أين هو الإنسان من هذه العناصر؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يغرنا على دوام سؤالكم بيان أجوبتكم التي مازالت تنقع غليل السائلين و تشفي صدور المؤمنين. و أقل ما فعلتموه أنكم نقلتم المؤمن من شكه إلى اليقين و نقلتم الكافر من يقينه إلى الشك. فالله الله في إمضاء الحد, و ترك اللعب بالجد, و صلاح الأراء و صواب الأهواء, طوبى لما شغلتم أنفسكم به و رحمكم الله فقدأجكمتموها في رواسي الرسالة و نصبتموها في قواعد النبوة و الدلالة, بعد أن زحزحوها سابقين و تركوها لاحقين و زهدوا بها آخرين.

كثرت الينابيع و العيون فكنتم أرقاها علوا و أسرعها جرياناو أعذبها ماء.

كنا قد سألناكم و أجبتم و لكن نسأل للمزيد من الفائدة و التوضيح , فأجيبونا بإذن الله ببعض التعريفات و المعلومات التى وصلتكم من علوم أهل البيت عليهم الصلاة والسلام, و هم معدن العلم و جوهر الحقيقة و المعرفة .
1-ما هو العقل , و أين مركزه في الروح أم الجسد أم الإثنين معا ؟ و ما الفرق بين العقل و القلب و الدماغ, و لماذا قال الله عز وجل في كتابه الحكيم ( القلوب التي في الصدور ) فما المقصود بالقلوب و ما المقصود بالصدور ؟ وهل إن قلب الإنسان الذي يضخ الدم مسؤول عن التفكير و الأحاسيس \"و هذا ما يتعرض له بعض العلماء المعاصرين حيث يقولون أنهم وجدوا في هذا القلب خلايا كخلايا الدماغ وقد يكون لهذا القلب دور أيضا في توجيه قرارت الإنسان وأفكاره و أحاسيسه\" إلا أننا نرى أن من يصاب بدماغه فإن عقله يمرض و أما من يصاب بقلبه فإن جسده يمرض . (و الله أعلم) ؟
2-ما هي الشهوة , و أين مركزها ؟
3-ما الفرق بين النفس و الروح , و أين مركز كل واحد منهما في الجسد , و هل الروح هي الحياة أم أن الحياة مخلوق آخر, و هل هناك روح في النباتات الحية التي تنمو و تتكاثر ؟
4-ما الفرق بين الوفاة و الموت ؟
5-أين هو الإنسان الفرد من (الروح , النفس , الحياة , الجسد , العقل و الشهوة ) و هل هو جمع و خليط لهذه المخلوقات ؟, و هل النفس فقط هي من يجب تزكيتها و ترويضها بالإستعانة بالعقل و الروح أم كيف يكون ذلك ؟
6-أين هي وسوسة الشياطين و قد قال الله عز وجل (الذي يوسوس في صدور الناس) فهل يوسوس في القلوب و العقول أم النفوس , وكيف لا يشعر بها الإنسان ؟
7-هل هذا المركب من (الروح , النفس , الجسد , الحياة , العقل و الشهوة ) يبقى و ينتقل هو هو في العوالم الأخرى بعد الموت (البرزخ, النشور , الحساب و الجنة و النار) أم لكل عالم مركباته الخاصة , و مما كان مركب الإنسان في عالم الذر ؟

أفيدونا في هذا , و منٌا الشكر و الدعاء و من الله الأجر و الثواب

أبو محمد


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

جواب المكتب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ج1 في اللغة: سُمِّي العَقْلُ عَقْلاً لأَنه يَعْقِل صاحبَه عن التَّوَرُّط في المَهالِك أَي يَحْبِسه (لسان العرب)

العقلُ صفة الآلية التي يتم بها تعامل الدماغ مع العوامل المحيطة به. أي أنّ الدماغ هو أداة العقل.

مركز العقل الدماغ كما قال الصادق عليه السلام: (موضع العقل الدماغ، ألا ترى أن الرجل إذا كان قليل العقل قيل له: ما أخف دماغه! والقسوة والرقة من القلب، وهو قوله: فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله)

أما ما هو العقل فهذا يمكن استبيانه من خلال الأحاديث الشريفة دون الادعاء بأنه يمكن لنا أن نقف على كامل حقيقته، وذلك لأن الإحاطة الإدراكية الكاملة بحقيقة العقل تتطلب بدورها عقلا كاملا، ولا عقل كاملا لغير المعصوم. فالذي بوسعنا هو استبيان ما قاله المعصوم حوله فقط.

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (إنّ العقل عقال من الجهل، والنفس مثل أخبث الدواب، فإن لم تعقل حارت)

قال الإمام علي عليه السلام: (النفوس طلقة، لكن أيدي العقول تمسك أعنتها عن النحوس)

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (العقل نور خلقه الله للإنسان، وجعله يضيء على القلب، ليعرف به الفرق بين المشاهدات من المغيبات)

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إن الله تبارك وتعالى خلق العقل من نور مخزون مكنون في سابق علمه الذي لم يطلع عليه نبي مرسل ولا ملك مقرب، فجعل العلم نفسه، والفهم روحه، والزهد رأسه، والحياء عينيه، والحكمة لسانه، والرأفة فمه، والرحمة قلبه. ثم حشاه وقواه بعشرة أشياء:

باليقين، والإيمان، والصدق، والسكينة، والإخلاص، والرفق، والعطية، والقنوع، والتسليم، والشكر.

قال الإمام علي عليه السلام: (إنما العقل التجنب من الإثم، والنظر في العواقب، والأخذ بالحزم)

يقول أمير المؤمنين عليه السلام: (أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع)

(آفة العقل التكبر)

(الهوى عدو العقل)

(عجب المرء بنفس أحد حساد عقله)

قال الإمام الصادق (عليه السلام): (من كان عاقلا كان له دين، ومن كان له دين دخل الجنة)

يتبين لك من هذه الأحاديث الأخيرة أنّ العاقل صفة في حقيقتها تطلق على ذلك الذي يوصله عقله للجنة.

ـ القلب يصفه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقوله: (إنما سمي القلب من تقلبه، إنما مثل القلب مثل ريشة بالفلاة تعلقت في أصل شجرة تقلبها الريح ظهرا لبطن)

الإمام الصادق (عليه السلام): (إن قوة المؤمن في قلبه، ألا ترون أنكم تجدونه ضعيف البدن نحيف الجسم وهو يقوم الليل ويصوم النهار)

أمير المؤمنين (عليه السلام):( إنَّ هَذهِ القُلوب أوْعِيَة، فَخَيْرُهَا أوْعَاهُا )

قال الإمام علي (عليه السلام) : (اِعْلَمُوا أنَّ اللهَ سُبحانَه لمْ يمْدَح مِنَ القلوبِ إلاَّ أوْعَاها للحِكْمة، ومن الناس إلاَّ أسْرَعهم إلى الحَقِّ إجَابَةً)

قال الإمام الصادق (عليه السلام ): (إنَّ لَكَ قَلباً ومَسَامِعَ، وإنَّ اللهَ إذَا أرَادَ أنْ يَهدِي عَبْداً فَتَح مَسَامِعَ قَلْبِه، وإذا أرادَ بِه غَيرَ ذَلكَ خَتَم مَسامِعَ قَلبِهِ فلا يصْلُحُ أبَداً، وهْو قَولُ الله عَزَّ وَجَلَّ : ( أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)

قال الإمام الباقر (عليه السلام): ( واطلُبْ رَاحَةَ البَدَنِ بإجْمَام القَلْبِ ، وتخلص إلى إجْمَامِ القَلْبِ بِقِلَّةِ الخَطَأ ، وتعرَّضْ لِرِقَّةِ القَلْبِ بِكثْرَة الذِّكْرِ في الخَلَوَاتِ ، واسْتَجْلِبْ نُورَ القَلْبِ بِدَوَام الحُزْنِ )

قال الإمام الكاظم (عليه السلام): ( إنَّ لِلقُلوبِ إقْبَالاً وإدْباراً ، ونَشَاطاً وفُتُوراً ، فإذا أقْبَلَتْ بَصرَتْ وفَهمَتْ ، وإذا أدْبَرَتْ كَلَّتْ ومَلَّتْ ، فَخُذُوهَا عِنْدَ إقْبَالِهَا ونَشَاطِهَا ، واتْرُكُوهَا عِنْدَ إدْبَارِهَا وفُتُورِهَا ).

يتبين لك أنّ حالة التقلب صفة ملازمة للقلب ولما كانت أفكار الدماغ كذلك فإنه مشترك معها في هذه الصفة فهو قلب بهذا المعنى غير أنه أقل في تقلبه من القلب فعندما يثبت على فكرة معينة يطمئن لها فإنه يستقر عليها.

القلوب التي في الصدور هي هذه التي تكون موضع اللين والقسوة، كما قال الإمام الصادق (عليه السلام): (والقسوة والرقة من القلب).

عندما يرق القلب لشيء ما ينجذب اليه ولذا كان موطن الحب والكره. وعندما يقسو فإنه يُعرض. إنّ احتواء القلوب واستيعابها لشيء مرتبط باستجابتها له وهذا متعلق برقتها تجاهه أو قسوتها. وعليه لا يبعُد أنّ ما نقلتموه صحيح حيث من الممكن أن يكون للقلب تعقل بالمفهوم الفسيولوجي.

قال تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ سورة الحج,(47) وفق ترقيم الرافضة.

وعلى أي حال علينا أن نفهم أن بين العقل والقلب اشتراك دقيق، لذا يعقل القلب، ويتقلب العقل! وقد يأتي ذكر القلب في القرآن والحديث بمعنى العقل، لكنه العقل المتقلب بالعاطفة.

ـ قولكم ايها الفاضل أنّ من يصاب في دماغه يمرض عقله أما من يصاب في قلبه يمرض جسده دون عقله هو كلام ليس دقيقا تماما.

وفق الأحاديث القلب مضغة إذا صحت صح سائر الجسد واذا مرضت مرض سائر الجسد. القلب الذي يشكو إعياءا في وظيفته فإنه يؤثر بنحو من الأنحاء على التركيز الذهني لصاحبه فترة سريان الشعور بالإعياء فيه على الأقل.

عندما يكون القلب منصرفا ينصرف معه العقل. اي عندما لا يُقبل القلب على أمر ما تمام الإقبال وينجذب إليه تماما فإنّ العقل ينصرف معه أيضا. لهذا قلنا أن ما بين العقل والقلب اشتراك دقيق.

ج2 الشهوة والهوى مكانهما النفس غير أنّ بينهما فرقا نفهمه من الأحاديث.

الشهوة ليست دائما مخالفة للعقل. الانسان عندما يشتهي الطعام والشراب وبقية حاجات البدن من نوم ونكاح وغيرها ضمن ضوابط وحدود لا إفراط فيها ولا تفريط فهو بهذا إنسان متوازن ولكن حينما يفرط في الاستجابة لشهواته يكون معلول النفس كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: (قرين الشهوة معلول النفس, مريض العقل).

أما الهوى فهو يكون دائما مخالفا للعقل وهو في الحقيقة يمثل في أحد جوانبه الإفراط في الشهوات.

قال أمير المؤمنين عليه السلام: (الهوى عدو العقل).

ج3: في جواب للشيخ تجدونه على هذا الرابط:

https://al-qatrah.net/an1296

هناك سبق للشيخ قوله ما نصه: "النفس هي التي تجرّ الإنسان إلى أحد الطرفين؛ الهوى أو الإباء، الحُسن أو القبح، الرضى والسخط، الاطمئنان أو الاضطراب، ملامة الذات أو أمرها بالسوء، وهكذا. وكلّما هذّب الإنسان نفسه كلما صفت ونقت وجرّته تالياً إلى الخير. أما الروح فهي التي تتقوّم بها حياة الإنسان، وهي التي تنتقل إلى العوالم الأخرى بعد الممات" انتهى جواب الشيخ.

ونضيف إليه بعبارة أخرى أن النفس موطن الهوى والرغبة والقبول والإعراض, أما الروح تتعلق بها حياة جسد الانسان.

كل شيء تدخل فيه النفس، فالقلب له ميول والروح لها ميول والجسد له ميول والعقل له ميول. لذا يمكن أن نقول أنّ النفس هي روح الروح التي تحرك أجزاء الجسد.

الروح تحرك الجسد ولكنّ النفس تهيمن على الروح. لذا عندما تضيق النفس حزنا فإنّ الروح تضيق أيضا فيعبر المرء عن تلك الحالة بقوله تكاد روحي تزهق.

نستدل على كون الروح متعلقة بالجسد بقول الصادق عليه السلام: "إن الروح لا تُوصف بثقل ولا خفة وهي جسم رقيق قد البس قالبا كثيفا فهي بمنزلة الريح في الزق فإذا نفخت فيه امتلأ الزق منها فلا يزيد في وزن الزق ولوجها ولا ينقصه خروجها، وكذلك الروح ليس لها وزن ولا ثقل" (الإحتجاج:2,350)

أما ما قلناه حول النفس فنستدل بقول الامام الصادق عليه السلام: "مَنْ مَلَكَ نَفْسَهُ اِذا غَضِبَ وَاِذا رَغِبَ وَاِذَا رَهِبَ وَاِذا اِشْتَهى، حَرَّمَ اللهُ جَسَدَهُ عَلَى النَّارِ" (بحار الأنوار، ج 75، ص 243)

قال أمير المؤمنين عليه السلام: "العقل و الشهوة ضدان و مُؤيّد العقل العلم و مُزيّن الشهوة الهوى و النفس متنازعة بينهما فأيهما قهر كانت في جانبه" (مستدرك الوسائل,ج 11،ص211)

هذا يدلل على ما قلناه من كون النفس داخلة في الروح وسائر ما تتعلق بها حياته من جسد وقلب وعقل فكل منها له ميول ورغبات وطبائع.

عندما يميل العقل لشيء تميل له النفس المهيمنة على الروح وهي بدورها تحرك الجسد وجوارحه وفقا لذلك الميل الذي تمليه عليها النفس.

الروح لها بعد مادي مرتبط بالجسد ولها بعد معنوي مرتبط بالنفس.

الأبعاد النفسية للروح الإيمان والقوة والشهوة والقدسية وهذه الأخيرة متعلقة بالعصمة أما البعد المادي لها هو حياة البدن.

لشدة الارتباط بين النفس والروح فانك تجد كثيرا من الروايات تعبر عن النفس بالروح.

عن الحسن بن إبراهيم عن أبي عبدالله جعفر بن محمد عليه السلام قال : "في الانبياء والاوصياء خمسة أرواح : روح البدن ، وروح القدس ، وروح القوة ، وروح الشهوة ، وروح الايمان ، وفي المؤمنين أربعة أرواح ـ إنما فقدوا روح القدس ـ ,روح البدن ، وروح القوة وروح الشهوة ، وروح الايمان ، وفي الكفار ثلاثة أرواح روح البدن ، وروح القوة ، وروح الشهوة . ثم قال : روح الايمان يلازم الجسد ما لم يعمل بكبيرة ، فإذا عمل بكبيرة فارقه الروح ، وروح القدس من سكن فيه ، فإنه لا يعمل بكبيرة أبدا" (بحار الأنوار,ج25,55)

النفس توصف بالايمان والقوة والضعف والشهوة واما القدسية فهي من صفات النفس المعصومة لذا توصف العصمة بأنها ملكة نفسية.

"النفس" التي يفارقها الايمان تجد "روح" صاحبها شيطانية ولكون الروح متصلة بالجسد فإنّ ذلك يظهر على جوارح المرء وسلوكه وتفكيره وقلبه.

النفس هي روح الروح التي تتعلق بها حياة الجسد.

عن أبي عبدالله عليه السلام قال:(وتحركت الروح بالنفس) (علل الشـرائع: 1/107)

ـ مركز الروح هو الدماغ، وباقي انتشارها في الجسد.

قال الامام الرضا عليه السلام : الروح مسكنها في الدماغ، وشعاعها مُنْبَثٌّ في الجسد ، بمنزلة الشمس دارتُها في السماء وشعاعها منبسط في الأرض ، فإذا غابت الدائرة فلا شمس ، وإذا قطع الرأس فلا روح ). (مناقب آل أبي طالب:3/463)

ـ للحياة بعد معنوي وبُعد فيزيائي. أما البعد الفيزيائي فهو مرتبط بالجسد ومن هذه الناحية نتمكن أن نقول أنّ حياة الجسد في الحقيقة هي الروح.

أما البعد المعنوي فالحياة فيه تكون شيئا آخر يتعلق بأبعاد مرتبطة بالقيم التي بها حياة الروح والنفس والقلب والعقل.

عن أمير لمؤمنين عليه السلام: (الروح حياة البدن و العقل حياة الروح)

(المواعظ حياة القلوب)

(معاشرة ذوي الفضائل حياة القلوب)

(الذكر نور العقول ، وحياة النفوس ، وجلاء الصدور)

(العلم محيي النفس ومنير العقل ,ومميت الجهل)

(التوحيد حياة النفس)

إلى غير ذلك من من قيم مرتبطة بالجانب المعنوي للحياة تجدها مبثوثة في الأحاديث الشريفة.

ـ نعم نمو النبات بوصفه كائنا حيا يدل على أنّ له روحا وبذلك يصرح مولانا الصادق علي السلام بقوله: (يا مفضّل لألقين عليك من حكمه الباري وعلا وتقدس اسمه في خلق العالم، والسباع، والبهائم، والطير، والهوام، وكل ذي روح من الأنعام والنبات)

ج4 قال تعالى:(اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) سورة الزمر, (43)

عن الإمام الباقر(عليه السلام) قال: (ما من أحد ينام إلاعرجت نفسه إلى السماء وبقيت روحه في بدنه ، وصار بينهما سبب كشعاع الشمس . فإن أذن الله في قبض الأرواح أجابت الروح النفس.

وإذا أذن الله في رد الروح أجابت النفس الروح . وهو قوله سبحانه: اللهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الآخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى. فمهما رأت في ملكوت السماوات فهو مما له تأويل،وما رأت فيما بين السماء والأرض فهو مما يخيله الشيطان ، ولا تأويل له). (مجمع البيان:8/404)

عن الإمام الحسن(عليه السلام) قال: (أما ما سألت عنه من أمر الإنسان إذا نام أين تذهب روحه ، فإن روحه متعلقة بالريح ، والريح متعلقة بالهواء إلى وقت ما يتحرك صاحبها لليقظة ، فإن أذن الله عز وجل برد تلك الروح إلى صاحبها ، جذبت تلك الروح الريح ، وجذبت تلك الريح الهواء فرجعت الروح ، فأسكنت في بدن صاحبها . وإن لم يأذن الله عز وجل برد تلك الروح إلى صاحبها جذب الهواء الريح ، وجذبت الريح الروح ، فلم ترد إلى صاحبها إلى وقت ما يبعث ) (كمال الدين:314)

يتبين لك بهذا أنّ الوفاة تُطلق على الموت والنوم.

في النوم يتوفى الله النفس وتبقى روح البدن في الجسد والنفس مع خروجها تبقى متصلة بروح البدن حيث يصير بينهما سبب كشعاع الشمس. في النوم لا تحتاج روح البدن للنفس فهي إنما تحتاجها في اليقظة للأسباب التي فصلناها في جوابنا الثاني.

أما في الموت فالله تعالى يتوفى روح البدن ومعها النفس وأيضا الجسد إلى حيث القبر.

فإذاً كل ميت مُتوفى وليس كل مُتوفى ميت.

ج5 الانسان من حيث المجموع مركب من كل تلك العناصر ولا يستغني عن واحد منها وكل ما يلزمه في سبيل تكامله الموازنة بينها. أما من حيث المحصلة فالمرء كما يقول أمير المؤمنين عليه السلام: (المرء بأصغريه : بقلبه ولسانه , إن قاتل قاتل بجنان , وإن نطق نطق ببيان)

منطق الإنسان يترجم ما في نفسه التي هي صفحة للقلب والعقل.

بقوة القلب وضعفه يتخذ المرء قرار الإحجام أو الاقدام. فحتى الكلمة التي لا يقوى القلب على دفع المرء لقولها تبقى حبيسة النفس وقد تكون حقا فلا يُنتفع بها.

عن امير المؤمنين عليه السلام (للإنسان فضيلتان : عقل ومنطق, فبالعقل يستفيد وبالمنطق يفيد)

(أصل الانسان لبُّه , وعقله دينه , ومروته حيث يجعل نفسه)

(المرء يوزن بقوله ويقوم بفعله)

(المرء بفطنته لا بصورته , المرء بهمته لا بقنيته) أي بكسبه.

ـ نعم تزكية النفس هي السبيل لتقويم هذا الإنسان من خلال مراقبة العقل والقلب وتهذيبهما.

قال تعالى: (قد أفلح من زكّاها)

ج6 الوسوسة هي في القلب.

روى العياشي باسناده عن أبان بن تغلب عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما من مؤمن الا ولقلبه في صدره أذنان، اذن يتنفس فيها الوسواس الخناس فيؤيد الله المؤمن بالملك، وهو قوله: سبحانه " وأيدهم بروح منه ".

في تفسير علي بن إبراهيم وقال الصادق عليه السلام: ما من قلب الا وله أذنان على أحدهما ملك مرشد، وعلى الأخرى شيطان مفتر، هذا يأمره وهذا يزجره، و كذلك من الناس شيطان يحمل الناس على المعاصي كما يحمل الشيطان من الجن. (نور الثقلين:ج5,ص725)

ـ الوسوسة في اللغة هي الصوت الخفي. لا نشعر بوسوسة إبليس حينما لا نُصغي لصوت العقل وإلا أنت إذا انتبه عقلك ودفع تلك الوساوس أيقنت للحظة أنّ هناك وسوسة وإن لم تُدرك كُنهها.

ج7 الذي ينتقل لعالم البرزخ هو الروح وهناك للقالب البرزخي قوانين تختلف عن البدن في عالم الدنيا و الظاهر أنّ ذلك يمتد إلى ما بعده من مراحل إلى أن نصل للجنة هناك حيث تكون الحياة الأخروية مثالية والانسان فيها يكون مخلوقا متكاملا على جميع الأصعدة.

هنا إجابات سابقة للشيخ حول البرزخ 1 , 2 , 3 , 4

ـ هيئة الانسان التكوينية في عالم الذر لسنا ندري حقيقتها ولكنّ القدر المتيقن هو أنه كان لنا وجود على نحو من الانحاء في ذلك العالم.

هنا جواب سابق للشيخ حول عالم الذر

ـ يشكر لكم الشيخ لطفكم وجميل ثنائكم النابع من طيب أرومتكم, وإنّ الشيخ يرى نفسه أقل مما وصفتموه به ويرجو من الله أن يكون أهلا له بشفاعة محمد وآله الطاهرين صلوات لله وسلامع عليهم أجمعين.

وفقكم الله لمراضيه

مكتب الشيخ الحبيب في لندن

2 صفر 1433 هـ


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp