لماذا تشكلون على خامنائي لتحريمه الجهر بالبراءة؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وجدت في احدا مقالات هذا الموقع المبارك أنتقادا حادا لسماحة المرجع السيد علي خامنائي وذالك لتحريمه الجهر بالبرائه او الاستهزاء باي رمز من رموز اي دين وليس فقط البكريين وذالك أن كان بالعلانيه وله اهداف واسعه
فنحن ان اردنا ان نعلم الطفل القراه لا نعطيه كتب بحار الانوار أو الموسوعه الشامله بل نبدأ معه بالحروف فان نجح بها اعطيناه الكلمات فان نجح بها بدأ بالجمل وهكذا
وأقسم بالله العظيم ان الكثيرين من مصر والجزائر والخليج قد تشيعو بفعل هذا النظام
ثم تركوا ما كانو عليه من حب لأبي بكر وعمر لعنهما الله وأصبحوا يلعنونهما ليل نهار كيف لا وجرائمهم معروفه
و انا من هؤلاء وكوني قد كنت سنيا فاني والله لابكي بدل الدموع دما لما رايته من شق لوحدة الصف الشيعي فان أختلفنا ببعض الاراء لا يعني هذا أننا اعداء يرحمكم الله
ان السيد علي خامنائي لديه مقصد و مرى بعيد من فتواه وهو ترقيق قلوب اهل السنه حتى يأتي بالتدريج معهم ألى نور محمد وال محمد
و سؤالي هنا وأنا من مؤيدي الشيخ ياسر الحبيب أنا أعيش بين عائلته بكريه سنيه فهل أمضي معهم بالقدح برموزهم علانيه ودون سابق أنذار ام امشي معهم بالتدرج؟

وصلى الله على محمد وال محمد

عبدالله


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

خلاف الشيخ مع الشخص المذكور ليس بهذه البساطة كما تتصورون وإنما هو أعمق من ذلك.

قبل كل شيء إن الشيخ يرفض أن يتبوأ شخص مقام المرجعية وهو فاقد للشرائط الشرعية. فالمذكور فاقد لشرط الإيمان كونه يخلط عقيدته بالعقائد الفلسفية والصوفية المنحرفة، كما أنه فاقد لشرط الاجتهاد فإنه ليس فقيها قادرا على استنباط الحكم الشرعي، كما أنه فاقد لشرط العدالة كون كثير من الدماء سفكت بأمره وكثير من المظالم التي طالت المراجع والعلماء كان وراءها. ولذلك لا يحق له أن يفتي.

وحتى لو كان فقيها - جدلا - فلا يجوز له أن يحرّم ما سمّاه «النيل من رموز إخواننا السنة» لأن هذا التحريم بلا دليل شرعي على هذا الإطلاق، ولو أخذنا به لكانت النتيجة تخطئة أئمتنا الأطهار (عليهم الصلاة والسلام) لأنهم قد نالوا من رموز المخالفين سرا وعلانية.

على سبيل المثال:

● جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال له: «ابسط يدك أبايعك. قال: على ماذا؟ قال: على ما عمل أبو بكر وعمر. فمدّ عليه السلام يده وقال له: اصفق! لعن الله الإثنين! والله لكأني بك قد قُتلتَ على ضلال»! (بصائر الدرجات للصفار ص412)

● جاء قوم من المخالفين من أهل البصرة إلى الإمام الصادق (عليه السلام) فقالوا له: «ما تقول في حرب علي وطلحة والزبير وعائشة؟ قال: ما تريدون بذلك؟ قالوا: نريد أن نعلم ذلك. قال: إذن تكفرون يا أهل البصرة! عائشة كبير جرمها، عظيم إثمها، ما أهرقت محجمة من دم إلا وإثم ذلك في عنقها وعنق صاحبيها! قالوا: إنك جئتنا بأمر عظيم لا نحتمله! قال عليه السلام: وما طويتُ عنكم أكثر! أما إنكم سترجعون إلى أصحابكم وتخبرونهم بما أخبرتكم فتكفرون أعظم من كفرهم»! (دلائل الإمامة للطبري ص26)

● سُئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن أبي بكر وعمر فقال: «والله هما أول من ظلمنا حقنا وحملا الناس على رقابنا وجلسا مجلسا نحن أولى به منهما، فلا غفر الله لهما ذلك الذنب، كافران! ومن يتولهما كافر». قال راوي الخبر عبد الله بن كثير «وكان معنا في المجلس رجل من أهل خراسان (من المخالفين) يكنى بأبي عبد الله، فتغير لون الخراساني لمّا أن ذكرهما فقال له الصادق: لعلك ورعتَ عن بعض ما قلنا؟ قال: قد كان ذلك يا سيدي. قال: فهلّا كان هذا الورع ليلة نهر بلخ حيث أعطاك فلان بن فلان جاريته لتبيعها فلما عبرت النهر فجرت بها في أصل شجرة كذا وكذا! قال: قد كان ذلك، ولقد أتى على هذا الحديث أربعون سنة ولقد تبتُ إلى الله منه. قال: يتوب عليك إن شاء الله». (مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب ج3 ص370)

هذه فقط ثلاثة نماذج من نماذج وأمثلة كثيرة تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن من سيرة الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) النيل من الرموز المنافقة التي قامت بتحريف الدين الإسلامي حتى لو كان هذا النيل أمام مرأى المخالفين وفي المرة الأولى من لقاء هؤلاء المخالفين بالأئمة عليهم السلام، ولذلك كانوا يصدمون، وهذا لا يهم لأن الصدمة بالحق وصكّ الجباه أمر مهم في كثير من الأحيان كما فعل إبراهيم (عليه السلام) حين صدم قومه وصكّ جباههم بكسر أقدس مقدساتهم.

وقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث عمه العباس: «صدمته بالحق! فمن شاء فليغضب ومن شاء فليرض». (بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج9 ص349)

وقال الإمام الباقر عليه السلام في حديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: «فأنكروا بقلوبكم والفظوا بألسنتكم وصكّوا بها جباههم، ولا تخافوا في الله لومة لائم». (تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي ج6 ص181)

وللوقوف على الأمثلة والشواهد من السيرة العطرة للنبي الأعظم والأئمة الأطهار (عليهم الصلاة والسلام) في النيل من رموز الكفر والنفاق والانحراف يمكنكم مراجعة سلسلة محاضرات (بيان آل محمد في أعدائهم) لسماحة الشيخ الحبيب على هذا الرابط (هنا)

وعليه فإن زعم هذا الشخص أنه لا يجوز مطلقا النيل من رموز الآخرين هو رد على الله ورسوله وأهل البيت عليهم السلام، ولا ينفع ما قلتموه تبريرا له، فهو لم يقيد فتواه بأنه لا يجوز ذلك علانية، كما لم يقيد فتواه بأنه لا يجوز ذلك النيل فجأة ولكن يجوز بالتدريج مثلاً حتى يصح التبرير الذي قلتموه، وإنما هو أطلق القول جزافاً وأفتى بغير علم جرأة على الله ورسوله صلى الله عليه وآله.

ومن المعلوم أن هذه فتوى سياسية أراد المذكور بها أن يستأنس أهل الخلاف ويكسب ودهم من أجل مصالح حكومته، أي من أجل الدنيا لا الآخرة. وهذا بحد ذاته يعتبر خروجاً عن منهاج الحق والاستقامة الذي وُصف به الشيعة الأبرار. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «يا علي! شيعتك على منهاج الحق والاستقامة، لا يستأنسون إلى من خالفهم، ليست الدنيا منهم وليسوا منها، أولئك مصابيح الدجى، أولئك مصابيح الدجى، أولئك مصابيح الدجى». (أمالي الشيخ الصدوق ص658)

من المهم العلم بأن (النيل) من الرموز المنحرفة هو من الضروريات. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة، وباهتوهم كي لا يطمعوا في الفساد في الاسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم، يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الاخرة». (الكافي الشريف ج2 ص375)

ولا تتعطل هذه الوظيفة إلا في حالة التقية، أي أن يكون المؤمن مقهوراً مجبوراً لا يتمكن من الجهر بالحق وفضح الرموز المنحرفة.

ولا يمكن تعطيل هذه الوظيفة لمجرد أن فئة من البشر تؤمن بهذه الرموز، فهذا معناه احترام حتى (إبليس) لأن هناك فئة من البشر تعبده وهم (عبدة الشيطان) فهل يقول بهذا عاقل؟

وعليه فإن هذه الفتوى - التي صدرت أساسا من شخص لا يملك صلاحية الإفتاء - مرفوضة تماما.

نعم الصحيح القول بأن للنيل من الرموز المنحرفة مواضع وأساليب، فتارة يكون بالصدمة وتارة يكون بالتدريج بحسب الظروف والمقتضيات وقابلية القابل. هذا صحيح، أما تحريم ذلك جملة وتفصيلا فهذا ما لا يجوز.

وعليه فتعلم جواب مسألتك عندما تفضلت بالقول أنك تعيش في وسط عائلة بكرية فهل تمضي معهم بالقدح برموزهم علانية أم لا.. فالجواب هو أن ذلك موكول إليك فاختر أفضل الأساليب، إذا كان التدريج ينفع فبها وإلا «فآخر الدواء الكي» وكم من مصدوم رجع للحق بعد الصدمة. المهم أن لا تتخلى عن وظيفتك في الدعوة للولاية لآل محمد الطاهرين (عليهم السلام) والبراءة من أعدائهم المنافقين (عليهم اللعنة)، أما اختيار الأسلوب فهو أمر راجع إليك بشرط عدم التجاوز على الحدود الشرعية.

وسماحة الشيخ - للعلم - يتبع الأسلوبين معا بحسب الظرف وقابلية القابل، ولهذا تشيّع على يده الكثيرين بحمد الله وفضله.

أما القول بأن الكثيرين قد تشيعوا بفضل النظام الخامنئي فهذا كالقول بأن الكثيرين قد أسلموا بفضل النظام السعودي، فالنظام السعودي يقوم أيضا بأدوار كبيرة في نشر «إسلامهم» في كل مكان، وهنا في أوربا مثلا هناك المئات من المساجد والمؤسسات الدعوية التي أسهمت في تحويل كثير من الشباب الغربي إلى «إسلامهم» فهل يتطلب منا ذلك أن نحترم النظام السعودي ونعترف بالفضل له؟!

كذلك النظام الخامنئي يقوم بأدوار كبيرة ولكن في نشر «تشيعهم» لا التشيع الذي جاء به الأئمة الأطهار (عليهم السلام) أو التشيع الذي عرفه علماؤنا القدماء، فالتشيع الذي يروجه النظام الخامنئي هو تشيع مخلوط بشوائب بترية وفلسفية وصوفية وعرفانية باطلة، والهدف منه سياسي بالدرجة الأولى، كما أن الإسلام الذي يروجه النظام السعودي هو إسلام منحرف ومشوب وباطل والهدف منه سياسي بالدرجة الأولى.

أما عن تمزيق الصف الشيعي فالشيخ في الحقيقة أبعد ما يكون عن ذلك، فهو دائما في موقف رد الفعل وعليك أن تحاسب من قام بالفعل، يعني الشخص الذي يفتي بغير علم أو يتجاوز على حرمات المراجع والعلماء والمؤمنين فيعتقلهم ويسجنهم ويعذبهم ويقتلهم لمجرد أنهم عارضوه في شيء. فمن الأولى بأن يتهم بتمزيق الصف الشيعي؟!

شكرا لتواصلكم ونسألكم الدعاء.


مكتب الشيخ الحبيب في لندن

ليلة 2 ربيع الآخر 1432


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp