• يبدو أن عمار بن ياسر صار في معركة صفين أستاذًا يعلّم الناس البصيرة حتى نشر وعيًا لافتًا. نقول هذا الكلام لأنا لما تصفحنا التاريخ وجدنا أن لعمار من الخطابات والكلمات والمناظرات في خضم المعركة ما يمكن بمجموعة أن يرسم لنا هذه الصورة وهو أنه كان أستاذا.
• صار الذي يلازم عمارا يتكلم بمنطقٍ رافضيٍ مميز، ويمتلئ عزةً وتشع منه البصيرة، ويظهر الثبات والعزم الأكيد في الدفاع عن الحق وكسر الباطل.
• في كتاب أسد الغابة في تمييز الصحابة لابن الأثير برقم 1552 يترجم لذي الكلاع الحميري: كان إسلامه في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله، وأنه كان رئيسا في قومه متبوعا.
• وأنه صلى الله عليه وآله كتب إليه في التعاون على قتل الأسود العنسي لعنه الله. وخرج إلى الشام وأقام بها فلما كانت الفتنة كان هو القيّم بأمر صفين.
• قيل أن معاوية سره قتله وذلك أنه بلغه أن النبي صلى الله عليه وآله قال لعمار بن ياسر تقتله الفئة الباغية. فقال ذو الكلاع لمعاوية وعمرو: ما هذا؟ وكيف نقاتل عليا وعمارا؟ فقالوا: إنه يعود إلينا فيُقتل معنا!
• ينقل ابن الأثير: فلما قُتل ذو الكلاع وقُتل عمار قال معاوية: لو كان ذو الكلاع حيًّا لمال بنصف الناس إلى عليّ.
• كان ذو الكلاع متديّنا ورئيسا على قبيلته وله نفوذه وكلمته، وكان رجلا يحسب أنه يطلب الدين! ولكن إذا طلبت الدين بلا بصيرة ولا وعي هكذا يكون مآله!! فقد خسر الدنيا والآخرة.
• في كتاب وقعة صفين لنصر بن مزاحم ص333 قال أبو نوح: فكنت في الخيل يوم صفين في خيل علي عليه السلام وهو واقف بين جماعة من همدان وحمير وغيرهم من أفناء قحطان، وإذا أنا برجل من أهل الشام يقول: من دل على الحميري أبي نوح؟ فقلنا: هذا الحميري فأيهم تريد؟ قال: أريد الكلاعي أبا نوح.
• قال: قلت: قد وجدته فمن أنت؟ قال: أنا ذو الكلاع، سر إلي. فقلت له: معاذ الله أن أسير إليك إلا في كتيبة. قال ذو الكلاع: بلى فسر، فلك ذمة الله وذمة رسوله وذمة ذي الكلاع حتى ترجع إلى خيلك، فإنما أريد أن أسألك عن أمر فيكم تمارينا فيه. فسر دون خيلك حتى أسير إليك.
• فسار أبو نوح وسار ذو الكلاع حتى التقيا، فقال ذو الكلاع: إنما دعوتك أحدثك حديثا حدثناه عمرو بن العاص قديما في إمارة عمر بن الخطاب. قال أبو نوح: وما هو؟ قال ذو الكلاع: حدثنا عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه قال: "يلتقي أهل الشام وأهل العراق وفي إحدى الكتيبتين الحق وإمام الهدى ومعه عمار بن ياسر". قال أبو نوح: لعمر الله إنه لفينا.
• قال: أجاد هو في قتالنا؟ قال أبو نوح: نعم ورب الكعبة، لهو أشد على قتالكم مني، ولوددت أنكم خلق واحد فذبحته وبدأت بك قبلهم وأنت ابن عمي. قال ذو الكلاع: ويلك، علام تتمنى ذلك منا؟! والله ما قطعتك فيما بيني وبينك، وإن رحمك لقريبة، وما يسرني أن أقتلك. قال أبو نوح: إن الله قطع بالإسلام أرحاما قريبة، ووصل به أرحاما متباعدة، وإني لقاتلك أنت وأصحابك، ونحن على الحق وأنتم على الباطل مقيمون مع أئمة الكفر ورؤوس الأحزاب.