خصّص سماحة الشيخ ياسر الحبيب «حفظه الله» الحلقة الخامسة والسادسة والسابعة من سلسلة الرد على الضجة العائشية المفتعلة ضد كلمة سماحته في الاحتفال المبارك بهلاك الحميراء عائشة في السابع عشر من شهر رمضان 1431 هجرية، خصصها سماحته لاستقبال الرسائل التي تعبّر عن ردود الفعل المتباينة بما فيها الرسائل التي وردت من أهل الخلاف، والتي حافظت على القدر الأدنى من الاحترام والموضوعية، إلى جانب الرسائل التي تبيّن مدى التجاوب في الأمّة الشيعية مع هذه الخطوة أو رفضها بشكلٍ خاص.
وكانت أولى الرسائل المستعرضة في الجلسة الخامسة من التعليقات هي رسالة الأخ أبو فاطمة، والتي عقّب عليها الشيخ بإعجابه بالنقطة التي قال فيها المرسل الكريم: «أن هذا زمن المعلومة، والقوي هو من يمتلك المعلومة» ، ليأكّد سماحة الشيخ على أنه لم يعد هناك مجال للعمل بالتقيّة لأنك مهما حاولتَ أن تجامل الأطراف الأخرى فأنهم سيصمونك بالنفاق وستذل نفسك، فالأمور الآن اتضحت وانفتح العالم بعضه على بعض ولم يعد هناك مجال لإخفاء شيئ، فلو رجع إلى الإنترنت أي فرد في العالم، إذا ما أراد أن يعرف موقف الشيعة من عائشة مثلاً، فبكبسة زر واحدة على المواقع الشيعية التي تتضمن المصادر الشيعية الأصلية، ككتب الحديث وكتب العقيدة والكلام والتفسير الروائي، فهذا يكفيه للوصول إلى الحقيقة حتى لو لم يكن هناك شخص في العالم اسمه ”ياسر الحبيب“ قد قام بإفشاء ما في هذه الكتب من أمور هي حق وجاهر بها علانية، ففي أي مكان في الأرض يوجد مخالف لإسلام أهل البيت «عليهم السلام» فأنه يعرف تلقائيًا أن لدى الشيعة تحفّظ من عائشة، على أقل التقادير، تبعًا لأئمة أهل البيت «عليهم السلام» الذين اعتبروها كافرة ومجرمة بالإضافة إلى تعابير علماء الشيعة الذين وصم أحدهم عائشة بأم الشرور في أحد فصول كتابه، فتتضح له الأمور، ولذا فأن التكليف الشرعي للإنسان الشيعي أن يكون صادقـًا مع الله وصادقـًا مع أهل البيت وصادقـًا مع الناس في شأن عداءه لعائشة وغيرها بدلاً من المراوغة، لما يراه من سيرتها وتجاوزاتها لأحكام الله وتجاوزاتها على رسول الله وأئمة أهل البيت وإجرامها ومجونها، وعليه أن يكون مستعدًا للنقاش وكشف مثالب عائشة بفتح كافة المصادر.
وأضاف سماحته أن البرمجة الآلية للمخالفين منذ الصِغر هي "أن الشيعة يسبون الصحابة"، ولكن الإشكال يكمن في أنهم لا يعرفون لماذا نحن نعادي هذه الشخصيات؟ وما هي الدلائل والمبررات؟ ولو عرفوا لاهتدى كثيرٌ منهم، وإن لم يهتدوا فمن الجيّد أن يعرفوا أن لنا مبررات، لا أننا قومٌ لعّانون وسبّابون فقط، فعلى المخالف أن يحتار في التعامل مع أحاديث سيّد الحلماء رسول الله «صلى الله عليه وآله» التي وردت في ذم عائشة وأن يعلم أن كتبه تشهد أن رسول الله ذات مرة أوجع عائشة ضربا لقلة أدبها واحترامها للنبي وإيذائها له.
أمّا الرسالة الثانية فقد جائت من الأخ الفاطمي من الكويت، والذي عبّر عن ألمه الشديد من تكالب تجمّع الأقزام، من المحامين ونوّاب مجلس الأمّة ومن هم على شاكلتهم من أصحاب الأقلام الرخيصة ومن أدعياء التشيّع، ضد سماحة الشيخ الحبيب لفضحه أم المتسكعين عائشة بنت أبي بكر «لعنة الله عليهما»، وحث فيها الشيخ على الاستمرار في هذا المنهج وتحمّل الصعاب والضغط الشديد الداعي لتخفيف نبرة الصوت في فضح أعداء أهل البيت «عليهم السلام»، ومن جانبه علّق سماحته على الرسالة بشكر المرسل الكريم، مؤكدًا في الوقت نفسه شدة الضغوط والتمثل بما قاله أمير المؤمنين «صلوات الله عليه» لمّا أنكِر عليه ما صنعه بعائشة ومحاربته لها، حين قال: ”والله لقد قتلتهم كافرين ولأقتلنهم مفتونين، فقل لقريشٍ: فلتضج ضجيجها“، وأضاف سماحته: ”أنا ولست ها هنا في معرض مدح الذات مطلقـًا والعياذ بالله وإنما أعرض واقعًا، لقد نذرت نفسي لكي أفضح أعداء رسولنا «صلى الله عليه وآله» وأعداء أئمتنا «عليهم الصلاة والسلام» من المنافقين الذين خـُدِعت بهم هذه الأمّة، وعائشة على رأس هؤلاء، فإن شاء الله لا أتزحزح مهما تقع من ضغوط ومهما تقع من مشاكل، وأطلب من هذا الأخ ومن كل الأخوة الآخرين أن يدعوا الله «عز وجل» أن يثبتني على هذا الطريق، فنحن أمام حرب تشن علينا لأننا أرتأينا أنه لابدّ من أن نرفع هذه الغشاوة عن عيون هذه الأمّة لكي ينظروا إلى الأمور بشكلٍ صحيح ويعرفوا حقيقة هذه الشخصيات، ولولا أن هذه الشخصيات لها تأثيرٌ مباشر على عقيدتنا ومنهاجنا وسلوكنا لما كنـّا نلتفت إليها“.
وأبدى سماحته التعجب من جهالة وسخافة بعض رسائل أهل الخلاف، التي تدعوه إلى الاهتمام بمهاجمة أبي لهب بدلاً من عائشة!، منوهًا أن شخصية أبي لهب التاريخية ليس لها خط اليوم فلا أحد من أمّة الإسلام مخدوعٌ بها ولا يوجد لها تأثير على عقيدتنا ومنهاجنا وسلوكنا فهي لم تأت بشيء، أمّا شخصية عائشة فأن لها خط وقد جائت بآلاف الأحاديث التي غيّرت من العقيدة والأحكام والمنهج الإسلامي الأصيل والأخلاق والسلوكيات، وقد خدِع بها الكثيرون من أمّة الإسلام بشكلٍ عام، ولذا يجب التصدي لها لتحريفها الإسلام بإسقاطها عن الاعتبار ليسقط ما جائت به، مشددًا سماحته على أن عائشة لو كانت إمرأة مغمورة في التاريخ ولم تحدِث في الدين وتغيّر الأحكام ولم تقم بتلك الشنائع من محاربة رسول الله وأمير المؤمنين والزهراء «صلوات الله عليهم» لما كنـّا سنضيّع عمرنا في قراءة تاريخها ولما التفتنا إليها.
وأضاف سماحته أن عائشة بنفسها تقر على نفسها بأنها قد أحدثت في الدين، فروى أهل الخلاف أنها في مراحل احتضارها الأخيرة سُئِلت ما إذا كانت تريد أن تدفن مع رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقالت: ”لا، لا تدفنوني معه، أني قد أحدثت بعده“ ، وبما أن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، كما روى أهل الخلاف عن رسول الله، فالنتيجة أن عائشة في النار.
وجائت الرسالة الثالثة، في ختام الجلسة الخامسة من سلسلة التعليقات، من الأخ علي، الذي ابدى أسفه الشديد أيضا من وقوف الكثير من الشيعة ضد فرحة الحسن «عليه السلام» والاحتفال بهلاك عائشة، وإعرابه عن استياءه الشديد من تدليسات الفرقة البكرية بتعميم اتهام الشيعة بقذف أزواج النبي «صلى الله عليه وآله»، ناشدًا سماحة الشيخ التعليق على الضجة المفتعلة من الطائفة البكرية ومجموعة من المعمّمين الشيعة من المتردية والنطيحة وبعض طلبة الحوزات المنحرفة التي تنامت عندها ظاهرة تبجيل عائشة وتلقيبها بالسيّدة، وعقـّب سماحة الشيخ على رسالة الأخ الفاضل باختصار: ”أننا الآن بفضلٍ من الله تبارك وتعالى وعناية مولانا صاحب الأمر «صلوات الله عليه وأرواحنا فداه» على مشارف تكوّن عالم شيعي جديد، لن تجد فيه مكانـًا لهؤلاء الذين هم من بقايا العالم الشيعي السابق، فمع تصاعد موجة التصحيح المنهجي في الخطاب الشيعي والمسيرة الشيعية سيكون الفرد الشيعي في العالم الجديد شجاعًا وجريئـًا في الحق، وكامل الثقة بنفسه، ولا يكون ذليلاً أبدًا بل يكون مطبّقـًا لقاعدة العزّة لله ولرسوله وللمؤمنين، ولا يخاف في الله لومة لائم، ولا يخضع ولا ينكسر ولا يطأطأ رأسه لأحد غير الله تبارك وتعالى وسيكون فارسًا مناظرًا قادرًا على أن يتعامل مع غيره معاملة الند للند.“
وتفائل سماحته بمحاصرة بؤر الانحراف في الداخل الشيعي، والتي تريد بعضٌ منها تكوين عقيدة مهجّنة لتحقيق مكاسب دنيوية، وتحمل بؤرًا أخرى منها اختلالاً في فكرها ومفاهيمها وثقافتها، سائلاً الله تعالى أن لا يبقى لها وجود في المستقبل.
وهوّن سماحته من خطب هذه الحملة الإعلامية التأليبية في العالم الشيعي بتعريفيها بأنها لا تأتي من منطلقات عقائدية شرعية، وإنما تأتي من باب مراعاة الكم من البشر، مؤكدًا أنه لو كان لجعدة – قاتلة الإمام الحسن عليه السلام– حزب كثير العدد يحميها من أن تثلب وتـُجرح، لوجدنا في يوم من الأيام عمائم شيعية تقول: "السيّدة جعدة رضي الله عنها وأرضاها".
وختمت الجلسة بدعوة المؤمنين للسير على حسب قوانين وقواعد الشريعة الإسلامية لا بالاعتبار لمقدار ما لكل شخصية منافقة من تأييد حاليًا في العالم، كما ختمت الجلسة بطلب النصرة من الإمام عجّل الله فرجه، وبالصلاة على محمد وآل محمد.