كيف تحتجون برواية (ما عنى بذلك إلا الفاحشة) وهي ضعيفة؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

كيفالسلام عليكم حفظ الله الشيخ الحبيب و سؤالي كما اجبتم على احدى المؤمنات عندما سألت عن سؤال وجه الى مركز الابحاث العقائدية عن زنا عائشة لعنها الله وما عنى بذلك الا الفاحشة و ذكرتم ان الرواية مروية في الكافي بسنده عن علي ابن ابراهيم عن عن عن زرارة / ولكن هناك في هاذا السند عن رجل ف سمعت شيخ يقول فيها مجهول ولا يصح الاخذ بالرواية ف ارجو منكم الرد


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

جواب المكتب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى استشهاد الإمام الحسين وأصحابه صلوات الله عليهم ولعنة الله على قتلتهم وأعدائهم أجمعين.

أجاب سماحته عن هذه الشبهة في كتاب الفاحشة ص 939 - 941:

- قد يُقـال: إن خبر الكليني عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) في أنه تعالى ما عنى بقوله: «فَخَانَتَاهُمَا؛ إلا الفاحشة» خبر ضعيف لا يعوَّل عليه، لوقوع رجل مجهول في إسناده فيكون مرسلاً، فقد رواه الكليني «عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن رجل عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام».

والجـواب: إن للخبر إسناديْن لا إسناداً واحداً كما تُوُهِّم، فالأول هو هذا الذي رواه الكليني في باب الضلال من كتاب الإيمان والكفر، أما الثاني فقد رواه في باب مناكحة النُصَّاب والشُّكّاك من كتاب النكاح «عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضّال عن ابن بُكَيْر عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام» ولا إرسال فيه، وجميع رواته ثقات كما ترى، وفيهم أحد مشايخ الثقات وهو أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي الذي لا يُسند ولا يُرسل إلا عن ثقة، فالخبر موثّق معتبر ويعوّل عليه ويُحتجّ به.

على أن كِلا الإسناديْن داخلان في قسم الصحيح على تقسيم قدماء الفقهاء للأحاديث، حيث «كان المتعارف بينهم إطلاق الصحيح على كل حديث اعتضد بما يقتضي اعتمادهم عليه، أو اقترن بما يوجب الوثوق به والركون إليه، وذلك لأمور منها (...) وجوده في أصل معروف الانتساب إلى أحد الجماعة الذين أجمعوا على تصديقهم كزرارة، ومحمد بن مسلم، والفضيل بين يسار، أو على تصحيح ما يصحّ عنهم، كصفوان بن يحيى، ويونس بن عبد الرحمن، وأحمد بن محمد بن أبي نصر». (مشرق الشمسين لبهاء الدين العاملي ص3)

وعلى هذا يكون معتبراً الخبر المروي بالإسناد الأول أيضاً، لأنه موجود في أصل يونس واعتضد بما يقتضي الاعتماد عليه واقترن بما يوجب الوثوق به والركون إليه مما تقدّم، فلا يضرّه الإرسال من هذه الجهة، سيّما أن علّته هي غالباً ما كان يقع على الراوي بسبب تشيّعه من المصائب والمحن المؤدية إلى اندراس بعض كتبه، فيضطر للتحديث تالياً من حافظته، فلربّما نسي اسم واحدٍ ممن يكون في إسناد خبره فيقول محتاطاً: «عن رجل». ولا يعني هذا أنه يضعِّفه أو يقدح فيه، وإنما هو يحتاط في تسميته لئلا يكون كاذباً، فروايته إذن موثوق بمتنها على كل حال.

ثم إن الخبر بالإسناديْن وارد في موضعيْن في الكافي الشريف الذي ذكر مؤلّفه ثقة الإسلام الكليني (رضوان الله تعالى عليه) في ديباجته أنه أدرج فيه «الآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام» وقال في وصفه خاتمة المحدثين الميرزا النوري رضوان الله تعالى عليه أنه «كالشمس بين نجوم السماء، وامتاز عنها بأمور إذا تأمل فيها المنصف يستغني عن ملاحظة حال آحاد رجال سند الأحاديث المودعة فيه، وتورثه الوثوق ويحصل له الاطمئنان بصدورها وثبوتها، وصحتها بالمعنى المعروف عند الأقدمين». (خاتمة المستدرك للميرزا النوري ج3 ص463 - الفائدة الرابعة)

وفضّله في المقطوعية بالصحة والصدور صاحب المراجعات علّامة عاملة السيد عبد الحسين شرف الدين حين قال: «وأحسن ما جُمع منها الكتب الأربعة التي هي مرجع الإمامية في أصولهم وفروعهم من الصدر الأول إلى هذا الزمان وهي الكافي والتهذيب والاستبصار ومن لا يحضره الفقيه، وهي متواترة ومضامينها مقطوع بصحتها، والكافي أقدمها وأعظمها وأحسنها وأتقنها». (المراجعات لشرف الدين ص335 - المراجعة 110)

وقال عن الخدش في أسناده فحل فحول الأصول وأستاذ الفقهاء والمحققين الشيخ محمد حسن النائيني رضوان الله تعالى عليه: «إن المناقشة في أسناد روايات الكافي حرفة العاجز». (معجم رجال الحديث للمحقق الخوئي ج1 ص81 عن أستاذه النائيني في مجلس بحثه)

ولئن رُدّ فيه ما تعارض من باب الترجيح، أو ما شذّ من باب الشهرة، أو ما خالف من باب الأصول، أو ما طُرح من باب التقية؛ فلا يُرَدّ هذا الخبر ولا يناقِش في سنده إلا العاجز، إذ لا معارض له ولا شهرة تدفعه ولا أصلاً يخالفه ولا هو صادر على جهة التقية كما هو واضح. بل قام ما قام من الشواهد والمتابعات والقرائن والمعضّدات على الوثوق به والاطمئنان إليه والحكم باعتباره، فلا سبيل إلا الإذعان.

وفقكم الله لمراضيه.

مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى

20 محرم الحرام 1442 هجرية


ملاحظة: الإجابات صادرة عن المكتب لا عن الشيخ مباشرة إلا أن يتم ذكر ذلك. المكتب يبذل وسعه في تتبع آراء الشيخ ومراجعته قدر الإمكان.
شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp