هل مَن أصول دينه صحيحة تكون ذنوبه الجزئية مغفورة؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمان الرحيم
سماحة الشيح الفاضل ياسر الحبيب حفظكم الباري عز وجل
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هل صحيح أن الفرد إذا كانت أصول دينه صحيحة فان ذنوبه الفرعية الجزئية مغفورة ؟
و مالدليل على ذلك ؟ و ما حكم من تعمد القيام بالمعاصي مستندا إلى هذه الحجة ؟
ودمتم موفقين


باسمه تقدست أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أسعد الله أيامنا وأيامكم بذكرى ميلاد مولانا السلطان الرضا صلوات الله وسلامه عليه.
المقصود هو أن المؤمن الذي يعتقد بأصول الدين كما ينبغي مآله إلى الجنة، وذنوبه مغفورة أي أنها لا توجب دخوله النار، لا أنه لا يعاقَب عليها، إذ إنه يعاقَب عليها إما في عالم الدنيا أو في عالم البرزخ، كلُّ ذنبٍ بحسب قدره، إلا إذا تاب توبة نصوحة صادقة فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له. والذي يتّكل على سلامة معتقده فيرتكب الذنوب فإنه عاصٍ تائه وغافل، فإنه يظن أنه قد أفلت من العقاب، والحال ليس كذلك، فإنه مثلا قد يعذَّب في القبر - أي البرزخ - مئات ألوف السنين إلى يوم القيامة بسياطٍ من نار إذا وقع الواحد منها على بحار الأرض لغلت! ثم بعد ذلك قد تدركه رحمة الله تعالى فيدخله الجنة في خاتمة المطاف، بشفاعة نبيّه وأهل بيته صلوات الله عليهم، لكن بعد عذابٍ وأيُّ عذاب!
وأما الدليل على نجاة المؤمن وغفران خطاياه على المعنى الذي ذكرناه فمتعدّد، منها قوله تعالى: ”إِنَّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ“ (النساء: 49) وقوله تعالى: ”إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَونَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً“ (النساء: 32) وقول النبي صلى الله عليه وآله: ”إنّما شفاعتي لاَهل الكبائر من أُمّتي“ (الفقيه ج3 ص376) وقوله صلى الله عليه وآله: ”إذا قمت المقام المحمود تشفعت في أصحاب الكبائر من أُمّتي فيشفّعني اللّه فيهم، واللّه لا تشفّعت فيمن آذى ذريتي“ (أمالي الصدوق ص177) وقوله صلى الله عليه وآله: ”حب علي بن أبي طالب حسنة لا تضر معها سيئة وبغضه سيئة لا تنفع معها حسنة“ (ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص127) وقوله صلى الله عليه وآله: ”حب علي بن أبي طالب يأكل السيئات كما تأكل النار الحطب“ (إحقاق الحق ج17 ص244) وقول الصادق (عليه السلام) وقد سأله عمرو بن يزيد: ”إني سمعتك وأنت تقول: كل شيعتنا في الجنة على ما كان فيهم؟ قال: صدقتك، كلهم والله في الجنة. قال: قلت: جُعلت فداك.. إن الذنوب كثيرة كبار! فقال عليه السلام: أما في القيامة فكلّكم في الجنة بشفاعة النبي المطاع أو وصي النبي، ولكني والله أتخوَّف عليكم في البرزخ! قلت: وما البرزخ؟ قال: القبر منذ حين موته إلى يوم القيامة“. (الكافي ج3 ص242). إلى غيرها من الأحاديث الشريفة في هذا المعنى وبعضها يفسّر بعضا كما ترى.
جعلنا الله وإياكم من خدام المهدي (عليه السلام) حقا. والسلام.

ليلة التاسع من شهر ذي القعدة لسنة 1428 من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp