هل رجوع عائشة إلى المدينة بعد الجمل يعني بقائها زوجة للنبي صلى الله عليه وآله؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

في إحدى مقاطع اليوتيوب ، يذكر ياسر الحبيب ، أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه حين قدمت عائشة رضي الله عنها للعراق ، قال أمير المؤمنين علي
للعباس اذهب لعائشة وقل لها تذهب من حيث قدمت أي للمدينة المنورة ، وحسب قول ياسر الحبيب رفضت
عائشة ان تذهب وأخبر العباس علي برفض ام المؤمنين وقال أمير المؤمنين للعباس اذهب إليها وقل لها أن لم تذهب سآنفذ وصاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وحسب قول ياسر الحبيب قالت عائشة الآن اذهب ، إلا يعني ذهابها ارتباطها برسول الله صلى الله عليه وسلم

متآكد بآن الحقد الدفين لن يجعلك تجيب من حيث المنطق


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

جواب المكتب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لا يكون ذلك، فتهديد أمير المؤمنين علي عليه السلام لعائشة الحميراء لعنها الله إنما كان بإعلان الطلاق على رؤوس الأشهاد لا عدم إجراء الطلاق الذي قد وقع بالفعل بمجرّد خروجها لعنها الله على إمام زمانها وسيدها أمير المؤمنين علي عليه السلام، وهذا الذي أنبأ به رسول الله صلى الله عليه وآله، فتدبر.

قال رسول الله لعلي صلوات الله عليهما وآلهما: "ارفق بهن ما كان الرفق أمثل بهن، فمن عصاك منهن فطلقها طلاقا يبرأ الله ورسوله منها، قال: وكل نساء النبي قد صمتن فلم يقلن شيئا. فتكلمت عايشة فقالت: يا رسول الله ما كنا لتأمرنا بشيء فنخالفه بما سواه! فقال لها: بلى يا حميراء! قد خالفت أمري أشد خلاف! وأيم الله لتخالفين قولي هذا ولتعصينه بعدي ولتخرجن من البيت الذي أخلفك فيه متبرجة قد حف بك فئام من الناس، فتخالفينه ظالمة له عاصية لربك ولتنبحنك في طريقك كلاب الحوأب ألا إن ذلك كائن" (بحار الأنوار ج28 ص107).

روى أبو حنيفة النعمان المغربي أيضا عن عبد الله بن عباس قال: «لما استقرّ أمر الناس بعد وقعة الجمل وأقام علي صلوات الله عليه بالبصرة بمن معه أياماً، بعث بي إلى عائشة يأمرها بالرحيل عن البصرة والرجوع إلى بيتها - إلى أن قال: - وتثاقلت عائشة بعد ذلك عن الخروج إلى بيتها، فأرسل إليها علي صلوات الله عليه: والله لترجِعنَّ إلى بيتك أو لألفظنَّ بلفظة لا يدعوك بعدها أحدٌ من المؤمنين أمّاً! فلما جاءها ذلك قالت: أرحلوني أرحلوني! فوالله لقد ذكّرني شيئاً لو ذكرته من قبلُ ما سرتُ مسيري هذا. فقال لها بعض خاصّتها: ما هو يا أم المؤمنين؟ قالت: إن رسول الله قد جعل طلاق نسائه إليه وقطع عصمتهنّ منه حياً وميتاً، وأنا أخاف أن يفعل ذلك إنْ خالفتُه. فارتحلت». (شرح الأخبار لأبي حنيفة النعمان القاضي المغربي ج1 ص211)

ومن طرق أهل الخلاف ما رواه ابن أعثم الكوفي أن عائشة لمّا تثاقلت عن الرحيل بعث أمير المؤمنين (عليه السلام) ابنه الحسن (عليه السلام) إليها فقال لها: «يقول لكِ أمير المؤمنين: أما والذي خلق الحبّة وبرأ النَّسَمة لئنْ لم ترحلي الساعة لأبعثنَّ عليكِ بما تعلمين! قال: وعائشة في وقتها ذلك قد ضَفَرت قرنها الأيمن وهي تريد أن تضفر قرنها الأيسر، فلمّا قال لها الحسن ما قال وثبت من ساعتها وقالت: رحِّلوني! فقالت لها امرأة من المهالبة: يا أم المؤمنين؛ جاءك عبد الله بن عباس فسمعناكِ وأنت تجاوبيه حتى علا صوتك ثم خرج من عندكِ وهو مغضب، ثم جاءك الآن هذا الغلام برسالة أبيه فأقلقك وقد كان أبوه جاءك فلم نرَ منكِ هذا القلق والجزع! فقالت عائشة: إنما أقلقني لأنه ابن بنت رسول الله فمن أحبَّ أن ينظر إلى رسول الله فلينظر إلى هذا الغلام، وبعدُ فقد بعث إليَّ أبوه بما قد علمتُ ولا بدّ من الرحيل. فقالت لها المرأة: سألتكِ بالله وبمحمد صلى الله عليه وسلم إلا أخبرتني بماذا بعث إليك علي رضي الله عنه؟! فقالت عائشة رضي الله عنها: ويحك! إن رسول الله أصاب من مغازيه نفلاً فجعل يقسِّمُ ذلك في أصحابه، فسألناه أن يعطينا منه شيئاً وألححنا عليه في ذلك، فلامنا علي وقال: حسبكنَّ! أضجرتنّ رسول الله! فتجهّمناه وأغلظنا له في القول. فقال: عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ! فأغلظنا له أيضاً في القول وتجهّمناه، فغضب النبي من ذلك وما استقبلنا به عليا، فأقبل عليه ثم قال: يا علي؛ إني قد جعلتُ طلاقهنَّ إليك فمن طلّقتَها منهنّ فهي بائنة. ولم يوقِّتْ النبي في ذلك وقتاً في حياة ولا موت، فهي تلك الكلمة وأخافُ أن أبينَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم». (الفتوح لابن أعثم الكوفي ج2 ص484)

وكذلك ورد أن رسول الله قال لأمير المؤمنين عليهما وآلهما السلام: "يا أبا الحسن.. إن هذا شرف باقٍ ما دمن لله على طاعة، فأيّتهن عصت الله بعدي في الأزواج بالخروج عليك فطلّقها وأسقطها من شرف أمهات المؤمنين" (بحار الأنوار ج32 ص267).

ومعلوم بالضرورة أن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) لا يتوانى عن تنفيذ أوامر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولذا تكون النتيجة أنه قد طلّق عائشة (عليها اللعنة والعذاب) بمجرّد خروجها عليه في يوم الجمل.

إلا أن طلاقها بقي طي الكتمان للمحذور، وأظهره الإمام الحسين صلوات الله عليه يوم البغل حين وجّه به إليها عليها لعائن الله.

روى المسعودي صاحب مروج الذهب: «وكان الحسين عليه السلام قد عزم على دفنه مع رسول الله صلى الله عليه وآله، فمنعت عائشة من ذلك وركبت بغلة لها وخرجت تؤلِّب الناس عليه وتحرّضهم (...) ورُوي أن الحسين عليه السلام عندما فعلت عائشة وجّه إليها بطلاقها، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جعل طلاق أزواجه بعده إلى أمير المؤمنين عليه السلام، وجعله أمير المؤمنين بعده إلى الحسن، وجعله الحسن إلى الحسين عليهما السلام، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن في نسائي مَن لا تراني يوم القيامة، وتلك مَن يطلّقها الأوصياء بعدي». (إثبات الوصية للمسعودي ص173)

وفقكم الله لمراضيه.

مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى

20 رجب الأصب 1440 هجرية


ملاحظة: الإجابات صادرة عن المكتب لا عن الشيخ مباشرة إلا أن يتم ذكر ذلك. المكتب يبذل وسعه في تتبع آراء الشيخ ومراجعته قدر الإمكان.
شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp