هل هذا الحديث معناه أن الإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام) قد فدوا العصاة كما يعتقد النصارى في المسيح عليه السلام؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

‏بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عظم الله أجورنا وأجوركم باستشهاد مولاتنا سيدة نساء العالمين الصديقة الكبرى أم أبيها فاطمة الزهراء سلام الله عليها ولعنته على قاتليها .

الشيخ الفاضل ياسر الحبيب حفظه الله تعالى وجعله ذخرا للاسلام والمسلمين

لدينا بعض الأسئلة التي نرجو أن تتفضلوا علينا وتجيبون عليها بكرمكم وجودكم الواسع

جاء في الرواية أن جبريل قد نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال : يا رسول الله إنك لتحب الحسن الحسين؟ فقال : وكيف لا احبهما وهما ريحانتاي من الدنيا وقرتا عيني .فقال جبرئيل : يا نبي الله إن الله قد حكم عليهما بأمر فاصبر له ، فقال : وما هو يا أخي ؟ فقال : قد حكم على هذا الحسن أن يموت مسموما ، وعلى هذا الحسين أن يموت مذبوحا وإن لكل نبي دعوة مستجابة ، فان شئت كانت دعوتك لولديك الحسن والحسين فادع الله أن يسلمهما من السم والقتل ، وإن شئت كانت مصيبتهما ذخيرة في شفاعتك للعصاة من امتك يوم القيامة .فقال النبي صلى الله عليه وآله : يا جبرئيل أنا راض بحكم ربي لا اريد إلا ما يريده ، وقد أحببت أن تكون دعوتي ذخيرة لشفاعتي في العصاة من امتي ويقضي الله في ولدي ما يشاء . ما المقصود من الرواية ، وهل مضمونها صحيح ، وما هو الرد على من يدعي جهلا أو عنادا عدم الاختلاف بين هذه الشفاعة وعقيدة الخلاص والفداء النصرانية؟


باسمه تقدست أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. عظم الله لنا ولكم الأجر بمصابنا بمولاتنا الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء صلوات الله عليها، جعلنا الله وإياكم قريبا من الطالبين بثأرها مع ولدها الحجة المهدي أرواحنا فداه وعجل الله تعالى فرجه الشريف.

مضمون الرواية صحيح ولا شناعة فيه، والدوران إنما هو بين استجابة دعوتيْن؛ الأولى بقاء الحسنين (عليهما السلام) بالبداء بنسخ القضاء السابق عليهما بالموت سما وقتلا، والثانية الشفاعة للعصاة من الأمة. فليس التلازم بين قتلهما في الواقع الخارجي وبين الشفاعة للعصاة، بل هو تخيير بين استجابة واحدة من الدعوتيْن، ولذا قال صلى الله عليه وآله: ”وقد أحببت أن تكون دعوتي ذخيرة لشفاعتي في العصاة من أمتي“. وعليه يرتفع إشكال أنه ضرب من اعتقاد النصارى في الفداء.

على أنك تعرف رأينا في أن هذه الروايات وأمثالها إنما تجري مجرى الإفهام للغير، لأن المعصوم وعاء هبوط عزائم الله تعالى منذ الأزل، فلا يطلب غير ما تقرّر، فلا يكون للتخيير الموضعي حقيقة لأنه معه وبدونه أيضا لا يطلب غير ما تقرّر، وإنما قد صدر هذا التخيير على وجه الإفهام للغير بأن للمعصوم القدرة على الاختيار. وبهذا يكون مغزى الرواية بيان أن للنبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) مقاما عظيما عند الله تعالى بحيث يمكن تكيّف القضاء والقدر على حسب إرادته واختياره، ومع ذلك فقد اختار أن تجري عزائم الله تعالى وأن يضحي بنفسه وبأهل بيته الأطهار عليهم السلام، وهذا الاختيار هو سبب رفعته وعلو مقامه وشأنه، لا أنه كان مُجبرا، إذ لو كان لما كان مستحقا لبلوغه هذا المقام، ولصح إشكال أنه لماذا ميّزه الله تعالى وفضّله مع أنه كان مجبرا؟ ولو أن الله تعالى اختار غيره وأجبره لما عدا عمّا فعل أيضا فأي استحقاق في بلوغه هو هذه المرتبة؟ أما مع ثبوت القدرة على الاختيار فيرتفع هذا الإشكال.

أنار الله دربكم بمحمد وآله الأطهار صلوات الله عليهم. والسلام.

26 من جمادى الأولى لسنة 1428 من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp