب نقول قد وردت نبوآت كثيرة ومتواترة في أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) جاءت تترى في كتب اليهود والنصارى ومن ذلك :

يقول النبي زكريا وفي سفره (ابتهجي يا بنة صهيون ، أهتفي يا بنت أورشليم هو ذا ملكك يأتي إليك ، هو عادل ومنصور وديع وراكب على حمار وعلى جحش بن آتان واقطع المركبة من افرايم والفرس من اورشليم وتقطع قوس الحرب ويتكلم بالسلام ـ أي الإسلام وهذا احد اسماءه كما قال الله : ادخلوا في السلم كافة ـ للأمم وسلطانه من البحر الى البحر ومن النهر الى أقاصي الأرض ) 9 : 9 ـ 10 الطبعة البروتستنتية ـ دار الكتاب المقدس .

واورشليم هي القدس والملك الذي فتح القدس بالصلح والموادعة هو قطعا عمر وأبرز صفة فيه هي العدل ... وقد ركب عمر في طريقه الى بيت المقدس وهذا مصداق لقوله : ( يأتي اليك وراكب على جحش ابن آتان) وهو البرذون وقد حاول القس المسيحي وليم باركلي في كتابه تفسير العهد الجديد أن يزوّر هذه البشارة فيقول : (حاول بعض مفكري وعلماء الإسلام أن يثبتوا هذه البشارة على أحد خلفاءهم الذي أتوا بعد محمد والصحيح أن كلامهم باطل ، بل المبشر به هو الرب يسوع المسيح عندما يأتي في الدينونة يدين الناس بالحق والكلمة في آخر العالـم ) ص174 .

وأقول أنا : أن كلامه في غاية الهذيان والبطلان .. لأن هذا الملك هو بشر وليس رب وإله !!! ثم إنه من زمن زكريا الى زمن عيسى الى ما بعدهم لم يأتي ملك عادل تدين له القدس بل كانت القدس تحت السيطرة الوثنية للرومان المحتلين بحكم الحديث والنار ، وأول فتح اسلامي للقدس هو في زمن الفاروق بل وهو الذي أتى بنفسه لفتحها بكل وداعة وعدل ... فليتأمل كل من ورم أنفه !!!

ولو تأملت قليلا وركّزت ذهنك برهة لوجدت أن الصفات التي جاءت في حق الفاروق كالتالي :

(1) عادل !!!

(2) منصور وديع !!!

(3) راكب على حمار !!!

إنها ثلاثة صفات تدل على الفاروق خاصة في مسيره نحو بيت المقدس ، وتجد كل صفة منها مفصول بينها حرف : العطف (واو) ... والذي يلفت النظر بحق أننا لو رتبنا الحروف الأولى من هذه الصفات لوجدنا :

عادل = ع

منصور = م

راكب حمار = ر

فإن النتيجة تكون : عمر !!!!!!

ومما يؤكد ذك أيضا ما جاء في سفر حبقوق قدامه (ذهب الوباء ، وعند رجليه خرجت الحمى ، وقف وقاس الأرض نظر فرجفت الأمم ودكت الجبال الدهرية وخسفت آكام القدم ، مسالك الأزل له ، رأيت خيام كوشان تحت رجليه وجفّت أرض مدين) 3 : 5 ـ 7 .

وأنا أقول :

من الذي ظهرت في طريقه الحمى ؟؟؟ ألم تسمعوا بطاعون عامواس !!! وكيف أنه ظهر في مقدم عمرالى القدس ومن الذي دكت الجبال الدهرية علىيديه (فارس والروم) ؟؟

من الذي صارت خيام كوشان (هي مصر كما جاء في قاموس الكتاب المقدس) تحت رجليه.

انتهى كلام الكاتب السنّي .

وبالتالي فإنه يستدل على صحة خلافة عمر بن الخطاب بما جاء في كتب أهل الكتاب، مثلما جاءت البشارات في رسول الله محمد عليه وآله أفضل الصلاة والسلام ..

فنرجو منكم الرد على هذا الاستدلال .. .

ونرجو إرسال الجواب إلى البريد الالكتروني .

وفقكم الله لمرضاته


باسمه تعالى شأنه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. عظم الله أجورنا وأجوركم بمصابنا بالحسين الشهيد صلوات الله عليه، جعلنا الله وإياكم ممن يثأره له مع ولده المنتقم له مولانا صاحب الأمر صلوات الله عليه وعجل الله فرجه الشريف.

إنما هي تمحّلات وتكلّفات تبعث على السخرية! فإن القوم لما وجدوا أن التاريخ في مصادره الإسلامية يدين المجرم الطاغية عمر بن الخطاب لعنة الله عليه، ويعرّي مناقبه المكذوبة؛ هرعوا إلى ما لدى النصارى واليهود من كتب محرّفة علّهم يستعينون ببعض ما ورد فيها ويؤوّلونه بما يحفظ شخصية زعيمهم من الخدش والسقوط!

وإنّا لم نكن نتصوّر يوما أننا سنكون في معرض الرد على استدلالات واهنة من هذا النوع، غير أننا نردّ من باب الترويح عن النفس ولئلا ترجعوا خائبين. ونوجز ردّنا في هذه النقاط السريعة:

- زعم الكاتب المستغبي أن المقصود بالعبارة هو عمر بن الخطاب لأنه ملك قد دخل القدس، مع أن النص يشير إلى أنه ملك القدس على نحو الأصالة، وأن هذه هي الصفة الطاغية على شخصيته، حيث جاء: "هو ذا ملكك يأتي إليك". وعمر لم يكن "ملك القدس" باتفاق، وإنما كان "ملكا قد دخل القدس" ولم يبق فيها إلا فترة يسيرة لا يصح أن يكتسب بها هذه الصفة على نحو الأصالة والتحديد.

- في النص أن هذا الملك "عادل" وهذا يناقض سيرة عمر بن الخطاب القائمة على أساس الجور والظلم! فقد شارك في مؤامرة تسميم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشواهد إيذاءاته له طوال حياته قد ملأت الخافقيْن، كما أنه ظلم أهل البيت النبوة وقتل سيدة نساء العالمين (صلوات الله عليه) وتسبب في إجهاض جنينها المحسن الشهيد (صلوات الله عليه) ونكّل بالمؤمنين والأخيار بل بالأناس العاديين الذين كانوا يسألونه عن بعض المسائل الشرعية التي يجهلها! وأباد مدنا إبادة جماعية وفاضل بين الناس في العطاء وهذا يناقض العدل والمساواة، وأمّر الطلقاء والأدعياء على رقاب المسلمين مثل يزيد ومعاوية ابني أبي سفيان عليهم اللعنة، ومنع إجراء الحد على الزاني المغيرة بن شعبة.. إلى غير ذلك من الجرائم التي لا حصر لها والتي فصّلنا ذكرها ووثقنا مصادرها في محاضراتنا، فكيف يُقال بعد كل هذا أنه عادل وأن النص ينطبق عليه؟!

- في النص أن هذا الملك "وديع" وهذا يناقض تماما شخصية عمر بن الخطاب فإن المسلمين جميعا اتفقوا على أنه كان فظا غليظ القلب قاسيا! وهكذا وصفه طلحة حينما اعترض على أبي بكر في استخلافه فقال له: "أتولي علينا فظا غليظا؟! ما تقول لربك إذا لقيته"؟! (تاريخ الخميس للديار بكري ج2 ص241).

ووصفته ابنة عتبة بن ربيعة بأنه: "يدخل عابسا ويخرج عابسا"! وذلك حينما أراد الزواج بها فرفضت لوجود هذه الخصلة الكريهة فيه! (تاريخ الطبري ج5 ص17).

وأقرّ بهذه الحقيقة ابن أبي الحديد حين قال: "وكان في أخلاق عمر وألفاظه جفاء وعنجهية ظاهرة"! (شرح النهج ج1 ص183).

فكيف يُقال بعد كل هذا أن عمر كان "وديعا" وأن النص ينطبق على شخصيته؟!

- في النص أن هذا الملك يأتي راكبا على حمار وعلى جحش بن آتان الذي فسّره الكاتب المستغبي بأنه البرذون، وكلتاهما صفتان لا تنطبقان على عمر ودخوله القدس! فهو لم يركب حمارا قط في رحلته من المدينة إلى القدس، كما لم يركب برذونا أيضا إلا لحظة يتيمة إذ وجده يهملج به على ما يرويه ابن كثير عن سيف قال: "ثم سار عمر إلى بيت المقدس من الجابية وتوحى فرسه فأتوه ببرذون فركبه فجعل يهملج به فنزل عنه وضرب وجهه وقال: لا علّم الله من علّمك! هذا من الخيلاء! ثم لم يركب برذونا قبله ولا بعده"! (البداية والنهاية ج7 ص67).

فإذن؛ كان عمر راكبا فرسا وليس حمارا، ثم إنه لم يركب برذونا إلا لحظة يتيمة إذ وجده يهملج أي يمشي مشية سهلة سريعة حسنة، وحيث أن عمر ما كان يحسن ركوب البراذين لأنه لم يتمرّس على فنون ذلك في الحروب لجبنه؛ فإنه نزل عنه وضرب وجهه وعاتبه على هذا الخيلاء والتكبر!

ولسنا ندري لماذا حمّل عمر البرذون المسكين ذنب أنه لم يكن يحسن ركوبه؟! ولا ندري كيف جاز له ضربه؟! بل ولا ندري أي عقل يحمله عمر حتى يتوقع أن البرذون يفهم كلامه وعتابه له ودعاءه عليه؟! إلا إن كان عمر يعتبر نفسه من جملة البهائم فتفهم كلامه بقية البهائم؟!

وعلى أية حال فإن مجرد ركوبه للبرذون لبرهة لا يصحّح أن يوصف به على نحو التغليب إذ يكون ذلك مخالفا لقواعد اللغة والبيان، فكيف يمكن صدوره من الله تعالى؟! على أساس أن هذه البشارة أو النبوءة إنما كتبها زكريا (عليه السلام) عن وحي من الله تعالى، كما نقل الكاتب المستغبي عن توراة اليهود.

- زعم الكاتب المستغبي أن عمر أتى بنفسه ليفتح القدس بصلح وبكل وداعة وعدل! وهذا يناقض الواقع، فإن الصلح جاء بعد معارك استمرت لأشهر كما رواه ابن كثير في البداية والنهاية، وفيه أن عمرو بن العاص أرسل إلى عمر أنه ”يعالج حربا كؤودا صدوما“ وأن المسلمين والروم ”اقتتلوا بأجنادين قتالا عظيما كقتال اليرموك“ (البداية والنهاية ج7 ص64) فكيف يُقال بأن عمر قد افتتحها بالصلح وبكل موادعة وعدل؟!

وعلى أية حال فإن النص المنقول من كتاب اليهود ليس فيه أن هذا الملك سيدخل القدس (أورشليم) بالصلح والموادعة، وإنما وُصف هو ذاته بأنه وديع، فكيف أوّلها الكاتب المستغبي هذا التأويل وجنح بها إلى هذا التفسير السخيف؟!

- أما أطرف ما في مقالته اقتطاعه حروفا من الصفات المذكورة في النص لتكوّن اسم (عمر)! ولا ندري كيف خفي عنه أن هذا النص إنما هو نص مترجم فإن التوراة والإنجيل إنما كانت لغتهما الأصلية العبرانية لا العربية! فهل أنه يجد في النص الأصلي اسم (عمر)؟! أي إسفاف هذا؟!

- أما ما نقله في النص الثاني على أساس أنه وصف لابن صهاك أيضا؛ فهو نوع تدليس، إذ إنه مقتطع من نص أوله: ”الله جاء من تيمان..“ فيكون وصفا لله تعالى عن ذلك، وليس وصفا لملك! فكيف يستغبي الكاتب البكري إلى هذه الدرجة.

- وأما إنْ أردت حقا أن تعرف الذي ورد في كتب أهل الكتاب حول ابن صهاك (لعنة الله عليه) فعليك بمراجعة البحث القيّم الذي كتبه البرفسور الأميركي توماس ماكلوين في جريدة (شيعة نيوز بيبر) الصادرة بالإنجليزية عن شبابنا من خدام المهدي (عليه السلام) في مكتب لندن، فقد أثبت فيه ورود واحدة من الإشارات عن كفر عمر في التوراة والإنجيل!

هذا والبرفسور ماكلوين من أشهر علماء الغرب في الفلسفة وعلم اللاهوت، وهو متخصص متضلع في هذا الجانب، ولا شك أنه يوثق بقوله ويعتمد عليه لا على ذلك الكاتب البكري المستغبي الجاهل!

وقد كنا التقينا بالبرفسور هنا في لندن، والذي يحمل الآن اسم ”علي حيدر“ بعدما أشهر إسلامه وتشيعه، وفي لقائنا معه طرحنا عليه أن يبحث في التوراة والإنجيل عما يدين أعداء الله ورسوله وأهل بيته (عليهم السلام) إن كان قد وجد شيئا من هذا بحسب علمه وخبرته، فوعدنا بالمضي قدما في هذا الاتجاه، وإذا به - جزاه الله خيرا - يلبّي الطلب فكتب للأخوة هذا البحث القيّم الذي يعدّ الأول من نوعه، وقد نشروه في الجريدة، ويمكنك مراجعة موقعها في الإنترنت لتطلع عليه إذا كنت متقنا للإنجليزية. وسنكلف في ما بعد بعض شبابنا بترجمة البحث إلى العربية ليأخذ محلّه وموقعه وصداه إن شاء الله تعالى.

رزقكم الله رضاه. والسلام.



* موقع (ذي شيعة نيوز بيبر) على هذا الرابط
* موقع بحث البرفسور ماكلوين على هذا الرابط

الثامن من شهر محرم الحرام لسنة 1428 من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp