• يقول ابن ابي الحديد في شرح النهج م8 ص17: قلتُ: واعجباه من قوم يعتريهم الشك في أمرهم لمكان عمار ولا يعتريهم الشك لمكان عليٍ عليه السلام، ويستدلون على أن الحق مع أهل العراق يكون عمار بين أظهرهم ولا يعبئون بمكان علي عليه السلام ويحذرون من قول النبي صلى الله عليه وآله: تقتلك الفئة الباغية، ويرتاعون لذلك ولا يرتاعون لقوله صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. ولا لقوله: لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق. وهذا يدلك على أن عليا عليه السلام اجتهدت قريش كلها من مبدأ الأمر في إخمال ذكره وستر فضائله وتغطية خصائصه حتى محي فضله ومرتبته من صدور الناس كافة إلا قليلا منهم.
• هكذا يفسّر ابن أبي الحديد هذه الظاهرة من اهتمام أهل الشام بشأن عمار بن ياسر وبمكانه، وجعلهم إياه الفارزة ما بين الحق والباطل، فكيف ذهبت عن أذهانهم كل تلك الأحاديث النبوية في شأن عليٍ عليه السلام وهو خير من عمار وأفضل منه.
• ولذلك يفسّر ابن أبي الحديد هذا الأمر بأن قريشًا من مبدأ الأمر اجتهدت في إخمال ذكره وستر فضائله وتغطية خصائصه حتى محي فضله ومرتبته من صدور الناس كافة إلا قليلا منهم.
• لقد استشهد عمار رضوان الله تعالى عليه في صفوف عليٍ عليه السلام، فاستيقظ بعض الناس ممن كانوا مع معاوية لعنه الله، فتابوا واهتدوا، وثبت -عندهم- أن عليًا أنه على الحق بمجرّد استشهاد عمار في صفوف جنده، وهذه بحد ذاتها مأساة ومن مظلومية أمير المؤمنين عليه السلام.
• لقد علَّم الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله عمار بن ياسر أن إذا سلك الناس واديا وسلك عليٌ واديا فاسلك وادي علي فإن الحق معه. إن الإمام علي عليه السلام سيّد الأدلة، فأين ما وجدنا عليا عليه السلام كان الحق هناك.
• روى صاحب الفنون أبو الوفاء بن عقيل برقم 46: عن ابن الأنباري قال أخبرني أبي قال حدثنا أبو جعفر محمد بن عمران الضبي قال: لما أكثر أصحاب الحديث على شريك قالوا له: يا عبد الله حدثنا بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله تقتل عمارا الفئة الباغية، فغضب وقال: أترون فخرا لعلي أن يقتل عمار معه؟ إنما الفخرُ لعمار في أن يقتل مع علي.
• قال عمار بن ياسر: أين من يبغي رضوان ربه ولا يؤوب إلى مالٍ ولا ولد.
• إن هؤلاء الذين يضغطون على المحارب لثنيه عن مواصلة حربه الجهادية المقدسة؛ سمّاهم الله عز وجل في كتابه باسمٍ صاعق! لقد سماهم بالعدو.
• قال الله تعالى في سورة التغابن: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ۚ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ).
• جاء في تفسير هذه الآية في تفسير القمي: عن الإمام الباقر عليه السلام: وذلك أن الرجل كان إذا أراد الهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله تعلّق به ابنه وامرأته، وقالوا ننشدك الله أن تذهب عنا وتدعنا فنضيع بعد، فمنهم من يطيع أهله، فيقيم فحذرهم الله أبنائهم ونساءهم ونهاهم عن طاعتهم.
• ومنهم من يمضي ويذرهم ويقول أما والله لئن لم تهاجروا معي ثم يجمع الله بيني وبينكم في دار الهجرة لا أنفعكم بشيء أبدا فلما جمع الله بينه وبينهم أمره الله أن يوفّي ويحسن ويصلهم فقال وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم.
• لابد للمحارب في سبيل الله أن يتحرر من تلك القيود حتى يحقق ما أراده الله ورسوله والأئمة الأطهار صلوات الله عليهم، ولا ضير في أن تخسر العالم كله وتربح علاقتك بإمامك الحجة بن الحسن عليهما السلام، فلن تشعر حينها بوحشةٍ أبدا