لماذا تحدثتم عن موسى الصدر؟ ألم يكن من الواجب عليكم مراعاة المناصرين لكم من أتباع حركة أمل؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp



وصلى الله على سيدنا ونبيّنا محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين، ثم اللهم الدائم على أعدائهم اجمعين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

إِنَّنِي ومنذ سنوات مُتابع لكم، ذابٌّ عنكم، مناصر لكم. وقد سمعنا (كلبنانيين) ما قاله الشيخ عن السيد موسى الصدر والذي تزامن مع اقتراب ذكرى إخفائه..
شخصيا وإن لم اختلف مع الشيخ في المضمون، الّا انني تمنّيت لو ان الشيخ تروّى او التمس عُذراً.. فموسى الصدر ليس بمعصوم، وجلّ من لا يُخطىء، لكنّه كان من رسّخ العقيدة وأعاد إحياء الدين في زمن نهش بلحمنا الإلحاد، وكان شيعة لبنان تحت ألوية اليسار وما شاكل كالشيوعية والنّاصرية وغيرها.

فأسّس حركة تقوم على مبدأ الرّفض.. نعم الرّفض في معظم جوانبه.. ومحاضراته منتشرة في كل مكان ويمكن للإخوة مراجعتها.

شيخنا، ما اكتب لأُدافع، إنَّما حقيقة لأُعاتب.. قد شقيْنا في مساعينا لتقريب نهجكم للناس، وكانت مهمّة في غاية المشقّة.. كان الإخوة في حركة أمل ممن حمل لواءك ودافع عنك ضد هجمة حزب الله الشرسة عليك. كُنَّا كأبناء الصدر نحتمي بك وننتصر بنهجك عليهم، نُقارعهم ببراهينك فنغلبهم.. ولكن بعد انتشار تعليقكم، شمِت بِنَا: حزب الله، أتباع شريعتي من داخل الحركة والذين كدنا ان نقضي عليهم، اتباع محمد حسين فضل الشيطان وغيرهم من المنحرفين!
ومعظم الرّافضة، الذين كانوا من حملة لوائكم، أصبحوا اليوم من لُعّانكم!!! وأصبحنا نُحن القِلّة، إن بقي مناصر لكم في لبنان (حتّى اتباع السيد الشيرازي لعنوكم) تحت نقطة الصّفر بعد ان كُنَّا قاب قوسين او أدنى من النّصر..

كان من الواجب مراعاة مشاعر البنانيين وخاصة اتباع حركة امل، اذ نتعرَّض لهجمة شرسة على كل الأصعدة في لبنان، وان النفوس مشحونة بعد تطاول قناة الجديد وبعض أنصار حزب الله على شخص السيد موسى الصدر.. في نفس الوقت الذي تسير آلة حزب الله السياسية لدحلنا وتمزيق تاريخنا بعد ان نهبوه واختزال المُقاومة بأنفسهم. وحرب عون وباسيل الحاقدة!

أقول، إن صحَّ كل الذي تقول وانه كان مُتعمّداً في كل ما فعل، فإن التوقيت لم يكن مناسباً.. الّا انني ادعوكم بكل تواضع الى التدقيق بحياة السيد، ومُطالعة محاضراته وأقواله.. قبل القطع اليقيني بإنحرافه.

وفّفكم الله،
اخوكم،
محمد العاملي


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جواب الشيخ:

نحن وإن قدّرنا جهودكم وجهود الإخوة في حركة أمل في الدفاع عن منهجنا وترويجه؛ ومع إدراكنا لحساسية الموقف وارتداداته؛ إلا أننا لا نملك الإحجام عن جواب مسألة رجالية من هذا القبيل، كما لا نملك الإبهام فيها، حذرًا من التباس الحق بالباطل، فما دام المسؤول عنه ممن له أثر وتأثير وامتداد، وما دامت آراؤه ومواقفه يُقاس عليها ويُبنى؛ فإنه لا بد حينئذ من الجواب الصريح إعمالاً للمبدأ العلوي الشريف: «لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي تركه» (نهج البلاغة: 147).

وليس يخفى عليكم ولا على أحد؛ أنه ما زال هنالك اليوم من يستهويه شريعتي وما جاء به، بل إن له خطًّا انحرافيًّا سرطانيًّا متفشّيًا في بعض الأوساط والطبقات، ولا تزال تؤخذ مدائح موسى الصدر له وصلاته عليه دليلًا على صلاحه وبرهانًا على حسن حاله. وليس يخفى عليكم أيضًا ولا على أحد؛ أن أي باطل لو أريدَ نسفه فلا مناص أولاً من كسر كل دعاماته، وهذه إحداها، فموسى الصدر دعامة من دعامات شريعتي، وهذه بذاتها تكفي لاتخاذ موقف صارم منه، فكيف لو كان لموسى الصدر نفسه من الآراء الانحرافية المستقلة ما لا يمكن تمريره أو التجاوز عنه؟ لذا توجّب أن ننطق في هذه المسألة وأن لا نحجم.

وإنّا لنخشى أنْ إذا أحجمنا في هذه مراعاةً لبعض أنصارنا أو محبينا؛ نُحجم في غيرها مجاراةً لغيرهم أو استقطابًا لهم، وبهذا ننجرف شيئًا فشيئًا لنغدو كغيرنا ممن يجعل مصب اهتمامه إرضاء الناس، ويجعل أعظم حرصه على ضمّهم إليه كيفما كان، وساعتئذٍ نهدم منهجنا ونخسر تأييد إمامنا المنتظر المفدى صلوات الله عليه وعجل الله فرجه الشريف.

لقد وطنّا أنفسنا وروّضناها على تحمّل ما تحمّله الأنبياء والأوصياء عليهم السلام ما استطعنا، وقد كان مما تحمّلوه السب والشتم والتنكّر والجحود مع كل موقف صارم وقفوه، علّنا بذلك نحظى بصدق عنوان التأسي بهم، ونكسب أجر مواساتهم.

وقد قال إمامنا الرضا صلوات الله عليه: «إن أهل الحق إذا دخل فيهم داخل سُرُّوا به، وإذا خرج منهم خارج لم يجزعوا عليه، وذلك أنهم على يقين من أمرهم. وإن أهل الباطل إذا دخل فيهم داخل سُرُّوا به، وإذا خرج منهم خارج جزعوا عليه، وذلك أنهم على شك من أمرهم. إن الله جل جلاله يقول: فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ. قال: ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: المستقر الثابت والمستودع المعاد» (تفسير العياشي ج1 ص372)، ونحن بحمد الله على يقين من أمرنا، لا نجزع إذا خرج منّا خارج، بل نشعر باطمئنان أكبر ونشكره سبحانه إذ أبعد عنا مستودعًا معادًا، ولطالما رأينا طوال هذه المسيرة فضل الله علينا أن عوّضنا خيرًا وأمدّنا بما هو أعظم وأكرم، وقد قال وقوله الحق: «وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم» (محمد صلى الله عليه وآله: 39).

وأما ذريعة أن الرجل كان مقاومًا للشيوعية والإلحاد والناصرية وغيرها؛ فليست كافيةً لتنحية الإدانة عنه، بداهةَ أنه لا بد في تقييم الرجال والحكم عليهم من اعتماد النظرة الشمولية، وليس كل مَن كان مقاومًا للشيوعية والإلحاد والناصرية وغيرها يتوجب احترامه بالضرورة؛ وإلا لوجب احترام وقبول حسن البنا وسيد قطب وأضرابهما مثلاً.

وأما الرفض المقدس بأصالته وروحيته ولغته؛ فما أبعد الرجل عنه في آرائه وأقواله، يدرك ذلك كل من تابع وأحاط ولاحظ.

وفقنا الله وإياكم للقول بالحق وإن عزّ. والسلام.

مكتب الشيخ الحبيب في لندن

الآخر من ذي القعدة لسنة ثمان وثلاثين وأربعمئة وألف من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp