ما تفسير الآيتين الثانية والثالثة من سورة النساء؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp


(وَآتُوا الْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ ۖ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ ۖ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا)

(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا)


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين


جواب المكتب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جاء في تقريب القرآن إلى الأذهان للسيد المجدد الشيرازي قدس سره في الجزء الأول:

(وآتوا اليتامى أموالهم) أي أعطوا اليتامى الذي فقدوا آباءهم أو أمهاتهم وورثوا منهم أموالهم التي بأيديكم أيها الأوصياء، أو كل من كان مالهم بيده، والمراد عدم أكل أموالهم، و”الإتيان” في حال صغرهم الصرف عليهم، وفي حال كبرهم إعطاؤهم إياه (ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب) أي لا تعطوهم الرديء في مقابل الجيد كأن تأخذوا أراضيهم الجيدة وتعطوهم أراضي رديئة وهكذا (ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم) أي بضمها إلى أموالكم بأن تخلطوا بعضها مع بعض وتأكلوها جميعاً (إنه) أي أن كل واحد من التبديل والأكل (كان حوباً) أي إثماً (كبيرا).

وقد كانت تحت وصاية الرجل يتيمة فيأخذها طمعاً في مالها، فنهى الله عن ذلك بقوله: (وإن خفتم ألا تقسطوا) أي لا تعدلوا (في اليتامى) أي لا تعملوا بالعدل في زواجهن فتظلموهن -بإبقائها معلقة- تريدون بذلك أكل أموالهم بحجة الزواج (فانكحوا) غيرهن من (ما طاب لكم من النساء) فإن اليتيمة لعدم كفيل لها معرضة للظلم والحيف أما غيرها فليست كذلك، ثم بمناسبته حكم النكاح يمتد الكلام إلى موضوع تعدد الزوجات (مثنى وثلاث ورباع) أي انكحوا اثنين اثنين أو ثلاثة ثلاثة أو أربعة أربعة، والمراد تزويج نوع الرجل هكذا لا تزويج كل فرد لذلك العدد، إذ لا يجوز تزويج ثلاثة وثلاثة -مثلاً- في وقت واحد، وذلك مثل: باع القوم أمتعتهم لأهل البلد، يراد أن ذلك وقع في الجملة لا أن كل فرد فعل ذلك سواء في طرف البيع أو الشراء. ولا يخفى أن خوف عدم القسط لا يوجب حرمة النكاح وضعاً بمعنى بطلانه إذا نكح بل النهي عنه تكليفاً، وهل هو حرام أو إرشاد احتمالان، كما ل يخفى أن جواز النكاح مثنى وثلاث ورباع لمن أمن من نفسه وأنه يتمكن من أن يعدل فيما فرض الله لهن من الحقوق (فإن خفتم ألا تعدلوا) بينهن في ما فرض الله تعالى (فواحدة) وهذا من باب المثال وإلا فمن علم أنه يتمكن أن يعدل بين اثنتين فله أن ينكح اثنتين لا أزيد وهكذا بالنسبة إلى الثلاث.

وهذه الآية لا تنافي قوله تعالى: (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء) إذ المراد بها (العدل في كل شيء) حتى الميل القلبي (أو ما ملكت أيمانكم) أي اقتصروا على الإماء فإنهن لا يحتجن إلى القسم ونحوه من الحقوق الواجبة على الرجال في مقابل الحرائر، والملك نسب إلى اليمين لأن اليد هي الغالبة في العمل، واليمنى من اليدين أكثر عملاً من اليسرى (ذلك) الزواج من الواحدة أو الاقتصار على ما ملكت اليمين (أدنى) أقرب (ألا تعدلوا) أي لا تميلوا عن الحق ولا تجوروا.

وفقكم الله لمراضيه.

مكتب الشيخ الحبيب في لندن

13 شهر رمضان المبارك 1439 هجرية


ملاحظة: الإجابات صادرة عن المكتب لا عن الشيخ مباشرة إلا أن يتم ذكر ذلك. المكتب يبذل وسعه في تتبع آراء الشيخ ومراجعته قدر الإمكان.
شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp