— الكلام في استعمالهم عليهم السلام لـ (لا، ليس) النافيتين للجنس:
- مثال:
وسائل الشيعة - باب عدم جواز التقية في الدم:
1- عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: “‘إنما جعلت التقية ليحقن بها الدم فإذا بلغ الدم فليس تقية”.
2- عن أبي حمزة الثمالي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: “لم تبق الأرض وإلا وفيها منا عالمٌ يعرف الحق من الباطل وقال: إنما جعلت التقية ليحقن بها الدم فإذا بلغت التقية الدم فلا تقية، وأيم الله لو دعيتم لتنصرونا لقلتم لا نفعل إنما نتقي ولكانت التقية أحب إليكم من آبائكم وأمهاتكم، ولو قد قام القائم ما احتاج إلى مساءلتكم عن ذلك ولأقام في كثير منكم من أهل النفاق حد الله تعالى”.
- يسمى هذا في الأصول بإنشاء الحكم بجملة خبرية
الشارع المقدس تارة ينشئ الحكم في جملة إنشائية وتارة في جملة خبرية.
- الجملة الإنشائية: لا تحمل الصدق أو الكذب.
- الجملة الخبرية: النفي تارة يكون نفيًا حقيقيًا للطبيعة، وتارة يكون نفيًا إدعائيا للطبيعة.
- النفي في الجملة الخبرية:
1- النفي الحقيقي ينتفي به جميع آثارها -نفي لوجودها وماهيتها-.
مثال: (لا رجل في الدار).
2- النفي الإدعائي ينتفي به بعض آثارها -نفي لصفةٍ من صفاتها ككمالها-.
مثال: قول أمير المؤمنين عليه السلام (يا أشباه الرجال ولا رجال).
مثال في عالم التشريع:
- النفي الحقيقي للطبيعة:
- قول الإمام الباقر عليه السلام (لا صلاة إلا بطهور).
- قوله عليه السلام (لا صلاة إلا إلى القبلة) -فمن صلى إلى غير القبلة فصلاته منعدمة-.
- قول الإمام الصادق عليه السلام (لا اعتكاف إلا بصوم).
- النفي الإدعائي للطبيعة:
- في التهذيب - باب العمل في ليلة الجمعة ويومها:
عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: “إن الله أكرم بالجمعة (السورة) المؤمنين، فسنَّها رسول الله صلى الله عليه وآله بشارةً لهم، والمنافقين (السورة) توبيخًا للمنافقين فلا ينبغي تركهما فمن تركهما متعمدًا فلا صلاة له”.
- تعليق الشيخ الطوسي:
قوله عليه السلام (فلا صلاة له) يحتمل وجهين أحدهما أنه إذا ترك هاتين السورتين غير معتقدٍ أن في قراءتهما فضلا كثيرا وثوابا جزيلا فلا صلاة له. ويحتمل أيضا أن يكون أراد عليه السلام فلا صلاة كاملة فاضلة له كما قال النبي صلى الله عليه وآله لا صلاة لجار المسجد إلا في مسجده، وإنما أراد صلى الله عليه وآله لا صلاة فاضلة كاملة دون أن يكون المراد به رفع جوازها وكذلك الخبر الذي رواه: الحسين بن سعيد عن الحسين بن عبد الملك الأحول عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من لم يقرأ في الجمعة بالجمعة والمنافقين فلا جمعة له. فإنه يحتمل ما ذكرناه من نفي الكمال أو ما ذكرناه من بطلان الصلاة إذا اعتقد انه ليس في قرائتهما فضل، والذي يدل على أن قراءة هاتين السورتين ليس بفريضة تفسد بتركها الصلاة ما رواه: الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن حريز وربعي رفعاه إلى أبي جعفر عليه السلام قال: إذا كان ليلة الجمعة يستحب أن يقرأ في العتمة سورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون، وفي صلاة الصبح مثل ذلك، وفي صلاة الجمعة مثل ذلك، وفي صلاة العصر مثل ذلك.
وروى محمد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسن عن أخيه الحسين بن علي بن يقطين عن أبيه قال سألت أبا الحسن الأول عليه السلام: عن الرجل يقرأ في صلاة الجمعة بغير سورة الجمعة متعمدا؟ قال: لا بأس بذلك.
وروى أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سهل الأشعري عن أبيه قال سألت أبا الحسن عليه السلام: عن الرجل يقرأ في صلاة الجمعة بغير سورة الجمعة متعمدا قال: لا بأس بذلك. (انتهى)
مثال 2: عن هشام بن الحكم عن الصادق عليه السلام (لا صلاة لحاقنٍ ولا لحاقنةٍ وهو بمنزلة من هو في ثوبه). -يعني المحصور والمحصورة بالبول-.
وكذا عن إسحاق بن عمار قال سمعت أبا عبد الله يقول: “لا صلاة لحاقنٍ ولا لحاقبٍ ولا لحازقٍ، فالحاقن الذي به بالبول، والحاقب الذي به الغائط، والحازق الذي به ضغطة الخف”.
والدليل على أنه نفي إدعائي فهو الإجماع.
- هل قوله عليه السلام (لا تقية) نفي حقيقي أم إدعائي؟
- إن قلنا أنه نفي حقيقي فيكون الحكم أنه إذا بلغت التقية الدم فينتفي وجود التقية.
أما إذا قلنا أنه نفي إدعائي فيكون الحكم هاهنا جواز التقية في مثل هذا الظرف، غاية ما هنالك أنه ليس على الكمال ومعنى ذلك تأسيس حكم خطير وهو جواز أن يتقي الإنسان بقتل إنسان محترم آخر!
* الآراء والنتائج التي يُنتهى إليها في هذا الدرس هي في مقام البحث العلمي فقط ولا يجوز العمل بها إن لم تطابق فتوى المرجع.