كيف ترتّبت الآثار الشرعية على بدعة عمر بتغيير موضع مقام إبراهيم عليه السلام؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم

سماحه الشيخ ياسر الحبيب دامت بركاته

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

من المعروف أن عمر بن الخطاب عليه اللعنه قد غير موضع مقام إبراهيم عليه السلام وأعاده لوضعه الذى كان عليه أيام الجاهليه والسؤال هنا كيف ترتب على هذا الوضع الجديد الآثار الشرعيه من موضع للطواف والصلاه خلفه وغير ذلك ؟

محمد مصر


باسمه تقدست أسماؤه.‏ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى استشهاد سيدنا ومولانا خاتم الأنبياء والمرسلين محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم. جعلنا الله وإياكم من الطالبين بثأره مع ولده المنتقم المهدي صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين وعجل الله فرجه الشريف.

إنما ترتّبت هذه الآثار بالحكم المولوي التشريعي من الشارع المقدس، فحيث أن لهم (عليهم السلام) الولاية التشريعية وقد حكموا بإمضاء التغييرات واعتبارها؛ فقد وجب النزول على الحكم. وهذا مؤكد في النصوص كما عن إبراهيم بن أبي محمود قال: ”قلت للرضا عليه السلام: أصلي ركعتي طواف الفريضة خلف المقام حيث هو الساعة أو حيث كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال عليه السلام: حيث هو الساعة“. (الكافي ج4 ص424).

وإنما وقع هذا الإمضاء لمصلحة يراها الشارع، ولا يعني ذلك بالضرورة الموافقة على البدعة العمرية أو إكسابها الشرعية، كيف وقد ورد أن مولانا صاحب الأمر (أرواحنا فداه) عندما يظهر سيُرجع المقام الشريف إلى حيث كان. بل غاية ما في الأمر أن الشارع أمر بالتزام التغييرات حاليا لمصلحة يراها، وليس لنا إلا التسليم. وهذا نظير ما وقع من الصادق (صلوات الله عليه) حين أمر جمعا من أصحابه بإتمام الصلاة في منى بينما أمر جمعا آخر بقصرها، لئلا يُعرفوا بتشيعهم فيؤخذوا برقابهم، كما عبّر هو صلوات الله عليه في الرواية. وكذلك هو نظير ما وقع من الكاظم (صلوات الله عليه) مع علي بن يقطين حين أمره بأن يتوضأ وضوء المخالفين لئلا يكتشف هارون العباسي تشيّعه فيقتله. إلى غيرها من النظائر التي وقعت بحكم الولاية التشريعية وصلاحيات الإمام المعصوم الممنوحة له من الله تعالى.

هذا والتأمل في المسألة في جنبة الفقه لا يتمخض عنه حصول إشكال في التزام الموضع الحالي للمقام وترتيب الأثر عليه، فإن صلاة ركعتي الطواف إنما اللازم فيها هو أداؤها خلف المقام ما أمكن، أي باتجاهه، وهذا متحقق حاليا حتى على فرض أن المعتبر هو الموضع القديم فحيث أن الجديد إنما هو بحياله فإنه يصدق على الصلاة أنها تؤدّى خلفه وباتجاهه أيضا، سواء قرُب مكان المصلي أم بعُد، ولا يخفى أنه يجوز في حالة الازدحام الشديد والاضطرار أداؤها أينما كان في المسجد الحرام. فهذا بالنسبة للصلاة.

وأما بالنسبة للطواف فإن الشارع كان قد قدّر نطاقه وحدّه بمقدار خمسة وعشرين ذراعا من جدار الكعبة المعظمة، سواء وُضع حجر المقام هناك أم لا، وعلى هذا كانت الحال زمان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مع أن حجر المقام كان ملتصقا بالبيت.

وعندما أراد عمر (لعنه الله) إحياء سنة الجاهلية قام وأخرج حجر المقام عن النطاق فأبعده عن البيت بمقدار خمسة وعشرين ذراعا، فكان منتهى حد الطواف، ولهذا عُبّر بعد ذلك عن أن الطواف إنما يكون بين البيت والمقام، تسهيلا لبيان النطاق للناس، لا لخصوصية في موضع المقام الحالي، فلو فُرض‏‏‏ أنهم قاموا اليوم بتغيير موضعه تقديما أو تأخيرا، لما كان لذلك أدنى تأثير ولبقى الحكم كما هو، وهو أن يحاول الحاج الطواف ضمن نطاق الخمسة وعشرين ذراعا، إلا بعذر كالزحام الشديد حيث يجوز له أن يتجاوز ذلك.

ويتبيّن لك ذلك من رواية محمد بن مسلم قال: ”سألته عن حد الطواف بالبيت الذي من خرج منه لم يكن طائفا بالبيت. قال: كان الناس على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) يطوفون بالبيت والمقام، وأنتم اليوم تطوفون ما بين المقام وبين البيت، فكان الحد موضع المقام اليوم، فمن جازه فليس بطائف. والحد قبل اليوم واليوم واحد“. (الكافي ج4 ص413).

زادكم الله بصيرة في دينه. والسلام.

29 من شهر صفر الأحزان لسنة 1428 من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp