• كان هناك شخص من الطلقاء يدعى أبا سفيان بن حويطب بن عبد العزى القرشي العامري، وأمه آمنة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية، وكان ممن حارب إلى جانب عائشة الحميراء في حرب الجمل.
• في كتاب الجمل للشيخ المفيد رحمه الله ص271: روى إبراهيم بن نافع عن سعيد بن أبي هند قال أخبرنا أصحابنا ممن حضر القتال يوم البصرة أن عليا عليه السلام قاتل يومئذ أشد القتال وسمعوه وهو يقول تبارك الله الذي أذن لهذه السيوف أن تصنع ما تصنع.
• إن هذا المشهد وهو مشهد صنع السيوف -أي ما تنصعه في الأعداء- كان يستأهل عند أمير المؤمنين عليه السلام أن يسبّح ربه ويذكره، وكأنه يرى البركة في ذلك رغم ما فيه من دماء وبشاعة.
• وهذا ما يميز أمير المؤمنين علي عليه السلام، فمع كمال رحمته وعطفه حتى على بعض أعدائه؛ كان في الجانب الآخر وفي مثل هذه المواقف ممن تراه في حزمه وصرامته كالجبل لا يتأثر بشيء، ويمضي إلى النهاية.
• لقد كان هذا الأمر مما حاول خصوم أمير المؤمنين عليه السلام اتخاذه مطعنا عليه، وقد قالوا إن عليًا سفاح وسفاك للدماء لما رأوه منه هذا الأمر، وكأنهم يطلبون منه أن يغض الطرف عن أولئك المتوحشين الإرهابيين الذين إن تركوا أحياء في إنهم سيجرون أنهارا من الدماء فيها.
• إن أبا جهل -على سبيل المثال- بلغ من وحشيته وساديته أن أخذ رمحا وضرب به قُبُلَ سيدتنا سمية رضوان الله تعالى عليها فقتلها بهذه الطريقة الوحشية، ولما وقع هذا الرجل تحت سيف علي بن أبي طالب عليهما السلام في بدر لم تأخذه فيه شفقة لأنه لا يستحق ذلك كما لا يخفى.
• تكملة الرواية: ونظر يومئذ إلى أبي سفيان بن حويطب بن عبد العزى وهو يسترجع من الخوف وما التحم من الشر فقال له أمير المؤمنين عليه السلام انحز إلى أصحابي ولا تقتل نفسك ويلك! فانحاز إليهم.
• لقد انحاز أبو سفيان بن حويطب إلى أصحاب أمير المؤمنين علي عليه السلام مما ينبئ عن أنه بالفعل مؤهل إما لأن يهتدي أو لا أقل لأن يرتدع ويتعظ وينشغل بنفسه فيجنب البلاد والعباد هذا الشر، ولا يقف مع الأشرار كعائشة وطلحة والزبير لعنهم الله.
• إن المطلوب هو أننا نرى بادرة من هذا الذي قد تورط بشيء مخالف للدين من أولئك الذين نحن نحاربهم في جبهاتنا الكلامية والمنهجية، لو أبدوا شيئا من التراجع ومرجعة النفس يمكن لنا حينئذ أن نشفق عليهم، إما إذا رأينا منهم إصرارا وغيا فلا يمكن لنا أن نتعامل إلا بمنتهى الشدة والإجهاز على اعتبارهم.
• تكملة الرواية: فانحاز إليهم إلى أن حمل أصحاب الجمل على أمير المؤمنين عليه السلام حملة فإذا هو قد صار في حيزهم فحمل عليه رجل من همدان وعلي يصيح كف عنه والهمداني لا يفهم حتى قطعه إربا إربا، فقال عليه السلام يا ويحه أن أتلفته السيوف وقد كان مقتله إلي بغيضا.