• يمكن لنا أن نجعل محيطنا الاجتماعي الديني مرآةً وانعكاسا لما كان في الماضي فنشخّص من منا على السيرة الصحيحة التي كانت مرضية عند أمير المؤمنين عليه السلام، ومن منا كان على تلك السيرة الضعيفة الانهزامية الانبطاحية السلبية التي ما كانت ترضي أمير المؤمنين عليه السلام.
• ووثب زياد بن خصفة فقال: دعوا لي ابن عمي، وكان من مناصحي علي عليه السلام فقال علي: دعوا للرجل ابن عمه، فتركه الناس، فأخذ زياد بيده فأخرجه من المسجد فأخذ وهو يمشي معه يمسح التراب عن وجهه وعفاق يقول: لا والله لا أحبكم ما سعيت ومشيت، والله لا أحبكم ما اختلف الدرة والجرة. وكان يمر عليهم بعد فيقول: اللهم إني منهم بريء ولابن عفان ولي. قال: فيقول التيمي أبو عبد الله بن وال: اللهم إني لعلي ولي ومن ابن عفان بريء ومنك يا عفاق.
• قال: فأخذ لا يقلع، فدعوا رجلا منهم له سجاعة فقالوا: ويحك، أما تكفينا بسجعك وخطبتك هذا؟ قال كفيتم، قال: فمر عفاق عليهم فقال مثل ما كان يقول ولم يمهله أن قال له: اللهم اقتل عفاقا، فإنه أسر نفاقا، وأظهر شقاقا، وبين فراقا، وتلون أخلاقا. فقال عفاق: ويحكم، من سلط هذا علي؟ قال: الله بعثني إليك وسلطني عليك لأقطع لسانك، وأنصل سنانك، وأطرد شيطانك. فلم يك يمر عليهم بعد، إنما يمر على بني مزينة.
• لقد أميط شره باللسان الحاد. وهكذا بعض الناس لا يمكن ردعهم إلا بأن نحد اللسان عليهم وأن نهجوهم بالأشعار أو بسجع الأنثار، حتى وإن بلغ ذلك لعنًا وسبابا. فإن كان يحقق ردعا لهؤلاء السفلة والخونة والظلمة فهو خير ومن صالح المجتمع ويحصنه.
• إن من أخطر الأمور أن تنتشر ثقافة الترضي على أعداء الله أو الدفاع عنهم، لأنها تجعل ما ارتكبه هؤلاء من جنايات أمرًا هيّنا فيمكن أن يرتكبه غيرهم.
• كان من سياسة أمير المؤمنين عليه السلام وسياسة من رباهم من أصحابه مع هؤلاء الخونة أن يواجهوا مثل هذه الخيانات بأحد لسان وأسوأ عقوبة. قال الإمام عليه السلام: من لم يصلحه حسن المداراة أصلحه سوء المكافاة.
• ولهذا السبب كان هؤلاء الذين ينشقون عن عليٍ عليه السلام أو يخونونه؛ يحرصون على أن يفلتوا من الرقعة الجغرافية التي يحكمها وأن يلوذوا بمعاوية لعنه الله. لأنهم يعلمون أن بقائهم في أي جيبٍ من الجيوب سيؤدي إلى أن يوقع عليهم ويكافئهم بأشد عقوبة .
• في نهج البلاغة برقم 50: ومن كتاب له عليه السلام إلى أمرائه على الجيوش: من عبد الله على أمير المؤمنين إلى أصحاب المسالح. أما بعد فإن حقا على الوالي أن لا يغيره على رعيته فضل ناله ولا طول خص به، وأن يزيده ما قسم الله له من نعمه دنوا من عباده وعطفا على إخوانه، ألا وإن لكم عندي أن لا أحتجز دونكم سرا إلا في حرب، ولا أطوي دونكم أمرا إلا في حكم. ولا أؤخر لكم حقا عن محله، ولا أقف به دون مقطعه، وأن تكونوا عندي في الحق سواء، فإذا فعلت ذلك وجبت لله عليكم النعمة ولي عليكم الطاعة، وأن لا تنكصوا عن دعوة، ولا تفرطوا في صلاح، وأن تخوضوا الغمرات إلى الحق. فإن أنتم لم تستقيموا على ذلك لم يكن أحد أهون علي ممن اعوج منكم، ثم أعظم له العقوبة، ولا يجد فيها عندي رخصة