هل كان للعرب قيمة حضارية من دون رسول الله صلى الله عليه وآله؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة الشيخ ياسر الحبيب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين واصحابه الغر المنتجبين وبعد

انا اخوك عادل الموسى من الاحساء اهدي تحياتي الى شيخنا واسلم عليه سلام مملوء بالمحبة الأخويه

ارجو انك بخير وعافيه ونسمع منك اخبارك

بعد اطلاعي على موقعكم في الانترنت

http://www.alqatrah.org/

تبادر الى ذهني عدة تسائلات احببت ان اشاركك فيها وتقصي احوالك

التسائل الاول :

لو ان النبي محمد واهل بيته ليسوا من جزيرة العرب وليسوا عربا فمن هم العرب وما مميزاتهم ؟

التسائل الثاني :

لو ان الايرانيون ليسوا من شيعة اهل البيت فهل للشيعه العرب ثقل في العالم الاسلامي وهل قام حزب الله؟

هل لشيعة الخليج والعراق ولبنان وجود بارز؟ هل هاذا هم الشيعه العرب فقط ؟

التسائل الثالث

لماذا لا نربط نوادينا الاسلاميه ومحاضراتنا وحركاتنا ببعظها اعني البحرين الكبرى ومناطقها الثلاث

اليس في هذا احياء لتاريخنا وترثنا وثقافتنا البحرانيه ؟

هل هذا حلم صعب التحقق ؟

هذا ولكم مني اطيب المنى ويحفظكم الله

عادل الموسى

الاحساء


باسمه جلت عظمته. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ونحن كذلك نبادلكم التحية ونسأل لكم من الله الموفقية.

ج1: لا يبدو للعرب أية مميزات خاصة كأمة، بل على العكس من ذلك، يمكن القول أن العرب كانوا أدنى الأمم حضاريا قبل بعثة نبينا الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم. وباستثناء بعض الصفات الحسنة القليلة التي كانت سائدة في بعض قبائل العرب، كالكرم والشجاعة مثلا، فإن معظم ما اتصف به العرب في الجاهلية كان مخزيا، كالهمجية في القتل، ووأد البنات، واحتساء الخمر، والبغاء، وما أشبه. غير أن نبينا وأهل بيته (صلوات الله عليهم) جاءوا ليضعوا هذه الأمة في مقدّمة الأمم بالإسلام العظيم، فتغيّرت المعادلة كليّة حتى أصبح العرب أمة متحضرة - بالإسلام وحده - وقد تخلّصت إلى حد معقول عن الرذائل الأخلاقية التي كانت سائدة فيها، كما أصبحت لها هيبتها وقدرها بين الأمم، بل غدت في طليعتها تتسيّد عليها. إلا أن هذا الارتفاع الحضاري للعرب بعد البعثة النبوية الشريفة أعقبه نكوص متوال، بعدما نجحت مؤامرة بعض العرب الخبثاء في التخلص من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بقتله غيلة بالسم، والتخلص كذلك من وصيّه الشرعي أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (صلوات الله وسلامه عليهما) وإزاحة القادة الذين كانوا السبب في نهضة العرب - وهم أهل البيت عليهم السلام - وتنصيب قادة آخرين محلّهم كانوا أوفياء جدا للعهد الجاهلي، فأعادوا أمة العرب إلى الوراء من جديد. وإثر هذا النكوص، استطاعت أمم أخرى في ما بعد أن تحتلّ محلّ السبق الحضاري في الإسلام وتنتزع من العرب ريادتهم، وذلك بالتفافها حول أهل البيت والأئمة المعصومين (صلوات الله عليهم) والانقياد لهم، فبرز أهل العراق مثلا في فترة من الزمن، والذين وإن كان كثير منهم من ذوي الأصول العربية، إلا أن في أصولهم الأنباط والآشوريون ومن أشبه ممن اعتنقوا الإسلام وولاية أهل البيت (عليهم السلام) فتقدّموا، وقد أصبحوا متماهين مع العرب. ثم برز دور أهل فارس، الذين انتزعوا أيضا الريادة من العرب حضاريا، ويمكنك أن تعدّد أمما أخرى في أحقاب مختلفة، كان نجمها في تلك الفترات أكثر توهجا من غيرها، كأهل مصر، وأهل المغرب، والأتراك، والهنود، وغيرهم. حتى أصبح العرب في ذيل قائمة الحضارة الإسلامية، وكانت القيادة الدينية، والسياسية، والاقتصادية، والعلمية، بيد غيرهم من الأعراق التي دخلت في الإسلام. ولا يخفى هاهنا أن الإسلام لم يفرّق بين أحد من هذه الأعراق، فالكل مسلم، وإنما الفضل لمن اتقى وكان أكثر خدمة للدين من غيره، لكن الكلام هو في أن العرب الذين كانوا في الطليعة الحضارية الإسلامية تراجع ترتيبهم بسبب تخلّيهم عن القيادة الشرعية الإسلامية وعدم تقديرهم لها، في حين تمسّك بها آخرون وقدّروها فعلا شأنهم وأصبحوا في الطليعة والقمة.


ج2: تحوّل إيران إلى التشيّع بعدما كانت على النصب الغالب لا شك أنه أضاف الكثير إلى الرصيد الشيعي والثقل الشيعي العالمي، إلا أن ذلك لا يلغي دور العرب الشيعة في العراق والبحرين واليمن ومصر والمغرب وتركية والهند. أما شيعة الخليج فهم خليط متكوّن حديثا من أعراق مختلفة، ولا يستثنى من حداثتهم إلا شيعة البحرين الذين لهم تاريخ عريق في التشيّع والولاية منذ فجر الإسلام، ومع هذا يمكن القول أنه لولا الفرس الشيعة لكان الثقل الشيعي اليوم في العالم أقل بكثير مما نراه، كما أن انقلاب مصر بعد التشيّع إلى التسنن السقفي الأموي بالقهر والإكراه الذي مارسه صلاح الدين الأيوبي (لعنة الله عليه) كان خسارة كبرى للأمة الشيعية، وكذلك انضمار دولة الأدارسة في المغرب، وغيرها من دول شيعية كانت قائمة. أما شيعة لبنان وجبل عامل، فلهم أيضا تاريخ شيعي عريق ممتد من اليوم الذي حلّ فيهم أبو ذر الغفاري (عليه السلام) منفيا بأمر عثمان (لعنة الله عليه) حيث استطاع استغلال فترة نفيه لجذب هؤلاء القوم الذين كان غالبهم على ملة النصارى إلى الإسلام والولاية، فظلوا على هويتهم الشيعية حتى اليوم، وهم في أصولهم ليسوا عربا، بل روم، لكنهم تماهوا في العرب كحال أهل العراق.

ج3: البحرين حاضرة شيعية متميزة، نبغ فيها علماء فطاحل ومجاهدون عظماء حملوا مشعل الهداية الشيعية ووقفوا بوجه الطغاة الذين حاولوا قلبهم إلى الإسلام المزيّف ومازالوا على صمودهم إلى اليوم، ولا شك أن إعادة مجد البحرين الكبرى، ذات الحكم الشيعي الممتد ليشمل البحرين الحالية وساحل الخليج بدءا من الكويت شمالا وحتى عمان جنوبا هو بلا شك سيضيف وزنا عظيما للخريطة الشيعية العالمية، وقد يكون هذا صعبا في ظل جور السلطات الغاشمة لكنه ليس مستحيلا إذا علت الهمّة، ولا أقل في هذه الطريق من تطبيق اقتراحكم القيّم هذا، بالربط الثقافي والبرمجة الفكرية والسياسية في ما بين هذه الأوصال الشيعية المقطعة.

نسأل الله تعالى أن يعجّل في فرج صاحبنا (صلوات الله عليه وأرواحنا فدى تراب نعليه) ليحقق الوحدة الكاملة في ما بيننا ويجمع الأمة على الإسلام والولاية. إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا. اللهم آمين.

وفقكم الله لما يحب ويرضى في الدنيا والآخرة، وسلامنا وتحيّاتنا إلى أهلنا المؤمنين في إحساء الخير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

السابع عشر من شهر جمادى الآخرة سنة 1426 للهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp