هل يدخل الكافر الذي لا يعلم بأن الإسلام هو الحق النار؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاهم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سماحة الشيخ ياسر الحبيب

اشكركم جزيل الشكر على الاجابات للإستفسارات الموجودة في موقعكم الممتاز، الذي فيه اشياء لطالما كان المؤمنون يسألون عنها ولم يجدوا لها جواباً.

((ولقد قرأت فتوى البخاري لعنة الله عليه في امر نشر الحرمة بين المرتضعين من البهيمة، إن هذه الفتوى بجد مضحكة مبكية، مضحكة لسخفها ومبكية لأني تسائلت كيف يتبع ملايين الناس هذا الرجل ويقولون بأن كتابه اصح كتاب بعد كتاب الله !!!!؟؟

وإن هذه الفتوى اثارت فيّ روح الدعابة وقلت: لربما سيظهر في هذه الأيام سفياني آخر ويفتي بنفس الفتوى وربمى يزيد عليها بالقول بأن شرب الحليب من العلب للأطفال يشيعة الحرمة ايضاً، وعلى هذا فكل اثنان شربوا من حليب نيدو على سبيل المثال صاروا اخوان بالرضاعة !!!!!!!!؟؟؟؟؟ نظرا للقياس الذي قال به جدهم عمر بن الخطاب لعنة الله عليه)).

وهنا وددت ان أطرح سؤالا في ذهني ولم اجد له جواباً.

لقد ولدت أنا والحمد لله شيعياً، ولهذا السبب فإني اتبع المذهب الشيعي، ولو إني ولدت مثلاً في مجتمع مسيحي او بوذي او هندوسي او ناصبي او غيرها من الأديان والمذاهب المنحرفة لكنت كما كان آبائي وكنت ادافع عنم عتقداتي كما ادافع الآن عن مذهبي الشيعي، وسؤالي هو ما حكم من ولِدَ وهو كافر، هل يدخل الجنة؟، رغم أنه لا يعلم بأن الاسلام الشيعي هو الحق؟؟ وهل يُثاب على اعماله الخيرة اذا كانت كثيرة مثلاً فيدخل الجنة؟؟ وكيف سيحاسبه الله عز وجل؟؟؟

وألتمسكم يا شيخنا الكريم عذراً إن كنت اكثرت عليكم من الأسئلة، وهذا لا ينبع إلا عن مدى حبنا لكم وثقتنا بكم.

اشكركم جزيل الشكر وجعلكم الله من ناصري المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.

اخوكم في حب امير المؤمنين ابو تراب

فائز الجبوري


باسمه تعالت قدرته. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

من بين جميع أهالي الأديان والمعتقدات والمذاهب، ينفرد المسلمون الشيعة بمسألة فقهية يتميّزون بها عن غيرهم، ويتأكّد بها أنهم وحدهم على الحق والدين الذي ارتضاه الخالق سبحانه وتعالى. هذه المسألة هي المسألة رقم (1) في جميع الرسائل العملية التي يصدرها الفقهاء، وفحواها أنه لا يجوز للإنسان أن يقلّد في أصول الدين فيعتمد في إيمانه واعتقاده على ما توارثه عن آبائه وأجداده، بل عليه – بمجرّد وصوله إلى سن التكليف الشرعي – أن يبحث ليتوصّل إلى الدين الحق بالبرهان والدليل. بمعنى أن المسلم الشيعي عليه أن يتغاضى عن كونه متوّلدا من أبوين مسلمين شيعيّين، فيبدأ بعملية بحث واستقراء للأديان والملل والمذاهب، مستعرضا حججها وبراهينها وأدلتها، ليتوصّل إلى الدين الحق فيؤمن به. وحيث إن المؤمنين الشيعة واثقون من أحقيّتهم؛ فإنهم يوصون أبناءهم ببدء رحلة البحث هذه لأنهم يعلمون أنها ستقودهم إلى ما هم عليه من توحيد الله جلّ جلاله والإيمان بدين الإسلام والاعتقاد بولاية أهل البيت الطاهرين عليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام. فالشيعة أصدقاء البحث العلمي دائما وأبدا، ولا يضعون أية حواجز أمامه، لأنهم بكل بساطة واثقون من سلامة عقيدتهم وأن أي بحث علمي سيبدأه أبناؤهم لن يزيدهم إلا إيمانا بالإسلام العظيم والتشيع الطاهر.

نعم قد يقع كثيرا عدم التزام بعض المكلّفين الشيعة بهذه المسألة، فيظلون مؤمنين بالإسلام والتشيع تقليدا لا استدلالا، وهذا يعود إلى عدم الالتزام الديني بالأصل، تماما كما لا يلتزم البعض بالحلال والحرام وسائر المسائل العبادية الأخرى.

وإذ عرفت موقف الشيعة تجاه هذه المسألة؛ تعرف أن بقية الأديان والمذاهب باطلة من هذه الجهة، لأنها تمنع أبناءها من البحث العليم ولا تشجّعهم عليه، وما ذلك إلا لخوف مبتدعي هذه الأديان من خسران أبنائهم وهجرتهم إلى الدين الحق الذي يتواءم مع فطرة الإنسان وينسجم مع عقله. وبعد هذا التوضيح، اعلم أن غير المسلم الشيعي، إذا كان جاهلا قاصرا، لم تصله دعوة الإسلام والتشيّع أو لم تتسنّ له معرفتها، كأن يكون في الغابات المنقطعة عن التواصل الإنساني، كمجاهل أفريقيا أو الصين، فهذا مشمول برحمة الله تعالى ولا عذاب له يوم القيامة على الأظهر. إلا أن يُقال أن الله تعالى لا يترك الإنسان إلا أن يقيم عليه حجة تقوده إلى دينه، ولهذا القول وجه وليس المجال هنا لتفصيله. كما أن ثمة قولا آخر وهو أن الله تعالى يختبر ويمتحن بعض هؤلاء يوم القيامة امتحانا خاصا، فمن آمن أدخله الجنة، ومن كفر أدخله النار.

وأما إذا كان غير المسلم الشيعي جاهلا مقصّرا، وصلته دعوة الإسلام والتشيّع وكان بإمكانه التعرّف عليها لكنه قصّر في ذلك وتلكّأ، فهذا مُرجَأ إلى أمر الله سبحانه يوم القيامة، إن شاء رحمه وإن شاء عذبه، كلٌّ حسب أعماله في الدنيا، فلعلّ الله تعالى يغفر لمن فعل الخير في الدنيا ولم يؤذِ أحدا، فلا يدخله النار، كما لا يدخله الجنة، بل يبقيه في الأعراف مثلا. ولعلّ الله يعذب بعض من تساوت أعماله الخيّرة والشريرة، فيدخله النار لفترة لم يخرجه منها، ولعلّ الله يدخل من طغت مساوئه على حسناته في الدنار ويخلده فيها. كل هذه احتمالات، ويبقى الأمر لله تبارك وتعالى من قبل ومن بعد.

وأما إذا كان غير المسلم الشيعي معاندا، وصلته دعوة الإسلام والتشيع وعلم بمضامينها وأحقيّتها، ومع ذا تعصّب لدينه وما هو عليه من الباطل، وعاند الحق، فإن هذا هو المستحق للعقاب والخلود في النار يوم القيامة بلا خلاف.

وعليك أن تعرف - نتيجة - بأن الجنة لا يدخلها إلا من كان معتقدا بولاية محمد وآل محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

وفقكم الله لما يحب ويرضى وزاد في توفيقاتكم لنصرة الدين الحق وأهله. والسلام.

السابع من شهر رمضان المبارك لسنة 1426 من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp