30 صفر الأحزان 1443
في ذكرى استشهاد الإمام الثامن من أئمة أهل البيت الطاهرين أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام، نتذكر تلك الرواية العظيمة التي كشفها لنا الشيخ الحبيب في بعض محاضراته، والتي قال أنها وردت بطريق معتبر في رجال الشيخ الكشي قدس سره.
تلك الرواية فيها أن جماعة من أصحاب الأئمة المتكلمين، أي المشتغلين بعلم الكلام، علم العقيدة والنظر والمناظرة، دخلوا على الإمام الرضا (عليه السلام) واشتكوا له من أن البعض يرميهم بالزندقة، فدعاهم الإمام إلى أن لا يهتموا بذلك.
وقالوا له: «والله ما نقول إلا ما يقول آباؤك عليهم السلام، وعندنا كتاب سمّيناه كتاب الجامع فيه جميع ما يتكلم الناس فيه عن آبائك عليهم السلام، وإنما نتكلم عليه».
هنا أقبل عليهم الإمام الرضا عليه السلام وقال تلك الكلمة الرائعة: «فإذا كنتم لا تتكلمون بكلام آبائي عليهم السلام، فبكلام أبي بكر وعمر تريدون أن تتكلموا؟!».
أي أنكم من حيث كونكم شيعة مؤمنين رافضة، فمن البديهي أن علم الكلام الذي تتكلمون به هو كلام أئمة الهدى من آل الرسول (عليهم الصلاة والسلام) لا بكلام أئمة الكفر والنفاق أبي بكر وعمر (عليهما اللعنة والعذاب).
هذا الحديث العظيم يكشف لنا أن الأئمة (عليهم الصلاة والسلام) كانوا يعتبرون أبا بكر وعمر وما جاء عنهما وعن أتباعهما من الضلال المبين، وكانوا يصرّحون بأسمائهم ويثلبونهم، وأن خط أولئك الكلامي أو العقدي يتعارض مع خط وعقيدة وكلام محمد وآل محمد (عليهم الصلاة والسلام).
فاليوم إذا وجدنا شخصا يدعي التشيع، وهو في نفس الوقت يتكلم بكلام أبي بكر وعمر، يدافع عنهما، أو يأخذ بما جاء عنهما وعن خطهما الفاسد من مفاهيم ويروجها باسم التشيع المقدس، فلا شك أنه بعيد تمام البعد عن خط وكلام الأئمة الأطهار (عليهم الصلاة والسلام)، وأنه مجرد واحد من هؤلاء المدعين المنتحلين للتشيع، وما أكثرهم قديما وحديثا.
عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى استشهاد زعيم المتكلمين بالحق في زمانه، أنيس النفوس وشمس الشموس المدفون بأرض طوس (صلوات الله وسلامه عليه).