ما الحكمة من أهوال يوم القيامة؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

السلام عليكم و رحمة الله,

السؤال الاول: اريد ان اعرف الحكمة من أهوال يوم القيامة و هل يشعر جميع البشر بالخوف منها؟

السؤال الثاني: اذا كان كل البشر يشعرون بالخوف منها فلما يشمل هذا الانبياء و الرسل مع انهم معصومين الا يكون هنا نوع من الظلم لهم (طبعا تنزه الله عن الظلم ولكن فقط للاطمئنان) و كذلك المؤمن الذي غفرت ذنوبه او عذب عليها في البرزخ فلماذا لا ينزل الله السكينة عليهم و على الرسل حتى يقيهم من خوف اهوال يوم القيامة؟
و شكرا لكم.


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

جواب المكتب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نبارك لكم ذكرى ميلاد الإمام التاسع محمد الجواد عليه السلام، وكل عام وأنتم بخير.

ج1: جعل الله يوم القيامة تصديقا لما وعد به المتقين من الثواب ولما أوعد عليه الظالمين من العقاب. وهو يوم تصديقِ ما أخبر به الرسل والأنبياء وأوصيائهم على نبينا وآله وعليهم السلام أقوامَهم.
كما وأن يوم القيامة تظهر بلا شك ولا ريب حقيقة مكانة أسياد الخلق محمد وآل محمد صلوات الله و سلامه عليهم عند رب العزة سبحانه ولا يبقى ذلك خافيا على أحد من الخلائق. ولعل أجلى مظاهر تلك المكانة سيتجلى في مقام الشفاعة بإذن الله.

أما عن الحكمة من أهوال يوم القيامة فيمكن أن نفهمها من خلال عرض الروايتين الآتي ذكرهما مجتمعتين:

حدثني محمد بن يعقوب، قال: حدثني عدة من أصحابنا، منهم أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى، عن العمركي بن علي، عن يحيى - وكان خادما لأبي جعفر الثاني (عليه السلام) - عن بعض أصحابنا، رفعه إلى محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من زارني أوزار أحدا من ذريتي زرته يوم القيامة، فأنقذته من أهوالها. (بحار الأنوار)

حدثني محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار، عن أبيه الحسن، عن أبيه علي بن مهزيار، قال: حدثنا عثمان بن عيسى، عن المعلى ابن أبي شهاب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال الحسين بن علي (عليهما السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أبتاه ما جزاء من زارك، فقال (صلى الله عليه وآله): يا بني من زارني حيا أو ميتا، أو زار أباك، أو زار أخاك، أو زارك، كان حقا علي أن أزوره يوم القيامة فأخلصه من ذنوبه. (بحار الأنوار)

ففي الأولى نقرأ: ... من زارني أو زار أحدا من ذريتي زرته يوم القيامة، فأنقذته من أهوالها.
وفي الثانية نقرأ: … كان حقا عليَّ أن أزوره يوم القيامة فأخلّصه من ذنوبه.

فمن خلالهما يمكن القول أنه ليس لمفهوم أهوال يوم القيامة سوى تجسد مختلف الذنوب والآثام والموبقات والعياذ بالله التي اقترفها العباد في دار الدنيا وأن اختلاف شدة أهوال يوم القيامة سيكون باختلاف قبح تلك الذنوب.

ولا يأمن تلك الأهوال يومئذ إلا المؤمنون بشفاعة محمد وآل محمد صلوات الله وسلامه عليهم.

ج2- من إجابة سابقة نقرأ هذه الرواية الشريفة:

جاء في قرب الإسناد عن ابن علوان، عن جعفر، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: "يخرج أهل ولايتنا يوم القيامة من قبورهم مشرقة وجوههم، مستورة عوراتهم، آمنة روعاتهم، قد فرجت عنهم الشدائد، وسهلت لهم الموارد. يخاف الناس ولا يخافون، ويحزن الناس ولا يحزنون، وقد أعطوا الأمن والأمان، وانقطعت عنهم الأحزان، حتى يحملوا على نوق بيض لها أجنحة، عليهم نعال من ذهب شركها النور، حتى يقعدون في ظل عرش الرحمن على منابر من نور، بين أيديهم مائدة يأكلون عليها حتى يفرغ الناس من الحساب".

http://www.alqatrah.net/an2925

كما ونجد تفصيل ما يؤول إليه مصير الناس على اختلاف عاقبتهم بسبب أعمالهم فيما رُوِيَ عن أمير المؤمنين عليه السلام أنَّه قال: "والناس يومئذٍ على طبقات ومنازل، فمنهم من يحاسب حساباً يسيراً وينقلب إلى أهله مسروراً، ومنهم الَّذين يدخلون الجنَّة بغير حساب، لأنَّهم لم يتلبّسوا من أمر الدنيا بشيء، وإنَّما الحساب هناك على من تلبَّس هاهنا، ومنهم من يحاسب على النقير والقطمير، ويصير إلى عذاب السعير، ومنهم أئمة الكفر وقادة الضلال، فأولئك لا يقيم لهم وزناً، ولا يعبأ بهم، لأنَّهم لم يعبؤوا بأمره ونهيه، فهم في جهنَّم خالدون، تلفح وجوههم النَّار، وهم فيها كالحون". (بحار الأنوار ج90، ص105)

فنقول خلاصة إذا كان المؤمنون أهلُ طاعةِ الله وولايةِ خيرِ خلقه محمد وآل محمد صلوات الله عليهم، وكل من طهروا من إثم أو ذنب؛ هم آمنة روعاتهم فكذلك الأنبياء والرسل وأوصياؤهم على نبينا وآله وعليهم السلام بطريق أولى آمنة روعاتهم من تلك الأهوال لأنهم هم من يتشرف المؤمنون بمرافقتهم في جنان الخلد غدا يوم الجزاء.

كما جاء في رواية طويلة عن الإمام الحسن صلوات الله عليه حيث نذكر منها محل الشاهد
"... إنا يوم القيامة آخذين بحجزة نبينا وإن نبينا آخذ بحجزة النور، وإن شيعتنا آخذين بحجزتنا. من فارقنا هلك ومن اتبعنا لحق بنا، والتارك لولايتنا كافر والمتبع لولايتنا مؤمن، لا يحبنا كافر ولا يبغضنا مؤمن، ومن مات وهو محبنا كان حقا على الله أن يبعثه معنا...
....وحقيق على الله أن يأتي ولينا يوم القيامة مشرقا وجهه نيرا برهانه عظيمة عند الله حجته وحقيق على الله أن يجعل ولينا رفيق الأنبياء والشهداء والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقا. وحقيق على الله أن يجعل عدونا والجاحد لولايتنا رفيق الشياطين والكافرين وبئس أولئك رفيقا". (بحار الأنوار ج23 ص313، تفسير فرات ص285)).

ومن مصاديق الأمن والنجاة من أهوال يوم القيامة ببركة المعصومين صلوات الله عليهم ما نقرؤه في رواية شريفة أخرى:

بسند صحيح: (قال محمد بن العباس رحمه الله: حدثنا محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار، عن أبيه، عن جده، عن الحسن بن محبوب، عن الأحول، عن سلام بن المستنير قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ . . ؟ (سورة الحديد آية 14)

قال فقال: أما إنها نزلت فينا وفي شيعتنا وفي المنافقين الكفار. أما إنه إذا كان يوم القيامة وحبس الخلائق في طريق المحشر، ضرب الله سوراً من ظلمة فيه باب، باطنه فيه الرحمة يعني النور وظاهره من قبله العذاب يعني الظلمة، فيصيرنا الله وشيعتنا في باطن السور الذي فيه الرحمة والنور، ويصير عدونا والكفار في ظاهر السور الذي فيه الظلمة، فيناديكم عدونا وعدوكم من الباب الذي في السور من ظاهره: أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ في الدنيا، نبينا ونبيكم واحد، وصلاتنا وصلاتكم وصومنا وصومكم وحجنا وحجكم واحد؟ قال: فيناديهم الملك من عند الله: بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بعد نبيكم، ثم توليتم وتركتم اتباع من أمركم به نبيكم وَتَرَبَّصْتُمْ به الدوائر وَارْتَبْتُمْ فيما قال فيه نبيكم، وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ، وما اجتمعتم عليه من خلافكم لأهل الحق وغركم حلم الله عنكم في تلك الحال، حتى جاء الحق. ويعني بالحق ظهور علي بن أبي طالب ومن ظهر من الأئمة عليهم السلام بعده بالحق). (بحار الأنوار ج 7 / ص 227)

وفقكم الله لمراضيه

مكتب الشيخ الحبيب في لندن

10 رجب الأصب 1439 هجرية


ملاحظة: الإجابات صادرة عن المكتب لا عن الشيخ مباشرة إلا أن يتم ذكر ذلك. المكتب يبذل وسعه في تتبع آراء الشيخ ومراجعته قدر الإمكان.
شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp