• علينا أن لا نغضي عن الخروقات والتجاوزات الداخلية بحجة أننا في حالة حرب وليس الوقت مؤاتيا لأن حساب هذا أو ذاك! فإن هذا قد يفتت جبهتنا الداخلية ويحدث البلبلة والانشقاقات التي يستفيد منها العدو.
• لقد كان أمير المؤمنين عليه السلام في حالة حرب مع معاوية لعنه الله، ولا شك أن هذه الأجواء تفرض حرصا أكيدا على تمتين الجبهة الداخلية وتحصينها من أي تضعضع وحمايتها من أي بلبلة كالانشقاقات ونحوها مما يمكن أن تشكل ثغرات ينفذ من خلالها العدو للتدمير.
• لا شك أن حالة الحرب تفرض مسؤولية من هذا النوع، ولكن لكل شيء حد، فإذا وقعت الخيانة أو تطلّب الموقف المحاسبة الصارمة الشديدة والعقوبة المغلّظة؛ فعلينا أن لا نبالي، بلغ الأمر ما بلغ. وهذا ما نفهمه من قراءتنا لسيرة أمير المؤمنين عليه السلام وكيف كان يدير ويحكم.
• لا شك أن كلفة المحاسبة الشديدة التي أبداها أمير المؤمنين عليه السلام كانت كلفة عالية باهظة. ولا شك أن تأثيرات ذلك على حكومة أمير المؤمنين عليه السلام كانت تأثيرات كارثية -إن جاز التعبير-. فالانشقاقات تاولت والتداعايات كانت مهولة.
• بعض المنشقين عن أمير المؤمنين عليه السلام:
- مصقلة بن هبيرة الشيباني، والقعقاع بن شور كان واليا على كسكر ومن ثم تولى ميسان، فخان وصرف من بيت المال مائة ألف مهرا لامرأة أحبها.
• علينا أن نتعلم هذا الدرس جيدا حتى لا يخدعنا الشيطان بالتغاضي عن ما يحدث من خيانات في الهيئات أو المؤسسات الدينية والإعراض عنها حتى لا يتصدع الكيان ولا يستفيد العدو وما أشبه ذلك من مفاهيم مغلوطة.
- النعمان بن العجلان الأنصاري وأحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، وكان قد خلف على أرملة حمزة بن عبد المطلب، وقد ولاه عليه السلام البحرين فاستولى على المال فهرب إلى معاوية.
- يزيد بن حجية وقد كان واليا على الري فاحتجن المال وهرب إلى معاوية. وقد فعل مثلها عبد الله بن العباس وهو ابن عم أمير المؤمنين عليه السلام. خان واحتجن مال البصرة وهرب إلى الطائف.
• في كتاب تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي عن الإمام الصادق عليه السلام: أن مولى لأمير المؤمنين عليه السلام سأله مالا، فقال يخرج عطائي فأقاسمكه، فقال: لا أكتفي وخرج إلى معاوية فوصله.
- حنظلة بن الربيع، المعروف بحنظلة الكاتب. أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، انشق عن علي عليه السلام وهرب إلى معاوية.
- جرير بن عبد الله البجلي وكان رسول الإمام عليه السلام إلى معاوية، وتاليا انشق وهرب إلى معاوية.
- النجاشي الشاعر، وكان من شعراء دولة أمير المؤمنين. شرب الخمر في نهار شهر رمضان. ولما اطلع أمير المؤمنين عليه السلام بالأمر أعظم له العقوبة، وجلد بالساحة أمام الناس. شعر بالإذلال فانشق وهرب إلى معاوية. وكان من شعره: أيعصى إمامٌ أوجب الله حقه علينا .. واهل الشام طوع طاغية.
- طارق بن عبد الله النهدي. غضب من إقامة الحد على النجاشي الشاعر، ولم يقبل أمير المؤمنين عليه السلام توسطه وشفاعته، فانشق وهرب إلى معاوية.
• في كتاب الغارات للثقفي ج2 ص636: قال الإمام عليه السلام: لا أرى هؤلاء إلا ظاهرين عليكم، لاجتماعهم على باطلهم، وتفرقكم عن حقكم، وطاعتهم لإمامهم، ومعصيتكم لإمامكم، وبأداءهم الأمانة إلى صاحبهم، وخيانتكم إياي. إني وليّت فلانا فخان وغدر، واحتمل فيء المسلمين إلى مكة، ووليّت فلانا فخان وغدر، وفعل مثله، فصرت لا أئتمنكم على علاقة سوط.
• في كتاب الإرشاد للمفيد ص277: لقد استعملت منكم رجالا فخانوا وغدروا، ولقد جمع بعضهم ما ائتمنته عليه من فيء المسلمين فحمله إلى معاوية، وآخر حمله إلى منزله، تهاونا بالقرآن، وجرأة على الرحمن، حتى لو أنني ائتمنت أحدكم على علاقة شوط لخانني، ولقد أعييتموني، ثم رفع يده إلى السماء فقال: اللهم إني قد سئمت الحياة بين ظهراني هؤلاء القوم، وتبرمت الأمل فأتح لي صاحبي حتى أستريح منهم ويستريحوا مني، ولن يفلحوا بعدي.
• إن علينا أن نمضي على صرامة أمير المؤمنين عليه السلام، وإن كلّفنا ذلك انشقاقات وتصدعات وانهيارات، فإن قضى الله وقدّر أن تكون لنا في الحياة بقية، وأن نكون من جنده الأوفياء، فإن هذه الانشقاقات والانهيارات سرعان ما تُجبر، أما الذي يجب أن لا نضحي به هو المبادئ