هل هناك روايات في مدح أهل العراق وهل لهم دور في نصرة الإمام المهدي؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

السلام عليكم
اسعد الله ايامكم بذكرى ميلاد بطلة كربلاء زينب الكبرى عليها السلام

شيخنا الكريم

هل هناك روايات او مواقف معينة للمعصومين في مدح
العراق واهله وهل هم المؤمل منهم بشكل كبير من قبل الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف في نصرته و لهم خصوصية في عصر ظهوره المبارك ؟

ارجو افادتنا ولو بشكل مختصر شيخنا عن علاقة اهل البيت بالعراق واهله من مدح و ذم هذا و نسالكم الدعاء


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

جواب المكتب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الروايات المأثورة عن أهل بيت العصمة صلوات الله عليهم التي جاء فيها ذكر العراق وأهل العراق تنقسم إلى قسمين: روايات مادحة وروايات ذامة.

أما روايات المدح ما جاء في فضل أهل الكوفة في حديث عن الإمام الرضا عليه السلام فضل عن يوم الغدير الأغر جاء فيه: (يا أهل الكوفة لقد أعطيتم خيرا كثيرا وإنكم لمن امتحن الله قلبه للايمان مستذلون، مقهورون، ممتحنون، يصب عليكم البلاء صبا، ثم يكشفه كاشف الكرب العظيم) (التهذيب: 6 - 24)

دخل على الإمام الصادق عليه السلام عبد الله بن الوليد في جمع من أهل العراق فقال لهم عليه السلام (ممن أنتم؟ قلنا من أهل الكوفة. قال ما من البلدان أكثر محبةً لنا من أهل الكوفة لا سيما هذه العصابة، إن الله هداكم لأمر جهله الناس فأحببتمونا وأبغضنا الناس وبايعتمونا وخالفنا الناس وصدقتمونا وكذبنا الناس، فأحياكم الله محيانا وأماتكم مماتنا) (الأمالي الشيخ الطوسي)

وفي البصائر: عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إن الله عرض ولايتنا على أهل الأمصار فلم يقبلها إلا أهل الكوفة). (بصائر الدرجات، الصفار، ص96) أي قبولاً كاملاً كما في الخبر الآتي.

عن يعقوب بن يزيد، عن ابن سنان، عن عتيبة بياع القصب عن أبي بصير، قال: (سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (إن ولايتنا عرضت على السماوات والأرض والجبال والأمصار ما قبلها قبول أهل الكوفة).

وفي النهج: من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة: (كأني بكِ يا كوفة تمدين مد الأديم العكاظي، تعركين بالنوازل، وتركبين بالزلازل، وإني لأعلم أنه ما أراد بك جبار سوء إلا ابتلاه الله بشاغل، ورماه بقاتل). (نهج البلاغة، ص97)

وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: (هذه مدينتنا ومحلنا ومقر شيعتنا). وعن الصادق صلى الله عليه وآله أنه قال: (تربة تحبنا ونحبها). وعنه عليه السلام: (اللهم ارم من رماها، وعاد من عاداها). (بحار الأنور، ج57 ص210)

وجاء في شرح النهج: (فمن الجبابرة الذين ابتلاهم الله بشاغل فيها زياد، وقد جمع الناس في المسجد ليلعن عليا -صلوات الله عليه- فخرج الحاجب وقال: انصرفوا، فإن الأمير مشغول، وقد أصابه الفالج في هذه الساعة! وابنه عبيد الله بن زياد وقد أصابه الجذام، والحجاج بن يوسف وقد تولدت الحيات في بطنه حتى هلك، وعمر بن هبيرة وابنه يوسف وقد أصابهما البرص، وخالد القسري وقد حبس فطولب حتى مات جوعا. وأما الذين رماهم الله بقاتل فعبد الله بن زياد، ومصعب بن الزبير، وأبو السرايا وغيرهم قتلوا جميعا، ويزيد بن المهلب قتل على أسوأ حال.

وعن عبد الواحد البصري، عن أبي وائل، عن عبد الله الليثي عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال: (كنت ذات يوم جالسا عند النبي صلى الله عليه وآله إذ دخل عليه علي بن أبي طالب عليه السلام فقال صلى الله عليه وآله: إلي يا أبا الحسن، ثم اعتنقه و قبل [ما] بين عينيه وقال: يا علي إن الله عز اسمه عرض ولايتك على السماوات، فسبقت إليها السماء السابعة فزينها بالعرش، ثم سبقت إليها السماء الرابعة فزينها بالبيت المعمور، ثم سبقت إليها السماء الدنيا فزينها بالكواكب، ثم عرضها على الأرضين فسبقت إليها مكة فزينها بالكعبة، ثم سبقت إليها المدينة فزينها بي، ثم سبقت إليها الكوفة فزينها بك، ثم سبق إليها قم فزينها بالعرب وفتح إليه بابا من أبواب الجنة). (بحار الأنوار، ج 57 ص212)

وفي معاني الأخبار والخصال: عن الحسين بن إدريس، عن أبيه، عن محمد بن أحمد الأشعري، عن أبي عبد الله الرازي، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (إن الله اختار من البلدان أربعة، فقال عز وجل "والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين" فالتين المدينة والزيتون بيت المقدس، وطور سينين الكوفة، وهذا البلد الأمين مكة) - الخبر -. (بحار الأنوار ج 57 ص 205/204)

وأما ما جاء في روايات من الذم:
-الكشي: قال: وجدت بخط جبرئيل بن أحمد، حدثني محمد بن عيسى، عن محمد بن الفضيل، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن الهيثم بن واقد، عن ميمون بن عبد الله، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إن عليا عليه السلام لما أراد الخروج من البصرة قام على أطرافها ثم قال: لعنك الله يا أنتن الأرض ترابا، وأسرعها خرابا، وأشدها عذابا، فيك الداء الدوي! قيل: ما هو يا أمير المؤمنين! قال: كلام القدر الذي فيه الفرية على الله، وبغضنا أهل البيت، وفيه سخط الله وسخط نبيه، وكذبهم علينا أهل البيت واستحلالهم الكذب علينا). (بحار الأنوار ج 57 ص 204)

-خصال: عن أحمد بن الحسن القطان وعلي بن أحمد بن موسى، عن أحمد ابن يحيى بن زكريا القطان، عن بكر بن عبد الله بن حبيب، عن تميم بن بهلول، عن أبي معاوية الضرير، عن الأعمش، عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: (ستة عشر صنفا من أمة جدي لا يحبونا ولا يحببونا إلى الناس - إلى أن قال - وأهل مدينة تدعى "سجستان" هم لنا أهل عداوة ونصب، وهم شر الخلق والخليقة، عليهم من العذاب ما على فرعون وهامان وقارون، وأهل مدينة تدعى "الري" هم أعداء الله وأعداء رسوله وأعداء أهل بيته يرون حرب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله جهادا ومالهم مغنما و لهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا والآخرة ولهم عذاب مقيم، وأهل مدينة تدعى "الموصل" هم شر من على وجه الأرض، وأهل مدينة تسمى "الزوراء" تبنى في آخر الزمان يستشفون بدمائنا، ويتقربون ببغضنا، يوالون في عداوتنا، ويرون حربنا فرضا، وقتالنا حتما. يا بني فاحذر هؤلاء ثم احذرهم فإنه لا يخلو اثنان منهم بأحد من أهلك إلا هموا بقتله) - الخبر - (بحار الأنوار ج 57 ص 206)

اما الروايات التي يبرز فيها دور العراق قبيل زمن الظهور وفي عهد الحجة عجل الله فرجه الشريف ومرحلة ما بعد الظهور فنذكر منها ما جاء:

عن الإمام الباقر عليه السلام قال: (يزجر الناس قبل قيام القائم عن معاصيهم بنار تظهر لهم في السماء، وحمرة تجلل السماء، وخسف ببغداد، وخسف ببلدة البصرة، ودماء تسفك بها، وخراب دورها، وفناء يقع في أهلها. وشمول أهل العراق خوف لا يكون معه قرار) (البحار: 221/52)

وعن الإمام الباقر عليه السلام في تفسير قوله تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ فَانْفُذُوا لاتَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ}، قال: ينزل القائم يوم الرجفة بسبع قباب من نور لايعلم في أيها هو، حتى ينزل ظهر الكوفة).

وعن الإمام الباقر عليه السلام قال: (إذا قام القائم سار إلى الكوفة فيخرج منها بضعة عشر آلاف أنفس يدعون البترية عليهم السلاح، فيقولون له: إرجع من حيث جئت فلا حاجة لنا في بني فاطمة، فيضع فيهم السيف حتى يأتي على آخرهم. ثم يدخل الكوفة فيقتل كل منافق مرتاب، ويقتل مقاتليها حتى يرضى الله عز وعلا). ( البحار: 52/338).

وعن عمرو بن شمر عن الإمام الباقر عليه السلام قال ذكر المهدي عليه السلام فقال : (يدخل الكوفة وبها ثلاث رايات قد اضطربت فتصفو له. ويدخل حتى يأتي المنبر فلا يدري الناس ما يقول من البكاء!). (الإرشاد للمفيد ص362).

وعن أمير المؤمنين وعن الإمام الباقر عليهما السلام قال: (تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان (إلى) الكوفة ، فإذا ظهر المهدي بعثت له بالبيعة) (البحار: 52/217)

الخلاصة:

يمكن أن نستخلص من الروايات الذامة منها والمادحة لأهل العراق وخاصة لأهل الكوفة أن الذم والمدح مرتبطين كلاهما بظروف الرواية التي صدرت فيها، وإن المدح أو الذم إذا تعلقا بأهل بلد ما كالكوفة مثلا فالرواية إذا ذمت أو مدحت فبلحاظ حسن أو سوء سلوك أهلها أو فئة منهم ومدى طاعتهم أو عصيانهم للإمام المعصوم صلوات الله عليه.

أما إذا تعلّق المدح بأرض ما ودائما نأتي بالكوفة كمثال لكونها منزل أمير المؤمنين عليه السلام وبه تزينت كما تزينت المدينة برسول الله صلى الله عليه وآله فهذا الفضل باق لها كأرض ما بقي بها المعصوم هنا أمير المؤمنين عليه السلام بغض النظر عن أهلها وتغير أحوالهم.

وكمثال مباشر على علة اختلاف خطاب المعصوم صلوات الله عليه من مدح إلى ذم هاتين الروايتين:
روى عبد الحميد بن عمران العجلي، عن سلمة بن كهيل قال: (لما التقى أهل الكوفة أمير المؤمنين صلوات الله عليه بذي قار رحبوا به، ثم قالوا: الحمد لله الذي خصنا بجوارك، وأكرمنا بنصرتك). فقام أمير المؤمنين عليه السلام فيهم خطيباً، فحمد الله، ثم أثنى عليه، وقال: يا أهل الكوفة، إنكم من أكرم المسلمين، وأقصدهم تقويماً وأعدلهم سنة، وأفضلهم سهماً في الإسلام، وأجودهم في العرب مركباً ونصاباً). أنتم أشد العرب وداً للنبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته. وإنما جئتكم ثقةً ـ بعد الله ـ بكم؛ للذي بذلتم من أنفسكم عند نقض طلحة والزبير وخلفهما [خلعهما] طاعتي، وإقبالهما بعائشة للفتنة [وعند المفيد: لمخالفتي ومبارزتي]، وإخراجهما إياها من بيتها حتى أقدامها البصرة، فاستغووا طغامها وغوغاءها. مع أنه قد بلغني أن أهل الفضل منهم وخيارهم في الدين قد اعتزلوا وكرهوا ما صنع طلحة والزبير. ثم سكت عليه السلام) (بحار الأنوار ج32 ص115 و 116)

فهنا جاء المدح لهم لما كانوا مناصرين مطيعين. أما في الرواية التي تأتي جاء الخطاب لهم منه عليه السلام بلهجة التوبيخ والتأنيب على الخذلان والعصيان:

فقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال لأهل الكوفة حين عصوه سلام الله عليه : (يا أشباه الرجال ولا رجال، حُلوم الأطفال، وعقول رَبَّات الحِجال، لوددتُ أني لم أركم ولم أعرفكم معرفة والله جرَّتْ نَدَماً، وأعقبتْ سدماً... قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحاً، وشحنتم صدري غيظاً، وجَرَّعْتُموني نُغَب التهمام أنفاساً، وأفسدتم عَلَيّ رأيي بالعصيان والخذلان، حتى لقد قالت قريش: إن ابن أبي طالب رجل شجاع، ولكن لا علم له بالحرب، ولكن لا رأي لمن لا يُطاع) نهج البلاغة 70 ، 71.

وقال عليه السلام مُوَبِّخا لهم: (مُنِيتُ بكم بثلاث، واثنتين: صُمٌّ ذَوو أسماع، وبُكْمٌ ذَوو كلام، وعُمْي ذوو أبصار، لا أحرارَ صِدْق عند اللقاء، ولا إِخوانَ ثقَةٍ عند البلاء) نهج البلاغة ص 142

وفقكم الله لمراضيه

مكتب الشيخ الحبيب في لندن

16 جمادى الأولى 1438 هجرية


ملاحظة: الإجابات صادرة عن المكتب لا عن الشيخ مباشرة إلا أن يتم ذكر ذلك. المكتب يبذل وسعه في تتبع آراء الشيخ ومراجعته قدر الإمكان.
شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp