هل آية: (أفإن مات أوقتل انقلبتم على أعقابكم) خبرية أم إنشائية؟ وما معنى الترديد بين الموت والقتل؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

‏بسمه تعالى

سماحه الشيخ ياسر الحبيب دامت بركاته

بكلّ الحزن والأسى أتقدم بأحر وأصدق آيات التعازي والمواساة إلى الساحة المقدّسة لمولانا صاحب الزمان أرواحنا لتراب مقدمه الفداء وإلى مراجع الدين العظام سدّدهم الله تعالى وإلى سماحتكم.

بحلول المناسبة الحزينة لذكرى استشهاد الطاهرة المظلومة فاطمة الزهراء عليها السلام سائلين الله أن يجعلنا من المتمسكين بولايتها والمدافعين عن مظلوميتها والسائرين على نهجها الطاهر ورزقنا شفاعتها وأبيها يوم القيامه

سماحه الشيخ هل تتفضلون علينا بذكر بعض البراهين والحجج المسكته والقاصمه لظهور الواهبيين والمخالفين بما لايستطيعون معها فرار وتكون مظهره لعجزهم وظلمهم وجهلهم وتكون عده للمؤمنين يطلقون سهامها فى قلوب المعتدين

السؤال التانى

فى قوله تعالى وما محمدإلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أوقتل إنقلبتم على أعقابكم إلى آخر الآيه الشريفه

والسؤال هل الآيه الكريمه خبريه أم إنشائيه وهل هى مرتبطه بغزوه أحد كما يذكرون؟

وما معنى التريد بين الموت والقتل ؟ وما هى أقوال أئمه الهدى صلوات الله عليهم حولها

أدعو الله لسماحتكم بموفور الصحه والعافيه وأن يحشركم فى ركاب محمد وآل محمد عليهم السلام وأن يجعل عملكم بهم مقبول ورزقكم بهم مبسوط وذنبكم بهم مغفور ودعاؤكم بهم مستجاب وحوائجكم بهم مقضيه وهمومكم بهم مكفيه وأن يهبكم رضاهم ورأفتهم ودعائهم وان تشملكم عنايه ولى الله العظم وان يشركنا الله معكم فى ذلك

خادمكم محمد مصر


باسمه تقدست أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. عظم الله أجورنا وأجوركم بمصابنا بسيدتنا الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها، جعلنا الله وإياكم قريبا من الطالبين بثارها مع ولدها المنتقم لها صاحب العصر والزمان الإمام الحجة بن الحسن المهدي أرواحنا وأرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء.

أما الحجج القاصمة لظهور المخالفين فليس بالوسع ذكرها هنا على ما فيها من التفصيل، فلذا نرجئكم إلى محاضراتنا فإن فيها منها ما ليس بالقليل، ويمكنكم تدوينها وتدوين مداركها ومصادرها إذ نحرص على ذكرها دائما كما هي عادتنا.

وأما الآية الشريفة فهي إنشائية في قوله تعالى: ”أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم“ إذ هو استفهام في صورة التوبيخ والاستنكار. وحتى على فرض أنها خبرية – وليست كذلك - فإنها تكون صادقة لصدورها عمّن لا يُحتمل فيه الكذب، وهو المولى سبحانه.

وقد نزلت الآية في شأن معركة أحد، حينما شاع أن رسول الله الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قُتل فيها، فانهزم الناس وولّوا العدو أدبارهم وانكشف ضعف إيمانهم حتى أنهم قالوا: ”قُتل محمد، فالحقوا بدينكم الأول“! (تفسير الطبري ج4 ص151).

ولم يثبت من المسلمين سوى أمير المؤمنين علي (صلوات الله عليه) وأبو دجانة الأنصاري بعدما أثخنته الجراحة واحتمله علي عليه السلام، وبعض الأصحاب بعد فرارهم يظهر أنهم ندموا فعادوا إلى ساحة القتال كأنس بن النضر وسهل بن حنيف. وكان على رأس الفرّارين يومها عمر بن الخطاب وأبو بكر بن أبي قحافة وعثمان بن عفان وأضرابهم عليهم اللعنة والخزي.

ويكشف ذلك عن حقيقة أن جلّ المسلمين آنذاك ما كان إسلامهم إلا ظاهريا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبهم، إذ لو كان لما فرّوا - والفرار من أكبر الكبائر - ولما شكّوا وكادوا أن يرتدّوا بدعوتهم أنفسهم إلى الرجوع إلى دينهم الأول!

والآية صريحة في مفادها أن هؤلاء إنما يتعلّقون بالإسلام ما دام رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيا، فإذا مات أو قُتل انقلبوا على أعقابهم، ومعنى الانقلاب على الأعقاب رجوعهم إلى ما كانوا عليه تماما في جاهليّتهم، من الكفر والشرك وعبادة الأصنام. ودلالة الآية على ذلك باقية إلى ما بعد معركة أحد إذ لم تنزل آية أخرى تنقض دلالتها فتنفي إمكان وقوع الانقلاب والردّة منهم، وإذ ذاك يتأكد أنهم بعد استشهاد رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد انقلبوا على أعقابهم وكفروا وارتدّوا، إلا من عصم الله منهم من الذين بقوا أوفياء لرسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما.

والروايات الواردة عن أهل بيت العصمة (عليهم السلام) في هذا المعنى كثيرة، فمنها ما عن حنّان عن أبيه عن أبي جعفر الباقر عليه السلام: ”كان الناس أهل ردة بعد النبي صلى الله عليه وآله إلا ثلاثة، فقلت: ومن الثلاثة؟ فقال: المقداد بن الأسود، وأبوذر الغفاري، وسلمان الفارسي رحمة الله عليهم وبركاته، ثم عرف أناس بعد يسير، وقال: هؤلاء الذين دارت عليهم الرحا، وأبوا ان يبايعوا حتى جاءوا بأمير المؤمنين عليه السلام مكرها فبايع، وذلك قول الله عزوجل: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين“. (الكافي ج8 ص245).

ومنها ما عن الحسين بن المنذر قال: ”سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله: أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم، القتل أم الموت؟ قال: يعني أصحابه الذين فعلوا ما فعلوا“. (تفسير العياشي ج1 ص200).

ومنها ما عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه قال: ”قلت لأبي جعفر عليه السلام: إن العامة يزعمون أن بيعة أبي بكر حيث اجتمع الناس كانت رضى لله عز ذكره وما كان الله ليفتن أمة محمد صلى الله عليه وآله من بعده؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: أوَما يقرأون كتاب الله؟! أوَليس الله يقول: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضرالله شيئا وسيجزي الله الشاكرين؟! فقلت له: إنهم يفسرون هذا على وجه آخر، فقال: أوَليس قد أخبر الله عز وجل عن الذين من قبلهم من الأمم أنهم قد اختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات، حيث قال: وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعدما جاءتهم البينات ولكلن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل مايريد؟ وفي هذا ما يُستدل به على أن اصحاب محمد صلى الله عليه وآله قد اختلفوا من بعده فمنهم من آمن ومنهم من كفر“. (المصدر نفسه).

ومنها ما عن عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ”تدرون مات النبي صلى الله عليه وآله أو قُتل؟ إن الله يقول: أفإن مات أو قتل انقبلتم على أعقابكم، فسُمَّ قبل الموت! إنهما سقتاه! فقلنا: إنهما وأبوهما شرّ من خلق الله“. (المصدر نفسه).

أما الترديد بين الموت أو القتل في الآية الكريمة، فلعلّه من باب الإضراب الإبطالي، لخفاء حقيقة أنه (صلى الله عليه وآله) قُتل بالسم إلا عن الذين والوا أهل بيته (عليهم السلام) فأدركوها، فيكون المعنى أنكم تعتقدون بموته الطبيعي والحال أنه مقتول مسموم صلوات الله عليه وآله. وقد جاء هذا الإضراب في صيغة الترديد لأنه في سياق المستقبل.

ولعلّه أيضا لبيان أنكم ترتدّون لا في حال قتله (صلى الله عليه وآله) فقط - إذ كانوا يعتقدون بأن النبي لا يُقتل فإذا قُتل بطلت دعوته وظهر أنه ليس بنبي - وإنما حتى في حال موته بشكل طبيعي، فإنكم في هذه أيضا تكفرون وترتدّون وتنقلبون على أعقابكم.

زادكم الله تقوى وعلما وبصيرة. والسلام.

25 من جمادى الأولى لسنة 1428 من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp