• لقد كان الإمام علي عليه السلام لا يتهاون مع أي أحد ارتكب خيانة أو ذنبا يستوجب العقاب، أو كان في ذمته شيء من حق الله أو حق المسلمين إلا أن يتقاصاه ويدفعه إلى الوفاء به بعد محاكمة شديدة ومحاسبة دقيقة تعرّضه للمهانة.
• هذه السياسة من أمير المؤمنين عليه السلام كانت مفاجئة للقوم، فقد اعتادوا طوال عهود على سياسة ليّنة تحت حكم أبي بكر وعمر وعثمان وكان فيها من الخروقات ما فيها، وإن كانت فيها شدة في بعض الجوانب فكانت على قوم دون قوم.
• لقد خانه الكثير وغدر به الكثير ولكنه صلوات الله عليه مضى على نهج الصرامة. ولقد كان بإمكانه أن يجنّب نفسه وحكومته كل ذلك وأن يحمي كيانه الداخلي من هذه التصدعات والتشققات، ولكنه أبى محافظةَ على المبادئ والتزامات بقيم الإسلام العظيمة، فلم يبالي بكل هذه البلبلة التي حصلت.
• فمن هنا نتعلم أن علينا أن نمضي على نهج الصرامة -وإن كنا في حربيات-، فلا نبالي بما يمكن أن يحدث من تشققات أو تصدعات في جبهتنا الداخلية إذا ما مضينا على هذه الصرامة، على أننا لا ننكر إمكان حصول تقديم أو تأخير ههنا، كأن نجمد المحاسبة لمدة ما، لكن لا نهملها بالكلية.
• في نهج البلاغة برقم 70: ومن كتاب له عليه السلام إلى سهل بن حنيف الأنصاري وهو عامله على المدينة، في معنى قوم من أهلها لحقوا بمعاوية. أما بعد، فقد بلغني أن رجالا ممن قبلك يتسللون إلى معاوية، فلا تأسف على ما يفوتك من عددهم، ويذهب عنك من مددهم، فكفى لهم غيا، ولك منهم شافيا، فرارهم من الهدى والحق، وإيضاعهم إلى العمى والجهل، وإنما هم أهل دنيا مقبلون عليها، ومهطعون إليها، قد عرفوا العدل ورأوه، وسمعوه وعوه، وعلموا أن الناس عندنا في الحق أسوة، فهربوا إلى الأثرة، فبعدا لهم وسحقا! إنهم -والله- لم ينفروا من جور، ولم يلحقوا بعدل، وإنا لنطمع في هذا الأمر أن يذلل الله لنا صعبه، ويسهل لنا حزنه، إن شاء الله، والسلام عليك
• لا خير فينا إذا ما كنا شديدي المحاسبة ودقيقين مع الآخرين ممن لا ينتمي إلينا، وغضضنا الطرف عمن هم في وسطنا الداخلي خشية أن يتكلم علينا الآخرين أو خشية من التصدعات وما أشبه
• في كتاب الغارات للثقفي م2 ص 567: عن عطاء بن السائب قال: قال رجل لأبي عبد الرحمن السلمي أنشدك بالله تخبرني فلما أكد عليه قال: بالله هل أبغضت عليا إلا يوم قسّم المال في أهل الكوفة فلم يصبك ولا أهل بيتك منه شيء؟ قال: أما إذا أنشدتني بالله فلقد كان ذلك