قد يورد على قولنا أنّا التزمنا بكون (لا) في الرواية نافية وحينئذ ينتفي الحكم بنفي موضوعه وإذ لا حكم فيرجح إلى الأدلة الأولية وإطلاقات حرمة دم المؤمن وهي من حيث كونها أولية وإطلاقات فإنها تخضع للتزاحم والأهم والمهم. حيث يدور الأمر بين ارتكاب محرمين وهما قتل النفس المحترمة وتعريض النفس للهلاك، فيكون المجرى هو التخيير وتقديم الأهم على المهم إذ لا حكم وبذا يترجح قول المجدد الثاني والمرجع الخوئي دون قولنا الموافق للمشهور - أي إطلاق الحرمة -.
والجواب: أنه يكفي في المقام تعليلهما عليهما السلام القائل "ليحقن بها الدم" لتقييد إطلاق وجوب حفظ النفس ذلك لأن هذا التعليل دالٌ على أن إرادة الشارع من تشريع التقية إنما هو لأجل حقن الدم فإذا كان العمل بها مفضيا إلى العكس فلا تقية، وعليه فالمريد حفظ نفسه امتثالا لإطلاق الأمر بوجوب ذلك له أن يمضي فيه إلى هذا الحد الذي يقيد ذلك الإطلاق إذ لا يرخص الشارع له التذرع بالتقية لتجاوزه، فتكون النتيجة أن حفظ نفسه لا إطلاق له وأما حفظ نفس الغير (المحترم) فباقٍ على الإطلاق فيتعين فلا تزاحم في البين ولا يتعادل المقيد مع المطلق ولا يقاومه.. وهذه النتيجة مع القول بكون (لا نافية) أي أنها غير مجعولة في هذا المورد لأنها من قبيل انتفاء الحكم بنفي موضوعه وأما مع القول بأنها ناهية من قبيل قوله تعالى (فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) فنتيجته إطلاق الحرمة أوضح.
* الآراء والنتائج التي يُنتهى إليها في هذا الدرس هي في مقام البحث العلمي فقط ولا يجوز العمل بها إن لم تطابق فتوى المرجع.