ما هو القياس ولماذا هو مرفوض؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين، و الصلاة و السلام على رسوله الأمين محمد و على آله الطيبين الطاهرين

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته



تحية طيبة إلى سماحة الشيخ الحبيب ( حفظه الله ) و بعد،،، لدي تساؤل حول القياس فكما هو معلوم أن القياس معتبر عند أهل السنة ، و هم يعرفون القياس بأنه إلحاق مسألة غير منصوص عليها بمسألة منصوص عليها لإشتراكهما في علة الحكم ، أو بتعبير آخر إلحاق فرع بأصل لإشتراكهما في نفس العلة ، و هو حجة معتبرة عند

الأئمة الأربعة لأنه و كما يقولون ( أحكام الله الشرعية تجدها مشتملة على التسوية بين المتماثلين، و إلحاق النظير بنظيره ، و اعتبار الشيء بمثله، و التفريق بين المختلفين ، و عدم تسوية أحدهما بالآخر ...) و قد استدلوا لذلك بأدلة منها :

قوله عز و جل ( فاعتبروا يا أولي الأبصار ) ، و كذلك أحاديث للنبي فيها إشارات للقياس مثل حديث ابن عباس: قال:جاء رجل إلى النبي فقال : يا رسول الله ، إن أمي ماتت ، و عليها صوم شهر ، أفأقضيه عنها ؟ فقال : لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها ؟ قال : نعم .قال : فدين الله أحق أن يقضى .

هذا بالنسبة لمسألة لمسألة القياس ، حيث أتمنى من سماحتكم أن تبينوا رأينا فيه ، و أن تردوا على ما ذكر


باسمه جلّت أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

القياس في علم أصول الفقه على نوعين: قياس منصوص العلة؛ وقياس الظن. والأول مقبول، والآخر مرفوض.

أما قياس منصوص العلة، فمعناه أن الشارع المقدّس يبيّن علّة حكم ما، فيمكن حينها تعدية هذا الحكم إلى غيره استنادا إلى تلك العلة المنصوصة. كما لو قال الشارع: "الخمر حرام لأنه مسكر"، فيصح للفقيه أن يحكم حينها بأن "كل مسكر حرام" خمرا كان أو غيره. وهذا النوع من القياس هو في الواقع ليس بقياس، بل تطبيق علة النص على الموضوعات لاستنباط الحكم، وهو مقبول في مذهبنا.

أما قياس الظن، فمعناه أن الشارع المقدّس يبين حكما معينا، بلا تضمين لعلة ذلك الحكم، فيقوم الفقيه بتعدية ذلك الحكم إلى غيره "ظنا" منه أن العلة مشتركة بين الموضوعين، كما لو قال الشارع: "الخمر حرام" وسكت، فلم يبيّن أن علة هذا التحريم هو الإسكار، فحينها لا يجوز للفقيه أن يحكم بأن كل مسكر حرام اعتمادا على ظنه، لأن الظن لا يغني عن الحق شيئا، وليس كل حكم وارد في الشريعة الإسلامية يمكن التوصل إلى علته عن طريق الظن، بل كثير من الأحكام سكت عن بيان علتها الشارع، فلا يجوز فتح الباب أمام الظن لاستنباط أحكام ما أنزل الله بها من سلطان. وهذا هو المرفوض في مذهبنا، والمقبول في مذهب الحنفية والمخالفين.

وقد ورد عن إمامنا الصادق (صلوات الله عليه) التحذير والنهي الشديد عن هذا النوع من القياس، وذلك عندما عنّف أبا حنيفة النعمان (لعنه الله) وقال له: "يا نعمان! حدثني أبي عن جدي: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: أول من قاس أمر الدين برأيه إبليس! قال الله تعالى له: اسجد لآدم، فقال: أنا خير منه! خلقتني من نار وخلقته من طين! فمن قاس الدين برأيه قرنه الله تعالى يوم القيامة بإبليس، لانه أتبعه بالقياس! اتق الله ولا تقس الدين برأيك"! (حلية الأولياء ج3 ص197).

والحديث الذي نقلتموه عنهم، لا يفيد ما يذهبون إليه من قياس ظني، إذ فيه تنصيص واضح. والكلام ليس هنا كما أسلفنا، بل الكلام في ابتداعهم أحكاما بلا نص يبين علة الحكم؛ مقايسة بغيرها من أحكام، وليس من عاقل يقوم بذلك في دين الله تبارك الله وتعالى.

بوركتم لنصرة الدين وأهله. والسلام.

22 من شهر ذي القعدة لسنة 1426 من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp