اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
القول مني في جميع الاشياء قول آل محمد عليهم السلام فيما اسروا وما اعلنوا وفي مابلغني عنهم ومالم يبلغني,الحمد لله رب العالمين وافضل الصلاة وازكى السلام على المبعوث رحمة للخلائق اجمين سيدنا المصطفى محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على قتلتهم وظالميهم وجاحدي أمامتهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم أجمعين من الآن الى قيام يوم الدين .. آمين .
{الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والأنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحلّل لهم الطيبات ويحرّم عليهم الخبائث ويضع عنهم أصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه اولئك هم المفلحون}. إن هذه الاية الكريمة من اروع آيات القرآن الحكيم وكل ايات القرآن رائعه انها ترسم لنا معالم الحركة النبوية الخاتمه ,تلك الحركه التي بشر بها الانبياء السابقون (على نبينا و آله و عليهم السلام) وجعلوا الامم تترقبها كما تترقب الشمس حينما يبزغ نورها ليشق الظلام ,لأنه الرسول الامي أي المكي الذي يشعّ اسمه صريحا في التوراة والانجيل -غير المحرّفتين- وهو الرسول الذي تكون معالم حركته بحسب مابشرت به تلك الكتب المقدسه ثلاثة معالم:
1- أنه يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر فكل مافيه ارتقائهم وتكاملهم يكون هذا الرسول دائم الدعوة له امرا ونهيا ترغيبا وترهيبا ,حتى يعالج المرضى من حوله ,غير منتظر لأن يأتوه بل يأتيهم هو ويدور عليهم كما وصفه أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) بقوله: "طبيب دوّار بطبّه" (صلوات الله عليه واله) هذا أولا.
2- أنّه يحلّل لهم الطيبات ويحرّم عليهم الخبائث ,فيّطيب بذلك نفوسهم وارواحهم وعقولهم وابدانهم حتى يبيّن لهم أي غذاء يطلبون سواءا كان غذاء للنفس او الروح او العقل او البدن حتى يتجنبون الغذاء الخبيث والدواخل الخبيثه التي تخبث نفوسهم وارواحهم وعقولهم وابدانهم ,ومن تلك الطيبات ولعله رأسها أخذ العلم من اهله ومن تلك الخبائث ولعله ايضا رأسها أخذ العلم من قول من خالف كما جاء في الحديث الشريف عن الامام الباقر (صلوات الله عليه) هذا ثانيا.
3- أنّه يضع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم ,الاصر هو الثقل الذي يأصر صاحبه -أي يحبسه عن الحركه بسبب ثقله- كما تؤصر السفيه حينما تضع اثقالها في قاع البحر. أمّا الاغلال فهي جمع غل وهي القيود التي يغل بها المرء في رقبته في يده كسلاسل من حديد مثلا, تجعله ذليلا اسيرا سجينا هذه الآصار والاغلال التي جاء هذا الرسول الخاتم (صلوات الله عليه واله) لفكّها ووضعها عن ظهور واعناق الناس حتى يجعلهم احرارا يعيشون الحريه ,يتنفسون هواء الحريه والحريه هي أن تكون عبدا لله وحده لا لغيره كما قال أمير البلاغة (عليه الصلاة السلام):"لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا". سواءا كان ذلك الغير شيطانا ام ووثنا ام سلطانا ام حكومة ام حزبا ام دنيا ام شهوتا ام غير ذلك ,الحريه هي أن تعبد الله وتكون عبد له وحده لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا.
الحريه هي أن تكون مسقوفاً بقوانين السماء لا الارض كما انك حين تمشي تكون مسقوفاً بالسماء لا الارض ,وإلا إذا كنت تمشي ببدنك هكذا ولكنك تمشي بسلوكك بالعكس بأن تمضي على قوانين الارض الوضعيه الجاهليه فتأثر قوانين الارض على قوانين السماء فأنت بهذا تكون مسقوفاً بالارض لا بالسماء ,تجعل الارض سقفاً على رأسك كمن يمشي منكوساً على رأسه مكباً على وجهه {أمن يمشي مكباً على وجهه أهدى أمّن يمشي سويا على صراط مستقيم}.
لاتخشى الغربه لتكون سيداً في الدنيا والآخرة
لا عليك إن كان غيرك منكوسا هكذا لا عليك إن كانت الاكثرية تمضي هكذا كن أنت حرا وأن استلزم ذلك أن تكون غريبا سط هذا الخلق الملبوس. لقد قال سيدنا ومولانا باقر علوم النبيين (صلوات الله عليه):{المؤمن في هذه الدنيا غريب حتى يخرج من هذه الدار الى الآخرة} ,في هذا الخلق المنكوس غريبا في هذا الخلق المنكوس حتى يخرج من هذه الدار الى الآخرة.
الذين يؤمنون بهذه الحرية التي جاء بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بشر بها الانبياء (على نبينا وآله وعليهم السلام) ,الذين يؤمنون بهذه الحريه فبايعوا النبي (صلى الله عليه واله) و آزروه أي عضدوه وعزروه أي عظموه ونصروه ببذل المهج دونه وآمنوا بالنور الذي أنزل معه وهو علي والأئمة من ولده (عليهم الصلاة والسلام) كما جاء في الاحاديث الشريفه. هؤلاء هم الاحرار هم المفلحون يفلحون في الدنيا والآخره يكونون احرار في الدنيا والآخره يكونون سادة في الدنيا والاخره هل نحن كذلك؟
أحسب أكثرنا غافلين غير مستشعرين أن السيادة لغيرنا وأن العلو لغيرنا ومانحن بوسط خضم الامم بشيء كيف لا ؟ ولا تزال مقدساتنا مدمرة محتلة كما في البقيع مثلا, كيف لا؟ ونحن لا نزال نقتل ونعذب ونضطهد ونستباح كيف لا؟ ونحن لا نملك أزمة الأمور في بلادنا ويسودنا غيرنا كيف لا؟ وكيف وكيف... لا أضن أني بحاجة لأعدد صور واقعنا الأليم, وأكثر مايألم فيه أننا استمرئناه وهضمناه وتكيفنا معه حتى صار لنا هذا الواقع عاديا لا نتطلع الى تغييره ,بل إذا دعى احد منا الى تغييره رمقته نظرات الاستهجام وسلقته ألسنة الحداد وكأنه يدعو الى تبديل الفطرة مثلا.
نحن نستعذب الذل والمهانه!!!
مالذي جعلنا نستعذب العذاب والهوان؟انها تلك الآصار والاغلال التي قيّدنا بها انفسنا وحرمنا بها انفسنا من الحرية والسياده اثقالا من الماضي وورثناها بغلّة ,عن انها ليست بواجبة ولا محتومة علينا ,بل ورثناها إما لقصور او تقصير ممن سلف وهانحن بدلا من أن نزيحها عن طريق استعلائنا ونهضتنا كما دلّت عليه تعاليم نبينا وأئمتنا (عليهم الصلاة والسلام ) ,فإننا بدلا من ذلك نورثها لمن يخلفنا ويبقى هذا الانسان الشيعي بد الدهر مغلولا مأصورا مظلوما مغبونا محروما من حقوقه ,يُداس على كرامته ,ويطلب منه مع ذلك أن يفرح ويبتهج. كلّا بيني وبين الله (تعالى) لا أجد نفسي مفروغ الذمة لأن اقبل في بقاء الانسان الشيعي سجينا بأفكار ومفاهيم مغلوطه ما انزل الله بها من سلطان ,فتتعطل طاقاته الجبار و تتبدد في مالا طائل من وراءه فتضيع هذه الفرصة الحضارية العظيمه التي إن انتهزتها الامة الشيعيه لاستعادت السيادة على هذا العالم ,ولقربت حتما من اليوم الموعود حيث يظهر مهدي آل محمد (صلوات الله عليهم), ليقيم دولة الحق والعدل وليملئ الدنيا قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا.
الانسان الشيعي يقترب لأن يكون لايعلو عليه أحد
ألا ليت قومي يعلمون ليتهم يعلمون اننا على مقربة من عالم يكون فيه الانسان الشيعي سيّد نفسه حرا مقتدرا عزيزا لا يعلو عليه احد. اننا على مقربة من هذا العالم لماذا؟ لأن مفاتيح تكوّنه بأيدينا قد جائت بها تعاليم أئمتنا (عليهم السلام). نحن على مقربة منه ,لأنه مضاف الى ذلك هذا العالم الحالي يعيش مخاضا رائعا تندك فيه الحضارات بعضها ببعض وتتطاحن فيه القوى وتموج فيه التيارات ومع ذا هو مخاض رائع لانه لا محال سيفضي الى عالم جديد يخضع فيه الجميع للأقوى والأعز والأعلى كما هو الحال من كل مرحلة. دكاك حضاري من مراحل التاريخ الانساني وإذا ادركنا اننا الأقوى والأعز والأعلى ,او قُل إذا اكتشفنا حقيقة ماينطوي عليه تراثنا الحضاري من هذه المقومات التي تؤدي الى ذلك ,المقومات المؤدّيه الى أن نكون الأقوى والأعز والأعلى.
اذا اكتشفنا حقيقة مانمتلكه من موارد هائله وطاقات جباره ,اذا ادركنا ذلك واكتشفنا ذلك ثم دخلنا هذا المخاض الحضاري بطموح وعزم وثبات ,فإن النتيجه لا محاله ستكون لصالحنا إن لم نغدو بعيد انتهاء المخاض القوة الاولى فلا اقل من أن نحجز لأنفسنا مقعدا وسط القوى الكبرى وبين السادة الكبار في هذا العالم ,ثم إذا مضينا على المنهجية الاستعلاوية النهضويه ذاتها فلن نلبث حتى نغدو القوة الاولى المهيمنة على هذا العالم ويتوج ذلك حتما بظهور سيد هذا العالم بل العوالم مولانا صاحب الزمان الحجة بن الحسن (صلوات الله وسلامه عليهما وعجل الله فرجه الشريف).
إنّ هذا ايها الاخوه ليس حلما خياليا وإن كان من حق الانسان الشيعي أن يحلم على الاقل ,كم مِن حالماً تحقق حلمه ودوننا ذلك اليهودي تيودور هيتزل الذي عاش ذليلا حقيرا لكنه يحلم يوما ما بدولة يهودية تتحكم في العالم ,كان يحلم أن يتحرر قومه من الذل والاستعباد والاستحقار الذي ضرب عليهم الاف السنين وأن يجتمعوا بعد الشتات ويصبحوا سادت العالم ,كان يحلم فتحقق حلمه وإن مات قبل ذلك اكرر إنّ هذا الذي نقوله ليس حلما وليس تنظيرا خياليا لأنه رأيه فهي تعتمد على ماوعد الله المؤمنين أن يكون هم الاعلون قال (سبحانه وتعالى): {ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الاعلون أن كنتم مؤمنين}.
مهما حاولت جبهات الكفر والخلاف والضلاله في منع التفوق الحضاري الشيعي ,مهما جهد اعدائنا بمحاربتنا بكل حيلهم فأنهم لم يفلحوا سيكون النصر حليفنا حتما لأننا الاعلون انظروا حينما خاض النبي العظيم موسى بن عمران (على نبينّا وآله وعليهم الصلاة والسلام) حينما خاض التحدي مع الجبهات المناوءة له ,حينما القى السحرة حبالهم وعصيهم فخُيّل للناس انها تسعى ,هنا جاء الوعد الالهي لموسى (على نبيّنا وآله وعليه الصلاة والسلام) {قلنا لاتخف انك انت الاعلى}. هذا وعد الهى لموسى (على نبيّنا وآله وعليه الصلاة والسلام ) وعد الهي بماذا؟ بالنصر ,بالتفوق ,لأنّه الاعلى بمثل هذا الخطاب الذي خاطب الله به موسى (على نبيّنا وآله وعليه الصلاة والسلام) بمثل هذا الخطاب خاطبنا الله (تعالى) حين قال {ولاتهنوا ولا تحزنوا وانتم المؤمنين} لموسى قال {قلنا لاتخف انك انت الاعلى} ولنا قال {ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الاعلون ان كنتم مؤمنين} ,إذاً هذا وعد من الله (تعالى) لنا بالنصر والتفوق وأن نكون الاعلى ,ولكن بشرط ان نكون مؤمنين {ان كنتم مؤمنين} مؤمنين حقيقين المؤمنون إذا عملوا بأيمانهم لن يعلو عليهم احد حتى في الدنيا لن يكون لاحد عليهم سبيلا هكذا قال الله (تعالى) {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا}.
المؤمنون إذا عملوا بأيمانهم ستكون العزة لهم والقوة العظمى لهم مصداقا لما بشر به (سبحانه) حيث قال {ولله العزه ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لايعلمون} ,إذاً إنّ تطلعاتنا حول أن نغدو الامة المهيمنة على الامم في مرحلة الاندكاك الحضاري الذي نعيشها ,هذه التطلعات هي تطلعات معقوله مشروعه لا خياليه ,غاية ماهنالك انه يجب علينا أن نعمل بايماننا لا أن نحتفظ به في قلوبنا فقط فإيمان بلا عمل ليس بإيمان ,كم نحن غافلون عن اننا بامكاننا أن نعلو نهيمن وأن نمتلك السيادة العظمى على هذا العالم ,كم نحن غافلون عمّا نمتلكه من منهاج نبوي معصومي عظيم إذا طبقناه يتحقق لنا ذلك.
إن طلب العلو والهيمنه هو من صلب مايدعو اليه ديننا ,لا ينبغى أن يكون هنالك دين آخر على وجه الارض يعلو على ديننا ,لا ينبغي أن تكون هنالك حضارة اخرى على وجه الارض تعلو على حضارتنا ,لا ينبغي أن يتحكم بنا احد بل يجب أن نكون نحن الاحرار نحن الاسياد نحن الذين نفرض على هذا العالم قوانيننا لا نفرضها بالقوة الإكراهيه انما نفرضها بالقوة الحضاريه ,تماما كما نرى إن قوانين الحضارة الغربيه بشكل عام هي السائده علينا وعلى جميع الامم. اليوم وإن كان كثير من تلك القوانين قد فرض بالقوة الاكراهيه إلا انه قسم ملحوظ منها خاصة في هذه العقود الاخيره قد جاء بالقوة الحضاريه ,فُرض بالقوة الحضاريه اعني أنّ الغرب ابهر بتقدمه وتروقه الحضاري بقية الشعوب فانساقت من حيث تشعر او من حيث لا تشعر ,من حيث ثقافته العامه بما فيها تلك الثقافه من افكار وسلوكيات وانماط معيشه صحيّة كانت ام مَرَضِيّه.
منساقون الى أقذر الحضارات في العالم...
كم هو مؤلم أن نرى انفسنا نحن شيعة آل محمد (عليهم السلام) منساقين ايضا لا الى تلك الحضارة الغربيه فقط بل الى حضارات هي ادنى وادنى والى ثقافات هي اخس واخس كالثقافة البكرية. مثلا حين ترى من المفترض به أن يكون ممثلا للحضارة الشيعيه يتكلم من تحت هذه العمامه بمنطق بكري ,بل يفكر بمنطق بكري ويخشى من الأقلّيّه وينهزم بل ينبطح امامهم ,حينما ترى ذلك فعليك حين إذْ أن تقرأ على الشيعة والتشيع السلام. قد ذهب هؤلئك الشيعة الابرار الذين ماكانوا يقبلوا أنّ أحد يستطيل عليهم قد مضى اولئك الشجعان الذين بلغ بهم الايمان مبلغ أن يتصدوا لكل مناوء ويصكوا بالحق جبهته ,وإن كان سلطانا جائرا. نعم رحمة الله على هولئك العظماء الذين كانوا يطبّقون القاعدة الفقهيّة العظيمه القاعدة الذهبيه قاعدة العزة والكرمة والهيمنه تلك القاعدة التي جاء بها رسول الله (صلى الله عليه واله) حين قال {الاسلام يعلو ولا يعلى عليه}. من منّا التفت الى هذه القاعدة العظيمه وأجراها على حياته العمليه ,واولئك الذين قد يكونون ممن التفت اليها كطلبة العلم والمشتغلين بتحصيل العلم في الحوزات العلميه هل نظروا الى هذه القاعده بعين السعة والشمول؟ ام ابقوها حبيسة التطبيقات المحدوده في بعض الاحكام والفتاوى المتداوله بينهم؟ او على الأقل هل ادركوا مغزى هذه القاعده ونقّحوا مناطها الذي يعم سائر الحياة العمليه للإنسان المؤمن؟
اكون مبالغا إذا قلت إنّ اكثريتنا التفتت الى هذه القاعده اصلا فضلا عن ادراك مغزاها وادراكها جيداً؟ نعم إنّ الفقهاء يذكرون هذه القاعده ويفرّعون منها عشرات المسائل والاحكام الفقهيه ,لكن يبقى إنّ المشتغلين بالتحصيل يمرّون عليها ويتذوقونها بغير تلقف للثمر...
إنّهم حين يسألون مثلا عن امرأة مسلمة هل يجوز أن ينكحها كافر؟ يقولون كلا لأن الاسلام يعلو ولا يعلى عليه والمرأة المسلمه تعلو ولا يجوز أن يعلوها الكافر ,انهم حين يسالون عن امرأة اسلمت دون زوجها الكافر مالحكم هاهنا؟ يقولون لاسبيل له عليها لأنّ الله لم يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا ,والاسلام يعلو ولا يعلى عليه ,فهذه المرأة تنفصل عن زوجها مادام باقيا على كفره وتبيّن منه بعد العده.
إنّهم حين يسألون عن عبدا كافرا اسلم هل تبقى ولاية سيده الكافر عليه؟ يقولون كلا لأن الاسلام يعلو ولا يعلى عليه فهذا العبد منذ أن اسلم يكون في حكم الحر لاتبقى سيادة الكافر عليه ,لأنه هذا العبد اصبح اعلى بأسلامه.
إنّهم حين يسألون انه هل يجوز للحاكم نصب والي كافر على المسلمين؟ يقولون كلا إنّ الاسلام يعلو ولا يعلى عليه فلا يتأمرنّ كافرا على مسلم.
إنّهم حين يسألون مات مسلم وله ولد كافر فإنه هل يرث منه هذا الاب المسلم هل يرث منه الولد الكافر؟ يقولون كلا ويجيبون بجواب الامام الباقر (عليه الصلاة و السلام):{ان الله (عز وجل) لم يزدنا بالاسلام الا عزا} فنحن نرثهم ولا يرثونا.
ما الغاية من القاعدة الفقهيّة "الاسلام يعلو ولا يعلى عليه".
أنهم هؤلاء الطلبه هؤلاء المنشغلين بالتحصيل حين يُسألون هل لكافر أن يستطيل بنائه على مسلم- يستطيل بنائه العمراني على المسلم-؟ يقولون كلا الاسلام يعلو المسلم ,اعز المسلم اعلى ,كل هذه الاحكام ونظائرها ترجع الى هذه القاعده قاعدة الاسلام يعلو وهذه هي مصاديقها المتداوله تجدونها في كتب الفقه والاحكام ,ولكن وهذا هو الأهم مامغزى هذه القاعده ,ماهو هدفها ,مالحكمة من ورائها ,مالغاية منها؟
إن مغزاها نفي كل مامن شأنه علو غير المسلم على المسلم فلا حكم في الشريعة يبيح ذلك ,فهذا هو الهدف من وراء هذه القاعده وهو تحقيق علو المسلم على غيره ,تحقيق التفوق الاسلامي ,الهيمنه الاسلاميه ,السياده الاسلاميه فلا شيء يعلو على الاسلام مطلقا ,وإن كان في مرحلة من المراحل كالمرحلة التاريخيه التي نعيشها الآن ثمة تفوق وهيمنة لغير الاسلام فهذا يتطلب من المسلمين أن يستنفروا طاقاتهم وجهودهم لتصحيح هذا الاختلاف.
المسلم الحقيقي لايقبل أن يُعلى عليه
المسلم الحق لا يخضع لغيره ولا يقبل بأن يعلو عليه غيره ,المسلم الحق لا يقبل الحضارات الارضيه تعلو على حضارة السماء لا يترك الحضارات الفاسده الرجعيه المريضه تعلو على حضارة الاسلام الانسانية المثلى. إذاً ليست قاعدة الاسلام يعلو منحصرة التطبيق في تلك الاحكام الفرعيه المتداوله في المتون الفقهيه ,بل هي تعم سائر مجالات الحياة ولها آفاق تطبيقيه ارحب واوسع انها في الواقع تدخل في كل مجال ,في كل ميدان ,في الاقتصاد مثلا يجب أن نكون نحن المسيطرين على الاقتصاد العالمي ,في الاجتماع كذلك ,في السياسه كذلك ,في التكنولوجيا كذلك يجب أن نكون نحن المتفوقين نحن المهيمنين نحن المتفوقين دائما ,ومسؤولية كل فرد منا هو الإسهام في تحقيق هذا التفوق الحضاري الشامل ,لأنه نداء رسول الله (صلى الله عليه واله) {الاسلام يعلو ولا يعلى عليه} ,وهو نداء الله (جلّ وعلا) الذي جعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا الله ,الذي وعد بأن يُظهر دينه على الدين كلّه هيمنه ولو كره المشركون.
كم هو رائع إذاً أن نلتفت الى تطبيق هذه القاعدة العظيمه بهذه الشموليه بهذا الاتساع ,وكم هو رائع أن نمتلك الثقة في النفس والاستعداد النفسي للتحدي الحضاري الكبير وأن نخطو بإتّجاه تفوقنا الحضاري على جميع الامم.
اننا يجب ان نؤمن بذلك ,يجب ان نؤمن من اعماق قلوبنا بأننا نحن الاعلى يجب أن نلهج دوما بهذه الآية الكريمة {ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الاعلون ان كنتم مؤمنين} فيا أيها المؤمنون ياشيعة علي انتم الأعلون انتم الأعلون.
إنكم شيعة علي ,علي من العلو الذي لا اعلى منه ,علي هذا الذي لا اعلى منه إلّا الله (تبارك وتعالى) ورسوله الخاتم (صلوات الله عليه واله) ,وانتم شيعة علي الذين لا اعلى منكم في الاسلام ,انتم الذين لا اعز منكم في الاسلام ,انتم قمة القمم في الاسلام ,انما الاسلام يعلو بكم ولا يُعلى عليه ,اعرفوا قدر انفسكم اعرفوا قدر انفسكم قال امامنا الصادق (صلوات الله عليه):{الا وان لكل شيء عزا وعز الاسلام الشيعه ألا ان لكل شيء دعامه ودعامة الاسلام الشيعه ألا ان لكل شي ذروه وذروة الاسلام الشيعه ألا ان لكل شيء شرفا وشرف الاسلام الشيعه ألا ان لكل شيء سيدا وسيد المجالس مجالس الشيعه]او مجلس الشيعه[ ألا ان لكل شيء اماما وامام الارض ارض تسكنه الشيعه ]او ارض تسكنها الشيعه[}.
يقول امامنا الصادق (صلوات الله وسلامه عليه): {والله لولا مافي الأرض منكم ما رأيت بعين عشبا ابدا والله ]وهذه كلمة قويه[ والله لولا مافي الارض منكم ما انعم الله على اهل خلافكم ولا اصابوا مالهم في الدنيا ولا لهم في الاخرة من نصيب} ,كل ناصب وان تعبد واجتهد منسوب الى هذه الآيه {عاملة ناصبيه تصلى نارا حاميه} فكل ناصب مجتهد فعمله هباء.
نحن ذروة الاسلام واصحاب الفضل حتى على مخالفينا...
دعونا نتأمل قليلا في معاني كلام امامنا انه بعدما يأكد اننا نحن الشيعه عز الاسلام ودعامة الاسلام يقول {الا وان لكل شيء ذروة وذروة الاسلام الشيعه الا ان لكل شيء شرفا وشرف الاسلام الشيعه} مالذروه ومالشرف؟ ذروة الشيء اشرف مواضعه واعلاها والشرف هو العلو والمكان العالي فعلى هذا نحن بنص صادق ال محمد (صلوات الله عليهم) نحن اعلى المسلمين واشرف المسلمين ,نحن ذروة الاسلام وشرف الاسلام ,فنحن اعلى المسلمين ,اشرف المسلمين ,نحن الساده ,نحن الأعلون ,نحن اصحاب الفضل حتى على مخالفينا ,نحن اصحاب الفضل حتى على مخالفينا ,فلولا وجودنا نحن ما انعم الله عليهم بشيء مما يحصلون عليه في دنياهم. إنه (عليه الصلاة والسلام) يقسم على ذلك يقول:{والله لولا مافي الارض منكم ما انعم الله على اهل خلافكم ولا اصابوا مالهم في الدنيا}.
هذه الدنيا الذين يتنعمون بها انما يتنعمون بها بسبب وجودنا نحن ,فإن الله تعالى يرزق بالمؤمن المخالف كما يرزق بالمسلم الكافر اقتضاء لحكمته حكمته في احتياج البشر بعضهم لبعض ,الله تعالى ينظر الى مخالفينا بعين الرحمه والرأفه اكرام لنا نحن ,لذا هم مدينون لنا نحن ساداتهم نحن اشرافهم ,هذا ليس استعلاء وتكبر معاذ الله انه بيان واقع ,ولا ينبغي أن يُناقش في هذا الواقع اعني الواقع الشرعي لماذا؟ لأنه بعد ثبوت أن الاكرميه عن الله (تعالى) هي للأتقى حيث يقول (جلّ وعلا):{ان اكرمكم عند الله اتقاكم} بعد ثبوت ذلك فلا محيص عن القول بأن الاكرم عند الله (تعالى) هو الشيعي لأنه الاتقى بالنسبة الى غيره ,حيث التزم هذا الشيعي بأمره في موالاة العترة الطاهرة للنبي الخاتم (صلى الله عليه وآله) ,التزم بامر الله (تعالى) بالائتمام بهم بمشايعتهم.إذاً هو اتقى هو الاكرم الامر واضح.
إذا كان الامر هكذا فما بالنا ونحن السادة الأعلون نتصاغر امام من هم ادنى منّا مابنا نَهن ونتضعضع امامهم... لماذا نقبل بأن يستطيل احد علينا؟ لماذا نقبل بأن يسود احد علينا؟ لماذا يمتلك غيرنا ازمة امورنا ويتنعم بمقدراتنا ,ونقبل نحن الفتات الذي يعطينا اياه؟ لماذا نسمح بأن غيرنا يفرض قوانينه علينا فيتحكم لا في دنيانا فقط بل حتى في ديننا؟ الى متى نبقى انهزاميين امام الاخر؟ الى متى نبقى نشعر باننا اقل من الاخرين؟ لماذا نعوّد انفسنا على اهتضام الظلم واجحاف الاخرين بحقنا؟ لماذا نقبل بأن يستقوي علينا احد؟ لماذا نحن نراعي جانب الاخر ونحسب الف حساب لكل حركه خشية أن تؤدي الى انزعاج الاخر بينما هذا الآخر لا يراعي جانبنا مطلقا ولا يحسب لنا حساب مطلقا؟
اني لا احصر المخالف او الآخر هاهنا بالمخالف بل اعممه الى كل من هو غير الشيعي. في هذا الزمان مع الاسف الشديد الانسان الشيعي يحسب حساب الكل ولا يحسب احد حسابه ,يُظلم فيسكت ,يُسرق فيسكت ,يُصفع فيسكت ,لأنه لاقيمة له ,لا حق له في شي ,انما هو تبع للكبار ,للكبار الذين يتلاعبون بمقدّراته ويفرضون احكامهم عليه ,ولا اريد أن استخدم عبارات اقسى فاقول إنّ هذا الشيعي في نظرهم مجرد عبدا من العبيد مالذي اوصلنا الى هذه الحاله؟
ماعلّة ذلّنا وتقهقرنا عن موقع السيادة والصدارة؟
ماعلّة تقهقرنا عن موقع السياده والصداره الى حيث نحن الآن؟ الذل والخناق مع اننا عند الله (تعالى) وعند رسوله (صلوات الله عليه وآله) وعند الائمة الاطهار (عليهم السلام) نحن الاكرم والاعلى والاشرف ,وهكذا ينبغي أن نكون في واقع الحياه الحقيقه.
إننا قد قتلنا في انفسنا التطلّع الى القمه ,قتلنا في انفسنا التفكير في السياده ,قتلنا في انفسنا طلب العلو ,انما نسير في حياتنا على النحو السائد ,على النحو الجاري دونما تفكيرا بالتغيير ,وما ذلك إلّا لأننا تكيّفنا مع هذا الواقع المذل بحيث لا يطرء على بال احد منا إلا من ندر بأن هنالك اختلالا رهيبا ينبغي اصلاحه ,هاهنا تراجع وتقهقر في موقع الشيعه على خريطة توازنات القوى العالميه.
ينبغي أن يُصاحب الخلاص من هذا التراجع والتقهقر ,هذا لا يخطر على بال احد هذا لا يفكر به احد ,ويرجع غياب هذا التفكير ,بل غياب الشعور بهذا الاختلال الرهيب الى مابدأنا به كلامنا ,انها تلك الاغلال والآصار ,القيود الفكرية التي فرضناها على انفسنا وصارت جزءا اصيلا في الذهنية العامة الشيعيه ,مع انها طائله فقتلت كل تطلع وقيّدت كل همه ,لذا ايها الاخوة المؤمنون نحن بحاجة الى تحرير هذه الذهنية من هذه القيود الذي ما انزل الله بها من سلطان ,نحن بحاجة الى مراجعه ولو اجماليه لثقافتنا العامه لطبيعة تفكيرنا لنحدد معوّقاتنا ,تقدمنا لنحدد مثبطات استعلائنا ,ثم لنعرض كل ذلك على منهج القران وأعداله (صلوات الله عليهم) لنرى هل أن التعايش مع واقعنا هذا امر مقبول به حسب هذا المنهج ام لا؟
إن الانسان الشيعي في عالمنا هذا في يومنا هذا ,هذا الانسان الشيعي سجين لأفكار باليه يحسبها شرعيه ولسلوكيات يحسبها اخلاقيه وذلك مايعطل استعلائه ,بحيث يصبح هذا الانسان الشيعي صاحب السيادة على هذا العالم. نحن بحاجه الى تخليص هذا الانسان وتحريره من تلك الافكار الباليه والسلوكيات الخاطئه وبعبارة اخرى ,نحن بحاجة الى أن نفتح امامه الآفاق ونعيد تأصيل المفاهيم الشرعية فيه بحيث تتبدد تلك المفاهيم المنحولة التي تراكمت على ذهنيته عبر قرون وصارت إصرا يمنعه من الحركة والنهوض.
سنشرع ان شاء الله تعالى في هذه السلسة من المحاظرات بعنوان تحرير الانسان الشيعي أملين ان يوفقنا الله (تبارك وتعالى) في نفض هذا الغبار المتراكم ,سنخوض او سنجول بعون الله (تعالى) على محطات في الفكر العام الشيعي السائد اليوم وسنحاول أن نقيس المسافة بينها وبين محطات الفكر الامامي الرافضي الاصيل الذي ارسى الائمة الاطهار (صلوات الله عليهم) دعائمه وحدّدوا معالمه ودَعَونا الى تطبيقه على الارض حتى نعلو ولا يعلى علينا ..
هذا وصلى الله على نبينا محمد واهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على قتلتهم واعدائهم اجمعين الى قيام يوم الدين ,آمين.