هل الإنكار على خميني وخامنئي فيه رضى الله ورسوله وأهل بيته عليهم السلام؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

لقد أخذ حديثكم بمجامع قلبي وعزفت الإستماع لغيركم وصار ذكركم على لساني شغلي الشاغل بين أهلي وأعزتي .. فهنيئاًلكم هذا التوفيق في خدمة أهل بيت النبوة والذودعن حرمات الدين القويم .

ولكن : هل ترون في نعتكم بما لايليق لأبناء الذرية الطاهرة من أمثال الإمام روح الله الخميني رحمه الله والسيدالخامنيء حفظه الله وهمامن يعلم الجميع بمكانتهما في قلوب الشيعة وغيرهم ،( رضى الله ورسوله وأهل بيته)؟ أرجوا من سماحتكم ترك ذلك والوفاء بماعاهدتم الله عليه من نصرة المذهب الحق .. وفقكم الله ونفع بكم المؤمنين والمؤمنات ، وشكراً لكم .

أحمد


باسمه تقدست أسماؤه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مع تقديرنا لكم؛ إلا أن طلبكم مردود من جهات عدّة:

أولها؛ إنّا مكلّفون شرعاً بأن نُظهر الحق والسنن ونُخمد الباطل والبدع، وأن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، وأن ندفع عن المظلوم ونتصدّى للظالم. وموقفنا من المذكوريْن إنما ينطلق من هذه المنطلقات، ووالله إنّا غضضنا الطرف عنهما وآثرنا أن لا نتوغّل أكثر في تصدّينا لهما حتى خشينا أن نكون آثمين!
فأين هو المفرّ من تحذير نبيّنا الأعظم صلى الله عليه وآله: ”إذا ظهرت البدع في أمتي فليُظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله“! (الكافي ج1 ص54).
وأين هو المفرّ من نداء إمامنا الحسين عليه السلام: ”أيها الناس! إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحُرُم الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغيِّر عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله أن يدخله مدخله“! (تاريخ الطبري ج4 ص304).
وأين هو المفرّ من تنبيه إمامنا الصادق (عليه السلام) لما سُئل عن الصوفية: ”إنهم أعداؤنا! فمن مال إليهم فهو منهم ويحشر معهم، وسيكون أقوام، يدّعون حبنا ويميلون إليهم ويتشبهون بهم، ويلقبون أنفسهم بلقبهم، ويقولون أقوالهم، ألا فمن مال إليهم فليس منا، وإنّا منه براء، ومن أنكرهم وردّ عليهم، كان كمن جاهد الكفار بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله“! (سفينة البحار للمحدث القمي ج2 ص57).
وأين هو المفرّ من وصية إمامنا الرضا عليه السلام: ”من ذُكر عنده الصوفية، ولم ينكرهم بلسانه وقلبه فليس منا! ومن أنكرهم كان كمن جاهد الكفار بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله“! (مستدرك الوسائل للميرزا النوري ج12 ص323).
وأين هو المفرّ من تحذير إمامنا العسكري عليه السلام: ”سيأتي زمان على الناس (...) علماؤهم شرار خلق الله على وجه الأرض لأنهم يميلون إلى الفلسفة والتصوف! وأيّم والله: أنهم من أهل العدوان والتحرف، يبالغون في حب مخالفينا، ويضلون شيعتنا وموالينا، فإن نالوا منصبا لم يشبعوا عن الرشاء، وإن خُذلوا عبدوا الله على الرياء، ألا إنهم قُطّاع طريق المؤمنين والدعاة إلى نحلة الملحدين، فمن أدركهم فليحذرهم وليضمن دينه وإيمانه منهم“! (سفينة البحار للمحدث القمي ج2 ص58).
وقد علمتَ كيف أن المذكوريْن ممن مال إلى الفلسفة والتصوّف، وكيف أنهما أظهرا البدع، وكيف أنهما بالغا في حبّ المخالفين وأضلاّ الشيعة والموالين، وكيف أنهما عملا في عباد الله بالإثم والعدوان.. فأنّى لنا أن نسكت بعد الذي جرى ويجري باسم الإسلام والتشيّع العظيم؟! أفهل تريد أن ينقلب التشيّع إلى نحلة الملحدين فيؤمن الناس بوحدة الوجود والموجود ويمجّدون أمثال الحلاج وابن عربي؟! أفهل تريد لنا أن نرى تراث آل محمد (عليهم السلام) يضيع ويُحرَّف دون أن نحرّك ساكنا؟!

ثانيها؛ لو كان مجرد انتسابهما للذرية الطاهرة حاجزاً شرعياً لنا عن الردّ عليهما وبيان باطلهما وظُلمهما لكان حاجزاً أيضا عن مثل ذلك لمثل ملك الأردن وملك المغرب! فيكفي أن يكون المرء منتسباً للذرية الطاهرة حتى يُصان حتى ولو ظلم وفسق وأبدع! أفهل يقول عاقل بهذا؟!
ولئن كان انتسابهما للذرية الطاهرة رغم ما بينهما وبين المعصوم من ظهور وأصلاب يصونهما عن النكير عليهما لكان ذلك صائناً من باب أولى لمن كان المعصوم أباه المباشر، مع أنّا اليوم ننكر على بعض أولاد المعصومين (عليهم السلام) ونعتبرهم من المنحرفين الضالين!
أوَلم يبلغك ما قاله إمامنا الرضا (عليه السلام) لأخيه زيد الذي كان عاصياً مُذنباً: ”يا زيد؛ أغرّك قول سفلة أهل الكوفة: إن فاطمة أحصنت فرجها فحرّم الله ذرّيتها على النار؟ ذاك للحسن والحسين خاصة. إنْ كنتَ ترى أنك تعصي الله وتدخل الجنة، وموسى بن جعفر أطاع الله ودخل الجنة؛ فأنت إذن أكرم على الله عز وجل من موسى بن جعفر عليهما السلام! والله ما ينال أحدٌ ما عند الله عز وجل إلا بطاعته، وزعمت أنك تناله بمعصيته فبئس ما زعمتَ!
فقال له زيد: أنا أخوك وابن أبيك! فقال له أبو الحسن الرضا عليه السلام: أنت أخي ما أطعت الله عز وجل، إن نوحاً عليه السلام قال: ربِّ إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين، فقال الله عز وجل: يا نوح إنه ليس من أهلك! إنه عمل غير صالح، فأخرجه الله عز وجل من أن يكون من أهله بمعصيته“! (عيون أخبار الرضا عليه السلام للصدوق ج1 ص259).
وأي معصية أعظم من تحريف دين الله تعالى وإفساده بأفكار الفلاسفة والمتصوّفة والعرفاء؟! وأي معصية أعظم من القتل والبطش وسجن مراجع الدين والمؤمنين وتعذيبهم؟! وأي معصية أعظم من ممالأة النواصب والمخالفين ودعمهم بالمال والسلاح؟!

ثالثها؛ إن كونهما ممن أُشربت قلوب المخدوعين محبّتهما لا يكون عذراً لمن عرف الحق في النكوص عن النكير عليهما، وإلا لوجب علينا أن نتراجع عن نكيرنا على أبي بكر وعمر (لعنهما الله) وهما صنما قريش اللذين ذاب فيهما المخالفون حبا وتقديسا!

رابعها؛ إنّا وجدنا في سيرة أئمتنا الأطهار (صلوات الله عليهم) أنهم كانوا أشداء على زعماء المنحرفين ممن ينتحل التشيّع، فلعنوهم وتبرأوا منهم مع أن أقواماً كانوا يعظّمونهم، وكان ذلك يسبّب انشقاقاً لا بدّ منه في المجتمع الشيعي إسماً، إلا أنه انشقاق محمود ومطلوب، لفرز الشيعي الحقيقي عن الشيعي الزائف.
ودونك لعن الأئمة (عليهم السلام) للخطابية والزيدية والبترية والإسماعيلية والواقفة، ولعنهم للشلمغاني والعبرتائي وابن بلال والنميري والحلاج وغيرهم، مع أن هؤلاء كانوا علماء يدّعون التشيّع أيضا، خاصة الشلمغاني الذي كان مستقيما في بدو أمره ثم انحرف!
ونحن إنما نقتدي بأئمتنا (عليهم السلام) فلا نرى كرامة لمن لا يستحق حتى وإن تسربل بالتشيّع وهو منه براء!

خامسها؛ اعلم أن موقفنا هذا يكلّفنا في هذه الدنيا الكثير، فالله وحده هو العالم حجم خسائرنا إذ نتخذ هذا الموقف، لكنها خسائر دنيوية تهون، وما نرجوه هو ما في الدار الآخرة ونسأل الله تعالى أن يعفو عن تقصيرنا في التصدّي للمنحرفين والظالمين ممن شوّهوا التشيع العظيم!
ولولا أننا نجد عملنا هذا رضىً لله ورسوله وأهل بيته عليهم السلام؛ لما وجدتنا نتحمّل ما نتحمّله من خسائر لأجله! ولولا أن ما عاهدنا الله عليه يقتضي منا هذا الموقف لما وجدتنا نتخذه! هذا مع ما بيّناه لك من أننا نتحاشى التوغّل دفعا لبعض المفاسد ونخشى أن نكون آثمين بذلك! فليرحمنا الله برحمته الواسعة.
فابحث يا أخانا في حقائق الرجال ولا تغرّنك ظواهرهم، لتتدارك موقفك، فإنك إن بقيت عليه فستندم يوم القيامة على دفاعك عن هذين الرجلين! ولا تعرّض نفسك إلى ما تعرّضنا إليه سابقا قبلك، فإنّا ندمنا على كل لحظة كنّا فيها مؤيّدين لهما حين الغفلة. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

رزقنا الله وإياكم الذب عن دينه. والسلام.

الخامس عشر من ربيع الآخر لسنة 1429 من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp