هل هاتان الروايتان تعارض ترك العمل بالتقية؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل علي محمد و ال محمد و عجل فرجهم والعن اعدائهم أجمعين

اما بعد

ما جواب شيخ ياسر الحبيب في اعتقاد الشيعة منقول عن الشيخ الصدوق ره
يقول:
اعتقادنا في التقية أنها واجبة ، من تركها كان بمنزلة من ترك الصلاة ...
و بعده يقول:
وقيل للصادق - عليه السلام - : يا ابن رسول الله ، إنا نرى في المسجد رجلا يعلن
بسب أعدائكم ويسميهم . فقال : ( ما له - لعنه الله - يعرض بنا ) .
و ايضا روايتين الصحيحتين عن الإمام الصادق (ع) حينما قال:
• وعن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم ، عن معاوية بن وهب قال : قلت له كيف ينبغي لنا أن نصنع فيمابيننا وبين قومنا وبين خلطائنا من الناس ممن ليسوا على أمرنا تنظرون إلى أئمتكم الذين تقتدون بهم فتصنعون ما يصنعون، فوالله إنهم ليعودون مرضاهم ، ويشهدون جنائزهم ، ويقيمون الشهادة لهم وعليهم ، ويؤدو الأمانة إليهم

• عن ابى اسامة زيد الشحام قال : قال لى ابوعبدا لله عليه السلام : اقرأ على من ترى انه يطيعنى منهم و يأخذ بقولى السلام و اوصيكم بتقوى الله عزوجل و الورع فى دينكم و الاجتهاد لله و صدق الحديث و اداء الامانة و طول السجود و حسن الجوار ، فبهذا جاء محمد صلى الله عليه و آله ، أدّوا الامانة الى من ائتمنكم عليها بَرّاً او فاجراً فان رسول الله كان يأمر بأداء الخيط و المخيط . صلوا عشائركم و اشهدوا جنائزهم و عودوا مرضاهم و أدوا حقوقهم فان الرجل منكم اذا ورع فى دينه و صدق الحديث و أدّى الامانة و حسن خلقه مع الناس قيل هذا جعفرى فيسرّنى ذلك .


الكافي - الشيخ الكليني ج2، ص 636

الآن مراجعنا يقولون :

لا تقولا اخواننا السنة بل قولوا انفسنا السنة
حسب هؤلاء الرواياة و فتوي مراجعنا اللعن علني مايجوز .

ما جوابكم؟


انا ايراني و لغتي هي الفارسية و لم اتكلم بالعربية جيدا... عفوا لذا الامر

والسلام علي من اتبع الهدي
أبو أحمد من بلدية الكرمان


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

جواب المكتب:

ج1: بخصوص الرواية الأولى فهي لا سند لها على الإطلاق، ومع هذا نقول على مباني الشيخ العلمية أن احتجاج الشيخ الصدوق (رضوان الله تعالى عليه) بها يغني عن سندها، وعلى فرض صحتها لابد من معرفة ظرف الرواية وأمور عدة منها:

معرفة الشخص المذكور في الرواية الذي لعنه الإمام (عليه السلام)، وهل هو من ثقات الأئمة (عليهم السلام)؟ ولماذا قال الإمام (عليه السلام) كلمة ”يعرض بنا“؟ من الممكن أن يكون الرجل المقصود متقصّد فعله للتعريض بالأئمة الطاهرين (عليهم السلام) بأن يذهب في المسجد ويثلب أو يلعن أعداءهم بأسمائهم ليأخذهم السلطان بجريرته.

فمثلاً هناك رجل عظيم جليل القدر يُدعى يحيى بن أم الطويل المطعمي (رضوان الله تعالى عليه) فعل نفس هذا الصنيع لِمَ لم ينكر عليه الائمة (عليهم السلام)؟! بل كان باب الإمام زين العابدين (صلوات الله وسلامه عليه) كما ذكره ابن شهرآشوب في المناقب (الجزء 3 - الصفحة 311)، فهذا الرجل كان مؤمناً شجاعاً وجريئاً إلى أقصى حد، وقد صفه الإمام الباقر (عليه السلام) بأنه كان «يُظهر الفتوّة». (رجال الكشي - الصفحة 96).

ووصفه الإمام الصادق (عليه السلام) بأنه كان أحد الثلاثة الذين لم يرتدوا بعد استشهاد أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) مما يكشف عن عظيم إيمانه. قال الصادق عليه السلام: «ارتد الناس بعد الحسين (عليه السلام) إلا ثلاثة: أبو خالد الكابلي، ويحيى بن أم الطويل، وجبير بن مطعم، ثم إن الناس لحقوا وكثروا». (رجال الكشي - الصفحة 95) علما أن يحيى بن أم الطويل هو السبب في تشيّع أبي خالد الكابلي أيضاً في قصة مفصلة.

ووصفه الإمام الكاظم (عليه السلام) بأنه من الحواريين في قوله: ”إذا كان يوم القيامة ينادي منادٍ: أين حواري علي بن الحسين عليه السلام؟ فيقوم جبير بن مطعم ويحيى بن أم الطويل وأبو خالد الكابلي وسعيد بن المسيب». (الاختصاص للشيخ المفيد - الصفحة 61).

وحيث كان يحيى بن أم الطويل (رضوان الله تعالى عليه) يظهر البراءة أمام المخالفين بكل صراحة، ويلعن أعداء آل محمد (عليهم السلام)، فقد روى ثقة الإسلام الكليني عن اليمان بن عبيد الله قال: ”رأيت يحيى بن أم الطويل وقف بالكناسة ثم نادى بأعلى صوته: معشر أولياء الله! إنّا براء مما تسمعون، من سبَّ عليّاً (عليه السلام) فعليه لعنة الله، ونحن براء من آل مروان وما يعبدون من دون الله“. (الكافي للكليني - الجزء 2 - الصفحة 379).

وكان القليل من المخالفين يستجيبون ليحيى بن أم الطويل وأكثرهم لا يستجيب لدعوته، وهو ما دفعه لأن يدخل المسجد النبوي الشريف ويعلن البراءة من المخالفين وبغضه لهم! فقد روى الشيخ المفيد عن الإمام الصادق (عليه السلام): ”كان يحيى بن أم الطويل يدخل مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويقول: كفرنا بكم! وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً“ (الاختصاص للمفيد - الصفحة 64).

وهذا العمل من يحيى بن أم الطويل هو في الواقع من التأسي والاقتداء بسيرة الخليل إبراهيم (عليه السلام) وأصحابه المؤمنين، فقد قال الله تعالى: «قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّـهِ وَحْدَهُ». (الممتحنة الآية 5).

وقد تكون الرواية خرجت لظرف خاص وهي رخصة التقية الشرعية، فيمكن أن الإمام (عليه السلام) أمره بذلك ولكن يريد أن يبرئ منه أمام الناس حتى لا يرتد الأمر عليه وتقتصر ردة الفعل على هذا الذي جهر بالبراءة فيذهب شهيدا، كما أمروا بعض المخلصين من عظماء وصناديد التشيع من اصحابهم كأبي ذر ومالك الاشتر وحجر ابن عدي وقيس ابن سعد ابن عبادة الذي كان يسلق المنحرفين بحد لسانه (رضوان الله تعالى عليهم)، فقبلوا بالشهادة في سبيل الله لإظهار البراءة من المنحرفين والظالمين.

أو أن هذا ذلك الرجل المذكور في الرواية كان فعلا يعرض بالأئمة (عليهم السلام) وهذه كانت نيته الخبيثة فلذلك لعنه الامام (عليه السلام).

وإلا ليس الحكم على إطلاقه بحيث لا يجوز الجهر بالبراءة على نحو الاطلاق، وإذا فرضنا هذا القول فقد أثمّنا الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) في عشرات المواقف وأثمّنا من أجمعنا على صدقه ووثاقته وخلوصه وصفائه من أصحابهم في عشرات المواقف وأثمّنا علماءنا الأبرار كالشيخ المفيد والشيخ أبا الصلاح الحلبي والعلامة المجلسي والشهيد التستري وغيرهم (رضوان الله تعالى عليهم) ممن سطّروا أروع صفحات المجد الرافضية والتصدي لرموز النفاق والمنحرفين لا أقل في كتبهم وفي مصنفاتهم.

من الجيد متابعة سلسلة محاضرات الشيخ بعنوان: ”تحرير الإنسان الشيعي“، تجدها (هنا).

وأما الروايتان المذكورتان وأمثالهما فهي محمولة على حسن المعاشرة من باب مكارم الأخلاق التي تصح حتى مع اليهودي والنصراني والكافر الملحد تحبيبا له بالإسلام وليست مقتصرة على البكريين فقط، فالخلط بينها وجمعها تحت عنوان التقية هو غلط فاحش. ثم إن هذه المداراة الأخلاقية التي تحبّب الناس - من كفار وأهل كتاب وبكريين في الإسلام - إذا استلزمت إبطال حق أو إحقاق باطل؛ حرمت ولم تجز. بل وكذا الأمر في التقية، فإنها إذا استلزمت إبطال حق أهل البيت (عليهم السلام) أو إحقاق باطل أعدائهم (عليهم اللعنة) بما يهدد أمر بقاء الدين كان ذلك حراما مؤكدا حتى في حال تيقّن وقوع الضرر، ومثاله أمر أمير المؤمنين (عليه السلام) بعدم البراءة منه وهو ما فعله ميثم التمار (عليه رضوان الله) رغم ما جرّه ذلك عليه من الصلب والقتل.

فالتقية رخصة تدور مدار الضرر، فإذا كان ترك المداراة مستلزما لوقوع الضرر فبها وصحت التقية، وإلا فلا. أما حسن المعاشرة والمخالطة مع المخالفين في ما لا يبطل حقا ولا يحق باطلا فهي بنفسها من باب مكارم الأخلاق لا من باب التقية، ويتوسع ذلك التعامل الحسن حتى ليشمل الكفار أيضا.

نرجو منكم الرجوع إلى جواب سابق للتفصيل أكثر (تجده هنا).

ملاحظة: نلفت نظركم أيها الأخ الكريم إلى أنّ ”السلام على من اتبع الهدى“ تُقال لمن ليس متبعا للهدى والرد عليها ”وعلى من اتبع الهدى السلام“، أي إن صرت ممن يتبع الهدى فالسلام عليك. وبهذه العبارة أمر الله موسى وهارون (عليهما السلام) أن يخاطبا فروعون (لعنه الله)، قال تعالى: «فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى». فالسنة أنّ تسلّم على الشيعة الرافضة الكرام بقولك: ”السلام عليكم ورحمة الله وبركاته“.

شكرا لحسن التواصل.

مكتب الشيخ الحبيب في لندن

ليلة 22 ربيع الأول 1436 هجرية


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp