إذا كان علم الجفر له تلك الأهمية فلماذا حجب عن عامة المسلمين؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخنا الحبيب
وفقكم الله لطاعته وجعلنا من الرافضة الابرار معكم
اما بعد استشكل احد البكرية علي بهذا الاشكال ولا اجد جوابا له الا عند حظرتكم.. الاشكال
سلام على أهل العلم ....

روى الكليني في كتابه "الكافي" (1/239-240) - الذي هو بمنزلة صحيح البخاري عند أهل السنة- عن أبي بصير قال : دخلت على أبي عبد الله- يعني جعفر الصادق رحمه الله- فسألته عما يقول الشيعة : إن رسول الله علَّم عليًّا عليه السلام بابًا ، يفتح له من ألف باب ؟ فقال: يا أبا محمد ، علم رسول الله صلى الله عليه وسلم- عليًّا ألف باب ، يفتح من كل باب ألف باب ...
إلى أن قال :
وإن عندنا الجفر ، وما يدريهم ما الجفر ؟
قال : قلت : وما الجفر؟
قال: وعاء من أدم فيه علم النبيين والوحيين، وعلم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل .
ثم سكت ساعة ، ثم قال : وإن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام ، وما يدريهم ما مصحف فاطمة عليها السلام ؟
قال : قلت : وما مصحف فاطمة عليها السلام ؟ قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد .
انتهى .
وتقول مصادر الشيعة :
" يجد الباحث بعد الإطلاع على الأحاديث الواردة عن أهل البيت ( عليهم السَّلام ) ودراستها أن الأئمة تحدثوا عن جِفارٍ أربعة ، لا عن جَفْرٍ واحد ، أما الجفر الأول فهو كتابٌ ، والثلاثة الأخرى أوعيةٌ ومخازن لمحتويات ذات قيمة علمية ومعلوماتية ومعنوية كبيرة .
وكتاب الجَفْر : كتابٌ أملاه رسول الله محمد ( صلَّى الله عليه وآله ) في أواخر حياته المباركة ، على وصيِّه وخليفته علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) وفيه علم الأولين والآخرين ، ويشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا ، وعلم ما كان ويكون إلى يوم القيامة . وقد جُمعت هذه العلوم في جلد شاة ...
انظر :
- "بحار الأنوار" (51/219).
- "بصائر الدرجات" (ص506)....

لو كان علم الجفر حقيقة وبهذه الأهمية الطاغية التي فاقت أهمية كتاب الله القرآن فلما هو محجوب عن عامة المسلمين وهل يجوز كتمان العلم ونحن بعصر النور والتنوير واحتكاره على طائفة بذاتها!!!......ثم إننا نعلم جميعا أن الغيب هو كل ما غاب عنك، سواء فى الماضى أو الحاضر أو المستقبل. قال عز من قائل: «قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ» وقال سبحانه: «وعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُو»، وقال: «فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ».

بل إن من مفاخر الشريعة الإسلامية تصحيح مفهوم النبوة لكى ينحصر فى البلاغ فقط، فقال على لسان نبيه: «ولا أقول لكُم عندى خزائنُ اللهِ ولا أعلمُ الغَيب»، وفى موضع آخر عن يوم القيامة: «يومَ يَجْمعُ اللهُ الرسلَ فيقولُ ماذا أُجِبْتُم قالوا لا عِلمَ لنا إنّك أنتَ علاّمُ الغُيوب».....

التعليق لكم.. اخي الحبيب اتمنى ان يكون ردا صاعق على وجه هذا البكري.. والسلام


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين


جواب المكتب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ومن قال ان أهميته ومكانته اعلى من القران الكريم؟

إن طرح هذا المخالف ينبع عن جهله وحقده على الشيعة بدون التدقيق والبحث والتنقيح في المصادر, أن علم الجفر ليس للناس, بل هو من خواص الانبياء والأولياء.

فقد رَوى نُعَيْمٍ الْقَابُوسِيِّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عليه السَّلام أَنَّهُ قَالَ : "إِنَّ ابْنِي عَلِيّاً أَكْبَرُ وُلْدِي وَ أَبَرُّهُمْ عِنْدِي وَ أَحَبُّهُمْ إِلَيَّ وَ هُوَ يَنْظُرُ مَعِي فِي الْجَفْرِ وَ لَمْ يَنْظُرْ فِيهِ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ وَصِيُّ نَبِيٍّ".

فكما أن النبوة والإمامة والمعجزة والوحي تكون لخواص الناس لا لعوامهم؛ فإن الجفر من خواص الأنبياء والأئمة.

فقد قال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) قال: "إني نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة الذي خص الله تقدس اسمه به محمدا والأئمة من بعده عليه وعليهم السلام .

كما يمكننا أن نلزم البكري بقول أبي هريرة: (حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِعَاءَيْنِ ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ). رواه البخاري (رقم/120)

و "قِيلَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: أَكْثَرْتَ أَكْثَرْتَ، قَالَ: فَلَوْ حَدَّثْتُكُمْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَرَمَيْتُمُونِي بِالْقَشْعِ، وَلَمَا نَاظَرْتُمُونِي).

والمضحك أن علمائهم يبررون هذا بقولهم إنما هو مما يتعلق بأمر الفتن، والنص على أعيان المرتدين، والمنافقين، ونحو هذا مما لا يتعلق بالبينات والهدى!

سبحان الله! هل بائهم تجر وباؤنا لا تجر! بل قد رويت في مصادرهم في صحيح البخاري: قول أمير المؤمنين: حدثوا الناس بما يعرفون، ودعوا ما ينكرون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله.

أما استدلال هذا المخالف في الآيات القرآنية مثل "قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ» وقال سبحانه: «وعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُو"، و «فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ». وايضا «ولا أقول لكُم عندى خزائنُ اللهِ ولا أعلمُ الغَيب»؛ في إن مقابل هذه الآيات الكريمة قد وردت آيات أخر تفيد أن الله قد اطلع من خزائن علمه الغيب. قال يوسف عليه السّلام لإخوته: "اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا". وقال جل من قائل وهو يخاطب نبيه محمد صلى الله عليه وآله "ذلكَ مِن أنباءِ الغَيبِ نُوحيهِ إليك" و "عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ".

وقوله تعالى: (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا)

وقوله تعالى (مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء)، فقد روى أهل الخلاف أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال: "عُرضت عليّ أمّتي في صورها كما عُرضت على آدم، وأُعلمتُ من يؤمن لي، ومن يكفر. فبلغ ذلك
المنافقين، فاستهزءوا وقالوا: يزعم محمّد (صلى الله عليه وآله) أنّه يعلم من يؤمن به، ومن يكفر، ونحن معه، ولا يعرفنا، فأنزل الله تعالى هذه الآية".

وقوله تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ).

فكما ترى هنا أن أم موسى عليهما السلام ليست من الأنبياء (عليهم السلام) ولا الأوصياء مع أنَّها ليست من الأنبياء والأوصياء ومع كل هذا فقد اطلعها الله من خزائن علمه، إلا اللهم أن تقول أنها كانة نبية كما يقول بعض علمائهم مثل أبو الحسن الأشعري والقرطبي وابن حزم!

بل ان طائفة كبيرة منهم -وهم الاشاعرة والماتريدية- أقروا أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يعلم الغيب فقد قال أحد كبار الأشاعرة النبهاني: (إن المسلمين ...، من أهل السنة والجماعة- وهم جمهور الأمة المحمدية- [يعني الأشاعرة]- يعتقدون فيه صلى الله عليه وسلم . أنه يعلم الغيب، ويعطي ويمنع ، ويقضي حوائج السائلين ، ويفرج كربات المكروبين، وأنه يشفع فيمن يشاء ، ويدخل الجنة من يشاء، فهذا من أصح الاعتقادات، وإنكاره من أقبح المنكرات).

وأما آخر آية نقلها "يومَ يَجْمعُ اللهُ الرسلَ فيقولُ ماذا أُجِبْتُم قالوا لا عِلمَ لنا إنّك أنتَ علاّمُ الغُيوب" فتفسير الآية كما قال الطبرسي:

"قالوا لا علم لنا " قيل: فيه أقوال: أحدها أن للقيامة أهوالا حتى تزول القلوب عن مواضعها، فإذا رجعت القلوب إلى مواضعها شهدوا لمن صدقهم وعلى من كذبهم، يريد أنهم عزبت عنهم أفهامهم من هول يوم القيامة فقالوا: لاعلم لنا، وثانيا أن المراد: لاعلم لنا كعلمك لأنك تعلم غيبهم وباطنهم ولسنا نعلم غيبهم وباطنهم، وذلك هو الذي يقع عليه الجزاء، واختاره الجبائي وأنكر القول الأول وقال: كيف يجوز ذهولهم من هول يوم القيامة مع قوله سبحانه: "لا يحزنهم الفزع الأكبر" وقوله: "لا خوف عليهم ولا هم يحزنون"؟ ويمكن أن يجاب عن ذلك بأن الفزع الأكبر دخول النار، وقوله: "لا خوف عليهم" هو كالبشارة بالنجاة من أهوال ذلك اليوم، مثل ما يقال للمريض: لا بأس عليك ولا خوف عليك، وثالثها أن معناه: لا حقيقة لعلمنا إذ كنا نعلم جوابهم وما كان من أفعالهم وقت حياتنا، ولا نعلم ما كان منهم بعد وفاتنا، (يؤيد ذلك قول عيسى بن مريم لله تعالى: "وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد" المائدة: ١١٧) وإنما الثواب والجزاء يستحقان بما تقع به الخاتمة مما يموتون عليه، ورابعها أن المراد: لا علم لنا إلا ما علمتنا، فحذف لدلالة الكلام عليه، وخامسها أن المراد به تحقيق فضيحتهم، أي أنت أعلم بحالهم منا، ولا تحتاج في ذلك إلى شهادتنا".

راجع الجواب التالي:

http://al-qatrah.net/an2362

وفقكم الله لمراضيه.

مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى

21 جمادى الأولى 1440 هجرية


ملاحظة: الإجابات صادرة عن المكتب لا عن الشيخ مباشرة إلا أن يتم ذكر ذلك. المكتب يبذل وسعه في تتبع آراء الشيخ ومراجعته قدر الإمكان.
شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp