أيهما أفضل، المسلك الأصولي أم الاخباري؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

السلام عليكم شيخنا العزيز الغالي

هل التقليد واجب ام الاخباريه واجب ايهما افضل معا شرح التفاصيل؟

ارجوكم سماحة الشيخ العزيز
علي من العراق


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

جواب المكتب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ـ هناك رواية "تأمر "بالرجوع الى رواة الحديث . لماذا؟ لأنهم يفقهون ما يروون لذا هم قادرون على استخراج الحكم الشرعي من تلك الروايات. من يروي الحديث يكون عارفا به أي متفقها فيه و إلا يكون إرجاع المُكلف إليه من قبل الإمام محض عبث وجلّ الامام المعصوم عن ذلك. فهل كل الناس في ذلك العصر كانوا رواة للحديث؟ فإذاً هناك نخبة وفئة خاصة أرجع الإمام المعصوم إليها غيرهم وهم اولائك الذين يروون الحديث رواية دراية وفقه.

يقول المتعنت المقصود هو الرجوع الى أحاديثهم. ونقول لو كان هذا المقصود لكان النص يقول إرجعوا الى أحاديثنا. فلماذا أرجعنا إلى رواة الحديث مباشرة؟

عندما يأمرنا الله تعالى بالرجوع إلى الرسول في أحكام الشرع فهذا يعني الإرجاع اليه بصفته المبيّن للأحكام والشارح لها والعارف بها.

في الغيبة الصغرى كان رواة الحديث هم الفقهاء لأنهم يفقهون ما يروون ويعرفون معنى ما يروونه ومناسبته وظرفه فيتمكنون من الإدلاء بالحكم الشرعي.


كلمة الامام "فللعوام أن يقلدوه" تعني أنّ الامام بصدد بيان الصنف الذي يجوز للمكلف الرجوع إليه من الفقهاء. لمّا كان أمر المرجعية بهذا الخطر فقد تصدى الامام المعصوم عليه السلام بنفسه إلى تشخيص مواصفات الفقيه الذي يرجع اليه المكلف. فحتى لو قلنا أنّ الدليل في كلام الإمام العسكري عليه السلام يفيد الجواز فهذا تجويز في زمن حضور الإمام وذلك لأنّ الامام عليه السلام لم يكن الاتصال به متعذرا على العوام تماما وإنما كان هناك صعوبة في إمكانية التواصل مع الامام في تلك الفترة العصيبة ولذا في زمن الغيبة الصغرى حيث تعذر على العوام تماما الاتصال المباشر بالإمام فقد صدر "الأمر "بالرجوع إلى رواة الحديث فهم القادرون على إعطاء الحكم الشرعي لانهم يفقهون ما يروون فإذا ما أضفنا ذلك إلى السيرة العقلائية خلصنا إلى وجوب رجوع العامي للفقيه ولو بقاعدة الضرورة وتلك قاعدة يقرها الاخباري.

إذا أردت أن تعرف مدى صحة نظرية ما فانظر إلى مدى واقعيتها في حيز التطبيق ومدى انطباقها على الواقع.

نظرية عدالة الصحابة عندما تذهب لتبحث عن مدى انطباقها على الواقع فإنك تجد البون شاسعا بين النظرية و الواقع

الامر ذاته فيما يتعلق ببعض عناصر النظرية الاخبارية فإنك ستلحظ عدم انطباقها على الواقع العملي.

مثلا يجتهدون ولا يسمون ما يصلون إليه من رأي فقهي اجتهادا. غير أنك تجدهم يختلفون في آرائهم الفقهية والاختلاف أمارة الاجتهاد.

لماذا لايمكن أن نقول عن المعصومين مجتهدين؟ لانهم لا يختلفون.

لا يقولون بوجوب التقليد بل بعضهم يحرمه لكنك تجد أتباعهم يُلزمون أنفسهم بتقليد مشايخ الاخبارية كالشيخ يوسف البحراني والحر العاملي والاسترابادي بل إنّ تشبثهم بالمسلك الإخباري قائم على نظرية التقليد والمتابعة.

تجد عوامهم يجرون أصل البراءة في كثير من مستجدات العصر بدون أن يقروا به.

في الواقع الأصولي لم يلغِ المنهج الاخباري بل أبقى عليه ولكن لأنّ طبيعة العلم هي طبيعة توسعية هذا مالم يتمكن الاخباري من تقبله. تستطيع أن تقول أنّ كل أصولي إخباري لأنّ الاصوليين لم يلغوا المنهج الاخباري كما يتوهم العوام وإنما استبقوا عليه وسدوا مافيه من ثغرات علمية بحيث غدت عملية الاستنباط أكثر دقة وعلمية ومتانة.

الرفض للمنهج الاصولي نشأ من وهم مفاده أنّ هذا علم جاء عن طريق العامة. ما قيمة هؤلاء الضياطرة؟ كل علوم الشريعة أسسها الشيعة

هذا الالتباس وقع لأنه لم يتم التفريق بين تدوين الشيعة لهذه العلوم واستخدامهم لها. رجال العامة كمالك وأبي حنيفة كان لهم اتصال بالامام الصادق وحضروا حلقات درسه واتصلوا برجال الشيعة فأخذوا عنهم تلك العلوم وبالتأكيد خلطوها بشيء من أباطيلهم ولكونهم لم يكونوا يؤمنون بالمعصوم فقد شرعوا في استخدامها. أما الشيعة رغم انهم دونوا تلك العلوم الا أنهم لم يستخدموها لانهم لم يكونوا بحاجتها لكون المعصوم حاضرا بينهم.

في عصر الغيبة قد احتاج الشيعة لتلك العلوم في عملية الاستنباط فاستخدموها. والاصوليون قدموا أدلة على كون مبانيهم في الاستنباط شرعية صحيحة أصّل لها المعصومون عليهم السلام ويمكنك ملاحظة ذلك في كتبهم التي ردوا فيها على الاخباريين. يمكن أيضا للأصولي أن يتهم الاخباري بأنّ مسلكه مأخوذ عن العامة لأنّ مباني مدرسة أهل الحديث من المخالفين تشابه إلى حد كبير مباني المدرسة الاخبارية عندنا.

فيما يتعلق بالشيخ الحبيب فمن يلاحظ جيدا منهجه يجده يجمع بين مسلك الإخباريين والأصوليين فيُغلّب العمل وفقا لمبنى أحدهما بحسب ما يقتضيه المقام ويفرضه المنهج العلمي.

في الواقع ما يفرض وجوده في النهاية هو الدليل العلمي سواءا مالت كفته إلى جانب المسلك الإخباري أو الأصولي.

نلفت انتباهكم إلى أنّ الشيخ يوصي بتقليد سماحة آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي دام ظله حيث يرى فيه الأعدلية والأعلمية

وفقكم الله لمراضيه

مكتب الشيخ الحبيب في لندن

23 ذو القعدة 1433 هـ


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp