• في موقعة صفين لابن مزاحم: فقال له ذو الكلاع: فهل تستطيع أن تأتي معي في صف أهل الشام، فأنا جار لك من ذلك ألا تقتل ولا تسلب ولا تكره على بيعة، ولا تحبس عن جندك، وإنما هي كلمة تبلغها عمرو بن العاص، لعل الله أن يصلح بذلك بين هذين الجندين، ويضع الحرب والسلاح.
• فقال أبو نوح: إني أخاف غدراتك وغدرات أصحابك. فقال له ذو الكلاع: أنا لك بما قلت زعيم. فقال أبو نوح: اللهم إنك ترى ما أعطاني ذو الكلاع وأنت تعلم ما في نفسي، فاعصمني واختر لي وانصرني وادفع عني. ثم سار مع ذي الكلاع حتى أتى عمرو بن العاص وهو عند معاوية وحوله الناس وعبد الله بن عمرو يحرض الناس على الحرب، فلما وقفا على القوم قال ذو الكلاع لعمرو: يا أبا عبد الله، هل لك في رجل ناصح لبيب شفيق يخبرك عن عمار بن ياسر لا يكذبك.
• قال عمرو: ومن هو؟ قال: ابن عمي هذا، وهو من أهل الكوفة. فقال عمرو: إني لأرى عليك سيماء أبي تراب. قال أبو نوح: على سيماء محمد صلى الله عليه وأصحابه، وعليك سيماء أبي جهل وسيماء فرعون.
• لم يستعمل أبا نوح التقية ههنا رغم مشروعيتها له في هذا الموقف، بل رد له الصاع صاعين وأهانه وهو بينهم وتحت أيديهم.
• تقول الرواية: فقام أبو الأعور فسل سيفه ثم قال: لا أرى هذا الكذاب اللئيم يشاتمنا بين أظهرنا وعليه سيما أبي تراب.
• لو التزم أبو نوح بالتقية ههنا بطُل الغرض من مجيئه أصلًا، فهو جاء لكي يتم الحجة على القوم فلابد أن يناجزهم لفظيا على الأقل وأن يتحداهم بلسانه.