في الحلقة الثانية، من رد سماحته على الضجة المفتعلة من أنصار عائشة على الاحتفال المبارك بهلاكها في السابع عشر من شهر رمضان 1431 هجرية، استكمل سماحة الشيخ ياسر الحبيب «حفظه الله» رده على من وصمه سماحته في الحلقة الأولى بـ "رأس الغنم" وهو الوهابي الكويتي المدعو نواف السالم.
فتطرق سماحته لنقطة ثالثة أثارها الداعية البكري باتهامه سماحة الشيخ بتكذيب القرآن والحديث وبالتالي الكفر، عارضًا استدلاله العجيب بأن تفاسير علمائه لسورة النور تبرّئ عائشة من الإفك، تابعًا ذلك بقوله: ”بينما يقول هؤلاء الزنادقة بأنها كفرت وارتدت وهي في النار!“.
وبيّن سماحته أن هذا الداعية البكري يحرّض بشكلٍ مبطّن على قتل سماحته، دون أن يأتي بكلمة "الارتداد"، والتعبير عن سماحته بأنه مرتد فطريا يستدعي قتله فورًا على الرأي المشهور عند أمّة المخالفين، وعلّق سماحته على هذا الاتهام بأن هذا الرجل أحمق لأني لا أكذب بالقرآن بل أكذب بتفسيرهم للقرآن، فأنا لا اعتقد بأن هذه الآيات في سورة النور قد نزلت في تبرئة عائشة، وليس له أن يلزمني بلازمٍ عنده بل عليه أن يلزمني ويحجني بما أعتقد أنا من الأخبار والروايات التي وصلتني من أئمتي «صلوات الله عليهم» والذين بيّنوا أن هذه الآيات برّئ الله فيها السيدة مارية القبطية «عليها السلام»، فأنا لا أكون بطعني في عائشة مكذبًا بهذه الآيات.
وأضاف سماحته أن كل روايات القوم لتفسير آيات الإفك إذا فتشنا فيها وفحصناها نجدها كلها ترجع إلى عائشة، وهذا سبب وجيه للشك على أقل تقدير بأن ما تزعمه عائشة صحيح، بينما تجد في رواياتنا أن (الأفّاكة) كانت هي عائشة نفسها، فهي رأس (أهل الإفك) الذين قذفوا ماريا «عليها السلام»، فنزلت هذه الآيات في سورة النور لإدانة عائشة لا تبرئتها، داعيًا سماحته هذا الداعية البكري للمناقشة في تفسير هذه الآيات وتحرير مورد النزاع.
واستطرد سماحته أننا لو سلّمنا جدلاً بأن هذه الآيات نزلت في تبرئة عائشة من فاحشة الزنا مع صفوان بن المعطّل حسب القصة الرومانسية الدرامية التي اختلقتها عائشة، فغاية ما يقال هاهنا أن الله تبارك وتعالى برّئ عائشة من فاحشة الزنا ولم يبرّئها من الكفر أو إمكان الارتداد فيما بعد أو النفاق، ولا ربط للكفر بتبرئتها من الزنا، بل أن الآيات لم تبرّئها من إمكان الزنا بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله» وهذا ما نقول به نحن.
واستعرض الشيخ الحبيب إحدى روايات الطائفة البكرية التي تحدد مزايا شرف أمومة المؤمنين وشروط التحاق أزواج رسول الله به في الآخرة، حيث قال رسول الله لأزواجه: أيّتكن اتقت الله، ولم تأت بفاحشة مبيّنة، ولزمت ظهر حصيرها فهي زوجتي في الآخرة. (كنز العمّال/ج12/ص142)
وأكّد سماحته أن عائشة لو تجاوزنا الشرط الأول والشرط الثاني، فإننا لا يمكننا أن ننكر مخالفتها للشرط الثالث فهي لم تلزم ظهر حصيرها باتفاق الخاص والعام، لذا فهي الآن ليست زوجة لرسول الله في الآخرة وليست أمًا للمؤمنين لمخالفتها أمر الله عز وجل {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}، فإن دعا أحدهم لاحترام عائشة، لأنها كانت في مقدار من الزمن زوجة لرسول الله، قلنا له فإذن عليك أن تحترم زوجة النبي نوح وزوجة النبي لوط.
وأضاف أن قتيلة بنت قيس الكِندية كانت زوجة لرسول الله حتى آخر لحظة من حياته الشريفة ثم كفرت وارتدت باتفاق الجميع، فلا يقولن لنا قائل أن نحترمها لأنها "عرض النبي" أو "زوج النبي" أو "أم المؤمنين"، لعلمهم بارتدادها وإيمانها بمسيلمة الكذاب، فكما أنهم يحتجون بما وصلهم من أخبار وإثباتهم الارتداد بحق زوجة من أزواج النبي صلى الله عليه وآله ويطعنون فيها ولا يعتبرون ذلك طعنًا في عرض النبي مع زواجها بعد النبي بعكرمة بن أبي جهل بفتوى من أبي بكر، فكذلك الحال في عائشة عندنا فهي الآن ليست عِرضًا ولا زوجة للنبي وليست بأم المؤمنين ولا كرامة. علمًا أن فتوى أبي بكر كانت خلافـًا لقوله تعالى: {وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا}، بحجة أن رسول الله لم يدخل بها! فأي فقهٍ هذا الذي يبيح زواج زوجة الأب، التي لم يدخل بها، بأبناءه من بعده؟
واستلطف سماحته جو الجلسة قائلا: ”أنا الآن سأمشي على طبق مدرسة عمر بن الخطاب“ حيث قال عمر لأبي بكر عندما فزِع بسماعه أن عكرمة بن أبي جهل قد نكح قتيلة بنت قيس: لا تحزن يا خليفة رسول الله، فالله عز وجل قد أبانها من نبيه لمّا ارتدت؛ أي أن عمر قد أسقط قتيلة بنت قيس من أمومة المؤمنين بعد كفرها وارتدادها فيحق لها نكح الرجال وأن تفعل ما تشاء، وبتطبيق حكم عمر على عائشة، ومع تطبيق الأحاديث التي وردت في مصادر الفريقين أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» جعل المرأة من أزواجه التي تخرج على خليفته ووصيه من بعده بائنةً منه، إذن عائشة بانت عن النبي كما بانت قتيلة بنت قيس الكِندية، فعائشة ارتدت وبانت عن النبي بخروجها على أمير المؤمنين علي «صلوات الله عليه» فاصبحت ليست بعِرض لرسول الله فيجوز الطعن فيها وليست لها أية كرامة.
وأكّد الشيخ الحبيب أن دافع سماحته لإقامة الاحتفال بهلاك عائشة وإسقاطها عن الاعتبار في ذلك اليوم هو الغيرة التي تأخذه على رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، إذ أن هذه المرأة طعنت في نبوة رسول الله باتهامه بأنه مسحور وضاهت قول المشركين الظالمين، وشوّهت سيرة رسول الله بكثيرٍ من الافتراءات والأباطيل، فلا يمكن له أن يحترمها، خصوصًا وقد ثبت لديه بأنها قتلت رسول الله صلى الله عليه وآله، وفتحت باب الشك والارتداد عن الإسلام. قبل أن يصحح سماحته معلومات من وصفه برأس الغنم "نواف السالم" بأن رأس المنافقين في المدينة اسمه "عبد الله بن أبيْ بن سلول" وليس "أبيْ بن سلول".
وفي الختام علّق سماحته على حملات تكثيف الدعاء ضده من قِبل المغرر بهم من الطائفة البكرية، بتوجيهه النصيحة لهم بأن يغيّروا دعائهم بالهداية له بدلاً من الدعاء عليه، إن كانوا واثقين من أنفسهم بأنهم على الحق، مبينًا سماحته أنه في حالة تبيّن أن الحق معنا فأن دعائكم سيرتد عليكم فتصبحون على ذلك من النادمين.