واختار صاحب الحدائق أن لفظ الدم مجملٌ منتهيًا إلى أن الحكم مشكل. فقال: “لاحتمال حمل الدم على ظاهره الشامل للجرح واحتمال إرادة القتل خاصة، فإنه مما يعبر عنه بهذه العبارة غالبا وبالجملة فالمسألة (..) محل إشكال، والله العالم.
وعلى هذا:
- إما أن نقول أنه في خصوص الدم الذي يبقي الروح>
- وإما أن يقال أن الدم هنا له إطلاق فيشمل الجرح وقطع الأعضاء.
قلنا هذا القول أن الدم على إطلاقٍ يشمل الجرح أيضًا مردود عندنا لتبادر معنى القتل خاصة من تعبير حقن الدن عند أهل اللغة ومنهم الشارع الذي هو رئيسهم. وتراهم مستعملا في هذا المعنى في كلامهم عليهم السلام كما عن أمير المؤمنين عليه السلام (ويلك يابن قيس المؤمن يموت بكل موتةٍ غير أنه لا يقتل نفسه فمن قدر على حقن دمه ثم خلَّى بينه وبين قاتله فهو قاتل نفسه).
وما عن السجاد صلوات الله عليه (الأسير إذا أسلم فقد حقن دمه وصار فيئا).
وما عن الصادق صلوات الله عليه (إن الزكاة ليس يحمد بها صاحبها إنما هو شيء ظاهر، إنما حقن الله بها دمه وسمي بها مسلما).
وما عنه صلوات الله عليه في جوابه للنجاشي الذي ابتلي بولاية الأهواز قال: (واعلم أن خلاصك مما بك من حقن الدماء وكف الأذى عن أولياء الله والرفق بالرعية والتأسي وحسن المعاشرة مع لين في غير ضعف وشدة في غير عنف ومداراة صاحبك ومن يرد عليك من رسله)، وهذا الأخير ظاهر في التغاير بين حقن الدماء وكف الأذى بواو العاطفة فيكون معنى الأول متعينًا في تجنب سفك الدم - أي القتل - والآخر فيما دونه من تجنب الإيذاء كالجرح.
* الآراء والنتائج التي يُنتهى إليها في هذا الدرس هي في مقام البحث العلمي فقط ولا يجوز العمل بها إن لم تطابق فتوى المرجع.