سلَّط سماحة الشيخ الحبيب الضوء على الكارثة التي أدت إلى خسارة الأحساء والقطيف واستيلاء عصابة ابن سعود عليهما قبل مئة عام، حيث عزا ذلك لعدة أسباب أهمها انهيار العامل النفسي والذي بسببه سقطت أفغانستان -هذه الأيام- لتستولي عليها حركة طالبان البكرية الإرهابية.
جاء ذلك في محاضرة الليلة السابعة من الليالي الحسينية لسنة 1442 - 2021 والتي كانت بعنوان “أن تورّث النصر بالموت! هكذا منطق العباس عليه السلام!“ في مسجد السبط الثالث المحسِّن الشهيد عليه السلام في أرض فدك الصغرى.
وفي مستهل حديثه ذكَّر سماحته بالتحذير الذي أطلقه قبل أشهر قليلة من وقوع هذه الكارثة في أفغانستان وعودة الحركة البكرية الإرهابية الناصبية المسماة بطالبان لحكم أفغانستان من جديد.
وبيَّن أن ذلك يعني توقع عودة كل تلك الممارسات الإرهابية والوحشية خاصة في حق شيعة أهل البيت المظلومين المستضعفين، وعودة أفغانستان لتكون بؤرة مصدِّرة للإرهاب العالمي.
وعرض الشيخ الحبيب هذه الصفحات المؤلمة من تاريخ الشيعة على طاولة النقد والتي وقعت قبل مئة سنة ونيِّف يوم استولت عصابة عبد العزيز بن سعود الوهابية على بلادنا الشيعية في الأحساء والقطيف، والذي تم بسبب عامل الانهيار النفسي لدى أهالي المنطقتين، وهو نفس السبب الذي تم في أفغانستان وسقوط مناطقها بأيدي طالبان البكرية!
- كيف استولت عصابة آل سعود على الأحساء والقطيف؟
وأشار سماحته إلى أن عبد العزيز بن سعود قد حاصر وسيطر على الأحساء بثلاثمائة رجل فقط، وذلك بعد أن راسل زعماء الشيعة وعلماءها -ومنهم موسى بوخمسين- طالبا منهم الاستسلام والضغط على الأتراك لتسليم الأحساء لسلطته، وكان قد بث الذعر في أوساطهم بأنه قادم بجيش جرار، مما تسبب في انهيار زعماء الشيعة واستسلامهم لابن سعود! (المملكة من الداخل لروبرت ليسي -سيطرة عبد العزيز بن سعود على الأحساء سنة 1331 هـ - 1913 م)
وعن سيطرة ابن سعود على القطيف قال الشيخ الحبيب أن كتب التواريخ أشارت إلى أنه سيطر عليها بعشرة عناصر فقط! بعد أن استفادت هذه العصابة الوهابية من زخم السيطرة على الأحساء والذي أثر على نفوس أهالي القطيف وزعمائها.
وأضاف سماحته أن علماء القطيف انقسموا إلى فريقين، الفريق الأول كان مستسلما ومنهزما نفسيا وكان يتقدمهم الشيخ علي بن حسن الخنيزي، والفريق الآخر كان مصرا على الجهاد والمقاومة ومحذرا من ابن سعود -الذي أرسل ضمانات إلى علماء القطيف بعدم المساس بمذهبهم وشعائرهم-، وكان يتزعمه العلامة الشيخ حسن علي البدر، إلا أنه لم يكن يجد آذانا صاغية لتحذيراتهم.
ورأى سماحته أن من أخطر الأمور التي تسبب الكوارث هي الانهيارات النفسية والذعر والخوف وهذا الذي جرى في الأحساء والقطيف سابقا، وفي أفغانستان اليوم!
ونبَّه الشيخ الحبيب إلى مسألة مهمة وهي أن من يقاتل من أجل المال لا ينتصر على من يقاتل لأجل العقيدة -حتى وإن كانت العقيدة باطلة-.
وأشار إلى أن ما جرى في الأحساء والقطيف وفي أفغانستان مصداق جلي لما جاء عن أمير المؤمنين عليه السلام من أقوال منها: “من هاب خاب”، و”قرنت الهيبة بالخيبة” و”غلب المتخاذلون”.
وعزا سماحته إلى أن ما حدث في أفغانستان يعود إلى استسلام زعماء وعلماء الأحساء والقطيف الذين سلموا بلدانهما الغنيتين بالثروات الطبيعية كالنفط إلى عصابة ابن سعود، والذين نشروا بدورهم فكرهم الوهابي الإرهابي إلى أصقاع العالم بأموال الشيعة!
وأشار الشيخ إلى أن المطلوب منا كيلا تتكرر مثل هذه الكوارث مجموعة أمور؛ قوامها الثقة بالنفس التي لا تنفك عن الثقة بالله تبارك وتعالى، فإن المرء إذا أطاع الله جل وعلا أهاب الله منه كل شيء، والتخلق بأخلاق الأئمة عليهم السلام بنزع الخوف من القلوب، والأمر الآخر الصبر والثبات وعدم التذمر والتململ.
وخلص سماحته إلى أن الذي يمكنه أن يخلِّص العالم من الإرهاب هم نحن الشيعة فقط لأننا نقاتل عن عقيدة ولا نبالي، ونتقرب إلى الله في إزالة وجود هذه الشراذم الإرهابية، داعيا في نفس الوقت إلى تكوين قوة شيعية عابرة للحدود للقضاء على الإرهاب أينما وجد.
واختتم سماحة الشيخ الحبيب كلامه بما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام قوله: “من أراد عزا بلا عشيرة، وهيبة بلا سلطان، وغنىً من غير مال، وطاعة من غير بذل، فليتحول من ذل معصية الله إلى عز طاعته فإنه يجد ذلك كله”، موصيا المؤمنين أن يتخلَّقوا بهذا الخلق كي تهابهم الخصوم ويقع النصر على أيديهم.