هل معنى هذا الحديث أن الكاظم (عليه السلام) افتدى الشيعة كما يقول النصارى في المسيح عليه السلام؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

‏بسم الله الرحمان الرحيم

اللهم صل على محمد وآل محمد وإلعن أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

في البداية نشكر سماحة الشيخ المجاهد ياسر حبيب حفظه الله تعالى على محاضراته القيمة والمفيدة والتي تصب في خدمة الاسلام الحقيقي والتشيع ، وتقوم بفضح النواصب وأصحاب الاسلام المزيف ، ولا نخفي اعجابنا الخاص بدروس علم الكلام لسماحة الشيخ والتي نرجو من سماحة الشيخ الاستمرار فيها لفائدتها العظيمة ، ولدينا بعض الاقتراحات المستقلبية في شأن المناهج القادمة وبعد الانتهاء من هذه الدورة المباركة في علم الكلام لأهمية تلك المناهج ككتاب القول السديد في شرح التجريد وثم بعد ذلك إن أمكن كتاب شرح المنظومة للامام المرجع الكبير آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي قدس سره الشريف لعظيم الفائدة المرجوة في مجال العقيدة وشحذ الذهن ورد كثير من الشبهات والخرافات من هذين الكتابين للامام الراحل قدس سره الشريف ، ويا حبذا لو يتم كتابة محاضراتكم القيمة جميعا بشتى أنواعها وأصنافها ثم طباعتها بعد ذلك بشكل كتب أو كتيبات ونشرات ، وكما هو معلوم أن هناك مجموعة لا بأس بها من الكتب أو الكتيبات كانت بالأساس مسودات لمحاضرات تم تنقيحها وتعديلها وجمعها بطريقة تصلح لأن تكون كتبا متخصصة، وثم يتم عرضها في الموقع الإلكتروني ، وما لا يدرك كله لا يترك كله وكل ذلك إن شاء سيكون مما يرضي مولانا صاحب الزمان أرواح العالمين لتراب مقدمه الفدى وعجل الله ظهوره وفرجه الشريف آمين رب العالمين.

س1:هل أن الأنبياء عليهم السلام بما فيهم آدم وابراهيم عليهما السلام خلقوا من فاضل طينة الأئمة عليهم السلام حيث جاء في القرآن الكريم:"وإن من شيعته لابراهيم" وجاء في الخبر أنه "شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا"؟

س2:كيف نأول الحديث القائل أن الله غضب على الشيعة ففداهم موسى بن جعفر عليه السلام كما جاء في الكافي عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال :” إن الله عز وجل غضب على الشيعة فخيرني نفسي أو هم فوقيتهم والله بنفسي "؟


‏باسمه جل ثناؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

ننظر إن شاء الله تعالى في مقترحاتكم المفيدة، ونشكر لكم شغفكم بالعلم وطلبه، وندعو لكم بالتأييد والتسديد.

ج1: هذا التقريب وجيه، فكل مؤمن هو للمعصومين الأربعة عشر (عليهم السلام) شيعة مهما علا، ومن هؤلاء الأنبياء (عليهم السلام) فيشملهم الحديث المشهور.

ج2: قصور النظر عند البعض أدّى بهم إلى الإشكال على هذا الحديث الشريف من باب أنه يشبه عقيدة الفداء النصرانية وبدعوى أن الله تعالى إذ غضب على شيعة ذلك الزمان فكان اللازم إيقاع العقوبة عليهم فما معنى أن تقع على الكاظم (عليه السلام) فيُسجن ويُقتل ليقيهم بنفسه ولو اختيارا؟

ولهذا فقد لجأ هؤلاء كعادتهم إلى ملجأ إضعاف السند بغية طرح الحديث وإسقاطه عن الحجية والاعتبار، وتلك هي حرفة العاجزين غير المؤهلين لاستيعاب حقائق أهل بيت النبوة (عليهم السلام) والبعيدين عن التبحّر في عمق معاني أقوالهم وأخبارهم.

والصواب هو أن العقوبة قد تحققت إلا أن كيفيتها كانت متروكة لاختيار الإمام صلوات الله عليه، وذلك أن مَن كان ينتسب إلى التشيّع حينذاك كانوا قد ارتكبوا أخطاءً فادحة بإذاعتهم لأسرار حركة الإمام التي أُمروا بكتمانها، وتسبّب ذلك في إجهاض تلك الحركة التي كان من المقرّر أن يقوم بها الإمام لتقويض دعائم السلطة العباسية الظالمة، فغضب الله تعالى على المنتسبين إلى التشيع آنذاك وكانت عقوبتهم المستحقة هي وقوع المفارقة بينهم وبين الإمام، فخيّر الله تعالى الإمام (عليه السلام) بين أن يُسجن الشيعة ويُقتلوا لتتحقق المفارقة وبين أن يُسجن الإمام ويُقتل لتتحقق أيضا، فاختار الإمام أن يتحمّل بنفسه الشريفة أمر السجن والقتل لوحده على أن يعرّض شيعته لذلك رأفة بهم وبعوائلهم وأطفالهم، وهذا هو معنى وقايته لهم بأبي هو وأمي.

وبهذا يرتفع الإشكال؛ فإن العقوبة لم تكن إلا (المفارقة) وقد تحققت ففارق الشيعة إمامهم وفارقهم، لا أن العقوبة كانت متمثلة بالسجن والقتل فوقعت على الإمام دونهم مع أنهم هم المستحقون لها. والاختيار الذي أوكله الله تعالى لوليّه الكاظم (صلوات الله عليه) كان متعلقا بالكيفية فحسب. وعليه فهذا المعنى مختلف أصلا عن قول النصارى في المسيح عليه السلام، من أنه حمل العقوبة عن البشر، إذ لم يحمل الكاظم (عليه السلام) العقوبة عن أحد، وإنما اختار كيفية تحققها. وهذا نظير ما وقع لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين آذاه المشركون في مكة فغضب الله تعالى عليهم وأرسل جبرئيل (عليه السلام) بالعذاب وخيّر نبيّه بين أن يعجّل بعقوبتهم وبين أن يؤخّرها، فاختار (صلى الله عليه وآله) التأخير، فإن العقوبة متحققة في الحالتيْن إلا أن الكيفية أو زمان تحققها متروك للنبي أو الوصي عليهما السلام.

زادكم الله علما وبصيرة. والسلام.

ليلة العاشر من شوال لسنة 1428 من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp